أبوأنس عماري نشيط
عدد الرسائل : 274 العمر : 64 المكان : مصر الحالة : على باب الله الهواية : لعب الكرة تاريخ التسجيل : 18/07/2010 التـقــييــم : 1
| موضوع: كيف نتأدب مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - الأحد 20 مارس 2011, 3:57 pm | |
| الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
إن الأدب هو الدين كله، وأن الملتزم بهذا الدين العظيم هو المؤدب على الحقيقة.
والأدب مع الله -تعالى-، هو الأصل لما وراءه من أدب مع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأدب مع الخلْق، لأن الله - سبحانه وتعالى -- هو الآمر به - عز وجل -.
ومما أمرنا الله -تعالى- به: الأدب مع رسوله ومصطفاه وخليله محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولكي يكون المسلم مؤدباً مع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فلابد من:
1- تحقيق الاعتقاد الصحيح فيه.
2- تحقيق المحبة الصادقة له.
3- تحقيق الاتباع الصحيح له.
هذا يشمله العبارة الجميلة التي يتناولها العلماء، ويتواصلون بها مع طلابهم: "تصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، والانتهاء عما عنه نهى وزجر، وعبادة الله بما شرع وأمر".
أولاً: تحقيق الاعتقاد الصحيح فيه - صلى الله عليه وسلم - لقد رفع الله ذكر نبينا - صلى الله عليه وسلم -، فلا تقبل شهادة أن لا إله إلا الله إلا بشهادة أن محمداً رسول الله.
قال مجاهد - رحمه الله - في قوله -تعالى-: (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ): لا أُذكر إلا ذكِرتَ معي، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله)) رواه مسلم.
قال النووي - رحمه الله -: "اتفق أهل السنة من المحدثين والفقهاء والمتكلمين على أن المؤمن الذي يُحكم بأنه من أهل القبلة ولا يخلد في النار لا يكون إلا من اعتقد بقلبه دين الإسلام اعتقاداً جازماً خالياً من الشكوك، ونطق بالشهادتين، فإن اقتصر على إحداهما لم يكن من أهل القبلة أصلاً إلا إذا عجز عن النطق لخلل في لسانه، أو لعدم التمكن منه لمعاجلة المنية أو لغير ذلك فإنه يكون مؤمناً" ا. هـ شرح مسلم1/ 149.
- ومن رفع الله ذكر نبينا - صلى الله عليه وسلم -: أن الله -تعالى- أخذ العهد والميثاق على النبيين لئن بُعث محمد - صلى الله عليه وسلم - وأحد منهم حي ليؤمنن به ولينصرنه كما قال ابن عباس -رضي الله عنهم- في قول الله -تعالى-: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ)(آل عمران: 81).
وثبت أن عمر -رضي الله عنه- قال: يا رسول الله، إني أمرت بأخ يهودي من قريظة، فكتب لي جوامع من التوراة، ألا أعرضها عليك؟ فتغير وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: ((والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى - عليه السلام - ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم، إنكم حظي من الأمم، وأنا حظكم من النبيين)) رواه أحمد. انظر صحيح الجامع 5308.
فالرسول محمد خاتم الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليه- دائماً إلى يوم الدين، وهو الإمام الأعظم الذي لو وُجد في أي عصر وُجد لكان هو الواجب الطاعة، المُقدَّم على الأنبياء كلهم، ولهذا كان إمامهم ليلة الإسراء لما اجتمعوا ببيت المقدس، وكذلك هو الشفيع في المحشر في إتيان الرب -جل جلاله- لفصل القضاء بين عباده، وهو المقام المحمود الذي لا يليق إلا له، والذي يحيد عنه أولوا العزم من الأنبياء والمرسلين، حتى تنتهي النبوة إليه، فيكون هو المخصوص به -صلوات الله وسلامه عليه-. " أ. هـ من التفسير 2/378.
ومن رفع ذكر نبينا - صلى الله عليه وسلم -: أن جعله الله خاتم النبيين ورسولاً للعالمين مبشراً ونذيراً، قال الله -تعالى-: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) (الأحزاب: 40)، وقال -تعالى-: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) (الأنعام: 19)، وقال -تعالى-: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء: 107).
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبُعثت إلى الناس عامة)) رواه البخاري ومسلم.
وأخبر - صلى الله عليه وسلم - أنه سيكون كذابون يدَّعون النبوة، فكان منهم القادياني وميرزا الملقب ببهاء الله، وأتباعه يعرفون بالبهائية الذي يؤمنون بنبوته، وأنه نسخ له بعض شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهؤلاء كفار مرتدون تقام عليهم الحجة بالآية، وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين، لا نبي بعدي)) رواه مسلم.
فإن أصرَّ فهو كافر مرتد يستتاب فإن تاب وإلا قتل؛ لأنه مكذّب لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، فيجب علينا أن نؤمن بكل ما سبق، وأن نصدقه - صلى الله عليه وسلم - في كل ما أخبر عن ربه -تعالى-، وما أعلمه الله إياه من أنباء ما قد سبق وما كان وما سيكون.
ويجب الانتباه أيضاً إلى المسألة المهمة التي التبست على كثير من المسلمين بسبب دعاة الباطل وعلماء السوء، وهي مسألة إيمان اليهود والنصارى، وهل معنى أنهم أهل كتاب أنهم موحدون وناجون يوم القيامة، وأنهم أهل دين صحيح من دين الله كالإسلام تماماً، وأنه يسوغ لهم ما يعتقدونه من الاعتقادات الباطلة في الله وفي رسوله - صلى الله عليه وسلم - إلى أخر هذه المسائل التي صارت شبهات عند كثير من المسلمين.
اعلم -أخي الكريم- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل إلى العالمين الجن والإنس أهل الكتاب وغيرهم، وأن من لم يؤمن به - صلى الله عليه وسلم - منهم فهو كافر، وإن مات على ذلك فهو عدو لله -تعالى-، ومن أهل النار خالداً فيها.
قال الله -تعالى-: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(المائدة: 15-16).
قال ابن جرير - رحمه الله -: "قد جاءكم يا أهل التوراة والإنجيل من الله نور، يعني بالنور: محمد - صلى الله عليه وسلم -، والذي أنار الله به الحق، وأظهر به الإسلام، ومحق به الشرك، فهو نور لمن استنار به، يبين الحق..." أ.هـ من تفسيره 4/2792.
وقال الله -تعالى-: (وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ)(البقرة: 101).
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار)) رواه مسلم.
وفي حديث بعـْث النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذاً -رضي الله عنه- إلى اليمن قال له - صلى الله عليه وسلم -: ((إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة...)) رواه مسلم.
واعلم أن إيمان اليهود أنه من تمسك بالتوراة وسنة موسى - عليه السلام - وشريعته كان مؤمناً مقبولاً، حتى جاء عيسى، فكان الواجب اتباعه، وكان من أبى اتباعه مخذولاً مردوداً، حتى جاء النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - فوجب اتباعه، وكان من لم يتبعه كافراً على الحقيقة بموسى وعيسى - عليهما السلام -.
ولا ينافي هذا ما ورد عن ابن عباس: قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة: 62)، فأنزل الله بعد ذلك: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران: 85).
فإن هذا الذي قاله ابن عباس إخبار عن أنه لا يقبل من أحد طريقة ولا عملاً إلا ما كان موافقاً لشريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - بعد أن بعثه به، فأما قبل ذلك، فكل من اتبع الرسول في زمانه فهو على هدى وسبيل نجاة.
فاليهود أتباع موسى - عليه السلام - كانوا يتحاكمون إلى التوراة في زمانهم، فلما بعث عيسى - عليه السلام - وجب على بني إسرائيل اتباعه والانقياد له، فأصحابه وأهل دينه هم النصارى، فلما بعث الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - خاتماً للنبيين ورسولاً إلى بني آدم على الإطلاق وجب عليهم تصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، والانكفاف عما عنه زجر، وهؤلاء هم المؤمنون حقاً، وسميت أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - مؤمنين لكثرة إيمانهم، وشدة إيقانهم، ولأنهم يؤمنون بجميع الأنبياء الماضية والغيوب الآتية" أ. هـ من كلام بابن كثير في تفسيره 1/103، وهو تحقيق نفيس جداً، فجزاه الله خيراً، ورحمه رحمة واسعة.
ويجب أن تَضُمَّ إلى ذلك أيضاً أن شريعته - صلى الله عليه وسلم - خاتمة الشرائع السابقة، وأنها ناسخة لها، قال الله -تعالى-: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ) (المائدة: 48).
قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: (لما ذكر -تعالى- التوراة التي أنزلها على موسى كليمه ومدحها، وأثنى عليها، وأمر باتباعها حيث كانت سائغة الاتباع، وذكر الإنجيل ومدحه، وأمر أهله بإقامته واتباع ما فيه كما تقدم بيانه، شرع في ذكر القرآن العظيم الذي أنزله على عبده ورسوله الكريم، فقال -تعالى-: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ) أي: بالصدق الذي لا ريب فيه أنه من عند الله -تعالى-.
(مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ) أي: الكتب المتقدمة المتضمنة ذكره ومدحه، وأنه سينزل من عند الله على عبده ورسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - فكان نزوله كما أخبرت به.
(وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) أي: أمين على الكتب السابقة، فما وافقه منها فهو حق، وما خالفه منها فو باطل، قال ابن عباس، وعنه: شهيداً، وعنه: حاكماً.
ولا منافاة؛ فهو أعظم هذه الكتب وأشملها وخاتمها حيث جمع الله فيه محاسن ما قبله، وزاده من الكمالات ما ليس في غيره، فلهذا جعله شاهداً وأميناً وحاكماً عليها كلها، وتكفل الله -تعالى- حفظه بنفسه الكريمة حيث قال: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر: 9) أ. هـ التفسير 2/67.
أخي الكريم:
نجاتنا في الآخرة، وسعادتنا في هذه الدنيا في هذه العقيدة، فهي الحصن الحصين لنا، فعُض عليها النواجذ، وأَنِرْ بها قلبك، وادع بها، وسل الله الثبات عليها إلى الممات.
والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل.عصام حسانين المصدر موقع الرحمة المهداة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] | |
|