ندوة في الشارقة شهدت هجوماً على الحداثة وردوداً من مناصريها
جريدة الامارت اليوم - 30 سبتمبر 2010
مسؤول بيت الشعر «يؤبّن» قصيدة النثر
بهجت الحديثي: قصيدة النثر «هجين».
هاجم مسؤول بيت الشعر في الشارقة، الدكتور بهجت الحديثي، اتجاهات الحداثة في الشعر العربي. وقال إن «قصيدة النثر إلى الموت والزوال، سواء كانت قصيدة أو نثراً فنياً»، مؤبناً بذلك القصيدة التي وصفها بأنها «من دون مستقبل»، ومؤكداً انحيازه إلى القصيدة العمودية التي دأب على كتابتها. وأضاف أن «قصيدة النثر هجين، عاشت 50 عاماً فقط، ولا حياة لها، في حين أن عمر القصيدة التقليدية 15 قرناً، وهي خالدة على مرّ الأزمنة».
وأثار هجوم الحديثي أنصار الحداثة، في الندوة التي نظمها بيت الشعر، أول من أمس، في مقره في الشارقة. وجاء الرد سريعاً من الشاعر محمد إدريس بقوله إن «قصيدة النثر إلى مزيد من الحياة، على الرغم من كل الحاقدين». كما رد الشاعر إبراهيم اليوسف على هجوم الحديثي، متهماً بيت الشعر في الشارقة بالانحياز إلى شكل شعري تقليدي على حساب الاشكال الحداثية. وقال إن «مسؤول بيت الشعر منحاز إلى التقليدية، وإن البيت غير حيادي في تعاطيه مع الإبداع»، داعياً الحديثي إلى تغيير اسم البيت إلى «بيت الشعر التقليدي».
واستضاف بيت الشعر في الندوة الشاعر يوسف أبولوز والناقد عبدالفتاح صبري، وأدارها الناقد حمادة عبداللطيف. وتناول أبولوز سبعة محاور في حديثه عن قصيدة النثر العربية، مؤكداً أنها أثبتت شرعية وجودها، وكرست شكلاً شعرياً جديداً، لكنه أشار إلى أنها «وقعت في النمطية لدى بعض الشعراء»، موضحا ان «البعض ايلجأ الى كتابة قصيدة النثر لعدم معرفته بالأوزان الخليلية، بينما يكتبها آخرون باعتبارها خياراً داخلياً».
وقال أبولوز، الذي يترأس القسم الثقافي في الزميلة «الخليج»، إن «القصائد كثيرة في الوطن العربي، لكن الشعر فيها قليل»، واصفاً الشعر العربي الآن، بأنه «مريض بصحة جيدة»، مشيراً إلى غياب المسؤولية في الكتابة، لدى البعض، نتيجة حالة الاستسهال وغياب النقد، متهماً بعض النقاد بـ«الانحياز الأعمى»، وفق وصفه، مضيفاً «في الساحة العربية نقاد مكرسون لتلميع شعراء النثر فقط، وفي المقابل، ثمة نقاد منحازون الى قصيدة التفعيلة»، وموضحاً ان هناك نقاداً كرسوا كتاباتهم لشاعر واحد، أو اثنين، بما يشبه التخصص، مع تجاهل تجارب شعرية جديدة وجديرة بالتناول النقدي.
وعن الشعر في الخليج العربي، أشار أبولوز الى مفارقة، تتمثل في ازدهار قصيدة النثر بوصفها شكلاً حداثياً، في بيئة محافظة ثقافياً واجتماعياً. وأضاف ان «قصيدة النثر توهجت في الإمارات والبحرين والسعودية وعُمان، في السنوات الـ20 الاخيرة، على الرغم من طبيعة الثقافة المحافظة، وكذلك المجتمع في المنطقة». لكنه لم يبين أسباب هذه الظاهرة، وعوامل صعود نجم الحداثة في فضاء تقليدي.
وأكد أن «قصيدة النثر في الإمارات، إن لم تتفوق على مثيلتها في المراكز الشعرية العربية، مثل القاهرة، فإنها توازيها».
أما الناقد عبدالفتاح صبري، فأعلن منذ بداية حديثه انحيازه الى الحداثة، مؤكدا أن «قصيدة النثر هي نتاج طبيعي للتطور، إذ تتوافق مع ايقاع العصر»، موضحا البناء النظري الذي رافق ولادتها، ومتتبعاً مسارات في التراث العربي تؤكد قيمة الشعرية، باعتبارها معياراً أساسيا للنص الشعري، بغض النظر عن شكله. وقال إن «الموروث النقدي العربي لم يكن جامدا، بل كان منفتحا على آفاق واسعة تستوعب التجديد وتحتضنه»، مشيراً الى حالة «جمود» في المنظومة الثقافية والاجتماعية العربية حالياً، ما أدى الى رفض التجديد لدى البعض.
وأضاف أن «المتوهجين في كتابة قصيدة النثر يعانون العزلة، نتيجة رفض مسبق لنتاجهم ورؤيتهم الجديدة»، مشيرا إلى أثر الذاكرة المتخمة بالموروث القديم، في الحكم على نتاج الحداثة.
وأكد أن قصيدة النثر هي بنت الحياة والعصر والتغيير، موضحاً علامات من شعريتها الجديدة بتناولها اليومي والتفاصيل والتعبير عن الحياة في العصر الحالي.
وفي الندوة التي تناولت موضوعا ليس جديداً، حول قصيدة النثر، واستمرت نحو ساعتين، شارك في النقاش عدد من الحضور، وانقسمت الآراء بين مؤيدة ومعارضة وتوافقية، حول قصيدة النثر، على الرغم من أنها كرست وجودها منذ سنوات طويلة.