قطع الفًسيفِساء .

قطع الفُسيفساء

كالعادة ذهبت متأخرة إلى مركز الكورسات الخاص بدراستى نظراً لبعد المسافة ولا سيما سوء حركة المواصلات ,

ولكن هذا اليوم ليس بيوم دراسى عادى بالمركز

ولكن هو يوم التخرج من برنامج تعلم الإنجليزية والذى دام مدة عامين . خرجت مندفعة من محطة المترو

مسرعة فى إتجاه المركز لأكمل باقى أوراق مشروع التخرج والذى لم أتم طباعته بعد ولم يتبقى من الوقت

سوى خمسة عشر دقيقة فقط . ذهبت إلى المركز فوجدت أمامى شاب بشوش الوجه هادىء

أراه للمرة الأولى فى حياتى ألقيت عليه تحية الإسلام فرد التحية وسألنى

هل ستقومين بعرض مشروعك معنا اليوم ؟

فأجبت : نعم ولكن لم أتم طباعة وإعداد باقى الأوراق بعد نظراً لأنشغالى فى كثير من الأعمال فقاطعنى قائلاً:

لا عليكِ دعينى أكمل لك طباعة الورق وتنسيقه فى المكتب المجاور للمركز . فرفضت فى البداية

خوفاً من أن أهدر وقته لأنه سوف يقوم بعرض مشروعه هو الآخر اليوم

ولكنه أصر قائلاً : لا تقلقى دعينى أكمل لكِ البحث فأخذ الأوراق وذهب ليكمل البحث

بينما كنت أراجع الفكرة العامة الخاصة بموضوعى وأستعد لأننى سأكون أول من يتقدم للإختبار بسبب الترتيب الأبجدى .

ذهب هذا الشاب بشوش الوجه صاحب الإبتسامة الرقيقة أكمل الأوراق واعطاها لى وأخذ يعطينى نصائح تساعدنى

فى أن أكون متماسكة أمام لجنة الأساتذة االأمريكيين والمنوط بهم تقييم و أعطاء الدرجات لنا , وأخذ يهدأ من روعى

مستهيناً بما سيحدث داخل " قاعة الرعب " على حد وصفه بأسلوب ساخر ممزوج بخفة ظل وطيبة قلب

جعلتنى أنسى كل القلق والتوتر

أستشعرت فيها أصالة المصريين والألفة التى تحدث عندما تتحدث لأى فرد فيهم وشعرت كأننى

أعرفه منذ زمن بعيد كأن كنا مثلاً أصدقاء منذ الصغر أو أقارب . سألته عن الموضوع الذى سيقدمه

فأجابنى : فن الرسم بالفسيفساء

وأخذنا نتناقش عن الفكرة وأعجبتنى للغاية وأعطانى قطعتين من قطع الفُسيفِساء واحدة حمراء والأخرى ذهبية اللون كتذكار

والتى قد أحضر الكثير منها معه كى يستعين بها فى تقديم مشروعه ، وفى الوقت الذى بدأ القائمون

على العمل داخل المركز يطلبون منا الدخول للإمتحان

أسرعت متسائلة : عذراً لم أتعرف على اسمك حتى الآن ؟

فأجابنى : بيشوى سعيد .

تربطني علاقة طيبة بهذا الطبيب زائع الصيت و بمن يعمل معه بالعيادة بحكم عملي و حين ذهبت عصرا كي أحجز كشفا لأبي ليلا كانوا في حاجة لشرائط تحليل السكر بالدم فأعطيتهم إياها و انصرفت بعد تسجيل الإسم كي لا ينتظر أبي كثيرا حين نأتي في المساء
عدت من جديد في التاسعة و انتظرت كثيرا دون جدوى فقد كان الزحام شديد و الأعداد تتزايد بكثرة و كلما تسائلت عن متى يحين دوري يوجه إلي كل عبارات الأسف و يستغل العلاقة الطيبة و المعرفة المسبقة لصالحه بالرغم من أنني الأحوج لاستغلال مثل تلك العلاقة و ها هي عقارب الساعة أوشكت أن تعلن عن الحادية عشر و لكن دون جدوى فبادرته بالسؤال عن موعد دخولي فأخبرني أنني سأدخل فور خروج من بالداخل و لكن سرعان ما صرخ أحد الجالسين قائلا و متى سيحين دور مينا بطرس .. رد عليه معلنا أنه سيدخل بعد انتهائي من الكشف فقال له الورقة المكتوبة على الحائط من خلفك توضح أن الحجز يكون في أي وقت بدفع الكشف و عند الحضور إلى العيادة يدخل مباشرة بعدالكشف الرابع و هو الآن بالداخل و لابد أن أدخل من بعده فأسرعت بالرد أن رقمي في الحجز يسبق رقمه كما أن أولوية الحضور من نصيبي و أنه أتى من بعدي بمدة طويلة فكيف له أن يطالب بما ليس من حقه و حين اشتد الحوار بيننا نظر إلي من يعمل بالعيادة و خاطبني بتوسل قائلا ( معلش انت مننا و تستحملنا) فاستسلمت لطلبه و جلست بينما أسرع الآخر في الدخول إلى غرفة الكشف
بعد عدة دقائق تحدثت سيدة إلى زوجها الجالس بجواري قائلة له ( شوفت يا روماني الراجل اللي ما عندوش ريحة الدم بيقوله انت مننا و تستحملنا)