يقول الله تعالى :
(قلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) [الزمر : 10]
مهما حاول العقل البشرى ان يتصور قد الوفاء من الله بغير حساب فلن يستطيع ان يصل إلى منتهاه .. إذ كيف يصل العقل إلى ما لا طاقة له به وما لا يخطر على قلب بشر .. (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)
فمنتهى النعيم كله الذى فى الدنيا منذ بدء الخليقة حتى أن يرث الله الأرض ومن عليها بكنوزها وذهبها وجبالها وترابها وماءها وشرابها وأكلها ومساكنها وهوائها وطبيعتها .. لا يساوى ذرة رمل فى صحراء الوفاء بغير حساب ..
أبشر أيها الصابر ..
أبشر أيها الصابر .. فإن لكل أجير أجره .. إلا الصابر فأجره بدون حساب وبدون اى تكليف منه .. يكفى أنه صبر .. والمؤمن الصابر يرى المحنة منحة والمصيبة عطاء والالم دواء والبلية هدية ..
وأى هدية أعظم من البلية ؟؟
إنما يبتلى الله عز وجل عبده لأمور .. إما ان يكون العبد بعيدا فيقربه الله منه ويذكره بأن له رب يلجأ له فى الشدة ويشكره فى الرخاء .. وإما يبتلى عبده المؤمن ليزداد فى الطاعة .. فابتلاء العبد على قدر دينه .. فهل هناك هدية او عطية أعظم من هذه العطية ؟؟ وهل هناك شرف أغلى من الصبر على المصيبة ؟؟ وهل هناك دموع أصدق من دمع المصاب ؟؟ وهل هناك دعوة أسرع من دعاء المضطر المنكوب ؟؟ حقا .. إن الله يَبتَـلِى ليُدعَى فإذا دُعِىَ أجاب ..
ولو تذكر المصاب قدر مصيبته فى رسول الله لهانت عليه كل مصيبة .. ولهانت عليه الدنيا كلها .. فأى مصيبة أعظم من موت رسول الله عز وجل ..؟!
أبشر أيها الصابر على مصيبتك .. فأجرك عند الله لا يوفيه أحد إلا هو .. فهو أعظم من كل الطاعات .. وإن صبرك على الطاعة عظيم وصبرك عن المعصية أعظم .. وصبرك على المصيبة أجل وأعظم .. فالجأ إلى الله بدعواتك ودموعك ولا تقل إلا ما يرضى ربك .. إنا لله وإنا إليه راجعون ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه)
.
.