كلاكيت تاني مرة : سحابة باتشوكا لم تكن صيفية .. فهل نتداركها قبل أن تصبح ضيفاً دائماً؟
يتميز جمهور الأهلي عن غيره من جماهير الكرة المصرية و العربية بمعرفة هدفه و تحديده و هو البطولات، و هو ما يجعله يصبر كثيراً على أي تواضع في المستوى، أو تخاذل أو محدودية الإبداع لأنه يهدف دائماً إلى إستقرار فريقه، عاملاً بالفكر الإحترافي أن كل له دوره في المنظومة، و لا يمكن أن يتحقق أي لقب أو بطولة بدون إستقرار.
لذا نجد أن جمهور الأهلي هو الأقل على كافة الساحات و الملاعب نقداً لفريقه و خاصة عندما يرى نماذج مماثلة لجماهير حطمت إستقرار فرقها بالهجوم على لاعب أو تدليله، و الهجوم على الجهاز الفني و الإداري، و تعلم الأهلي من هذه الدروس طوال مسيرته، ليتدخل الجمهور فقط عند إستشعاره الخطر على ناديه و فريقه. و عادة ما يبدأ جمهور الأهلي بإظهار إمتعاضه أو خوفه بهدوء عبر أكثر من طريقة، أملاً في أن تصل الرسالة الي المسئولين فيتم معالجتها و هو ما يحدث في معظم الأوقات.
و لا يمكن أن ينكر جمهور الأهلي إنجازات الجيل الحالي التاريخية و التي جاءت من تكامل في كافة الجوانب، إدارية ، فنية، مادية، و دعم جمهوري و توليفة لاعبين مميزين، و قبلهم توفيق الله. و لا يمكن أن ينكر الجمهور الإمتاع و الإبداع الذين شاهدناهم في مواسم 2005 و 2006 و إلى حد ما في موسم 2007.
و لنكن واقعيين فإن العام الماضي كانت الأسباب الرئيسية في إبتعاد الفريق عن مستواه و أدائه هي تلاحم المواسم و فقدان الأهلي للبديل مما أدى إلى "حرق" اللاعبين الأساسيين و تعدد إصابتهم، و هو ما شعر به الجمهور و الجهاز الإداري على حد سواء، فقام بحل هذه المشكلة في دعم الفريق بلاعبين على نفس مستوى الأساسيين تحسباً لأي طاريء و قد كانوا عند حسن الظن.
لكن مع بداية موسم 2008-2009 و الذي توسمنا فيه أن يكون نسخة مشابهة لموسم 2005 خاصة مع نضج معظم اللاعبين، و توافر عامل الشباب مقترناً بالخبرة. ليتحول الموسم إلى الأقل إبداعاً و إمتاعاً من الأهلي سوى في مباريات قليلة منها الدقائق الثلاثين الأولى من القطن و لقاء بتروجيت في القاهرة.
و أصبحت جميع الفرق تواجه الأهلي بنفس الأسلوب، و هو الضغط على الأهلي من منطقته و الضغط المستمر على الدفاع و المستحوذ على الكرة، مع نقل الكرة بشكل سريع عند فقدان الكرة من الأهلي. بالإضافة إلى إستغلال نقاط ضعف أصبحت واضحة في الفريق و هي عدم جاهزية حارس المرمى في التصدي للتسديدات البعيدة أو الكرات الحرة، و التي جاء منها الهدفين الأولين في مباراة باتشوكا، و هدف أديلايد الأسترالي و هدفي بتروجيت.
و النقطة الأخرى هي عدم قدرة الدفاع و حارس المرمى في التمركز مع المرتدات من الأجناب و مع الزيادة العددية من لاعبي وسط الخصم تأتي أهداف مثل هدف الصفاقسي وهدف طلائع الجيش وهدف الإسماعيلي وهدف حرس الحدود في الكأس وغيرها.
و المشكلة ليست في حراسة المرمى أو الدفاع فحسب، بل هي في أسلوب بدأ منذ 2004 و نجح حتى أصبح محفوظاً و سهّل على المدربين مواجهته. عملياً إختفى الإبداع، و من ثم إختفى الإمتاع، فكان سبباً آخر (و ليس الرئيسي) في غياب الجماهير عن المدرجات. فأداء الأهلي أصبح شبيهاً بفيلم ممتاز تستمع به في المرات العشر الأولى، و تشاهد مقاطع منه في المرات العشر الثانية، و تمر عليه مرور الكرام في المرات العشر الأخيرة.
بدون شك الأهلي هو أقوى الفرق العربية و الأفريقية تكتيكياً من ناحية تنفيذ ما يُطلب منهم، أو عبر الخطة التي يضعها مانويل جوزيه. و عبر تنفيذ الجمل التكتيكية التي أصبح يعول عليها الأهلي تماماً في الفوز سواء من عرضيات جيلبرتو أو أحمد حسن و رأسيات فلافيو، أو من تحركات أبو تريكة مع بركات و فلافيو. لكن مع الوقت أصبحت أيضاً كتاباً محفوظاً، و بدأت مواجهتها بالخشونة مع أحد هؤلاء الثلاثة،أو بوضع رقابة بقوة كداريو كان في مباراة الإسماعيلي على فلافيو و هو ما منعه تماماً من أي كرة عرضية.
و مع إختفاء الإبداع سواء بإتباع أساليب لعب جديدة، أو تنويع تكتيكات تصعّب من مهمة المدير الفني للخصم، أو من غياب اللاعبين المهاريين في الفريق سواء بعدم إعطائهم الفرصة، أو تغيير أسلوبهم ليصبح تكتيكي بحت بعيداً عن المهاريات و الإبداع كما يحدث مع أبو تريكة والعجيزي في الدقائق القليلة التي شارك فيها، فاختفى معها الإمتاع، أو الأوراق الرابحة.
فنتذكر في المواسم الأولى لجوزيه أنه واجه فرق في الدقائق الأخيرة بأربعة مهاجمين .. أو قام بتغيير وظائف اللاعبين في الملعب. و قد كان جوزيه شهيراً بإجراء أسرع تغييرات في تاريخ الكرة المصرية عندما لم يكن سير المباراة على خاطره، أما الآن فأصبحت التغييرات تأتي متأخرة بعد تلقي الفريق هدف، و حتى نوعية التغييرات أصبحت محفوظة لدى الجمهور قبل المدراء الفنيين.
و مع غياب الليبرو عن الفريق للإصابة، لم يكن هناك تغيير في التكتيك للعب بدون ليبرو، بل بتوظيف شادي محمد في هذا المركز، و أصبحت الكرات البينية و العرضية تشكل خطورة كبيرة على مرمانا.
بدون تفنيد أكثر من الواقع المحسوس و الذي أصبح خطراً يستشعره الجمهور، أصبح البحث عن حلول هو الأسلوب العملي و العلمي للخروج من إنخفاض المستوى المباراة تلو الأخرى...و عدم أخذ خطوات تصحيحية الآن قد يؤدي لنهاية لا تحمد عواقبها.
قمنا بتجميع الطروحات المنطقية من طروحات الجماهير و مراسلاتهم على الموقع، لوضعها لعل أحدها يكون هو الطريق الأنسب.
إستخدام تشكيلات وخطط لا تعتمد على ليبرو
عندما حاول مانويل جوزيه تجربة أسلوب 4-4-2 في 2001 و فشل بشكل كبير كان هناك أسباباً منطقية لهذا، فالفريق كان يفتقد لظهير الجنب القوي سواء الأيمن الذي كان يشغله أبو المجد مصطفى و أشرف أمين، أو الأيسر الذي شغله أحمد أبو مسلم و محمد عمارة. و عند أول خسارة أمام غزل السويس 2-0 توقف جوزيه بعد مدة قصيرة عن اللعب بدون عمق دفاعي أو ليبرو.
و لكن الواقع تغير الآن فالأهلي أصبح يملك ظهراء جنب و أجنحة على مستوى دولي، ففي الجهة اليمنى يملك بركات و أحمد صديق و أحمد فتحي و أحمد علي و في اليسرى سيد معوض وجيلبرتو وعبد الحميد أحمد. و يملك أحمد حسن و حسين ياسر و الإثنان قادران على أداء دور الجوكر في أي جهة.
و يملك مدافعين أقوياء في مركز المساكين كوائل جمعة و شادي محمد، و الإثنان قد يمكنهما مع بعض التركيز اجادة طريقة 4-4-2 نظراً لما يملكانه من خبرة دولية.
بهذا يستطيع الأهلي إضافة تجديد على أسلوبه الملتزم بـ 3-4-3 و مشتقاتها و التي تم إستعمالها حتى لم يعد لديها شيء تقدمه. فأصبح من الواجب تقديم أسلوب جديد يعيد الدماء و الحماس للأهلي و جماهيره كـ4-4-2 أو 4-3-3.
و يبقى السؤال في أن الأهلي مع وجود ليبرو نال 16 هدفاً في الدوري بعد 20 مباراة، فكيف سيكون الحال بدون ليبرو؟ الجواب هو في إطار السؤال نفسه...فهل هناك أسوأ من أن يتلقى الأهلي 16 هدفاً مع ليبرو في 20 مباراة ؟ و ماذا سنخسر من تجربة أسلوب جديد لدينا كافة الإمكانات في تنفيذه ؟
و الأهلي قادر بدون شكل على إعطاء تشكيلات متغيرة مع الكوكبة من اللاعبين القادرين على شل فكر أي مدير فني من تعدد السيناريوهات التي يمكن وضعها في حال التخلص من "هم" الليبرو.
