تخاريف فى نهاية عام!!

تخاريف فى نهاية عام !
بقلم: محمد عبد الله | مجلة الشباب "الأهرام "

استاذنك فى ان اشركك معى هذا الاسبوع فيما فكرت فيه على صفحات العدد الاخير من مجلة الشباب .. فالموضوع لن يكتمل الا بما سوف تكتبه تعليقا على ما تقرأ .. مستعد ؟






طيب .. اسمع ياسيدى :
الزمن مسلسل يومى حلقاته لاتنتهى .. مسلسل كلنا نشترك فى كتابة احداثه .. وكلنا نمثل ونخرج ونتفرج ونندهش ونتعجب وننفعل بالاحداث التى صنعتها ايدينا .. صحيح ان لكل واحد منا فى هذا المسلسل دوره .. فينا الابطال وفينا الكومبارس .. لكن كلنا نؤدى .. وكلها ادوار مهمة ومؤثرة فى الاحداث.. والمتابع لتفاصيل الحياة يستطيع ان يلاحظ ان الحلقات الاخيرة من مسلسل الزمن خلال عام 2010 كانت اكثر سخونة ، وايقاع الحياة بات اسرع .. الجرائم الاخلاقية والاقتصادية والجنائية تزداد وتتطور وتتخذ اشكالا جديدة ومختلفة .. الفساد ايضا يستشرى وتتسع رقعته .. وفى المقابل سقف الحرية فى الاعلام يصل الى ارتفاعات غير مسبوقة .. ولا اريد ان اشغلك بذكر امثلة لكنك بالتأكيد تستطيع ان تشغل مخك وتستدعى من ذاكرتك الامثلة التى تؤكد صدق كلامى .. ويبقى السؤال : كيف تسير الاحداث فى الحلقات القادمة من الزمن فى رايك ؟ هل وصلت الامور الى قمة المنحنى واصبح علينا ان ننتظر الهبوط بسرعة السقوط ؟
طيب .. لو طلب منك ان تكتب سيناريو الايام القادمة فى مصر .. ماذا تتخيل ؟
او بتعبير ادق ماذا تتمنى ؟
الاجابة صعبة جدا بالمناسبة .. لكنها مثيرة الى اقصى درجة .. ممتعة اذا تخليت عن خوفك وحذرك .. ممكن تعدى اذا كتبت فى اطار من الخيال الذى لا يمت للواقع بصلة .. كلاما ليس له علاقة بأحد من قريب او بعيد .. مجرد تخاريف فى نهاية عام مشحون بالتوتر والقلق ..
شخصيا افكر كثيرا فى مقولة ان التاريخ يعيد نفسه .. هل هى صحيحة ؟!
واذا كانت صحيحة .. فكيف ومتى يعيد التاريخ احداثه ؟ وهل يعيد كل الاحداث ام انه يعيد بعضها فقط ؟ وهل يعيد نفسه على المستوى العالمى .. ام على المستوى المحلى فقط ؟
اذا افترضنا جدلا ان التاريخ سوف يعيد نفسه على المستوى المحلى وانه مطلوب منى الان ان اختار من احداث التاريخ القريب ما اتمنى ان يعيد نفسه الان .. فماذا اختار ؟
اقول لك : افكر حاليا فى شىء واحد فقط هو قرارات المصادرة والتأميم التى حدثت فى عصر الرئيس عبد الناصر اتمنى ان تعود بشكل يناسب متطلبات العصر الحالى ، فلا اطالب بتأميم الرأسمالية الوطنية والمصانع والشركات التى تتحمل مع الدولة مسئولية توفير فرص عمل للشباب والقضاء على البطالة .. بل على العكس اتمنى لها ان تستمر وتتوسع وتحظى بقدر كبير من الدعم والتسهيلات التى تمكنها من اداء دورها .. خاصة ان قرارات التأميم ايام الرئيس عبد الناصر تسببت فى مشاكل اقتصادية كبيرة منها تجميد ارصدة مصر فى بنوك اوروبا ، وربما كانت هذه القرارات فى وقتها ضرورة من وجهة نظر الرئيس عبد الناصر ومستشاريه وبرغم كل الاختلافات فى وجهات النظر حول هذه الفترة المهمة من تاريخ مصر الا ان احدا لا يشكك فى وطنية الرئيس عبد الناصر ولا فى ان كل قراراته كانت مبنية على نيات سليمة ووطنية دون شك ..
