شبـــاب العمـــــار
إضغط دخول وإدخل فورا
وإلا إعرف إن الفيسبوك هو اللي منعك
واحشتونا والله
شبـــاب العمـــــار
إضغط دخول وإدخل فورا
وإلا إعرف إن الفيسبوك هو اللي منعك
واحشتونا والله
شبـــاب العمـــــار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول


 

 أسواط جائعة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
السيد سعيد علام
عماري مكسر الدنيا
عماري مكسر الدنيا
السيد سعيد علام


ذكر
عدد الرسائل : 364
العمر : 56
المكان : العمار
الحالة : متزوج
الهواية : قصص قصيره
تاريخ التسجيل : 10/01/2009
التـقــييــم : 2

أسواط جائعة Empty
مُساهمةموضوع: أسواط جائعة   أسواط جائعة I_icon_minitimeالخميس 23 يونيو 2011, 9:27 pm


فى الساعات الفاصلة والواصلة بين الليل والنهار كانت الجلسة العائلية فى أوجها .. يتدفق الكلام بينهم فى أحاديث شتى وخاصة مشاكل الأولاد0
فى غمرة الأحاديث قد تناست ميرفت وجود كوثر – ابنة أخيها الأكبر – إلى جوارها على السجادة التى تكسو أرضية غرفة نوم أمها ومعها ابنها.. تقبل ميرفت – فى شغف – على الحديث كلما جرفهم لسرد مساوئ الأولاد التقليدية وجحودهم .. تنعتهم بألفاظ حافلة بكل المغالطات والحقائق عنهم .. تنقد تشاغل أمهات الأولاد عن أزواجهن وجفاف مظاهر أنوثتهن، وثقل مطالبهن وإهمال واجبهن نحو منازلهن .. تصر فى كلامها وقد انتابها إحساس بالسعادة .. يؤيدها الكثير بصمتهن مع إضفاء جو من المرح على حديثها مع مرارة تستشعرها فى نبرات الأصوات وتعارضها الزوجات حذراً من تفاقم آثار المناقشة إلى الخصام والمقاطعة، ولكن ميرفت لا تبالى، فستعود العلاقة مهما اقترفت لسطوتها فى نفوسهن، وإحساس بالعطف ينتاب أخوتها نحوها .. تكتفى فقط بإظهار النوايا الحسنة فى العودة دون أن تنسلخ عن كلماتها السابقة استنكافاً0
أخمص قدم بضة حانية تلامس وتداعب فى رفق ودعة فخذ ميرفت استطلعت الأمر والشر يتطاير من حديثها، ورائحة حريق الكلمات تفوح من شفيتها0
كوثر تمد يديها بابنها الرضيح الباكى لميرفت آمله فى هدوئه على رجلها وبين يديها .. صدتها وتساءلت فى نفسها غاضبة : هل تقصد إذلالي بعدم الإنجاب وهذا رابع أبنائها؟
قبل أن تستطرد فى تصوراتها حاولت الهروب منها حتى لا تستنبط منها ميرفت ما يؤدى إلى القطيعة الدائمة، وربما لا يمت للحقيقة بصلة إلا أنه محصلة للواقع الذى تعيشه ويذيبها بين توجعاته وحسراته00راحت تقلب نظراتها فى أشياء من حولها، الشباك والليل المتحفز خلفه، لون جدار الحجرة الأصفر الكالح، التشققات الصغيرة فى الطبقة الأسمنتية عليه، والثقوب الضحلة فى السقف المصيصى، أجساد - ملت رؤيتها .. تاقها أو تتظاهر بذلك عندما ما يفرقهم الزمان والمكان - على الكنب الذى أحسته كأسوار عالية حول عنقها ، موجات دخانية تتابع .. تتصاعد .. تتلوى كلاعب أكروبات ماهر .. كراقصة تأمل فى زيادة أجرها وأسأله لعاب المتفرجين وجيوبهم، تتلاشى الموجات الدخانية فى الفراغ لتكشف عن وجهه الأكبر وقد حفر الزمن على وجه أخيها تضاريسه وهمومه، وقد أطبق بفمه على النرجيلة يجلس أمامها .. يعلوه على الكنبة زوجها، وقد اضطجع على