إعطاء مزيد من المساحة للإبداع و الجانب المهاري
إحترام جمهور الأهلي لجوزيه هو إحترام لم يتوفر لأي مدير فني، فجمهور الأهلي يعشقه بسبب تشابهه مع الجمهور في كل شيء، في حماستهم، و رغبتهم في الفوز و عشقهم المجنون للأهلي. و معروف عن جوزيه عدم تفضيله أي نجم عن الآخرن و أن يكون الميزان هو في تنفيذ أسلوبه و رغبته الفنية بحذافيرها.
و لكن يبقى هناك شيء مفتقد مؤخراً و هو ما كان يقوم به خالد بيبو و حسام غالي و إبراهيم سعيد و( أبو تريكة و بركات )- 2006 و هو الإبداع و إستغلال المهارات الفردية لتشكيل الفارق المطلوب عند تأزم الظروف. فعند الضغط المتواصل من الخصم، و الرقابة الدفاعية، يعول الفريق على اللاعب الفنان في أن يتخلص من رقابته و يخلق مساحات "من الهوا".
و كل فريق عالمي يمتلك لاعبين قادرين على تنفيذ هذا الشق...فبرشلونة يمتلك ميسي و مانشستر لديه رونالدو و الإنتر يملك مانشيني و إبرا و أتليتيكو يملك أجويرو و الميلان يملك كاكا و رونالدينهو...و حتى الفرق المحلية فالزمالك يملك شيكابالا و جمال حمزة، و الإسماعيلي يملك عبد الله السعيد و عمر جمال، و بتروجت كان يملك وليد سليمان و محمود عبد الحكيم.
و الأهلي يملك بركات و تريكة و حسين ياسر و العجيزي، و مع تفرغ تريكة و بركات لواجبات تكتيكية بحتة لم يتبقى لدى الأهلي سوى العجيزي و حسين ياسر، و هما قادران على خلق الفارق المهاري عند الحاجة و إضافة جانب السرعة ، و هو ما حدث أمام أديلايد و المصرية للإتصالات و بتروجيت في المباراتين.
و يتبقى القدرة على تطويع هذا اللاعب لخدمة فريقه و عدم الإستمتاع بتأدية مهارات فردية على حساب مصلحة الفريق ككل، كما حدث مع شيكابالا و جمال حمزة، و إنقلب بهم السحر على الساحر...فاللاعب الفنان يجب التعامل معه من منطلق أنه لاعب كغيره و له دور كغيره، لا أن يكون الفريق هو اللاعب .. وهي حالات فردية لم تحدث سوى مع لاعبين كمارادونا وبيليه.
و يتبقى الحل في أيدي جوزيه في حل المعادلة الصعبة من إستعمال إبداع المهارات الفردية لخدمة المصلحة العامة للفريق.
إيجاد لاعبين قادرين على إعطاء السرعة المفتقدة
أصبح البطء هو السمة الأساسية لخطوط الأهلي، فالدفاع يفتقد تماماً إلى السرعة، و عند مواجهة فريق يمتلك السرعة كباتشوكا أو الإسماعيلي أو النجم الساحلي و الصفاقسي، يعاني الفريق الأمرين من عدم القدرة على ملاحقة المهاجم المتحرك و خط الوسط السريع، و هو الدور الذي كان يقوم بحله شادي محمد في الأعوام الماضية و لم يعد متواجداً الآن.
و يأتي خط الوسط من أمامه و لا يتواجد سوى محمد بركات المتميز بالسرعة و معه حسين ياسر الذي قلما يشارك. و هو ما يجعل مراقبتهم و الضغط عليهم أسهل، خاصة مع غياب السرعة الهجومية التي كانت تتمثل بعماد متعب الذي كان دوره غير واضح سوى الآن مع إفتقاد السرعة الهجومية، و التي صعّبت من مهام الوسط في توزيع الكرة للأمام.
و أصبح الأهلي يفتقد إلى الحل السريع أمام اللاعب الذي يملك الكرة، و هو ما كان يفعله متعب، و الذي كان إسماً على مسمى، فتحركاته لا تتوقف بشكل عرضي مما يخلق زاوية تمرير للاعب الوسط في أي إتجاه، و يعطي الحرية لفلافيو في التحرك في الأمام. أو إعطاء المساحة للقادمين من الخلف للتقدم. و هو لم يعد متواجد بسبب بطء خط الهجوم في التمركز و العودة للإستلام.
و في النهاية، لم يكن هدفنا سوى نقل وجهة نظر الجماهير و التي كما بدأنا التقرير تعلم تماماً دورها، و تثق ثقة عمياء في جهازها الفني، و تحترم إنجازاته. و لكن يتبقى دور الجمهور في إعطاء إشارات التنبيه للفريق عند إستشعار خطأ يحدث و يتكرر، و مستوى ينخفض بشكل ملحوظ.
و نتمنى أن يكون الحل سريعاً و عملياً ، لتعود اللمسة الجميلة و الممتعة لأداء الأهلي، على أن تكون ممزوجة بالفوز الذي لا قيمة لأي أداء جميل بدونه.
GA_googleFillSlot("el-ahlyInternalBTFMid468x60");