وفى المقابل .. لا احد يستطيع ان ينكر ايضا ان مصر مرت فى الفترات الماضية بظروف اجتماعية وتحولات اقتصادية واخلاقية غيرت كثيرا فى طبيعة الخريطة الانسانية للشخصية المصرية .. الانفتاح خلق طبقة جديدة من الاثرياء .. ومرحلة ما بعد الانفتاح خلقت مجتمعا جديدا من رجال الاعمال بدأ بتجار العملة واصحاب شركات توظيف الاموال – وجزء كبير منها كانت تجارة عملة – وغيرها.. الى ان وصلنا الى ما يمكن ان يطلق عليه تجار الوطن واقصد بهم مافيا الحصول على اراضى الدولة بتراب الفلوس .. وهذه المافيا قامت بتسقيع هذه الاراضى لبيعها فيما بعد بمبالغ خيالية .. وكثير من هذه الاراضى لاتزال صحراء لم تقم عليها اى مشروعات اسكانية او استثمارية ، فاتمنى ان يعيد التاريخ نفسه وتصادر هذه الاراضى وتعود ملكيتها الى الدولة .. اما الاراضى التى اقيمت عليها مشروعات سكنية او استثمارية وحصل اصحابها على مليارات الجنيهات فياريت لو يصدر قرار بمصادرة جزء من اموالهم وتحويلها لصالح مشروعات اسكان الشباب .. طبعا المسالة لن تكون سهلة وسوف يحاول هؤلاء ان يهربوا هذه الاموال الى الخارج ، لكن الدولة تستطيع ان تنتبه الى هذا الموضوع وتتخذ كل الاجراءات الكفيلة بمنع تهريب فلوس الشعب الى الخارج .. واذا كانت فكرة المصادرة والتأميم لا تناسب العصر الحالى ولا تتفق مع توجهات الرأسمالية العالمية وسوف تقلب علينا امريكا باعتبارها القوة العظمى الوحيدة فى هذه المرحلة .. فمن الممكن ان يخترع الدكتور يوسف بطرس غالى نظاما ضريبيا جديدا يوجهه فقط لهؤلاء .. وهنا اتذكر مع حضراتكم ما قاله الدكتور حسن عباس زكى وزير الاقتصاد فى عهد الرئيس عبد الناصر والذى كلفه الرئيس بتنفيذ قرارات التأميم ولم يكن الوزير يوافق على اجراءات التأميم التى اقترحها الرئيس عبد الناصر وايدها المشير عبد الحكيم عامر .. فقدم اقتراحا بديلا للتأميم قال عنه بالنص :
" فى صيف 1961 استدعانى الرئيس جمال عبد الناصر لاستراحته فى المعمورة، ذهبت له فحدثنى عما نعانيه من نقص فى السيولة وتأثير ذلك على البدء فى بناء السد العالى، ورغبته فى معاقبة الأجانب فى مصر جزاءً لهم على ما فعلته بنا دولهم، واقترح أن نضع يدنا على ما يمتلكه الأجانب فى مصر، وقال لى إنه يفكر فى التأميم، وقتها كانت الوحدة مع سوريا لا تزال قائمة فحذرته من أن يفهم قراره بشكل خاطئ من قبل السوريين، فاقترحت عليه سن قانون للضريبة المتصاعدة، على سبيل المثال من يمتلك مليون جنيه يدفع ضريبة 60% ومن يمتلك 2 مليون يدفع ضريبة 70% وهكذا، فأعرب عن موافقته وطلب منى وضع تصور كامل للموضوع وأن أمنحه ذلك التصور فى العاشرة من صباح اليوم التالى، سهرت طول الليل أكتب الفكرة وطريقة تنفيذها وفى الصباح ذهبت له فى الموعد فلم أجده وعلمت أنه فى فيللا المشير عبد الحكيم عامر، فعرفت أنه غير رأيه "
يعنى تخيل جنابك كده لو الدولة استعادت كل الاراضى التى باعتها بملاليم ولم يستغلها اصحابها بعد وطرحتها من جديد باسعار السوق الان .. عايز اقول لك ان الناس الذين اشتروها اول مرة هم انفسهم الذين سوف يشترونها مرة اخرى بسعرها الحقيقى ، ولن يتأثروا كثيرا بفرق الاسعار لان الفلوس عندهم بلا قيمة .. واظنك تتذكر ان الاستاذ هشام طلعت مصطفى كان يدفع مصروفا شهريا لسوزان تميم وحدها يقدر بحوالى 200 الف دولار ..
وتخيل سيادتك لو ان الدولة قررت ان تبتكر قانونا جديدا للضرائب يطبق فقط على الذين تزيد ثرواتهم على 100 مليون دولار – لا حظ الوزير ايام عبد الناصر كان يتكلم عن مليون جنيه – كم يوفر هذا النظام الضريبى للمواطنين الاصليين ؟!
– على فكرة ممكن تدخل على النت وتعرف اثرياء مصر بالاسماء والارقام -
طبعا انت لاتحتاج لان اذكرك بان كل ماكتبته خيال فى خيال .. واننى لم اقصد احدا بعينه .. وانها مجرد تخاريف فى نهاية عام متوتر .. اتمنى ان يكون القادم افضل .. و انت ايضا .. وكل سنة وانت طيب !



محمد عبد الله



فين تخاريفكم انتو بقى ؟؟