عويمر للكاتب وضاح اليمن عبد القادر

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


الرجل الثمانيني ( عويمر ) الشخصية الأكثر إثارة للجدل في أوساط القرية ، بتفاصيل وجهه المنغولية كمحاربي التيبت وسيبريا ، ما يزال تأثير سلاحه النووي المختلط بالأرض المجاورة لشعبة* جدتي ( لول ) يفتك بالدجاج والأفراخ بلا رحمة ،لم يكترث لأبشع مجزرة ارتكبها في تاريخ دجاج القرية ،التي عرفت بمجزرة (حول بيت ) والتي راح ضحيتها مائة وخمسين دجاجة وفرخاً ، «خمسين »منها من ديمة أمي أطال الله في عمرها ،شكلت حينها القرية لجنة تقصي الحقائق من عدة أطراف،لكن الحاج (أحمد) كان حاضراً بقوة بجانب (عويمر ) وحقه في امتلاك سم الدجاج ، حينها وجهت أمي تحذيراً إلى كل رعاياها من الدجاج والأفراخ بأخذ الحيطة والحذر .وحده صديقي( عبد الخبير ) بلسانه السليط كان قادراً على استفزاز عويمر حينما يمر ونحن نلعب الكرة بجانب المقبرة ممتطياً إحدى حميره العربية الأصيلة التي شاركت في نقل المهربات والأسلحة أثناء حرب صيف 94 في الجبال الوسطى على حد زعمه و كون عويمر يعد نفسه أهم مرجع لاستيراد الحمير العربية ذات السلالات النقية،

يستجمع عبد الخبير كل قواه الصوتية " قييع ..........قييع وصل الفارس المغوار ... وصل الخراااااااااااااااط ... وصل الخرااااااااااا....... " يلتفت إليه عويمر مغاضباً : " أنا أخرط البلتااااات ..................؟".
عادة ما كنت أسمع بعض النسوة يرددن صباحاً " واآعويمر واآ نمر وابن النمر " تلك زوامل كثيراً ما تثير لدي علامات الاستفهام .سمعت من بعضهن أن ( عويمر ) يمتلك شحم النامس الذي يفيد لصرير الركب والمفاصل وآلام الظهر حيث شاع هذا الأمر في أوساط القرية والقرى المجاورة بأن (عويمر قد أمسك النامس الذي كان يشاكسه في الغرفة وضغط عليه حتى (ض ررررر ......)ومن ثم أخرج شحمه وكان له السبق في اكتشاف شحم النامس* ومن يومها بدأت مرحلة أخرى من حياة ( عويمر ) في علاج صرير الركب والروماتيزم الذي كانت تعاني منه معظم عجائز القرية والقرى المجاورة ، ولم أفهم مغزى شحم النامس إلا متأخراً .
حكاية عويمر لا تكاد تنتهي ، بقرته الحمراء الفاقع لونها التي التهمت بطانيته الفاخرة " أبو نمر" ودجاجته التي ابتلعت الدلو ذات عطش ولم ينتهي الأمر عند هذا الحد فــ(اتريكه* العتيق ) كان قادراً على قطع مسافات تقاس بالسنين الضوئية ، وكما يقال "ابن الوز عوام" كان هذا هو حال ابنه الذي دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية حين عاد "ريوس " بشاحنته الزرقاء المحملة بالأبقار من عاصمة إحدى المحافظات المجاورة وحتى "ورزان " بدون مرايات وحفل زفاف حفيده الأسطوري الذي ألهبت الرصاص فيه سماء وباحات القرية ووصل دويها عشرات الكيلو مترات المربعة «وخشر» الرصاص التي تم جرفها بالشيولات ووو.............
تمر الأيام وما زال صوت صدام ابن خالي يتردد صداه في أذني وهو يعيرني : " جارك عوووووويمر ".



• قصة من مجموعة ذاكرة الوجوه للقاص .

* شعبة : قطعة أرض مجاورة للمنزل باللهجة الدارجة اليمنية .
* النامس : البعوض .
* الاتريك : لمبة ضوء تعمل على بطاريات خارجية

علني تعلمت هنا

ما الفرق بين الإسقاط

والتلميح المباشر , والإيضاح

والعمق المفتعل والحقيقي للنصوص

اختيار لا جدال فيه ,,,

كاتبه وناقله ,,, فى أعلى مكانة

لك أن تسقط هذه الشخوص على دول بعينها وتصنع معادلات موضوعية لا نهائية
وترسم خريطة للوطن العربي الكبير وترص الشخصيات الواردة بالنص
كبيادق وفيلة وطابيات محصنة
ورجال أصحاب قرار على الرقعة بالمربعات المتاح لك الحركة بها
وتقتل من تشاء وتنصب من تشاء وتنفي من تشاء
نص يمنحك انطباعا شاملاً عن واقع مهتريء وتاريخ ضائع
غير أن القاص هنا يلزمه وقفة من قبلنا حتى نحقق معاً ثالوث الحالة الإبداعية
لكونه اجتهد في إنتاج نص بهذه القوة
الرمز عند الكاتب يعجن ويطرح في فرنه الداخلي
ويفتن (من فتن الذهب) بحمية الواقع المعاش ويخرج بدلالات مغايرة
لا علاقة لها من قريب أو بعيد بما دخل
دخل فتافيت وشظايا من أحداث ووقائع
وخرج كتلة من معدن مغاير تماما
قبل مرحلة الفتن كانت مصر صاحبة التاريخ المديد تجاور إسرائيل
ولها صولات وجولات في الحرب مع الصهاينة لا ينكرها إلا جاحد
وتهتف كل الجماهير العربية ضد التطبيع
ونمر (نحن المصريون) منكسي الرؤوس خوفاً من المعايرة
كوننا نبني الجدار العازل حماية لمن اغتصب أرضنا
وقتل أبناءنا في غزة
تدخل هذه المفردات رأس المبدع (فرن الصهر ومحماة الفتن)
وتخرج بعد مرحلة الفتن وإعادة الخلق
قصة أخرى مع تقارب في الأسماء وسحب خلفيات إلى الذاكرة لها دلالاتها
وأحداث تظلمها حين تربطها بوقائع سياسية كبيرة متفق عليها
مُعمّر اسمه (عويمر) له تاريخه في موطن الكاتب
له ملامح محاربي التبت
وتنهال عليك أحداث كثيرة من السم والنووي والضحايا وعبد الخبير
وأشياء ربما تجهدك لو حاولت ربطها بالواقع
حين تتلقى هذا النص تجاهل الواقع وعش تماماً مع الرمز
لا أحد ينكر مدى سعادتنا حين نخرق الشفانية للأحداث
ونكتشف الخيط الرفيع الموازي للحدث المخلق
لكن الكاتب ليس من صالحه التلقي بهذه الآلية
وليس من صالح النص أيضاً
عش النص واجتره وأنت تتابع نشرات الأخبار
تقهرك بالاحتلال الأمريكي للعراق وبناء الجدار العازل
وحصار غزة وفضيحة علي الكيماوي
خذ منتوج المبدع واصنعه ثريداً مع الأحداث الجارية
واستمتع بوجبة قصصية شهية
يعير الكاتب بجيرته لعويمر
الكاتب الذي سيظهر على استحياء في ثنايا النص
وينصرف بلقطة وامضة في نهاية النص ستبقى عالقة في ذاكرة المتلقي على الدوام
النص كتب بضمير المتكلم (الأنا)
وربما باعد هذا قليلاً بين المتلقي والنص
غير أنه يحيلنا لآلية تلقي للرمز مغايرة عما هو متبع
وهناك بعض الألفاظ المغرقة في المحلية
شكراً للكاتب أن أجبرنا على التواصل معه

مختار محمود