زائر زائر
| موضوع: ام ابراهيم الهاشميه..(" يا أمَّاه .. أبشري .. فقد قُبِلَ المَهعسل .. وَزُفَّتِ العروس ) الأربعاء 15 سبتمبر 2010, 5:39 pm | |
| [center]هي حكاية مشهورة رواها ابن النحّاس في كتابه مشارع الأشواق وحكاهاجماعة منهم أبو جعفر أحمد بن جعفر بن اللبان رحمه الله في كتابه المسمى "تنبيهذوي الأقدار على مسالك الأبرار" فقال: روي أنه كان في البصرة نساءٌ عابدات ،و كانت منهن أم إبراهيم الهاشمية ، فأغار العدو على ثغرٍ من ثغور المسلمين ، فانتد بالناس للجهاد ، فقام عبد الواحد بن زيد البصري في الناس خطيباً ، فحظّهم على الجهاد، و كانت أم إبراهيم هذه حاضرةً في مجلسه ، و تمادى عبد الواحد في كلامه ، ثم وصفحور العين و ذكر ما قيل فيهن ، و أنشد في وصف حوراء :
غادة ذات دلالٍ ومــرح *** يجد الناعت فيها ما اقترحْ خُلِقَت من كل شيء حسـنٍ *** طيّبٍ ،فاللَّيت فيها مطَّرحْ زانها الله بوجهٍ جمعـــت *** فيه أوصافٌ غريباتُالُملَح ْ و بعينٍ كحلها من غنجها *** و بخدٍ مسكه فيه رَشَحْ ناعمٌ تجري علىصفحتــه *** نضرةُ المُلك و لألاءُ الفرحْ
فماج الناس بعضهم في بعض ، واضطرب المجلس ، فوثبت أم إبراهيم من وسط الناس ، وقالت لعبد الواحد : " يا أبا عبيد، ألست تعرف ولدي إبراهيم ، و رؤساء أهل البصرة يخطبونه على بناتهم ، و أنا أضن بهعليهم ، فقد و الله أعجبتني هذه الجارية ، و أنا أرضاها عروسا لولدي ، فكرر ما ذكرتمن حسنها و جمالها "..
فأخذ عبد الواحد في وصف الحوراء ، ثم أنشد :
تولًّد نورُ النور من نور وجههــــا *** فمازج طيب الطّيبِ من خالصالعطرِ فلو وطئت بالنعل منها على الحصى *** لأعشبت الأقطار من غير ماقَطْرِ و لو شئتَ عَقْدُ الخِصْرِ منها عقدتُـه *** كغصنٍ من الريحان ذي ورقٍخضرِ و لو تفلتْ في البحر شهدَ رضابَهـا *** لطاب لأهل البَّر شربٌ منالبحرِ
فاضطرب الناس أكثر ، فوثبت أم إبراهيم ، و قالت لعبد الواحد : " ياأبا عبيد ، قد و الله أعجبتني هذه الجارية و أنا أرضاها عروساً لولدي ، فهل لك أنتزوّجه منها ، و تأخذ مني مهرها عشرة آلاف دينار ، و يخرج معك في هذه الغزوة ، فلعلالله يرزقه الشهادة ، فيكون شفيعا لي و لأبيه يوم القيامة ؟ " ..
فقال لهاعبد الواحد : " لئن فعلتِ ، لتفوزنّ أنتِ و ولدكِ و أبو ولدكِ فوزاً عظيماً " . فنادت ولدها : " يا إبراهيم " ، فوثب من وسط الناس ، و قال لها : " لبيك يا أماه " ، قالت : " أي بني ، أرضيتَ بهذه الجارية زوجةً لك ، ببذل مهجتكَ في سبيل الله ، وتركِ العود من الذنوب ؟ "
فقال الفتى : " إي و الله يا أماه .. رضيتُ أي رضى " ، فقالت : " اللهم إني أشهدك أني زوجت ولدي بهذه الجارية ، ببذل مهجته في سبيلكَ، و تركِ العود في الذنوب ، فتقبله مني يا أرحم الراحمين " .
ثم انصرفتْ ،فجاءت بعشرةِ آلافِ دينار ، و قالت : " يا أبا عبيد ، هذا مهر الجارية تجهّزْ به وجهّزِ الغزاةَ في سبيل الله " ، و انصرفتْ فاشترتْ لولدها فرساً جيداً و استجادتْله سلاحاً ، فلما خرج إبراهيم يعدو و القراء حوله يقرءون : " إِنَّ الله اشتَرَىمِنَ الُمؤمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ بَأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ " ،فلما أرادت أم إبراهيم فراقَ ولدِها ، دفعتْ إليه كفناً و حنوطاً ، و قالت له : أيبني ، إذا أردت لقاءَ العدو فتكفّنْ بهذا الكَفَن ، و تحنًّطً بهذا الحنوط ، و إياكأن يراك الله مقصراً في سبيله ، ثم ضمَّتْه إلى صدرها و قبَّلَتْ ما بين عينيه وقالت : يا بني ، لا جمع الله بيني و بينك إلا بين يديه في عسلاتِ يوم القيامة !!
قال عبد الواحد : فلما بلغنا بلاد العدو ، و برز الناس للقتال ، برزإبراهيمُ في المقدمة فقتل من العدوِّ خلقاً كثيراً ، ثم اجتمعوا عليه فقتلوه ..
فلما أردنا الرجوعَ إلى البصرة ، قلت لأصحابي : " لا تخبروا أم إبراهيمبخبر ولدها حتى ألقاها بحسن العزاء ، لئلا تجزعْ فيذهب أجرها "..
قال فلماوصلنا البصرة خرج الناس يتلقوننا ، و خرجت أم إبراهيم فيمن خرج ، فلما أبصرتْنيقالت : " يا أبا عبيد ، هل قُبِلَتْ مني هديتي فَأُهَنَّأ ، أم رُدَّتْ عَلَيَّفَأُعَزَّى ؟" .. فقلتُ لها : " قد قُبِلَتْ و الله هديتكِ ، إن إبراهيم حي معالشهداء - إن شاء الله - " ، فخرَّتْ ساجدةً لله شكراً ، و قالت : " الحمد لله الذيلم يخيِّب ظني ، وتَقَبَّلَ نُسُكي مِنِّي " .. و انصرفت ..
فلما كان منالغد أتت المسجد ، فقالت : " السلام عليكَ يا أبا عبيد ، بُشراكَ..بُشراكَ "، فقال : " لا زلتِ مبشِّرَةً بخير " ، فقالت : " رأيتُ البارحةَ ولدي إبراهيم في روضةٍحسناءَ ، و عليه جبةٌ خضراءَ ، و هو على سريرٍ من لؤلؤٍ ، و على رأسه إكليلٌ ، و هويقول لي :
" يا أمَّاه .. أبشري .. فقد قُبِلَ المَهعسل .. وَزُفَّتِ العروس " .. [/center] |
|