وسادة عليها .. هربت بسرعة من وجهه إلى المصباح .. طوال الانشداد إلى المصباح لا تحيد عن قيد أنملة جعل أشعة المصباح وكأنها أسياخ من نار تمتد لتنغرس فى عينيها .. فتحول الوهج من ضوء بارد إلى شرارات متقدة تكوى شبكتى عينيها بلدغات محرقة .. وكأن الشرر قد أسرها فما عادت ميرفت قادرة على الهروب من تلك اللدغات .. رعب قاتل فى أعماقها من أى محاولة للتملص من تلك اللدغات يوقعها بين أنياب الواقع الضارية0
متوقعة كقنفد ، مغتربا فى نفسه .. هل تخرج من نفسها.. تمتطى جواد أمنياتها وتجمح به لتحقق رغباتها الدفينة .. تداخلت الأفكار فى رأس ميرفت وتشابكت .. صور الذكريات تتلاحق .. تتجاذب لبعضها البعض .. تنكسر عندما تخترق الفترة الزمنية بين الماضى والحاضر بشئ من الوهن وكثير من الخوف.. فراشة ربيعية ترفل بثوب شبابها .. تسافر على ثغر الزهور .. توقظ براعمها للحياة .. البسمة تتراقص على شفتيها وفى قلبها منذ أن خطبها إلى سنوات ما بعد الزواج .. أحسته فى كيانها .. متوغلاً فى جذورها .. يتمايل بدلال على مسافات عمرها، ولهفة الانطلاق لعطاء جديد، لفرح جديد .. سيأتى كينبوع حنان يتدفق على وجودها .. يسرى فى دمائها.. حنان فياض متدفق، وعلماً غزيرا، ورجولة فياضة لكن غير مثمرة، صارت ميرفت أرض خصبة لا تجد من يزرعها فتنبت له وتثمر..خيرت نفسها بين الرضا بواقعها أو التردى بين منعطفات المطلقات، أو يكون نصيبها أن تصير ممرضة تعيين زوج كهل على شيخوخته، أو مربية لأولاد أرملة أو مطلقة الزوج الجديد لو قدر لها الزواج ثانية بعد أن تستعر بنار الشائعات على ألسنة الناس .. تتردى فى سجن النظرات … سجن جدرانه دائرية لا زاوية فيه .. تقبع بمركزه … تطلق عليها سهامه وسياطه الألسنة الجائعة يهوى الناس بها عليها فى معتقلات المجالس .. رفضت الطلاق فليست طامعة أو جاحدة، فكل ما تنعم به من رفاهية وصلة القرابة وتأييد أبيها الذى كان يقدر كل من حاول ستر عرضه حتى وأن لم يكلل مساعيه بالزواج، فصاين عرضه أعز من أولاده أما الذرية فنعمة من الله يهبها لمن يشاء ويحجبها عمن يشاء0
تساءلت ميرفت فى نفسها : هل كانت تتمنى دستة أولاد مشردين بمستقبل ضال أم يحمل زوجها ثقل أخوتها الاقتصادي، أم تنجب بنتاً فيطلقها جاهل بالأمر أو عالم به – لكن رجولته ترفضه – فيتهمها بأنها السبب، أم تنجب ولد تمارس معه الأمومة فيزداد الشرة الإنسانى لإنجاب ولد آخر وثالث ورابع و… تحت دعاوى الذكري وحمل الاسم (اللى بيخلف ما بيمتش) والميراث، فغريزة البقاء راسخة فى النفس البشرية … تتملكها0
فهل الإنجاب دليل على رجولة الرجل وأنوثة الزوجة التى تنضب بانتهاء قدرتها على الإنجاب. فيصير سن اليأس هو موتها الحقيقى؟ .. أحقا لن ترسم خطواتها ولو على رصيف الذكريات ما لم تنجب؟ .. وهل تموت بلا ذكرى؟ وهل الذكرى يحملها الأولاد فقط؟
الأمومة عطاء.. تضحية .. حنان، فهل تتعطل هذه الينابيع أم تفجرها لكل الناس فتكون الذكرى الحسنة هى ابنها الذى سيترحم عليها أن كان باراً بأبويه0
حاولت ميرفت أن تشاركهم ثانية فى الحديث هربا من الأفكار السوداء لكن الفم جف من طول الصمت، وبدا وجهها كأنها منقوع فى الدموع ورأسها يطن كخلية نحل0
