بقلم: أحمد محمد بلا شكَّ فإنَّ إسرائيل قلقةٌ! وهذا القلق له ما يَستوجبه؛ فعندما يخرج وزير خارجيَّة أكبر دولةٍ عربيَّةٍ، وأوَّل دولةٍ عربيَّةٍ وقَّعَتْ على اتِّفاقيَّة سلامٍ رسميَّةٍ مع إسرائيل لكي يقول ويتَّخِذ مواقفَ تُعتبر بمثابة انقلابٍ عميقٍ
على سياساتٍ رسميَّةٍ ظلَّت بمثابة ثوابت إقليميَّةٍ راسخةٍ لعقودٍ طويلةٍ، بشكلٍِ يمسُّ صميم العلاقات المصريَّة- الإسرائيليَّة؛ فإنَّه مِن حقِّ كلِّ مستويات صناعة القرار السِّياسيِّ والأمنيِّ في إسرائيل أنْ تشعر بالقلق.
وفي حقيقة الأمر؛ فإنَّ القلق الإسرائيليَّ له ما يستوجبه، وقد بدأ مُبكِّرًا عن حتى تولِّي الدُّكتور نبيل العربي، منصب وزير الخارجيَّة في حكومة الدُّكتور عصام شرف الحالية، بدأ عندما خرجت الجماهير المصريَّة عن بكرة أبيها تطالب بإسقاط نظامٍ كان بمثابة "كنزٍ استراتيجيٍّ" بالنسبة لإسرائيل، والتَّعبير هنا ليس لنا؛ وإنَّما خرج من وزير الحرب الإسرائيليِّ الأسبق، بنيامين بن إليعازر، الذي تولَّى رئاسة حزب العمل، أطول الأحزاب الإسرائيليَّة عُمرًا في حُكم دولة الكيان الصُّهيونيِّ.
إسرائيل لديها عند مصر الكثير مِن المُستهدفات، على رأسها تكريس وضعيَّة إسرائيل سياسيًّا واقتصاديًّا في المنطقة، من خلال علاقاتٍ سياسيَّةٍ قويَّةٍ، وكذلك من خلال التطبيع في المجالات المختلفة، وخصوصًا الاستراتيجيَّة منها، وضمان أمنها من خلال تعاونٍ أمنيٍّ وثيقٍ وصل إلى درجة التَّنسيق، مع مُشاركة مصر في تعقُّب عناصر الجماعات والحركات الإسلاميَّة التي قد تستهدف إسرائيل، وتأمين حدود الكيان الشَّرقيَّة، مع التَّضييق على حركة حماس، لدرجة وصلت إلى حدِّ مُشاركة مصر في الحصار الجويِّ والبرِّيِّ على قطاع غزة، كما اعترف العربيُّ نفسه خلال لقائه الأخير مع الوفد التُّركيِّ الذي زار مصر.
والأمور أعقد من ذلك، ويدخل فيها دور مصر في مُحاصرة الدَّور الإيرانيِّ في المنطقة، سياسيًّا ومُخابراتيًّا، وحصار سوريا سياسيًّا ضمن ما يُعرف بمحور الاعتدال العربيِّ، المكوَّن أو الذي كان مُكوَّنًا مِن مصر والأردن والسَّعوديَّة، ومِن ثَمَّ؛ فإنَّ أيَّ تعديلٍ في هذه الحالة التي كانت تضمن لإسرائيل، والولايات المتحدة بطبيعة الحال، تحقيق كلِّ ذلك، هو بمثابة خسارةٍ فادحةٍ للكيان الصُّهيونيِّ.
تأملاتٌ في سياساتٍ انقلابيَّةٍ!
"جرائم" العربي بالنِّسبة لإسرائيل لا تتوقَّف عند حدود سلوكيَّاته وتصريحاته فيما يخص موضوع الحصار الجائر المفروض غزَّة كُلِّيًّا منذ يوليو من العام 2007م، ومن قبل جُزئيًّا منذ يونيو 2006م، أو عند حدود حديث الخارجيَّة المصريَّة عن طلب مصر تعديل أسعار تصدير الغاز المصريِّ لإسرائيل إلى أسعارٍ أكثر عدالةٍ؛ حيث تتجاوز الهواجس أو عوامل الإسرائيليَّة ذلك من تلك الجزئيَّات إلى أمورٍ أكثر استراتيجيَّةٍ تتعلَّق بشأنَيْن رئيسيَّيْن، الأوَّل منها هو ذلك الخاص بالإطار الاستراتيجيِّ الخاص بالعلاقات المصريَّة- الإسرائيليَّة، وسياسات مصر الخارجيَّة تجاه إسرائيل وتجاه الإقليم بشكلٍ عامٍّ.
