(1)عضو غريب جدا..!

القلب



لكل مخلوق قلب ينبض، إلا أنه في الإنسان يزيد قدراً، ويعظم أمراً، إنه الفؤاد بل هو أخص منه، ألم تر أن القرآن أنزل على قلب بشر: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ) [193 – 194] الشعراء ، والعقل فيه (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [46: سورة الحج].


والقلب هذه المضغة الصغيرة أمرها عجيب، وشأنها غريب، لأنه ملك متغير الأحوال كثير الأطوار سريع التقلب لا يثبت على حال، فأهل مملكته (الجوارح) منه في عناء فمرة يأمرهم بالخير، وتارة ينهاهم عنه، وبضده يأمرهم مع أنه صاحب ملك وسلطان، سمي هذا الملك بالقلب لكثرة تقلبه،

قال الشاعر:

ما سمي القلب إلا مـن تقلبــه فاحذر على القلب من قلب وتحويل

ولذا كان أعظم الناس قلباً محمد - عليه الصلاة والسلام - يسأل ملك الملوك أن يثبت قلبه فيقول:(يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، ويقول:(القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء)، وقال سفيان الثوري (ما جاهدت شيئا أشد عليَّ من نيتي وأنها لتتقلب عليّ). وعصرنا الذي نعيشه أبين شاهد وأصدق ناطق على التغير في العقول التي في القلوب.

لقد عاش في مجتمعنا أشخاص كانوا يحبون العلم ويألفونه بل ويدعون إليه، يرددون عبارات السلف وكلام الأئمة في مجلسهم وجلساتهم، يذكرونهم كثيراً يفخرون بأقوالهم ويدرسون فتاويهم، مستدبرين الدنيا مقبلين على الآخرة، ذكروني كثيراً بها، كتبوا بأناملهم أحرفاً وخطوا كلاماً فيه دعوة واضحة لدين واضح.

كانوا يظهرون الصلاح بل قد يكونون صالحين في ذلك الحين، كانوا يظهرون الخشوع بل قد يكونون خاشعين، كانوا يظهرون التورع بل قد يكونون متورعين في ذلك الوقت، كنت أعتقد أنهم سينتصرون على الشيطان وحزبه وأعوانه، ولكن للأسف أصبحوا بعد ليل قصير مخذولين ولم يكونوا منصورين، لقد انقلبت عقولهم فمالوا إلى تحكيم العقل أكثر من الشرع، وتغير فكرهم وتحول منهجهم إلى الردى، فقد مجدوا أشخاصاً ليسوا أهلاً لذلك فميزان الحب والبغض عندهم انقلب فأصبح من أجل الهوى، لقد هووا في مكان سحيق، نسوا وتناسوا حق وطنهم وحق من علموهم، واستقبلوا الغرب حيث الظلم والظلام، واستدبروا شروق الشمس وضوء النهار الذي كانوا فيه استقبلوهم مادحين ومستغيثين، كل ذلك التحول سببه:


1- النية الفاسدة.
2- الإعراض عن الوحي.
3- الإقبال على المستشرقين.
4- الإعجاب والغرور.
5- اللسان الذي ولغ في الآخرين.
6- عقوق الوطن والتنكر لأهل الفضل، وغيرها.


(يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك)