شبـــاب العمـــــار
إضغط دخول وإدخل فورا
وإلا إعرف إن الفيسبوك هو اللي منعك
واحشتونا والله
شبـــاب العمـــــار
إضغط دخول وإدخل فورا
وإلا إعرف إن الفيسبوك هو اللي منعك
واحشتونا والله
شبـــاب العمـــــار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول


 

 د . سعيد شوقى بين القص التقليدى والنصوص الحداثية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سميح عزت الهيو
شــاعـر عمـاري
شــاعـر عمـاري
سميح عزت الهيو


ذكر
عدد الرسائل : 2323
العمر : 54
المكان : "عنوانى أرض الله .. فعلا ماليش عنوان "
الحالة : "إسمى بنى آدم .. وقضيتى إنسان "
الهواية : الشعر والأدب
تاريخ التسجيل : 02/10/2008
التـقــييــم : 1

د . سعيد شوقى بين القص التقليدى والنصوص الحداثية Empty
مُساهمةموضوع: د . سعيد شوقى بين القص التقليدى والنصوص الحداثية   د . سعيد شوقى بين القص التقليدى والنصوص الحداثية I_icon_minitimeالخميس 23 أكتوبر 2008, 12:13 pm

بناء القصة القصيرة في البحيرة بين القص التقليدي والنصوص الحداثية : سعيد عبد الموجود محمود نموذجا



د. سعيد شوقي
ـــــــــــ
بناء القصة القصيرة في البحيرة
قصص سعيد عبد الموجود محمود نموذجا " [1] "
___________


قد يكون من الحصافة النقدية – بداية – قبل الولوج في متون عوالم القصة القصيرة في البحيرة "[2] " ، أن نتوقف - هنيهة – أمام المشهد النقدي القصصي المعاصر في مصر ، الذي اعترك – ومازال - بالمحاورة تارة ، وبالمجادلة تارة أخرى ، أمام الألسن المراوغة للقصة القصيرة ، إن تأريخا أو تصنيفا أو تحليلا أو تفكيكا .

هذا المشهد ما انفك ينبئ - بعد مخرجات مضنية - عن اتجاهات عدة "[3]" ، انتظمت فيها القصة القصيرة المعاصرة انتظاما يكاد أن يكون بينا ، لا يخلو من وجاهة .

هذه الاتجاهات هي : الاتجاه التقليدي - اتجاه تعدد الأصوات - اتجاه الرمز - اتجاه شعرية القص - اتجاه تيار الوعي – اتجاه توظـيف التراث .

والملاحظ من جل تقسيمات الاتجاهات السابقة ، أن الاتجاه التقليدي يقف بمفرده - أقلية - في مواجهة بقية - أغلبية - الاتجاهات الأخرى ، التي تنعت أيضا بالحداثية ، ومن ثم ينبثق - بالنعت الجديد - الفارق بين رؤيتين مغايرتين تماما من رؤى القص : الرؤية التقليدية والرؤية الحداثية .

وربما يكون في تفريق ( البيرس ) بين الرؤيتين مدخلا مختزلا جيدا لفهم طبيعة الفارق بينهما ، إذ يرى أن الرؤية الحداثية تقتضي تكنيكا قائما على البحث أكثر منه على التوكيد ، على الاستفهام أكثر منه على اليقين الوصفي "[4]"، ويعنى ذلك بلا ريب أن يقف : التوكيد / اليقين وجها لوجه ضد : البحث / الاستفهام ، وشتان بين رؤية تثبت المستقر القار من خلال ما عرف في ضمير النقد بمصطلح القص كنوع أدبي متعارف عليه ، ورؤية تفجر المتفجر ذاته بوصفه نصا لا ينتمي لأي نوع أدبي سابق " في صيغة جديدة تجاوز – على كل المستويات البنائية - الأشكال المستقرة ، أو التي فرضت نفسها على الواقع الأدبي ، ففي مثل هذه البنية بصفة عامة ، تذوب الحدود بين الأجناس الأدبية ، إذ يتدخل في النسيج القصصي ، الخبر ، والحكاية ، والخرافة ، والقصة ، والحكمة ، والمثل ، والأقصوصة ، والسيرة ، والمقال ، والشعر ، والحوار المسرحي "[5]" " .

وتفصيلا تعبر الرؤية التقليدية في القص " عن عالم يتصف بالثبات والرسوخ والاستقرار ، ويتسم بالوضوح ، ولعل نمطية البناء وثباته كانت انعكاسا لهذا الثبات، والبناء اللغوي المنطقي تعبير عن أنه عالم مفهوم يحكمه المنطق ، ومجموعة من المبادئ القيمية المسبقة ، كما أنه قص يسعى إلى محاكاة الواقع ، ومن ثم رأينا حركة الزمن فيه منتقلة انتقالها الطبيعي الآلي من الماضي إلى الحاضر ، كذلك فإن الغرض التعليمي الذي يهدف إليه هذا القص قد أدى إلى أن يصبح الكاتب وسيطا بين القارئ والعالم الخارجي ، ينقل له خلاصة ما يقع فيه ، بعد أن يقع بتمامه في الماضي ، مما يمكن الراوي من أن يكون على بينة من الدروس المستفادة ، ومن أن ينطلق من يقين ثابت بمجموعة من المبادئ يسعى إلى توضيحها وإقناع القارئ بها ، مما أدى إلى أن تتحول الشخصية فيه إلى نموذج أو نمط ، وإلى أن تتسم اللغة بالتقريرية والمباشرة ، وأن تغدو أحادية الصوت تهيمن فيها الذات على الموضوع "[6]" " .

" إن الشكل الروائي التقليدي - في العادة – يحكي قصة تتألف من أفعال وأحداث تحدث في الزمن القصصي ، شريطة أن يكون كل فعل أو حدث قادرا على أن يدخل في علاقات محددة مع غيره من الأفعال والأحداث ، وأن يكون مميزا في حد ذاته ، كأن يكون سببا لمسبب ، أو يكون بداية لظهور عقبة في طريق البطل ، أو أن يمثل نقطة تحول في الرواية ، وهذا ما درجنا على تسميته بحبكة القص ، وهذه الحبكة هي التي تشد القارئ لأن يتابع أحداث القصة ، وأن يتحرك مع حركة القص بدافع التحقق من حدوث ما توقع ، حتى ينتهي من المحتوى الكلي للرواية إلى تمثل المغزى ، وهذا الشكل يتحقق عندما يكون الكاتب قادرا على التغلغل في أحداث الحياة وتفاعلاتها ، وعلى محاكاة هذا الواقع أو تمثيله ، وعندئذ يقف القاص بقصته على مقربة من الواقع ، بحيث تتولد عند القارئ مباشرة عملية التبادل الإدراكي ، تارة من داخل النص إلى خارجه ، وتارة أخرى من خارج النص إلى داخله ، ومعنى هذا أن الشكل الروائي لم يكن يتولد إلا نتيجة الصراع داخل الذات بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون ، ومعنى هذا كذلك أنه يهدف إلى إعادة تشكيل الواقع وتنظيمه ، ومهما تكن درجة تكثيف الواقع في القص ، ومهما تكن طريقة توجيه العلاقات فيه بين الإنسان والأشياء ، وبينه وبين الآخر ، فإن الشخوص ترسم فيه على أنها ممثلة للواقع ، كما أن الأحداث والأفعال تختار وتنظم على أساس محاكاتها لما يحدث في الواقع ، وذلك بهدف نقد هذا الواقع ، وإبراز ما يختفي تحت السطح ، من عوامل خفية ، تعد المسئول الأول عما يظهر على السطح من صراعات ومتناقضات ، وإلى هذا الحد كان الكاتب يوجه النص وفق ، أيديولوجيته ، إذا اصطلحنا على أن نفهم الأيديولوجية في الإطار الأدبي على أنها علاقة بالحياة حقيقية ووهمية في الوقت نفسه ، ذلك أن العمل الأدبي وإن يكن مرتبطا كل الارتباط بالحياة ، لا يتكون إلا من خلال تشكيل متخيل وعلاقات متخيلة "[7] " " .

وإذا كان القص التقليدي في مجمل ما سبق يرتكز أساسا على أحادية الصوت" فإن الركيزة الأولى التي ينهض عليها قص الحداثة هي نفي هذه الأحادية ، وتجاوزها إلى تعدد الأصوات ، ذلك أن الكاتب في القص التقليدي يسلم صوته للقارئ بطريقة مباشرة تقريرية ، على لسان بطل من أبطاله أو من خلال جمل تقريرية منثورة في البنية القصصية ، أما في القصة القصيرة متعددة الأصوات فلا تصلح كلمة إحدى الشخصيات أن تكون صوتا للكاتب ، مهما يكن موقعها داخل العمل القصصي "[8] " " .

كذلك " فإن القص الحداثي ، " ينطلق من لا شيء بحيث ينتفي ما قبل النص ، لكنه بحث عن شيء لا يعرف كنهه ، وبتعبير آخر فلا يدعي الروائي تقديم دلالة جديدة سيكتشفها ، بل البحث عن دلالة هي بعد مجهولة لديه "[9]" " .

أيضا مما يلفت النظر في بناء أحداث القص الحداثي ، أنه يفتقر " إلى الترتيب المنطقي ، ذلك أن الذي يحكم توالي الأحداث هو منطق آخر ، منطق الصدفة العمياء ، وتصبح المفاجأة من ثم هي القانون ولذا لا ينبغي طرح سؤال عن : لم وقعت الأحداث على هذا النحو أو كيف وقعت ، ذلك لأن الراوي ينطلق من مقولة أن الكون خلا من المنطق ، ومن ثم فقدت أحداث أقاصيصه في تواليها وترتيبها عنصر التبرير فالتتابع المنطقي للأحداث لا وجود له "[10]"".

وقد ترتب على هذا ، أن نرى الأحداث لديه تنتقل انتقالا فجائيا من الواقعي المألوف إلى الفانتازي ، دون تمهيد ودون إشارة إلى اختلاف مستويات الحدث واقعية أو فانتازية "[11]" " .

هذا بالإضافة إلى أن الشخصية في القص الحداثي ، " تتجاوز التاريخي المحدود إلى اللازمني المجرد ، فكل زمان يمكن أن يعد زمانا لها ، لقد تخلصت القصة القصيرة .. من تلك الأبعاد المحددة للشخصية كما نلمحها في القص التقليدي، تلك الأبعاد الجسدية والاجتماعية والنفسية ، وأصبحت معقدة التكوين بحيث يصعب إن لم يكن مستحيلا ، صبها في قالب "[12] " " .

ولغة قص الحداثة هي الأخرى ذات ملمح خاص ، إذ هي " لغة إشارية في أعلى مستوياتها ، وهي لغة ممتلئة ، وتخرج عن المألوف في أساليب الربط ، وتكوين العلاقات ، وليس هناك كلمة في هذا القص – ونعني بطبيعة الحال القص الذي يتقن استخدام أدواته – تأتي اعتباطا لأن الكلام إنما يتعلق بمجال له خصوصيته العلامية " [13]" ".

ومما ينبغي التنبيه إليه أيضا – بمناسبة هذا السياق - أن القارئ في قص الحداثة " لم يعد في موقف سلبي مستسلما للعالم الواضح المكتمل التكوين ، بل أصبح مشاركا في تكوينه ، ساعيا هو الآخر ، باعتباره صاحب وجهة نظر مضافة إلى البحث عن المعنى "[14]" " .
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه – هنا - بعد هذا العرض الموجز جدا لنوعي اتجاهات النقد القصصي الحديث ، هو : أين تدرج قصص ( تفاعل ) لسعيد عبد الموجود محمود ؟ هل تنتسب إلى النوع الأول التقليدي أم الثاني الحداثي بكل تفريعاته ؟ ذلك لأننا نؤمن بقراءة النصوص الأدبية من خلال الأنواع الأدبية التي استقر عليها النقد المحايث لها أو السالف عليها ؛ رغبة في استكناه كنه تقنيات النوع بطريقة ماهوية ، أو استكناه ما هو منذور لأن ينحرف عن ذلك ويدخل بنا في - ربما - نوع جديد ، وهذه عقيدة نقدية لنا ، لأن ما يسبب اللبس في قراءة بعض النصوص ، هو عدم فهم طبيعة النوع المكتوبة به وفيه ، وكذلك النقد الفاهم المتفهم لآليات النوع ، لذا يصعب على قارئ تراثي أن يتفهم الحداثة جيدا ، وهكذا في كل النوعيات الأدبية عموما .

وبداية قبل مبدأ التصنيف هذا ، الذي ارتضيته ، أحب أن أؤكد أن سماء الأدب تسمح بكل الطيور أن تحلق فيها ، وأن التفاضل بين جمال الورد لا يعطي لإحداها قيمة على حساب الأخرى ، من هنا فإن تصنيف كاتب ما بأنه حداثي لا يعنى هذا انتقاصا من قيمة التقليدي ، والأدب العظيم الذي ينتسب إلى التقليدية لا حصر له .

وقد لا يخالفنا الصواب أن نصرح إجمالا - ومبكرا - أن قصص سعيد عبد الموجود محمود القصيرة في مجموعته القصصية " تفاعل " لا تخرج في مجملها – برغم وجود بعض التمفصلات الشكلية مع الاتجاهات الحداثية – عن اتجاه الرؤية التقليدية في القص .

ذلك أن سعيد عبد الموجود محمود وإن حاول بجد ودأب أن يتطور بلغته القصصية من السرد التقليدي الساكن إلى اللغة الشعرية الدالة ، التي هي سمة القص الحداثي "[15]" ، وإن اجتهد كثيرا في التقاط الهامشي ودفعه صوب المتن ، وإن سعى حثيثا إلى استخدام تقنيات حداثية تجريبة ، وإن شيد بعمق علاقات ناتئة صراحة في عين الواقع ومختفية عنها في الوقت ذاته ؛ فهو يمتاح من معين تقليدي لأعلام عظام كيحيى حقي وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ ، .. إلخ ، رادوا هذا الطريق كثيرا قبله وحددوا معالم الكتابة به . والأمر الذي يسجل لسعيد عبد الموجود محمود أنه دفع واندفع بالاتجاه التقليدى الأصيل كثيرا حتى عتبات الحداثة ، بل إن الكتابة التقليدية عنده وبه تصل إلى ذروة ما كان لها أن تصلها مع كاتب معاصر آخر ، فليست الكتابة التقليدية عنده نقلا استاتيكيا Static من الواقع ، ينقل به النماذج التي تمثل النوع كالسيد أحمد عبد الجواد وآمنة في الثلاثية مثلا ، ولكنه يحاول أن يدفع في النموذج - وإن حاول به أن يمثل النوع - روحا خاصة جدا به ، تميزه - رغم العموم - عن النوع ، فالإنسان المتفاني في سبيل أسرته نموذج يتكرر في كل القصص ، بل إنه تكرر مع سعيد عبد الموجود نفسه ، لكن ثمة خصوصية في أعماله ، فالأب في قصة ( بورتيريه بقلم فحم ) ليس هو النموذج نفسه ، الذي يتكرر مع الأم في قصة ( انتظار ) وهكذا .

أيضا مما يحسب له أنه تطور بلغة القص التقليدى ووصل بها حتى عتبات الشعر ، الأمر الذي قد يلبس كثيرا في قراءة سعيد عبد الموجود محمود ، إذ ربما يظن ظان أن قصصه تندرج تحت ما يسمى في القص الحداثي : اتجاه شعرية القص ، والحق أن الكاتب يكاد يتماس كثيرا في قصص بعينها مثل : ( بورتيريه بقلم فحم - انتظار - في اتجاه الشمس ) مع هذا الاتجاه ، ولكن البناء الكلي الذي يشكل مجمل مجموعته بناء لا يبتعد بحال عن الاتجاه التقليدي .

وربما أكون محقا عندما أشك في أن الكاتب مارس كتابة الشعر في يوم من الأيام . والأمر الذي أؤكده هنا أن اللغة الشعرية انتثرت في أعماله كبقية ما انتثر من تقنيات حداثية ، لكن انتثارها ربما يطرح سؤالا عن دور اللغة الشعرية في القص عموما ، وإذا كانت الإجابة معروفة في القص الحداثي كما روجت له ناتالي ساروت في أول مجموعة قصصية لها بعنوان ( انفعالات ) التي صدرت عام 1938م ، من أنه تخلص من المباشرة والتقريرية وأحادية الدلالة "[16]" ، فإنها ربما تحتاج إلى تفسير في القص التقليدي الذي ينهض أصلا على التقريرية وأحادية الدلالة .

والحق أن ثمة مناطق في قصص سعيد عبد الموجود محمود تفر فيها اللغة من أحادية الدلالة ، كالقصص التي حددنا فيها – سابقا - وجود الشعر بنسبة لافتة ، بالإضافة إلى قصة ( الغائبة ) لكن ثمة مناطق أخرى ينبغي عقد مساءلة عن معنى وجود الشعر بها مثل قصة ( تفاعل ) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://sameehezzat.maktoobblog.com/
سميح عزت الهيو
شــاعـر عمـاري
شــاعـر عمـاري
سميح عزت الهيو


ذكر
عدد الرسائل : 2323
العمر : 54
المكان : "عنوانى أرض الله .. فعلا ماليش عنوان "
الحالة : "إسمى بنى آدم .. وقضيتى إنسان "
الهواية : الشعر والأدب
تاريخ التسجيل : 02/10/2008
التـقــييــم : 1

د . سعيد شوقى بين القص التقليدى والنصوص الحداثية Empty
مُساهمةموضوع: رد: د . سعيد شوقى بين القص التقليدى والنصوص الحداثية   د . سعيد شوقى بين القص التقليدى والنصوص الحداثية I_icon_minitimeالخميس 23 أكتوبر 2008, 12:15 pm

تابع د. سعيد شوقى بين القص التقليدى والنصوص الحداثية
وأغلب الظن أن سعيد عبد الموجود محمود يعلم جيدا طبيعة اتجاهات النقد الحديث وتشعباتها ، لكنه آثر – فيما رأى - هذا الاتجاه ، الذي ربما ظن - كما ظن نجيب محفوظ في بداية حياته القصصية "[17]" – أنه هذا الاتجاه دون غيره هو الذي يصلح ، في مجتمع لا يقرأ فيه أحد إلا طبقة قليلة جدا ، فكيف له أن يختار شكلا حداثيا يسهم في توسيع هذه الهوة من سوء فهم القراءة ، ذلك لأن القص الحداثي " يتعمد إرخاء العلاقة التقليدية الوثيقة بين الشكل والواقع ، وعندئذ تبدو الهوة – لأول وهلة – عميقة بين النص الروائي والحياة ، بل إن المسافة قد تكون في بعض الأحيان من الاتساع ، بحيث يصعب على القارئ العادي اجتيازها "[18]" " ، لذلك فإن الكاتب يقترب من الاتجاهات الحداثية رويدا رويدا ، وكأنه يختبر ما يصلح منها لنا أو ما لا يصلح ، يقدم رجلا ويؤخر الأخرى ، بل إن ما قد يأخذه من الحداثة يعاد بثه تقليديا ، كما فعل في استخدامه لتقنية تيار الوعي ، الذي ينبغي أن تتحدث به شخوصه القصصية دون غيرها ، كعادة استخدامات تيار الوعي في القص الحداثي ، إلا أن الكاتب بوصفه راويا ، تحدث هو بالنيابة عن شخوصه ، كما يفعل الاتجاه التقليدي ، ويتضح هذا ، في قصة ( في اتجاه الشمس).

وحتى لا أقوم بسرد التقليدي وبعض الحداثي في قصصه إجمالا ، أود فيما يلي من سطور أن أفرد كلا منهما على حدة ، مع توضيح بعض سمات قصصه في الوقت ذاته ، من خلال عناصر بناء الفن القصص : الأشخاص ، الأحداث ، الزمان، المكان ، اللغة ، الشكل ، حتى يصير كلامنا ، أكثر تحديدا وفائدة ، كما يلي :
*****

1- الشخصيات :
إن شخصيات القصة القصيرة عند الكاتب - كما في القص التقليدي - وسيلة يعرض الكاتب عن طريقها لأفكاره ورؤاه ، وأصبحت أقاصيصه بشكل عام تمارين لإثبات مطلوب "[19]" .

ولقد تبدى المطلوب الأول الذي هو إثبات : أن التفاني في سبيل الآخرين = إنكار الذات ، في قصتي ( بورتريه بقلم فحم - انتظار ) فهاهو الأب الذي تفانى في سبيل أسرته في قصة ( بورتيريه بقلم فحم ) يعرف أخيرا أن الزمن قد أكل على وجهه وشرب ( لم يله الولد أو يشطح ! انفتح في داخله صنبور إحباط ، ترك الصورة مكانها ، وبخطوات مرتجفة اتجه إلى السرير ، جلس عليه محيطا ركبتيه بعضديه بجوار زوجته النائمة ، سكن طويلا جامدا كرخام يحدق بذهول في الصورة ، أخيرا أطفأ النور واستلقى محاولا النوم ولكنه لم يستطع ، عندما قام في الصباح كان انقباض مؤرق يملؤه وحزن كبير يحز فيه ونظرة منطفئة تطل من عينيه "[20]" ) وهاهي الأم في قصة ( انتظار ) لا تقدر أن تذهب إلى الطبيب لإجراء عملية جراحية لها لأنها هي الأخرى متفانية في سبيل أسرتها ( في انحنائي واجهتني ، الخطوط الأربع التي حفرت جبينها ، أعرف تلك الخطوط جيدا ، منذ زمن اكتشفتهم ، كانوا مازالوا خيوطا متناهية تأخذ في الارتسام على استحياء ، ومنذ ذلك الزمن أتطلع إلى وجهها وأراقب نموها ، لا أعرف لماذا أربطهم بنا ؟ تملؤني فكرة أن هذه الخطوط الأربع هي نحن الأربعة ! سنون أعمارنا ، هذا الغائر الذي يمتد بطول الجبهة أعلى حاجبيها هو عمري أنا ، وهذا الذي فوقه يكاد يوازيه هو عمر فؤاد ، وذلك الغير ( هكذا ) عميق "[21] " هو عمر فاطمة وهذا الأخير القصير الذي مازال لم يكتمل فيتوقف عند طول الجبهة قبل منبت الشعر هو عمر فريد أصغرنا آخر العنقود كما تسميه وتدلله "[22] " ) .

وثمة ملحوظة هنا يجب تأكيدها هو حرص الكاتب على تتبع وقع الزمن على تقاطيع الوجه ، الوجه بالذات دون غيره ، فالوجه هو المحس ، المرئي ، والمحس المرئي هو ما يتوقف أمامه القص التقليدي ، سمة فزيائية ، ربما عبرت عن ملمح داخلي ، لكنه في النهاية يظل سمة فزيائية .

