أنا مصري.. ضد الوحدة الوطنية

بقلم: محمد عبد العاطي

"معاً للقضاء على الوحدة الوطنية"، سبق وأن تعجب كثيرين من دعوتي تلك التي أطلقها دوماً عندما تتاح لي فرصة الحديث مع البعض من العقلاء، والبعض الأخر يتسرع بمهاجمتي دون أن يقف للحظات ليمرر كلماتي على ذلك الجهاز الموجود بأعلى رأسه والمسمى بالمخ هذا إن كان يملك واحدا ليستخدمه في التفكير.

إن ما أقصده هنا مصطلح وكلمة "الوحدة الوطنية"، فإن الوحدة أو الاتحاد أو حتى المزج والدمج يكون بين الأشياء المختلفة شديدة التباين والاختلاف، فعندما يدعوا أحدهم إلى الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين فإنه يؤكد بمعنى ضمني على وجود فرقة وخلاف، ويعمل على تعميقه، فلا عجب بعدها أن يصف صديق لي نفسه بأنه أقلية في وطنه لأنه مسيحي، وأن المسلمين والمسحيين في حاجة إلى أرضية مشتركة حتى تحدث الوحدة الوطنية المزعومة التي يتشدق بها السياسيين وبعض من الإعلامين من أجل المتاجرة بأزمة نجحوا في صناعتها، تسمى الفتنة الطائفية.

فهل سقط من وعينا وذاكرتنا -الموجودة بالجهاز إياه السابق ذكره والمسمى بالمخ- أننا في النهاية بشر ومصريين نتشارك نفس المصير؟!!

ولعل أكثر ما أثار غيظي من ردود أفعال على حادثة تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية أن أغلب الشباب المستنيرين والمتفتحين اعتبر أن هذا الحادث الإرهابي هو عمل طائفي، وسارعوا للتعبير عن رفضه بتغير صورهم الشخصية في المواقع الاجتماعية مثل الفيس بوك إلى صور تحمل الهلال مع الصليب، فعلى الرغم من أنه تصرف يتسم بالإيجابية والمسئولية تجاه المجتمع إلا أنه في النهاية يكرس إلى أن الحادث هو حادث طائفي يقصد بالمسيحيين في مصر.

ورغم أن هذا الحادث المريع قد استهدف كل المصرين فكان من الأولى أن نرفع الأعلام المصرية كدليل أقوى على أنه لا مجال للفرقة، أو للحديث عن تلك الوحدة أو التضامن، فلا يعقل أن أعلن تضامني مع نفسي.

ومن جانب أخر نسد الباب أم الأصوات الخبيثة التي تلوح بأن المسيحيين أقلية مضطهدة، على الرغم من أننا جميعا تظلنا نفس السحابة السوداء، ونأكل من نفس المحاصيل المسرطنة، ونشرب نفس المياه الغير صالحة للاستخدام الأدمي، ونستنشق وتتشبع أجسدنا من نفس الهواء الملوث بالرصاص وأول أكسيد الكربون القاتل، ولذلك فإنني أجد أن مصطلح الوحدة الوطنية والدعوة للتوحد دعاوى غير منطقية، تعمل على تأكيد وزرع روح الخلاف والاختلاف فيما بيننا كمصرين، فنحن واحد والمصاب واحد.. وبالحث عن الفرقة والتعصب والتحزب والعنصرية لن تخدم إلا المستفيدين من أصحاب الأمراض النفسية.