إليكم القصة التي ذكرها الواقدي وهو من المشهورين بالكذب
فبينما خالد يترنم بهذه الأبيات اذ نظر الى فارس على فرس طويل وبيده رمح طويل وهو لا يبين منه الا الحدق والفروسية تلوح من شمائله وعليه ثياب سود وقد تظاهر بها من فوق لامته وقد خرم وسطه بعمامة خضراء وسحبها على صدره ومن ورائه وقد سبق امام الناس كانه نار فلما نظره خالد قال: ليت شعري من هذا الفارس وايم الله انه لفارس شجاع ثم اتبعه خالد والناس وكان هذا الفارس اسبق الناس الى المشركين.
قال وكان رافع بن عمير الطائي رضي الله عنه في قتال المشركين وقد صبر لهم هو ومن معه اذ نظر خالدًا ولد انجده هو ومن معه من المسلمين ونظر الى الفارس الذي وصفناه وقد حمل على عساكر الروم كانه النار المحرقة فزعزع كتائبهم وحطم مواكبهم ثم غاب في وسطهم فما كانت الا جولة الجائل حتى خرج وسنانه ملطخ بالدماء جمن الروم وقد قتل رجالًا وجندل ابطالًا وقد عرض نفسه للهلاك ثم اخترق القوم غير مكترث بهم ولا خائف وعطف على كراديس الروم في الناس وكثر قلقهم عليه فاما رافع بن عميرة ومن معه فما ظنوا الا انه خالد وقالوا: ما هذه الحملات الا لخالد فهم على ذلك اذ اشرف عليهم رضي الله عنه وهو في كبكبة من الخيل فقال رافع بن عميرة: من الفارس الذي تقدم امامك فلقد بذل نفسه ومهجته.
فقال خالد: والله انني اشد انكارًا منكم له ولقد اعجبني ما.
ظهر منه ومن شمائله.
فقال رافع: ايها الأمير انه منغمس في عسكر الروم يطعن يمينًا وشمالًا.
فقال خالد: معاشر المسلمين احملوا باجمعكم وساعدوا المحامي عن دين الله.
قال فاطلقوا الأعنة وقوموا الأسنة والتصق بعضهم ببعض وخالد امامهم اذ نظر الى الفارس وقد خرج من القلب كانه شعلة نار والخيل في اثره وكلما لحقت به الروم لوى عليهم وجندل فعند ذلك حمل خالد ومن معه ووصل الفارس المذكور الى جيش المسلمين.
قال فتاملوه فراوه قد تخضب بالدماء فصاح خالد والمسلمون: لله درك من فارس بذل مهجته في سبيل الله واظهر شجاعته على الأعداء اكشف لنا عن لثامك.
قال فمال عنهم ولم يخاطبهم وانغمس في الروم فتصايحت به الروم من كل جانب وكذلك المسلمون وقالوا: ايها الرجل الكريم اميرك يخاطبك وانت تعوض عنه اكشف عن اسمك وحسبك لتزداد تعظيمًا فلم يرد عليهم جوابًا فلما بعد عن خالد سار اليه بنفسه وقال له: ويحك لقد شغلت قلوب الناس وقلبي بفعلك من انت.
قال فلما لج عليه خالد خاطبه الفارس من تحت لثامه بلسان التانيث وقال: انني يا امير لم اعرض عنك الا حياء منك لانك امير جليل وانا من ذوات الخدور وبنات الستور وانما حملني على ذلك اني محرقة الكبد زائدة الكمد.
فقال لها: من انت.
قالت: انا خولة بنت الأزور الماسور بيد المشركين اخي وهو ضرار واني كنت مع بنات العرب وقد اتاني الساعي بان ضرار اسير فركبت وفعلت ما فعلت.
قال خالد: نحمل باجمعنا ونرجو من الله ان نصل الى اخيك فنفكه.
قال عامر بن الطفيل: كنت عن يمين خالد بن الوليد حين حملوا وحملت خولة امامه وحمل المسلمون وعظم على الروم ما نزل بهم من خولة بنت الأزور وقالوا: ان كان القوم كلهم مثل هذا الفارس فما لنا بهم من طاقة