أمَّا الشَّأن الثَّاني فهو ذلك المُتعلِّق بقلق إسرائيل من "الفوائد" الاستراتيجيَّة التي سوف تعود على مصر مِن التَّغيير الأخير الذي طرأ على البنية السِّياسيَّة، والذي سوف يكون له أبلغ الأثر بكلِّ تأكيدٍ على الحالة العامَّة لمصر، نحو المزيد مِن النَّهضة والرُّقي، مهما بدت الأحوال الاقتصاديَّة والأمنيَّة متدهورةً في الوقت الرَّاهن؛ حيث إنَّهم من خلال خبرائهم في السِّياسة والاقتصاد، ومن خلال العديد مِن الخِبرات التَّاريخيَّة؛ فإنَّ هذه الحالة المُتردِّية التي تعيشها مصر؛ إنَّما هي حالةٌ مؤقَّتةٌ، سرعان ما تبدأ بعدها انطلاقةٌ حضاريَّةٌ شاملةٌ في مُختلف المجالات، وأيَّة زيادةٍ في قوَّة مصر؛ إنَّما هي انتقاصٌ من رصيد إسرائيل الاستراتيجيِّ، وهذا مبدأٌ معروفٌ في السياسة الإقليميَّة.
ويُمكن رسم معالم الانقلابات التي أدخلها العربي على السياسة الخارجيَّة المصريَّة في العديد من الأُطُر؛ فهو بدأ أوَّلاً بمحاولة إصلاح العلاقات المصريَّة في مِحورَيْن رئيسيَّيْن؛ الأوَّل هو المحور الإسلاميِّ، مع إيران وتركيا تحديدًا، والثَّاني هو العلاقات مع العمق الإفريقيِّ لمصر، مع السودان ودول حوض النِّيل، وهو ما قاد الكونغو الدِّيمُقراطيَّة والسُّودان وجنوب السُّودان إلى منح مصر مزايا دبلوماسيَّةٍ وسياسيَّةٍ في ملفِّ مياه النِّيل في مواجهة "الجهود" الإثيوبيَّة- الأوغنديَّة مع كينيا لتطويق مصر من الجنوب بإيعازٍ إسرائيليٍّ بطبيعة الحال، فالكونغو- مثلاً- أعلنَتْ أنَّها لن تنضمَّ إلى اتِّفاقيَّة عنتيبي البديلة لاتِّفاقيَّة تقاسُم مياه النِّيل المُوقَّعة عام 1929م.
كما اتَّفَقَتْ القاهرة والخرطوم خلال زيارة وزير الدَّولة للشئون الخارجيَّة السُّودانيِّ كمال حسن للقاهرة مُؤخَّرًا، على زيادة مستوى التَّنسيق المشترك بين البلدَيْن فيما يتعلَّق الحوار مع دول حوض النِّيل فيما يتعلق بملف مياه النِّيل.
سلوك العربيِّ في هذا المجال، ومِن ورائه في حقيقة الأمر الدُّكتور عصام شرف الذي تبنَّى أكثر من مبادرةٍ في هذه الاتِّجاهات، من بينه زيارته الأخيرة للسُّودان، شماله وجنوبه، مِن شأنه مُحاصرة إسرائيل في المحورَيْن؛ الإسلاميِّ والإفريقيِّ، وفي المحور الإسلاميِّ تبدو المخاطر أكبر لإسرائيل؛ حيث هي أساسًا خسرت تركيا بعد جريمتَيْ غزَّة 2008/2009م، وأسطول الحُرِّيَّة مايو 2010م، كما إنَّه ليس من المطلوب أبدًا تحسُّن العلاقات بين إيران ومصر؛ باعتبار أنَّ ذلك مِن شأنه رفع الكثير من القيود على السِّياسة الإيرانيَّة في المنطقة.
ففي أواخر مارس الماضي، قال العربي: إنَّ مصر ترغب في استئناف العلاقة مع إيران، باعتبارها "ليست دولةً مُعاديةً لمصر"، وإنَّ مصر لا تُمانع في إجراء أيِّ اتِّصالٍ مع حزب الله في لبنان، بشرط ألا يكون ذلك، مؤديًا إلى تدخُّلٍ مِن أيِّ نوعٍ في الشَّأن اللبنانيِّ الدَّاخليِّ، وهو ما قابلته إيران بدعوة العربي إلى زيارة طهران وإعراب وزير خارجيتها علي أكبر صالحي عن رغبته في زيارة القاهرة، كما عاد العربي قبل أيَّامٍ إلى التَّأكيد على تلك الرغبة المصريَّة في "فتح صفحةٍ جديدةٍ مع دول العالم كافَّةٍ، بما فيها إيران"، وهو ما وصفته أوساطٌ إعلاميَّةٌ مصريَّةٌ وعربيَّةٌ بأنَّها ثورةٌ في السِّياسة الخارجيَّة المصريَّة.
كذلك بدأ العربي في استعادة الأزهر الشَّريف في السِّياسة الخارجيَّة المصريَّة، وهو ما من شأنه استعادة المحور أو البُعد الإسلاميِّ في سياسة مصر الخارجيَّة؛ حيث زار مشيخة الأزهر، وبحث مع الإمام الأكبر الدُّكتور أحمد الطيب، شيخ الجامع الأزهر، الدَّور العالميَّ للأزهر الشَّريف في نشر صحيح الدِّين الاسلاميِّ فى العالم، وكذلك دور الرابطة العالميَّة لخرِّيجي الأزهر فى هذا المجال، وتسهيل دَور علماء الأزهر في الخارج.
ومن المعروف أنَّ السِّياسة الخارجيَّة المصريَّة لها ثلاثة محاور أو دوائر أساسيَّةٍ؛ الأولى هي الدَّائرة العربيَّة والدائرة الإسلاميَّة والدائرة الإفريقيَّة، وهو ما نشطت فيه مصر بشكلٍ كبيرٍ في الأسابيع الماضية، وهو يضرُّ إسرائيل في أمرَيْن؛ الأوَّل هو استعادة مصر لمكانتها، والثَّاني التَّضييق على إسرائيل في هذه الدَّوائر، خصوصًا على المستوى الإسلاميِّ.
ملف غزَّة
بطبيعة الحال، يُعتَبَر ملف قطاع غزَّة أحد الملفَّات الأساسيَّة التي تهم إسرائيل في هذا المُقام، ليس على المستوى السِّياسيِّ فحسب؛ بل على المستوى الأمنيِّ أيضًا.
فالعربي أعلن أنَّ مصر بصدد اتِّخاذ مواقف وقرارات لتخفيف الحصار على قطاع غزَّة، وبالفعل التقى العربي روبرت سيري، مُنسِّق الأمم المتحدة الخاص لعمليَّة السَّلام، قبل أيَّامٍ، وأشار إلى ضرورة تسهيل الحياة المعيشيَّة لسُكَّان قطاع غزَّة، وتوفير كافة احتياجاتهم، مع تحميل "إسرائيل" مسئوليَّاتها القانونيَّة تجاه القطاع وفقًا لأحكام القانون الدَّوليِّ العامِّ والإنسانيٍّ.
كما أنَّه أدان العدوان الدَّمويّ الإسرائيليّ الأخير على قطاع غزَّة، وهو ما لم يكُن سلفه السَّابق أحمد أبو الغيط قادرًا عليه، أو حاوله، حتى في عزِّ الحرب الإسرائيليَّة الهمجيَّة على غزَّة في شتاء العام 2008/2009م.
ولقد خطا العربيُّ خطواتٍ أوسع في مجال السِّياسة الخارجيَّة المصريَّة إزاء القضيَّة الفلسطينيَّة، فخلال استقباله لوفدٍ فلسطينيٍّ برئاسة رئيس منتدى فلسطين، مُنيب المصري، في لقاءٍ حضره وزير الخارجيَّة التُّركيُّ، أحمد داوود أوغلو، أكَّد العربي على أنَّ السِّياسة الخارجيَّة المصريَّة فلسطينيًّا تستهدف تحقيق هدفَيْن رئيسيَّيْن؛ الأول إنهاء الانقسام الفلسطينيِّ، والثَّاني إنهاء الاحتلال الإسرائيليِّ، وإعلان قيام الدَّولة الفلسطينيَّة المُستقلَّة.
الموقف الإسرائيليُّ
الموقف الإسرائيليُّ يبدو للآن غير متأكِّدٍ من شيءٍ، بجانب القلق بطبيعة الحال، فمصر في مرحلةٍ انتقاليَّةٍ، ومواقف العربي في النِّهاية هي مواقف حكومة تسيير أعمالٍ مِن غير المعروف مصيرها في مرحلة ما بعد الانتخابات التَّشريعيَّة المقبلة، وليس فقط ما بعد المرحلة الانتقاليَّة الحالية في مصر، ولا يمكن التَّنبُّؤ بما إذا كانت هذه المواقف والخطوات سوف تتحوَّل لكي تصبح سياسةً رسميَّةً لمصر.
ويعضِّد من هذا الاحتمال وفق الرُّؤية الإسرائيليَّة، وهي رؤيةٌ مقبولةٌ تحليليًّا في واقع الأمر؛ أنَّ إسرائيل وغزَّة والقضيَّة الفلسطينيَّة كانت أحد محكَّات الغضب الشَّعبيِّ مِن النِّظام المصريِّ المخلوع، وأنَّ الحكومة المصريَّة الحالية، ضمن محاولاتها امتصاص هذا الغضب، وتهدئة الأوضاع مِن خلال تغيير الكثير من ثوابت سياسات نظام الرَّئيس المخلوع، التي قادت الشعب إلى الثَّورة عليه، تحاول تقليص الكثير مِن ارتباطاتها مع إسرائيل، وتحويل مواقفها إلى المزيد مِن الإيجابيَّة مع الموقف الفلسطينيِّ، وخصوصًا في ظلِّ الوضع المُزري الموجود في غزَّة.
ويقول المُحلِّلون والسَّاسة الإسرائيليّون: إنَّ مواقف العربي الجديدة هذه لا يمكن لأيِّ حكومةٍ مصريَّةٍ أنْ تستمرَّ فيها، لأنَّها تضرُّ بمصالح كثيرةٍ مصريَّةٍ في الخارج، فالولايات المتحدة بإمكانها ممارسة ضغوطٍ سياسيَّةٍ، والأهم اقتصاديَّةٍ، على مصر من خلال ملفِّ المعونة الاقتصاديَّة والعسكريَّة السَّنويَّة، في وقتٍ يُعاني في الاقتصاد المصريِّ من الكثير مِن المُشكلات، كما أنَّ الموقف المصريَّ مِن إيران وحماس وحزب الله لن يُرضي حلفاء مصر التَّقليديِّين في الخليج، وخصوصًا الإمارات والسَّعوديَّة، التي تردَّدتْ أنباء أكثر مِن مرَّةٍ أنها بصدد مراجعة أوضاع العمالة المصريَّة لديها واستثماراتها في مصر حال مُحاكمة الرئيس المخلوع، حسني مبارك، في تهمٍ تتعلَّق بالفساد وقتل مواطنين مصريِّين خلال ثورة الغضب المصريَّة الأخيرة.
ولذلك هُم في إسرائيل متأكِّدون أنَّ هناك مُراجعاتٍ كثيرةٍ سوف تتمّ على هذه السِّياسات، ويدعم مِن تلك الرُّؤية أنَّ العربي نفسه راجع بعض مواقفه خصوصًا تجاه موضوع إيران بعد أنْ أعرَبَتْ دولاً خليجيَّةً عن قلقها من مواقفه الأخيرة هذه، في وقتٍ تدخل إيران ودول مجلس التعاون الخليجيِّ حربًا بالوكالة في البحرين؛ حيث عاد العربي بعد أيَّامٍ من تصريحه الخاص باستعادة العلاقات مع إيران للتَّأكيد على أنَّ أمن الخليج العربي خطٌّ أحمر، وأنَّ الأمن القوميَّ لدول الخليج العربيَّة هو امتدادٌ لأمن مصر القوميّ.
كما أنَّ موقف العربي في هذا الأمر من شأنه تعقيد موقف ملف ترشيح مصر له لخلافة عمرو موسى للأمانة العامة لجامعة الدِّول العربيَّة؛ حيث لن يلقى قبولاً من جانب القوى التَّصويتيَّة التَّقليديَّة التي تدعم مصر في مثل هذه المواقف، مثل دول الخليج، خصوصًا أنَّ هذه لديها مرشَّحها هذه المرَّة، وهو القطري عبد الرَّحمن العطيَّة، الأمين العام السَّابق لمجلس التَّعاون لدول الخليج العربيَّة، ولذلك فإنَّ المجلس العسكريَّ الحاكم في مصر طلب ترشيح أسماء أخرى غير العربي لهذا المنصب.
ولذلك، وفي المُقابل، فإنَّ هناك الكثير من ردَّة الفعل السَّلبيَّة في مصر إزاء التَّرجيحات التي تُشير إلى أنَّ العربي سَوف يكون مُرشَّح مصر لخلافة عمرو مُوسى في الأمانة العامَّة للجامعة العربيَّة، ويُشبِّهون ذلك بالموقف الذي أخذه الرَّئيس المصريُّ السَّابق، مُحمد حسني مبارك، إزاء مُوسى نفسه، والذي كان عليه الكثير من العلامات من جانب إسرائيل والولايات المتحدة؛ حيث وُصِف ترشيحه لخلافة سلفه في أمانة الجامعة الدُّكتور عصمت عبد المجيد على أنَّه بمثابة "شلوت لأعلى".
المهم، أنَّ الموقف الإسرائيليَّ "القَلِق" و"غير المتأكِّد"، لا يبدو باردًا كما تُشير تصريحات ساسة إسرائيل وقياداتها العسكريَّة، كما دأب وزير الحرب، إيهود باراك، وغيره مِن القيادات هناك مِن أنَّ اتِّفاقيَّة كامب ديفيد مع مصر في أمانٍ وما إلى ذلك.
فالصحافة الإسرائيليَّة تقول غير ذلك، وتعتبر العربي عدوًّا لها، فالصحافة الإسرائيليَّة وصفته أكثر من مرَّةٍ بأنَّه معادٍ للسَّاميَّة، بل وأنَّه عدوٌّ لإسرائيل، وخصوصًا بعد دعوته إلى فتح صفحةٍ جديدةٍ في العلاقات مع إيران، وكسر الحصار المفروض على قطاع غزة.
الـ"هآرتس" نشرَتْ يوم 31 مارس الماضي تقريرًا أشارت فيه إلى ذلك، وقالت: "إنَّه بعد تبادل الرَّسائل الودِّيَّة بين مصر وسوريا، ونيَّة وزير الدِّفاع المصريِّ حسين طنطاوي تجديد العلاقات الطبيعيَّة بين البلدَيْن، وزيارة سوريا، جاء دَور وزير الخارجية المصريِّ، نبيل العربي، فى مدِّ اليد إلى إيران"، كما أبرزَتْ الصحيفة تحذيرات العربي لإسرائيل مِن شنِّ هجومٍ إسرائيليٍّ جديدٍ على قطاع غزة، ودوره فى العمل على تحقيق المصالحة الفلسطينيَّة.
وثمَّة ملفٌّ آخر تُبدي إسرائيل قلقها منه في مصر "الجديدة"، وهو الذي عبَّر عنه في شُعبة المخابرات في الجيش الإسرائيليِّ "أمان"، الميجور جنرال أفيف كوشافيت، وهو ملف الوجود الأمنيِّ المصريِّ في سيناء؛ حيث أكَّد أمام مجلس الوزراء الإسرائيليِّ قبل أسبوعٍ تقريبًا؛ على أنَّ اتِّفاقيَّات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل "في أمان"، ولكنَّه حذَّر ممَّا وصفه بـ"الوجود الأمنيِّ المصريِّ المُكثَّف في سيناء"، وهو أحد مُفردات ثوابت اتِّفاقيَّة السَّلام المصريَّة الإسرائيليَّة.
وفي الأخير، فإنَّ إسرائيل قلقة، ولكنَّها غير مُتأكِّدةٍ، ولكنَّها لا تقف عند حدود ذلك، فهي تحاول تحذير مصر وإنذارها، ولا يُمكن فهم القذائف الإسرائيليَّة الأخيرة التي تجاوزت الحدود بين مصر وقطاع غزَّة، وضربت أرضًا مصريَّةً خلال العمليَّة الإسرائيليَّة الأخيرة ضد غزَّة- على أنَّها خطأٌ من طيَّارٍ إسرائيليٍّ يستخدم طائرةٍ وقذائف موجَّهةً بالِّليزر.