وا شوقاه إليك يا حبيبي يا رسول الله

وا شوقاه إليك يا حبيبي يا رسول الله r



الحمد لله رب العالمين، ناصر عباده المؤمنين ولو بعد حين، ونشهد أن لا إله إلا الله الحق المبين، ونصلي ونسلم على رسول رب العالمين، وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد:

فقد امتن الله سبحانه وتعالى على الثقلين ببعثة نبينا محمدr فأخرج الناسَ من الظلمات إلى النور، ومن الضلال إلى الهدى، ، ومن الشقاء إلى السعادة، ومن الذلّ إلى العزّ ومن الظلم إلى العدل فأشرقت الأرض بنور رسالة ربها .

أحبتي في الله : إننا نردد في كل صلاة ، وفي أوقات شتى كلمات عظيمة , لا تحلو الحياةُ إلا بها ، ولا يَدخُلُ الجنةَ إلا أهلُها. ألا وهي شهادة أنَّ لا إله إلا الله و أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله، ، فمعنى لا إله إلا الله ، إثبات العبودية لله وحده أي لا معبود في السموات والأرض بحق إلا الله , , و أننا نقر ونعترف ونشهد بأننا نعبد الله وحده U، ونطيعه فيما أمر وننتهي عما نهانا عنه وزجر ، ونحكم شرعه ولا يكون الخضوع والانقياد, والحكم والعبادة إلا لله وحده و على نهج محمد عبد الله ورسوله الذي أرسله الله U إلينا بالهدى ودين الحق، ونلتزم بأن نرد كل أمور حياتنا إلى كتاب الله وسنه رسول اللهr, ،فنصدقه فيما أخبر ، ونطيع أوامره ،ونهجر ما نهانا عنه ،. وأنه خاتم النبيين وأن رسالته عامة لجميع الثقلين. حيث قال الله جل جلاله في حقه : { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) } ( النجم:4,3) .

فهل وعينا ما نقول ، وما هي انعكاسات ما نقول على واقعنا وعلى حياتنا وعلى عاداتنا وتقاليدنا ، إن اكبر مصائبنا هي أننا ما فهمنا ما نقول حق الفهم , وإذا فهمناه ؟ أبعدناه عن واقع حياتنا .

قال الله سبحانه وتعالى :{ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيما ً}(النساء:65) وقال تعالى :{ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } (الحشر: 7)

وأين نحن من الحبيب r، أين نحن من منهجه ومن فكره ومن دعوته هل طبقنا سننه وعملنا على نشرها بين الناس؟!

هل نتأدب بآدابه؟! هل نقتدي بهديه في كل أحوالنا ، فمحبة النبي r تستوجب الرجوع إلى سنته والعمل بصغيرها قبل كبيرها ، وكل سننه عظيمة r ، ألا تتذكرون كيف عجز المسلمون عن فتح مدينة لأنهم نسوا سنة السواك ، فكيف بنا نحن وقد ضيعنا ما ضيعناه من سنن رسول الله r ، وأصبح حبنا له عليه الصلاة والسلام بالكلام لا بالأفعال .

فكيف نغرس حب النبي r في قلوبنا وفي قلوب أبناءنا ، كيف نتدرب على تطبيق سنته عليه الصلاة والسلام ؟

أولا : علينا أن نتأسى جميعاً به عملاً بأوامره، واجتناباً لنواهيه، وتطبيقا لسنته ونذكر أنفسنا و أبناءنا وغيرنا دائماً وأبداً بسيرة النبي r وبصفاته وشمائله فهو أول من تنشق عنه الأرض ,وأول من يدخل الجنة, وله المقام المحمود, والحوض المورود واللواء المعقود ،وهو الذي سخَّر الله له مخلوقاته فعرفته وهابته ، فحنَّ الجذعُ بين يديه ، وبكى الجملُ شاكيًا إليه، وسبَّح الحصى بين أَناملهِ ، وسلّم عليهِ الحجرُ والشَّجرُ ، ونبع الماءُ من بين أَصابعه ، لا تحصَى فضائله، ولا تعدّ ، فقد اصطفاه الله U من بين الناس لتأدية الرسالة ، فكيف لا نصطفي محبته من بين كل حبيب قال سبحانه وتعالى { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّوْنَ اللهَ فَاتَّبِعُوْنِيْ يُحْبِبْكُمُ اللهُ ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم } آل عمران: ٣١

و عن عمر بن الخطابt: انه قال لرسول اللهr : (لأنت يا رسول الله أحب إليّ من كل شيء إلا من نفسي.

فقال النبي صلي الله عليه وسلم:والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال له عمر: فإنك الآن أحب إليّ من نفسي، فقال النبي صلي الله عليه وسلم: الآن يا عمر) رواه البخاري .

ثانيا : علينا أن نتذكر بأن الرسالة لم تأتنا على طبق من ذهب إنما عانى صاحبها أشد المعاناة ،. ضحى بكل ما يملك من أجل أن يصلنا هذا الدين ، فكم أوذي وطرد من أجلنا ؟ ألم يؤذيه قومه فكسروا رباعيته وشجوا رأسه وأدموا عقبيه ثم يعفوا ويصبر أليس هو الرحمة المهداة والنعمة المسداة حتى أوصل إلينا الرسالة كاملة كما أنزلها إليه رب العالمين .

ثالثا : علينا أن نقص على أبنائنا قصة معاذ ومعوذ أبنا عفراء : هذان الطفلان اللذان حملا سيفيهما ليقتلا أبا جهل في غزوة بدر لأنهما سمعا أنه يسب النبيr ولم يبرحا حتى قتلاه .

كما عليك أن تعلم أبناءك سنن وآداب النبي r من الاستيقاظ حتى النوم ، فمثلا : عندما تستخدم السواك علم أبناءك بأن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا أن السواك مطهرة للفم و مرضات للرب وهو يحافظ على سلامة الأسنان ، وعندما تتوضأ علم أبناءك بأن الوضوء ينظفنا من الأوساخ ، وكيف كان النبي r يهتم بصحتنا ، كما أنك عندما تزور جارك خذ أبناءك معك ، وإذا رأيت أذى بالطريق ارفعه ، وإذا رأيت محتاجاً ساعده ، وإذا وصلت باب جارك ، علمهم آداب الاستئذان والدخول والجلوس وغيرها من آداب الزيارة ، وأخبرهم بأن النبي r أوصانا بذلك عبوديةً لله عز وجل ، فإذا وجد أبناءك أن كل أفعالنا مقترنة بهدي النبيr لنا ، فعندها نغرس عظمته و حبه فى قلوبهم والمحافظة على سننه ، وان حبنا للرسولr مقرون بمدى طاعة أوامره واجتناب نواهيه ، والمحافظة على سننه

رابعا : نحب رسول الله لأنه مثلنا الأعلى في التقوى والعبادة، وفي المعاملات والمعاشرات والإدارة والقيادة و الأخلاق والصفات والدعوة إلى الله تعالى ، وفي كل شيء من أمور حياتنا . فكيف لا نحب من يُحِبُّنا، و من ادخر دعوته لأمته لكي يشفع لها يوم القيامة، يوم يقول كل نبي ورسول نفسي نفسي ، يأتي r تحت العرش، فيقع ساجداً لربه، ثم يفتح اللـه عليه من محامده وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحد قبله ، ثم يقال: يا محمد، ارفع رأسك، وسل تعط، واشفــع تُشفّــع فيرفع رأسه r، فيقول: ياربى أمتي، ونحن نشهد الله على شوقنا إليك يا حبيبي يا رسول الله r

و عن أبي هريرةt أن رسول الله r قال { وددت أنا قد رأينا إخواننا . قالوا : أولسنا إخوانك يا رسول الله قال : بل أنتم أصحابي ، وإخواني الذين لم يأتوا بعد . قالوا : كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله ؟ قال : أرأيت لو أن رجلاً له خيل غير محجلة بين ظهري خيل دُهمٍ بُهمٍ ألا يعرف خيله ؟ قالوا : بلى يا رسول الله . قال فإنهم يأتون غراً محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض ألا ليذادن رجالٌ عن حوضي ، كما يذاد البعير الضال ، أناديهم ألا هلم . فيقال إنهم قد بدلوا فأقول : سحقاً سحقاً } رواه مسلم

كما أننا نحذر من بدعة الاحتفال بذكرى ميلاد الرسول r حتى لا نكون ممن بدل بعده r، بل علينا أن نحيي سنته ونلتزم شريعته، وإتباع ما جاء به في كل شيء حتى تهيمن سننه على واقع حياتنا اليومية في كل وقت وحين . اللّهمّ إنّا نسألك حبَّك، وحبَّ العملِ الذي يقرّبنا إلى حبّك ، وحبَّ رسولك محمّد r ،. و ارزقنا شفاعته وارزقنا من حوضه الشريف شربة ماء لا نظمأ بعدها أبدا . اللهم آمين يا رب العالمين،