يوم رمضاني لمواطن عماري

كعادته في رمضان استعد لصلاة الفجر بعد السحور ، وبعد أن عقد النية لصيام يوم جديد ذهب لصلاة الفجر في المسجد القريب ثم عاد ليقرأ ما تيسر له من القرآن قبل الإستعداد للرحلة اليومية القاسية التي تبدأ من وقت خروجه الى العمل كل صباح ، وعلى الرغم من استعذابه لعمله إلا أنه يتعذب في الوصول إليه .

وهو في طريقه : ياله من ميكروباص ! إمته ربنا يتوب عليَّ من الميكروباصات دي ؟
يدعو الله كل يوم أن يتوب عليه من تلك المواصلات التي يتعذب بها في كل ذهاب وعودة من العمار وإليها ، وبعد حوار طويل مع نفسه ورفضٍ باتٍ لركوب تلك المواصلة النازعة لشعور الآدمية من داخله إلا أنه مرغم عليها ، وصل إلى الموقف ، الجمع كبير في انتظار أول ميكروباص يهبط على موقف العمار ، الوقت يمر والتأخير على العمل واقع لا محالة ، والمدير يتربص بكل متأخر ليفرغ كل كبته في بيته من زوجته على رؤوس المتأخرين ، ليثبت أمام نفسه أنه ما زال ذو شخصية قوية حازمة وجبروت إداري لا مثيل له ، ورغم علمنا أنه عندما يعود إلى بيته تلجمه التهتهة والمرض الرعاش ولا يقدر أن يطلق عطاسه إلا بإذن مالكة عصمته .

لمح ميكروباص يأتي من بعيد ، تمنعه رزانته من الجري لمقابلته مثل الآخرين ولكن غلبه خوفه من سلطوية مديره ، فسعى مهرولا تجاه الميكروباص وسط سرب المزاحمين ، ضاغطا مضغوطا ، دافعا مدفوعا ، صامدا متكعبلا ، رافعا مرفوعا ، داهسا مدهوسا ، وكأنها وليمة نزلت من السماء لقطيع من الجياع ، وبعد هذا العناء وجد نفسه محشورا مقوسا يلتصق ظهره في ظهر سائق الناقلة وخلفه مباشرة آخذا بين ركبتيه يمنى ويسرى رجلين آخرين وكأننا سنلعب لعبة بسة بسة ، العرق يتصبب من الجميع ، وكان في مواجهته رجل تبعد رأسه عن رأسه قدما كاملة يالها من مسافة محرجة ومهيجة للعصب السمبثاوي والباراسمبثاوي القابضين لعضلات المعدة لطرح كل ما فيها ، أجار الله كل مسلم من مواجهة أنفاسه عند كلامه .

وصل عمله وأنهى مهامه الوظيفية بكفاءة وحب وعاد لحمل هم رحلة عودته ، وما أن وصل موقف الميكروباص لم يجد إلا نفس التوصيلة على نفس الناقلة التي أقلته عند القدوم وكأنها تنتظره ولكن الفرق أن أنعم الله عليه بمكان أفضل من سابقه ألا وهو آخر كرسي بجوار النافذة على يمينه ، وما هي إلا ثواني قليلة وتم الإقلاع من الموقف المخصص أمام الرياح التوفيقي متوجها إلى صالة رقم ( 1 ) أمام مقابر العمار وهو الموقف الرسمي لموقف العمار آنذاك .

تحرك الركب ، سرعة غير عادية ، صلف وصفاقة من السائق ، سلبية واستسلام من الركاب ، آهات جانبية وخافته من الركاب تخوفا من السرعة مع مراعاة كل منهم من عدم سماع السائق لتلك الأصوات حتى لا ينال دفعة من الكلمات الموجعة والمهينة من السائق ، وما أن وصل إلى مدخل العمار ودخله مسرعا قبل زميله الذي كان يسابقه ويخشى من ضياع دوره ، إلى أن وصل إلى تلك اللفة عند مستودع الانابيب وانفلتت منه عجلة القيادة متجها إلى عرض الترعة وفي ثواني معدودة أصبحت تلك النافذة اليمني للكرسى الاخير الذي يستقله صاحبنا في قاع الترعة ، وأصبح جانبه الأيسر سقفا لكل الركاب داخل الناقلة ولسوء حظ هؤلاء الصائمين أن تلك البقعة من الترعة مليئة بمخلفات المنطقة ، مياه راكدة عطنه ليست بالسائلة ولا باليابسة ، سوداء كاحلة ... ياله من صيام !