(ربنا يعوض عليكى) سوط جائع يهوى على جسدها .. يدميه حسب شخصية قائلها .. والنغم المصاحب له خاصة وإن كان ممتزجاً بنظرات شامتة، وأحياناً غامضة المعانى.
ما زالت صورة وجوم أم محمد بذاكرتها لا تفارقها وهى تسمع خبر طلاق بنت أخيها - الأرض الخصبة – وقد دقت بكفها على صدورها ثم أردفت فى لا مبالاة وهى لا تشعر بوجودها خلفها : بركة خليها تخلف، بعدما رفض زوجها الذهاب للطبيب بعد إعلان سلامتها من عيوب الإنجاب. طلبت الطلاق، وتنازلت عن أشياء كثيرة من أجل أمومتها وهي الآن أم لبنتين جميلتين .. لكن زوجها حاول كثيراً العلاج فى مصر وخارجها، وسجل لها بعض الأطيان ومنزل الزوجية فى الشهر العقارى، حرصا عليها من بعده رغم معارضتها له .. فهى ما زالت تعيش على الأمل رغم عدو سن اليأس بسرعة نحوها والذى لم يمنع زوجة أخيها الأوسط من إنجاب ابنها الأخير (جه غلطة) لسهوها عن تناول حبوب منع الحمل … تساءلت ميرفت فى نفسها بتهكم : هل الأمومة غلطة؟!0
مع محاولة كوثر الثانية عادت ميرفت إلى تصوراتها حذراً : أهى رسالة من كوثر أن كل أولاد العائلة أولادى، وهذا ما دفعها أن تطلق اسم حماى على ابنها فرغم عدم دلالة الأسماء إلا أن المغرضين تطوعوا لتوضيح الأمر على أنه إذلال لحالى.
تناسب ميرفت الموضوع بشئ من الحسرة لثقتها فى ميرفت0
مع محاولتها الثالثة المصرة انعدمت مقاومة ميرفت … أخذته، وأخذت تهدهده … تداعبه … تمازحه … تربت على ظهره … تضعه على حجرها … ترفع رأسه وتسندها على ذراعها الأيسر … تقبله على خده … تداعبه بفمها فى بطنه.. تنساب ضحكاته المتقطعة ، أمسكت يديه الغضتين … عضتهما برفق … ضمته لصدرها بشوق عارم وحنين مضن وقد غابت لا شعوريا عن الجلسة والأحاديث … أصبحت مركز نظراتهم الصامتة المشفقة0
أن كل ما يرى على جسدها من ندوب، وما لا يرى فى أعماقها من آثار هو بقايا ما تركته ثورتها الخرساء على حياتها وقد وطنت نفسها على ما سيصبيها ما دامت ستحررها من العذاب الأخير. انسحب زوجها فى صمت، وطالت جلسة كوثر لتأخذ ابنها منها .

[b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمد هلول
عماري أصيل
عماري أصيل
احمد هلول


ذكر
عدد الرسائل : 1363
العمر : 52
المكان : المدينة المنورة ـ المملكة العربية السعودية
الحالة : متزوج +2
الهواية : التواصل معكم عبر المنتدي الجميل لشباب العمار
تاريخ التسجيل : 15/08/2009
التـقــييــم : 0

أسواط جائعة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أسواط جائعة   أسواط جائعة I_icon_minitimeالخميس 23 يونيو 2011, 11:05 pm

قرأتها سريعا
وأشعر بضرورة معاودة قراءتها مرة أو مرات أخرى

وفقط أردت أن أسجل مروري لحين المعاودة
وحتى أضيفها عندي في مساهماتي الخاصة

دام معينك
ومنتظر عرض التعاون والمشاركة والتواصل على شوق كما وعدتني .... وحتى أعود لك كامل تقديري واحترامي لما تقدم .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أسواط جائعة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبـــاب العمـــــار :: منتدي الأدب :: الحكى والسرد العماري-
انتقل الى: