روتين

موضوع: روتين الخميس 19 مايو 2011, 1:58 pm

روتين

***

لم تعتد الاستيقاظ عندما يفعل الناس... أما وقد حدث؛ فإنها في حاجة لحمام منعش وكوب كبير من القهوة السوداء... صففت شعرها واهتمت بمكياجها وتضمخت بعطرها الصباحي؛ الذي لم يمس جسدها منذ خمس سنوات... ثم حرصت على تنفيذ ما نصحها المحامي بعدم ارتداء أي من ملابسها؛ ونزلت.
للشوارع انطباعات مختلفة في الصباح؛ روائح مغايرة تنساب إلى أنفها... والناس يتصرفون على غير ما اعتادت، حركاتهم أكثر ربما رغم أن وجوههم مملوءة بالنعاس وكثير منهم تتحرك شفتيه بينما يمشي وحده... كما أن المحال التي ترتادها في الليل موصدة الأبواب... تتجول مندهشة كأنها هبطت لتوها من "الزهرة"... أو خرجت من معتقل بعد ربع قرن... فقد تحولت إلى كائن ليلي، منذ وفاة والديها في حادثة سيارة على طريق مصر إسكندرية الصحراوي في طريق عودتهم من المصيف. ثم هي تلبس اليوم ملابس أمها فتشعر بأن كل الناس تنظر إليها منتقدة لهذه الملابس...
كان عليها أن تدير "الكازينو" الذي ورثته؛ لتضمن لنفسها المستوى المعيشي الذي تربت عليه...
مع دخول مساء الجمعة 28 يناير 2011م استيقظت على رنات هواتفها التي لا تنقطع فتلقت خبر احتراق الكازينو بعد تعرضه للنهب الذي طال الكثير من المحلات والمنشآت المصرية بعد تخلي الشرطة عن مهامها...
جلست في سريرها مذهولة للحظات ثم راحت في نوبة من البكاء الهستيري بعدما تأكدت أن المحل الجديد؛ (الذي اشترته قبل يوم واحد بمبلغ تجاوز مدخراتها وألجأها – بعد بيع سيارتها - للاقتراض بضمان: "الكازينو" والشقة التي تقطنها)؛ لم ينج من النهب والحرق...
بعد أيام من الكآبة أخبرها المحامي أن وزير المالية وعد بصرف تعويضات لكل من أضيرت ممتلكاته؛ فخف عنها حزنها قليلاً.
اليوم تمر قرابة خمسة أشهر على وعد الوزير؛ ومحاولات المحامي كلها لدى وزارة المالية باءت بالفشل... الموظف المسئول ينظر له باستغراب؛ ويواجهه بالسؤال: هل هذا وقت صرف تعويض للكازينوهات وماخورات الليل؟!... لدينا هنا أولويات؛ ثم ينادي بالاسم على رجل دخل تواً ولوح له من آخر طابور طالبي التعويضات؛ تعالى يا إبراهيم بك؛ ها جبت الأوراق المطلوبة.... أقعد أتفضل.... هات قهوة هنا يا أبني...
يسمع الموظف همهمة في الطابور من قبيل: "مفيش فايدة"... "كأن الثورة ما قامتش"... "أحنا مش هانسكت على كده"... فيعلن أن إبراهيم بك جاء هنا عشر مرات وله أولوية فشركته توفر البضائع "للشعب" بالتقسيط...
الأولوية يجب أن تكون لأحوال الناس وليس لنشاطهم أكد المحامي؛ فرد الموظف أنت آخر من يتكلم عن الظروف والأحوال؛ أظن الناس الذين وكلوك يعرفون كيف يدبرون أحوالهم في كل الظروف... بل تروج معايشهم في حالات الفوضى التي نعيشها.
"هذا لمز لموكلتي لا أقبله... إنها سيدة محترمة" رد المحامي فأثار ضحك الموظف: هاهاها طيب خللي المحترمة تشرفنا هنا لازم تيجي بنفسها يا سيدي!!
تدخل بصحبة المحامي فينشغل الموظف بتسريحة شعرها وعبق عطرها الذي ضوع المكان، فلا يجد ذلك مناسباً لملابسها الوقورة... فيؤكد لها أن المحل الجديد غير مشمول بالتعويض لأنها لا تملك أوراقاً موثقة على امتلاكه...
ولم يثنه عن موقفه إخبارها له بأن النيران أكلت كافة المستندات عندما احترق الشهر العقاري الذي تُرِكَت فيه يوم الخميس السابق على أحداث التسيب الأمني... مع وعد من موظف آخر هناك بأن ينجز لها إجراءات التوثيق مع بداية الأسبوع التالي!!
- تمت –
الرياض في 18 مايو 2011م

موضوع: رد: روتين الخميس 19 مايو 2011, 2:00 pm

المهندس مختار محمود فال:-

"نص غير مدهش"
18-5-2011 عبر رسالة بالإيميل.