الحب الأفلاطونى من وجهة نظرى
الحب الأفلاطونى هو ذلك الحب الذى لاينتظر المقابل,حب يبحث عن شئ يسكن فيه ,لايسبح فى الهواء كما يشاع عنه,ولايتخلل فى عبير الزهور ,ولايُقحَم ولا يقتحم
,فهو كالعملية السلسة فى الانتقال والركود أو الإستقرار,فالحب الأفلاطونى هو كل الإستقرار.
والحب عموما ليس هو المسافة التى بعد عمر تصل إليها ,ولكن هو الوسيلة للوصول الى تلك المسافة ومابعدها.فمعنى أنك تحب أنك تسطيع أن تخطو بمساعدة هذا الحب نحو تحقيق أهداف يصعب الوصول اليها بدونه,فالأنسان –أى إنسان- لايعيش عمره حتى يحب,ولكنه يحب حتى يعيش ذلك العمر.
وإذا ألقينا نظرة الى الكائنات الأخرى مثل الطيور على سبيل المثال ,سنجد أن الطائر لا يستطيع الحياة بدون ذلك الحب ,فالطائر الذى لايملك عقلا ,إستطاع التعامل مع المخلوقات الاخرى بالفطرة المطلقة ,فهو لايتلائم ولاينافق ولايتكابر,ولكنه يحب,والذى يؤكد هذا المنطلق أن الطائر لايملك سوى القلب كى يبدى شعوره نحو الأخرين ,والقلب الذى يملكه هذا الطائر لايعرف إطلاقها كيف يكره ,ولكنه يستطيع فقط ان يحب.ذلك هو الحب الأفلاطونى.
فالحب الأفلاطونى هو ذلك الشعور الذى يأحذ صاحبه الى عالم المثالية , والتعامل بالفطرة الألهية غير المؤنسنة,فهو حب لايسكن سوى بالقلب.ولايؤمن بشئ غير العطاء,فهو كالثمرة التى تتغذى من شجرة تعتمد على الغذاء الطبيعى ,فلو إقتحمها شئ أدمى فقدت مذاقها , فهذا الحب كما قلت لايحب الإقتحام أو الإقحام.
ودعونا نتفق على أن الحب هو الذى يساعد العقل فى تنظيم العلاقات بين الأشخاص ,ويوضح الصورة الغامضة فى أى شئ,إذن هناك مسافة واضحة بين الحب ومايسمى بالعشق, فالعشق هو التصوف الذى يقرب بين العاشق والمعشوق,لايرسم طريق فى الحياة ,ولايحقق هدف ولكنه يمثل صحوة للروح ,يفعل بالروح كما تفعل المياه فى الشجرة العطشة ,فالحب والعشق كل منهما يمثل اتجاه يوازى الأخر,والإتجاه الذى يجمع بينهما هو ذلك الحب الأفلاطونى.
فالحب وسيلة والعشق غاية,والحب الأفلاطونى هو الوسيلة والغاية معا ,فهو الذى يساعد الإنسان فى مواصلة حياته بشكل طبيعى ويوضح له مرسوم العلاقة بينه وبين الأخرين,وهو نفسه يعتبر هدف يسعى الإنسان للوصول إليه .
فمثلا عندما تحب شئ تستعد كل قواك الفطرية للتعايش مع هذا الشئ ,حتى تصلا إلى ماهو خارج عن إرادتك فتبعد عنه ,ولكنك حتى وإن بعدت عنه مهما كانت الأسباب , فإنك من الممكن أن تعيش بغيره,ولكنك لاتستطيع أن تحب إلا غيره,فتظل تحيا مع الأخرين ولايزال حبه يسكن فيك بدون إقحام,هذا هو الحب الأفلاطونى.