دخل كل هذا المخلوط لصاحبنا من النوافذ بعد أن انقلب بداخلها على صدره متمددا على جانب الميكروباص ، ذلك الجانب الذي أصبح قاع الترعة على طولها وأخذ يحاول أن يفلت من هذا المكان واقفا ولكنه لم يستطيع لأن مقعد الكرسي الأخير بالميكروباص انقلب فوقه ، ومن فوقه جميع الركاب يقفون على طوله ، وصاحبنا ممسوك ومحشور أسفلها ، وأخذ يجاهد في الوقوف وهو منبطح على صدره فلم يستطع ، وما بقي له إلا أن يكافح ذلك المخلوط المميت أن يتسلل إلى داخله وما أن وصل إلى درجة فقد قوته وإعلان استسلامه ، شعر بزوال الحِمل من فوقه فانتفض نفضة قوية تمسكا ببقاء روحه ، وانتصب واقفا والى جواره ذلك المقعد الذي كان يمسكه في ذلك القاع المظلم المميت ـ وكأنها كانت تلاعبه المسّاكة ـ وبلغ ارتفاع ذلك المخلوط العطن ارتفاع صدره و هو واقف ، ولم يجد في الميكروباص أي ممن كانوا يقلون الناقلة معه فكان أخر من تم إنقاذه منها ، وفور انتصابه من هذا القاع بدأ يسمع أصواتا كثيرة تأتيه من الخارج لم يكن يسمعها من القاع .

( حد جراله حاجة ؟ كلهم خرجوا ؟ في حد من قرايبنا يا اولاد ؟ بيقولوا بنت بدوي معاهم يا اولاد ! اكسر الإزاز في واحد جوه ، مين ده ؟ مش باين ، الطين مغمِّي الإزاز ، اكسر .... هات ايدك ، شد معايا ، أنت كويس جرالك حاجة ؟
الله أحمد ، أنت أحمد ؟ تعالى اطلع الحمد لله أنت بخير تعالى متخافش .)

خرج صاحبنا من الميكروباص متوكأ على صديقه لبيب حمادة علام متوجها إلى بيته فاقدا نظارته وحذائه وجوربه الايسر في قاع الترعة رغما عنه ، فاعتبرها تذكارا لتلك الدقائق التي قضاها في قاع أسوأ ترعة في العالم ! .....

مش باين أنها تمت .
أحمد هلول
المدينة المنورة 17/6/1432 هـ

جميل لكن هل نعتبرها اجترار للذكريات ام بداية لقصاص حتى نعلق بالشكل الرسمى لحدود التوصيف ؟

أعلم أن القصة سيكون عليها وبها مآخذ كثيرة
وكم اتمنى لو تفضلت بالتعليق والافادة حتى نعلم ما نجهله

وفي انتظار التعليق الرسمي لحدود التوصيف كما تفضلت
وطالما هناك نقد رسمي ، فقد قمت بمراجعة النص وتعديل بعض من الاخطاء التي رأيتها
منتظر عودتكم
وشكرا لمرورك المحترم

أعجبني تزاوج الحوار العامي مع السرد الفصيح

(خرج صاحبنا من الميكروباص متوكأ على صديقه لبيب حمادة علام متوجها إلى بيته فاقدا نظارته وحذائه وجوربه الايسر في قاع الترعة رغما عنه ، فاعتبرها تذكارا لتلك الدقائق التي قضاها في قاع أسوأ ترعة في العالم ! ..... )

هذه العبارة زائدة على النص

لأن القصة انتهت قبلها

وخرجت أنا قبل أن يخرج أحمد هلول

مرحباً بك صديقى العزيز هنا كقاص
بداية موفقة إن شاء الله
حكى مرتب فيه روح قاص دون مجاملة
توقفت عند التراكم الذى جاء بأكثر من موضع بالقصة كالوصف التراكمى لوضع المدير فى البيت وقد ذكرت قبل وصف شخصيته بالعمل ما يبين شخصيته بالبيت ولم تكن هناك حاجة
ملحة لزيادة الوصف أو تأصيله كرصد يضيف .

وعليك اكتشاف باقى المواضع ياصديقى

استمتعت بالعمل فعلاً وأنت نجحت فى أن تجلعنى أنت داخل الميكروباص .
وحمداً لله على سلامتك أيها الإنسان النبيل .


أنتظر المزيد والمزيد من إبداعك .
دمت بكل الخير وفيه .

أسعدتني رسالة صديق لي
وكان هدفه من الرسالة النصح والتوجيه خاصة وأنني أحبو في ملعب هو مالكه
ولدماثة خلقة أراد أن تكون ملاحظاته على النص عبر الخاص حتى أستفيد منها
هو قبطان وبحار في محيط القص ، أما أنا فما زلت أمد قدمي وأتحسس ثم أجري وتجري الأمواج من خلفي خوفا من طوفان المحيط ورهبته ، أما هو فقد أصبح الإبحار بالنسبة له فنا وحبا وعشقا وحياة .
ولكن هناك في رسالته ما أحتاج المناقشة حوله منه ومن اساتذتنا م مختار و ا/ سميح .
وهاكم رسالة من تحدثت عنه وهو أخي وصديق المحب المحبوب / م أحمد عبد العزيز ، قال فيها :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صباح الفل يا أستاذنا

هذا تعقيب على نصك الجديد ما أردت به إلا النفع إن جاز لي ..فمكانتك عندي كبيرة حقاً ...وهذا إجتهاد أخاك الصغير

أزعم اننا صافحنا هنا من الردود لقلمك الماهر ماهو خير وأبقى من المشهد المسرحي محل النقاش

فقد قرأته مشهداً مسرحياً تمت صياغته فى مهارة وإحكام ...

وقرأته وتركته في موضعه ..لم أحتفظ بشئ سوى رشاقة القلم بين الأحداث

اتعبتني بعض التشبيهات الخاصة بالألعاب في مواقف قد تستدعي الجديه ... ولن يخدمها التصوير الساخر لإننا نستحضر مشهداً مغايراً لتلك الصورة الساخرة

القصة ..تقف بلا شك عند حدود صالة رقم ( 1 ) بالعمار فقط ..ولا تتعدي شريط الرياح التوفيقي

الشخوص تقتلها أكثر مما تحييها , وتجعلها مغلفة بالخصوصية

لو أطلقنا عليها سرداً لأصابها إستحسانُ كبير

وربما قابلتها بدرجة أقل وجداً من تلك التي أود دوماً وأتمنى ان أعانق بها قلم الكاتب الذي أحبه كثيراً واستمتع بردوده ..وتوقعت اول عمل له يكون مدوياً

وحتى أفرغ شحنتي وقد بات المنتدى الأدبي اكثر طلاقة ونفعاً للكاتب والقارئ

فقد تكررت كلمة ( يتعذب ) تارة فى فى الوصول لعمله ... وتارة بالمواصلات ...

ووقفت أمامها ولم أدر ماذا استوقفني ؟؟ فهل كانت يشقى ..أنسب من العذاب ... وهل هناك مخرجاً نحوياً يبرر وقوفي هنا ..

يبقى ان نقول ان ردودنا هنا ..فقط تشمل من نهتم لمكتوبه ... ونريد ان نخرج بها من بورك قلمك وحسب ...

والكاتب معروف لدينا جيداً ..ونعلم ما بحوزته من إمكانيات لغويه ..تجعله يصيغ لنا ما هو أكثر عمقاً وأشمل مدلولاً من السرد محل النقاش ..

وربما البعد عن الميكروباص المستهلك فى اغلب الحكي بالمنتدي ( اسلام طلعت - حنين ) يجعل الأمر أفضل ...

ويبعد القارئ المتفحص عن مهاجمة النص ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وبعدها أرسلت إليه رساله قلت فيها :
صباح الخيرات الكثيرات يا عم أحمد يا غالي
أسعدتني رسالتك
وتوقفت عند ما قلته
ولي رد
ولكن قبله أود أن تصرح لي بنقل الرسالة إلى الموضوع باسمك
لأن المداخلات والتعليق على ما قلته يفيدني كثيرا

هلا سمحت لي بالنقل ؟
وشكرا لتواصلك .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فأجاب قائلا:

هذا ردي لك يا أستاذ احمد

وهو ملك لك

إن شئت عرضته وإن شئت ففد كان هدفه خالص إليك وليس إلى الناس

وإن كان العرض سيجعلنا نتناقش ويعم النفع ..فلا غضاضه أن تفعل ما تراه مناسباً

وليتنا نتوقف كثيراً مع ما تكتب فهو جدير بالوقوف عليه والإستفاده منه

ولا اعلم لماذا أظن ويكثر ظني حتى يوشك التأكيد أنك بارع البيان ..لديك مكنوز أدبي ولغوي ..سوف نشهده فى الأيام القادمة وسوف نطرب له ..ويبهر الجميع

وخاصة فى المجال النثري والقصصي

لك مودتي .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أولا أشكر اخي احمد عبد العزيز على ملاحظاته
وأود أن أقول
أن ما قمت بسرده أو قصِّه
إنما هو حدث مر بي بالفعل
فقد خضت هذه التجربة المميتة في الواقع وهو واضح في السرد
وما أردته هو عرض الموقف بل اليوم بكامله في شكل يحمل أسلوبا ساخرا من قلب تلك الاحداث الاشبه بالدرامية المحزنة والموجعة لي على الاقل ، ومن خلال ردودكم فهمت أن المشكلة في التقنية والتركيب الفني لكونها قصة قصيرة وما أدري كيف أصنفها فأنا لست متخصص مثلكم ، وإن كان كما تبين لي أن الاسلوب سهل وجميل ومتواصل إلا أنني أفقد الفنيات القصصية او إمتلاك أدوات القصة .

وقد تبين من رد م مختار أنه لم يلفت نظره إلا التزاوج بين العامية والفصحى وهذا إعلان أن ما هو خلاف ذلك يؤخذ على النص
وتبين لي من أخي العزيز / سميح عزت أنني استطعت ان أدخله في النص ثم يشيد بأنها بداية طيبة وهذا يعني ان هناك مآخذ أتمنى أن أضع يدي عليها .

أما عن لفظ يتعذب فأنا أراه أقوى من يقاسي
أما عن تكرار حكاية الميكروباص وأن اسلام وحنين تناولوا مشاكل الميكروباص من قبل وأصبح موضوعه مكرر ،
فأقول أن الحكاية هي حقيقية بالفعل وما أردت تبديلها فلم أقصد بناء حكاية من خيالي عن الميكروباص ولكنها واقع قد حدث أردت صياغته فخرج بهذا الشكل ، وما أردته أن أخرجه في شكل ساخر بكل ما دار في ذلك اليوم الرمضاني بداية من المواصلات الى المدير الى العودة الى من بداخل الميكروباص وزحمته وختاما بالغوص في قاع الترعة ( فوصف الجميع للترعة وهم خارجها يعتبر وصفا مغاير تماما إذا كنت بداخلها وهو ما أردت أن أخرجه في شكل فكاهي مضحك .
أما كونها قصصي أو مسرحي فأنا ما أدري تقنيات وادوات كلاهما .

وما أردت من كل ماسبق إلا المناقشة والتعلم ومعرفة جوانب الضعف والقوة في كتبته والذي ما أدري هل هو سرد كما قال ا / السيد سعيد ، أم قصة أم مشهد مسرحي كما تفضل اخي احمد عبد العزيز ،

متشوق لمداخلاتكم وتعليقاتكم وتوجيهاتكم حتى استفيد ، وشكرا لكم

Amr Emam كتب:

ههههههههههههههه

لدى شعور ان هذا حدث معك

(مش عارف ليه)

ربما يكون الجزاء على هذا اليوم بجزاء كبير

من المواصلات للسائقين للترعة المغطاة حاليا .. يا قلبى لا تحزن

(يعيش وياخد غيرها)




ما بين الأقواس بالعامية

صدق حدثك يا صديقي العزيز
ونورت عندنا

وقد تبين من رد م مختار أنه لم يلفت نظره إلا التزاوج بين العامية والفصحى وهذا إعلان أن ما هو خلاف ذلك يؤخذ على النص


دا منطق

كل المسكوت عنه يؤخذ على النص !!

مش لازم اصقف عشان أبقى معجب

وللأمانة أنا أشير لما يدهشني

ايه يا عم أحمد

هو منطق المدينة يختلف عن منطق جدة؟؟؟

مختار محمود كتب:

وقد تبين من رد م مختار أنه لم يلفت نظره إلا التزاوج بين العامية والفصحى وهذا إعلان أن ما هو خلاف ذلك يؤخذ على النص


دا منطق

كل المسكوت عنه يؤخذ على النص !!

مش لازم اصقف عشان أبقى معجب

وللأمانة أنا أشير لما يدهشني

ايه يا عم أحمد

هو منطق المدينة يختلف عن منطق جدة؟؟؟

لا مؤاخذه يا استاذ

يبدو ان بعد المسافة يؤثر على منطقة العبارة
قد يختلف منطقنا ولكن تبقى سعادتي بمرورك حتى لو معاتبا

حمدلله على السلامه ياأستاذنا ....... ده كان كله هزار سواقين بس وقالوا يهزروا معاكوا عشان تسلوا صيامكوا .

استمتعت بقصتك .

حمدى فتحى تهامى كتب:

حمدلله على السلامه ياأستاذنا ....... ده كان كله هزار سواقين بس وقالوا يهزروا معاكوا عشان تسلوا صيامكوا .

استمتعت بقصتك .

سلمك الله يا استاذ حمدي

ده هزار يودي على الآخرة على طول يا عم حمدي

ربنا يسترها على كل ركاب العجل الطاير من عفاريت الاسفلت