عنوان الشبهة: من هم أهل الكتاب
الشبهة:
قال تعالي: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ) المائدة: 74. وغيرها من الآيات في نفس السياق وقال أيضاً: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) المائدة: 5.
السؤال: هل اليهود والنصارى أهل كتاب أم هم كافرون بنص القرآن وكيف نوازن بين الآيات؟...وجزاكم الله خيراً
الــــــــــــــــــرد:
أجاب على هذه الفتوى فضيلة الشيخ/ حجازي إبراهيم
من علماء الأزهر الشريف وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: فإن الدين عند الله الإسلام قال الله تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) آل عمران: 19. وغير الإسلام لا يُقبل عند الله: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آل عمران: 85. والإسلام لا يتحقق إلا بالإيمان بجميع الرسل: (آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) البقرة: 285.
وعلى ذلك فمن أنكر رسالة أي رسول فقد كفر بالله، فالمسلم الذي لا يؤمن بموسى أو بعيسى يكون كافرًا، كذلك مَن يؤمن بموسى ويكفر بمحمد أو عيسى، أو يؤمن بعيسى ويكفر بمحمد أو عيسى فهو كافر، فلابد من الإيمان بجميع الكتب وجميع الرسل ومَن أنكر شيئاً منها فهو كافر..
والكفر نوعان:
- كفار أهل كتاب كاليهود والنصارى
- وكفار مشركون ليس لهم كتاب كمشركي مكة الذين كانوا يعبدون الأصنام، وكمشركي اليوم الذين يعبدون البقر والشمس وغيرها..
ويتضح هذا التقسيم في قوله تعالى: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ. رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً) البينة: 1 – 2.
وعلى ذلك فالنصارى واليهود كفار أهل كتاب، أو أهل كتاب كفار.
وأما طعامهم فقد أحله الله لنا قال الله تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) المائدة: 5.
يقول الإمام القرطبي: والطعام اسم لما يُؤكل، والذبائح منه، وهو هنا خاص بالذبائح عند كثير من أهل العلم بالتأويل، وأمَّا ما حُرِّم علينا من طعامهم فليس بداخل تحت عموم الخطاب. قال ابن عباس : قال الله تعالى : ( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ )[الأنعام: 121] ثم استثنى فقال: ( وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ )يعني ذبيحة اليهودي والنصراني وإن كان النصراني يقول عند الذبح: باسم المسيح, واليهودي يقول : باسم عزير؛ وذلك لأنهم يذبحوه على الملة. وقال عطاء: كُل من ذبيحة النصراني، وإن قال باسم المسيح؛ لأن الله - عز وجل - قد أباح ذبائحهم وقد علم ما يقولون.
وقالت طائفة: إذا سمعتَ الكتابي يسمي غير اسم الله - عز وجل - فلا تأكل. وقال بهذا من الصحابة: علي وعائشة وابن عمر وهو قول طاووس والحسن متمسكين بقوله تعالى: ( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ) [الأنعام: 121] وقال مالك: أكره ذلك، ولم يحرمه.
وخلاصة ما سبق: يكون قول السائل: هل اليهود والنصارى أهل كتاب أم هم كافرون؟ الكفار اسم يجمع كل مَن كفر بالله أو بأحد من رسله أو شيئ من كتبه، ويدخل في الكفار اليهود والنصارى؛ لأنهم كفر برسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، لكنهم ليسوا كالمشركين.
ونخلص بناء على ذلك أن أهل الكتاب أصحاب كتب أحل الله لنا طعامهم وإن ذكر عليه غير اسم الله،
هذا والله أعلم.