ولقد تبدى المطلوب الثاني الذي هو إثبات : أن دلالة الهامش قد تكون أعظم من دلالة المتن ، في قصتي ( الفيل - أنا والعجوز والقطار ) فهاهو عبد العزيز السواح ، رجل الغموض ودلالة المطلق ، التي تقترب من الرمز في قصة ( الفيل ) يتماس مع ماسح الأحذية في قصة ( أنا والعجوز والقطار ) في الدلالة نفسها .

أيضا يتبدى المطلوب الثالث الذي هو إثبات : أن أي ضيق لابد له من فرج ، وأن أي عسر لابد له من يسر ، وأن أي حصار لابد له من زوال ، في قصــص ( الغائبة - اتجاه الشمس - تماس - الحصار ) فهاهو الشاعر في قصة( الغائبة ) يفر من تقوقعه في اتجاه الحب ، وهاهو ( العجوز ) في ( في اتجاه الشمس ) يفر من أزمته ، وهاهي البنت في قصة ( تماس ) تفر من حيائها ، وهاهو المريض في قصة ( الحصار ) يفر من أزمته .

وربما يتبدى المطلوب الرابع والأخير الذي هو إثبات : أن الحركة في اتجاه الأمل تنبئ بموات السكون ، في قصص ( تفاعل - فارس - كنت أصنع لك الطائرات - شطط البراءة ) فهاهو يحيى في قصة ( تفاعل ) يخرج من عاهته ويتفاعل مع الناس ، وهاهو الطفل في قصة ( فارس ) يدفع فرسه في البراح ، وهاهو الطفل في ( كنت أصنع لك الطائرات ) يطير في الفضاء ، وهاهي الطفلة في ( شطط البراءة ) تعبث بالتراث بحرية مطلقة .

أيضا مما يتفق مع آليات الشكل التقليدى أن معظم وصف الكاتب لشخوصه وصف خارجي ، لا يسيح طويلا في مناطق اللاوعي .

ولعل ما يميز قصص سعيد عبد الموجود محمود داخل إطار الشكل التقليدي أن شخوصه لا تبتعد كثيرا عن شخوص الواقع المعيش الذي نحياه ، فلا وجود لشخصيات أسطورية أو شعبية أو خرافية .. إلخ ، تخرج عن محيط الشارع والحارة ، إذ إن جميع شخوصه تكاد تكون واقعية فهي : الطفلة والطفل والأب والأم والشيخ ( الذي هو بمرتبة الجد ) وبعض المرضى والموظفين والمبدعين ، بل إن ما تقمصه القاص من شخصيات بوصفه راويا لا يخرج عن هذا الإطار .

ولعل الكاتب بهذا يقترب من طبيعة ملتزمة ، ليس كما يدعو إليه دعاة الالتزام الآلي ، ولكن عن طريق الفن الحي الذي يستقى مادته من الواقع المعيش ، " الفن الذي يغترف مادته الفنية من المنهل العام للمجتمع ، غامسا قلمه في مشكلاته عن طريق المشاركة الفنية في قضايا عصره وقومه "[23]" " ، ومن ثم يرتفع ثمنه غاليا دون الذهاب إلى عوالم تتحدث عن النورس والليلك .

أيضا ثمة اهتمام خاص بالطفل في قصص الكاتب يتعمق بتجربة الكاتب ويغرزها في قلب الأسرة ، ولا يغفل الكاتب أن يجعل الأنثى بطلا في إحدى قصصه مما يسائل بجد دعاة الأدب النسوي من غير الرجال .

أيضا ثمة ملمح آخر يتميز به الكاتب ، وهو أن معظم شخوصه ثانوية ، والشخصيات الرئيسية في جل القصص لا تخرج عن اثنين يتحاوران ، ويدار بينهما المعمار القصصي ، في الوقت الذي يتم فيه تهميش الباقي ، وكأن قصصه حوارا Dialouge بين اثنين .

ولعل الكاتب بهذا ، يقترب من طبيعة الصراع في المسرح ، وكأني به على عتبات المسرح ، ومن قبل تم ضبطه على عتبات الشعر ، فهل هي دعوة مني له لكتابة المسرحية الشعرية ؟! لا أدري ، ربما ..
ولعل ما يميز سرده أيضا ، أن الكاتب يجنح جنوحا ظاهرا إلى تنكير شخوصه القصصية – فضلا عن تأكيد ثانويتها - في الأغلب الأعم ، إما على طول القص ، كما في قصة ( بورتريه بقلم فحم ) وإما قبل تقديمهم علانية في القص ، كما في قصة ( الفيل ) حتى وإن تم التعريف بهم ، فالتنكير هو السمة الغالبة في معظم قصصه ، وربما يقترب الكاتب بهذا كثيرا من القص الحداثي للتأكيد على الدلالة والمغزى بصرف النظر عن التعريف .

أيضا ثمة ميزة أخرى وهي أن الكاتب ليس له منهج محدد في تسمية الشخوص القصصية ، فتارة يذكر أسماء بلا داع فني ، وتارة يهمل تسمية أسماء ، ربما يكون لها داع فني ، الأمر الذي يجعلنا نظن أن الكاتب ربما كان معنيا بالنظرة الكلية لدلالة القص ، فضلا عن التفصيلات الجزئية ، التي نظن أن لها الأهمية نفسها مع الدلالة الكلية .
*****


2- الأحداث :
إن بناء الحدث في قصص الكاتب يتسم بما يتسم به بناء الحدث في القص التقليدي ، ففضلا عن أن الكاتب لم يستمد أحداثه إلا من الواقع المعيش ، إذ لا وجود للخيال الجامح في قصصه إلا فيما ندر ، فجميع أحداثه تقترب من العقل والمنطق والعلة والمعلول ، في مــثل ( بورتريه بقلم فحم – شطط البراءة – أنا والعجوز والقطار – انتظار – تفاعل – في اتجاه الشمس – الغائبة – كنت أصنع لك الطائرات ) على أن في هذا القصص ما يجنح بالخيال الواقعي ؛ ليدفع بها في اتجاه الفانتازيا مثل ( الفيل – فارس ) ، أيضا في بعض القصص اتجاه واضح نحو كسر التقليدية نحو الرمز مثل قصص ( أنا والعجوز والقطار – فارس – في اتجاه الشمس – كنت أصنع لك الطائرات ) لكن ثمة ملمحا في استخدام الرمز عند الكاتب وهو أنه يجعله تقليديا ، ولا يتوسع به ليذهب به إلى تخوم الحداثة " بوصفه كتابا من الرموز ، يستوعب العالم ، كما يقول جيمس جويس "[24]" " .

والرمز التقليدي " واضح ، يلقي الحدث عليه ضوءا كاشفا ، مفسرا ، ويعمد الكاتب إلى توضيحه وتفسيره ، كما أنه رمز جزئي ، لا يندرج في منظومة رمزية تلقي ظلالها على مفردات الشكل الفني للأقصوصة بعامة "[25]"" كما في قصص ( في اتجاه الشمس - كنت أصنع لك الطائرات - أنا والعجوز والقطار - الفيل ) .
******

3- الزمن :
إن بناء الزمن في قصص الكاتب يتطابق مع زمن القص التقليدي ، حيث ينتقل انتقاله الطبيعي الآلي من الماضي إلى الحاضر "
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://sameehezzat.maktoobblog.com/
 
د . سعيد شوقى بين القص التقليدى والنصوص الحداثية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» د. سعيد شوقى وتجليات فى رباعيات الشاعر/محمد الشرنوبى شاهين
» الاستاذ محسن شوقى والاستاذ محمد شوقى الجزار.
» فين الدكتور شوقى شاهين
» كلمة د.شوقى شاهين عبر موقع يلانختار
» دعوة للدكتور شوقى الكردى من شباب امياى ..هام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبـــاب العمـــــار :: منتدي الأدب :: منتدى النقول :: القصص والروايات-
انتقل الى: