شبـــاب العمـــــار
إضغط دخول وإدخل فورا
وإلا إعرف إن الفيسبوك هو اللي منعك
واحشتونا والله
شبـــاب العمـــــار
إضغط دخول وإدخل فورا
وإلا إعرف إن الفيسبوك هو اللي منعك
واحشتونا والله
شبـــاب العمـــــار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول


 

 قصة التتار - د/ راغب السرجاني

اذهب الى الأسفل 
+3
حمدى فتحى تهامى
a7med maher
محمدعبدالرحمن
7 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3, 4, 5, 6  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالخميس 31 مارس 2011, 7:31 am



بسم الله نبدأ معاً قصة التتار
يقول د/ راغب السرجاني شارحاً سبب البدء بهذه القصة بالذات في منتدانا بقوله:



قال تعالى"فاقصص القصص لعلهم يتفكرون"..

بين أيدينا الآن حدث من الأحداث الهامة جداً في تاريخ المسلمين..بل وفي تاريخ الأرض بصفة عامة..

وهو
حدث ظهور قوة جديدة رهيبة على سطح الأرض في القرن السابع الهجري
.. وقد أدى ظهور هذه القوة إلى تغييرات هائلة في الدنيا بصفة عامة.. وفي أرض الإسلام بصفة خاصة..

تلك القوة هي "دولة التتار"!!..

وقصة التتار عجيبة حقًا.. عجيبة بكل المقاييس.. ولولا أنها موثقة في كل
المصادر، وبصورة تكاد تكون متطابقة في كثير من الأحيان لقلنا إنها خيال، أو أغرب من الخيال..


القصة عجيبة لأن
التغيير فيها من ضعف إلى قوة، أو من قوة إلى ضعف لم يأخذ إلا وقتًا يسيرًا جدًا..
فما هي إلا أعوام قليلة جدًا حتى يعز الله دولة ويذل أخرى.. ثم تمر أعوام أخرى
قليلة فيذل الله عز وجل الأولى ويعز الأخرى!!


"قل اللهم مالك الملك.. تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز
من تشاء, وتذل من تشاء، بيدك الخير، إنك على كل شيء
قدير"..


والقصة عجيبة أيضًا للمبالغة الشديدة في الأحداث: المبالغة في الأرقام في كل حدث.. المبالغة في أعداد
القتلى، وفي أعداد الجيوش، وفي أعداد المدن المنهارة، وفي مساحات البلاد المحتلة، وفي أعداد الخيانات وأسلوبها..


كما أن القصة عجيبة لشدة التطابق بينها وبين واقعنا الآن..

وسبحان الله!!

وقد أراد الله عز وجل أن يوضح لنا حقيقة ثبات السنن، وتكرار التاريخ..
فجعل الأحداث التي تمر بها أمتنا في وقتنا هذا تكاد تكون متطابقة مع الأحداث التي جرت على سطح الأرض في القرن السابع الهجري
..
ولو بحثنا في التاريخ فسنجد تطابقاً مع أحداث أخرى كثيرة.. ولكن وقع اختياري على هذا الحدث بالذات لأنه يدور في نفس المنطقة التي تدور فيها الآن أحداث هامة جداً بالنسبة للعالم الإسلامي..
ومن ثم يستطيع القارئ بسهولة أن يربط بين التاريخ والواقع، ويستطيع بسهولة أيضاً أن يستقرئ سنن الله عز وجل في أرضه وفي خلقه..

وليس الغرض من هذه الصفحات هو الدخول في كل تفصيل والبحث عن كل موقف، فهذا يطول شرحه،
ولكن فقط سنمر على الأحداث في عجالة نبحث فيها عن مواطن العبرة
.. وعن أوجه الشبه بينها وبين زماننا المعاصر.. ونحلل بسرعة أسباب الهزيمة وأسباب النصر.. ومن أراد أن يستزيد فليعد إلى المراجع الكثيرة العظيمة التي تزخر بها
المكتبة الإسلامية
..



والله أسأل أن ينفعنا بكل صفحة وكل كلمة، بل وبكل حرف في هذه القصة العجيبة..




أتمنى من الجميع التفاعل والمقارنة بين أمس واليوم وإستخلاص العبر
إن شاء الله صباح كل يوم جديد جزء جديد في هذه السلسلة التي علمتني وثبتتني وأعلمتني اننا أمة منصورة وعلى قدر ما فيها من أهوال فإنها تبعث الأمل في النصر بعد الهزيمة وأننا أمة دين وروح وجهاد الله أسأل لنا جميعاً التوفيق والسداد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
a7med maher
عماري محترف
عماري محترف
a7med maher


ذكر
عدد الرسائل : 3526
العمر : 32
المكان : العمار
الحالة : مرتبط
الهواية : ر
تاريخ التسجيل : 02/08/2008
التـقــييــم : 5

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالخميس 31 مارس 2011, 4:11 pm

موضوع جميل ومقارنه فعلا حقيقيه لان العالم الاسلامى بيتغير حاليا والشعوب كلها مش ساكته على حقها وبتسقط اى ظالم مستبد مثل التتار زمان وان الله يعز ويزل كل طاغيه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالجمعة 01 أبريل 2011, 9:05 am

ظهور التتار



ظهرت قوة التتار في أوائل القرن السابع الهجري، وحتى نفهم الظروف التي نشأت فيها هذه
القوة لابد من إلقاء نظرة على واقع الأرض في ذلك الزمان
..

الناظر إلى الأرض في ذلك الوقت يجد أن القوى الموجودة كانت متمثلة في فئتين رئيسيتين:

أما الفئة الأولى فهي أمة الإسلام..

المساحات الإسلامية في هذا الوقت كانت تقترب من نصف مساحات الأراضي المعمورة
في الدنيا
.. كانت حدود البلاد الإسلامية تبدأ من غرب الصين وتمتد عبر آسيا وأفريقيا
لتصل إلى غرب أوروبا حيث بلاد الأندلس
..(انظر الخريطة رقم 1).

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

وهي مساحة شاسعة للغاية، لكن
وضع العالم الإسلامي
- للأسف الشديد - كان مؤلماً جداً..
فمع المساحات الواسعة من الأرض، ومع الأعداد الهائلة من البشر،
ومع الإمكانيات العظيمة من المال والمواد والسلاح والعلوم
..
مع كل هذا إلى أنه كانت هناك فرقة شديدة في العالم الإسلامي، وتدهور كبير في الحالة السياسية لمعظم الأقطار الإسلامية..
والغريب أن هذا الوضع المؤسف كان بعد سنوات قليلة من أواخر القرن السادس الهجري..
حيث كانت أمة الإسلام قوية منتصرة متحدة رائدة..ولكن هذه سُنة ماضية: "وتلك الأيام نداولها بين الناس"..



ولنلق نظرة على العالم الإسلامي في أوائل القرن السابع الهجري (انظر الخريطة رقم 2):
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

1ـ الخلافة العباسية:وهي خلافة قديمة جدًا؛ فقد نشأت بعد سقوط الدولة الأموية العظيمة في سنة
132 هـ.. وكانت
- في مطلع القرن السابع الهجري - قد ضعفت جداً، حتى أصبحت لا تسيطر حقيقة إلا على
العراق، وتتخذ من بغداد عاصمة لها منذ سنة
132 هجرية...وحول العراق عشرات من الإمارات المستقلة استقلالاً حقيقياً عن الخلافة،
وإن كانت لا تعلن نفسها كخلافة منافسة للخلافة العباسية..
فتستطيع أن تقول: إن الخلافة العباسية كانت "صورة خلافة" وليست خلافة حقيقية.. وكانت كالرمز الذي يحب المسلمون أن يظل موجوداً حتى وإن لم يكن له دور يذكر..تماماً كما يُبقى الإنجليز الآن على ملكة إنجلترا كرمز تاريخي فقط، دون دور يذكر لها في الحكم،
بخلاف الخليفة العباسي الذي كان يحكم فعليًا منطقة العراق باستثناء الأجزاء الشمالية منها
.


وكان يتعاقب على حكم المسلمين في العراق خلفاء من بني العباس
..
حملوا الاسم العظيم الجليل: "الخليفة"، ولكنهم (في هذه الفترة من لقرن السابع الهجري)
ما اتصفوا بهذا الاسم أبداً, ولا رغبوا أصلاً في الاتصاف به؛ فلم يكن لهم من همّ
إلا جمع المال، وتوطيد أركان السلطان في هذه الرقعة المحدودة من الأرض
..
ولم ينظروا نظرة صحيحة أبداً إلى وظيفتهم كحكام.. لم يدركوا أن من مسئولية الحاكم أن يوفر الأمان لدولته،
ويقوي من جيشها، ويرفع مستوى المعيشة لأفراد شعبه، ويحكم في المظالم، ويرد الحقوق لأهلها، ويجير
المظلومين، ويعاقب الظالمين، ويقيم حق الله عز وجل على العباد، ويأمر بالمعروف،
وينهى عن المنكر، ويدافع عن كل ما يتعلق بالإسلام، ويوحد الصفوف
والقلوب.
..

لم يدركوا هذه المهام الجليلة للحاكم المسلم، كل ما كانوا يريدونه فقط هو البقاء أطول فترة ممكنة في كرسي الحكم,وتوريث الحكم لأبنائهم، وتمكين أفراد عائلتهم من رقاب الناس،
وكذلك كانوا يحرصون على جمع الأموال الكثيرة، والتحف النادرة، ويحرصون على إقامة الحفلات
الساهرة، وسماع الأغاني والموسيقى والإسراف في اللهو والطرب
.

حياة الحكام كانت حياة لا تصلح أن تكون لفرد من عوام أمة الإسلام فضلاً عن أن تكون لحاكم أمة الإسلام..

لقد ضاعت هيبة الخلافة.. وتضاءلت طموحات الخليفة!..

كانت هذه هي "الخلافة" العباسية في أوائل القرن السابع الهجري..

2ـ مصر والشام والحجاز واليمن: كانت هذه الأقاليم في أوائل القرن السابع الهجري في أيدي الأيوبيين أحفاد صلاح الدين الأيوبي، ولكنهم - للأسف - لم يكونوا على شاكلة ذلك الرجل العظيم..بل تنازعوا الحكم فيما بينهم,
وقسَّموا الدولة الأيوبية الموحدة (التي هزمت الصليبيين في حطين هزيمة منكرة) إلى ممالك صغيرة متناحرة!!
فاستقلت الشام عن مصر، واستقلت كذلك كل من الحجاز واليمن عن الشام ومصر..بل وقسمت الشام إلى إمارات متعددة متحاربة!!..فانفصلت حمص عن حلب ودمشق.. وكذلك انفصلت فلسطين والأردن، وما لبثت الأراضي التي كان حررها صلاح
الدين من أيدي الصليبيين أن تقع من جديد في أيديهم بعد هذه الفرقة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
!..



3ـ بلاد المغرب والأندلس:كانت تحت إمرة "دولة الموحدين".. وقد كانت فيما سبق دولة قوية مترامية الأطراف تحكم مساحة تمتدّ من ليبيا شرقاً إلى المغرب غرباً، ومن الأندلس شمالاً إلى وسط أفريقيا جنوباً..
ومع ذلك ففي أوائل القرن السابع الهجري كانت هذه الدولة قد بدأت في الاحتضار..
وخاصةً بعد موقعة "العقاب" الشهيرة سنة 609 هجرية، والتي كانت بمثابة القاضية على هذه الدولة الضخمة..
دولة الموحدين..



4ـ خوارزم:كانت الدولة الخوارزمية دولة مترامية الأطراف، وكانت تضم معظم البلاد الإسلامية في قارة آسيا..تمتد حدودها من غرب الصين شرقاً إلى أجزاء كبيرة من إيران غرباً..
وكانت هذه الدولة على خلاف كبير مع الخلافة العباسية..
وكانت بينهما مكائد ومؤامرات متعددة، ومالت الدولة الخوارزمية في بعض فترات من زمانها إلى التشيع،
وكثرت فيها الفتن والانقلابات، وقامت في عصرها حروب كثيرة مع السلاجقة والغوريين والعباسيين وغيرهم من المسلمين
..

5ـ الهند:كانت تحت سلطان الغوريين في ذلك الوقت، وكانت الحروب بينهم وبين دولة خوارزم كثيرة ومتكررة..

6ـ فارس:وهي إيران الحالية، وكانت أجزاء منها تحت سلطان الخوارزميين، وكانت
الأجزاء الغربية منها
- والملاصقة للخلافة العباسية -تحت سيطرة طائفة الإسماعيلية،
وهي طائفة من طوائف الشيعة كانت شديدة الخبث، ولها مخالفات كثيرة في العقيدة جعلت كثيراً من العلماء يخرجونهم من الإسلام تماماً
..
خلطت طائفة الإسماعيلية الدين بالفلسفة، وكانوا أصلاً من أبناء المجوس؛ فأظهروا الإسلام وأبطنوا المجوسية، وتأولوا آيات القرآن على هواهم، وهم إحدى فرق الباطنية، الذين يؤمنون بأن لكل أمـر ظاهر في الدين أمرًا آخـر
باطنًا خفيًّا لا يعلمه إلا بعض الناس (وهم من أولئك الناس) ولا يُطلعون أحدًا على تأويلاتهم، إلا الذين يدخلون معهم في ملتهم، وهم ينكرون الرسل والشرائع، ومن أهم مطالبهم
"الملك والسلطان"؛ ولذلك فهم مهتمون جدًا بالسلاح
والقتال
..

وعلى العموم، فإن "الإسماعيلية"من أخطر طوائف الباطنية، وقد كانت سببًا دائمـًا لتحريف العقيدة والدين،
ولقلب أنظمة الحكم الإسلامية، ولاغتيال الشخصيات الإسلامية البارزة، سواء كانوا خلفاء أو أمراء أو علماء أو قواداً
.



7- الأناضول (تركيا): وهذه المنطقة كانت تُحكم بسلاجقة الروم، وأصول السلاجقة ترجع إلى الأتراك، وكان لهم في السابق تاريخ عظيم وجهاد كبير، وذلك أيام القائد السلجوقي المسلم الفذ "ألب أرسلان" رحمه الله، ولكن للأسف فإن الأحفاد الذين كانوا يحكمون هذه المنطقة الحساسة والخطيرة والملاصقة للإمبراطورية البيزنطية كانوا على درجة
شنيعة من الضعف أدت إلى مواقف مؤسفة من الذل والهوان
..

وبعد..
فهذه نظرة على الأمة الإسلامية في ذلك الوقت..

ونلاحظ أنه قد انتشرت فيها الفتن والمؤامرات، وتعددت فيها الحروب بين المسلمين وإخوانهم في الدين، وكثرت فيها المعاصي والذنوب، وعم الترف والركون إلى الدنيا.. وهانت الكبائر على قلوب الناس..
حتى كثر سماع أن هذا ظلم هذا، وأن هذا قتل هذا، وأن هذا سفك دم هذا..
يقال هذا الكلام بدم بارد.. وكأن الأرواح التي تزهق ليست بأرواح بشر!..

وقد عُلم على وجه اليقين أن من كان هذا حاله فلا بد من استبداله!!..

وأصبح العالم الإسلامي ينتظر كارثة تقضي على كل الضعفاء في كل هذه الأقطار،
ليأتي بعد ذلك جيل من المسلمين يغير الوضع، ويعيد للإسلام هيبته، وللخلافة قوتها ومجدها
..


القوة الثانية
في الأرض في أوائل القرن السابع الهجري كانت قوة الصليبيين..

وكان المركز الرئيسي لهم في غرب أوروبا، حيث لهم هناك أكثر من معقل..وقد انشغلوا بحروب مستمرة مع المسلمين..فكان نصارى إنجلترا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا يقومون بالحملات الصليبية
المتتالية على بلاد الشام ومصر، وكان نصارى أسبانيا والبرتغال
-
وأيضاً فرنسا -في حروب مستمرة مع المسلمين في الأندلس..


وبالإضافة إلى هذا التجمع الصليبي الضخم في غرب أوروبا كانت هناك تجمعات صليبية أخرى في العالم، وكانت هذه التجمعات أيضاً على درجة عالية من الحقد على الأمة الإسلامية، وكانت الحروب بينها وبين العالم الإسلامي على أشدها، وكانت أشهر هذه التجمعات كما يلي:


1- الإمبراطورية البيزنطية:وحروبها مع الأمة الإسلامية شرسة وتاريخية، ولكنها كانت في ذلك الوقت في حالة من الضعف النسبي والتقلص في القوة والحجم؛ فلم يكن يأتي من جانبها خطر كبير، وإن كان الجميع يعلم قدر الإمبراطورية البيزنطية.

2- مملكة أرمينيا: وكانت تقع في شمال فارس وغرب الأناضول، وكانت أيضاً في حروب مستمرة مع المسلمين، وخاصة السلاجقة.

3- مملكة الكُرج: وهي دولة جورجيا حالياً، ولم تتوقف الحروب كذلك بينها وبين أمة الإسلام، وتحديدًا مع الدولة الخوارزمية.

4- الإمارات الصليبية في الشام وفلسطين وتركيا:وهذه الإمارات كانت تحتل هذه المناطق الإسلامية منذ أواخر القرن الخامس الهجري (بدءاً من سنة491 هجرية).

وعلى الرغم من انتصارات صلاح الدين الأيوبي - رحمه الله - على القوات الصليبية في حطين وبيت المقدس وغيرها إلا أن هذه الإمارات لا زالت باقية، بل ولا زالت من آن إلى آخر تعتدي على الأراضي الإسلامية المجاورة غير المحتلة، وكانت أشهر هذه الإمارات: أنطاكية وعكا وطرابلس وصيدا وبيروت.

وهكذا استمرت الحروب في كل بقاع العالم الإسلامي تقريباً، وزادت جداً ضغائن الصليبيين على أمة الإسلام..

وشاء الله سبحانه تعالى أن تكون نهاية القرن السادس الهجري سعيدة جداً على المسلمين،
وتعيسة جداً على الصليبيين، فقد أذن الله عز وجل في نهاية القرن السادس الهجري بانتصارين جليلين لأمة الإسلام على الصليبيين..

قد انتصر البطل العظيم
"صلاح الدين الأيوبي" رحمه الله على الصليبيين في موقعة "حطين" في الشام، وذلك في عام 583 هجرية،
وبعدها بثماني سنوات فقط انتصر البطل الإسلامي الجليل
"المنصور الموحدي"- رحمه الله - زعيم دولة الموحدين على نصارى الأندلس في موقعة "الأرك" الخالدة في سنة591 هجرية..

وبالرغم من هذين الانتصارين العظيمين إلا أن المسلمين في أوائل القرن السابع الهجري كانوا في ضعف شديد، وذلك بعد أن تفكك شمل الأيوبيين بوفاة صلاح الدين الأيوبي، وكذلك انفرط عقد الموحدين بعد وفاة المنصور الموحدي، غير أن الصليبيين كانوا كذلك في ضعف شديد لم يمكنهم من السيطرة على البلاد المسلمة، وإن كانت رغبتهم
في القضاء عليها قد زادت
..

كان هذا هو وضع العالم في أوائل القرن السابع الهجري..

وبينما كان هذا هو حال الأرض في ذلك الوقت، ظهرت قوة جديدة ناشئة قلبت الموازين، وغيرت من خريطة العالم، وفرضت نفسها كقوة ثالثة في الأرض
.. أو تستطيع أن تقول: إنها كانت القوة الأولى في الأرض في النصف الأول من
القرن السابع الهجري
..

هذه القوة هي قوة دولة التتار أو المغول!!..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالسبت 02 أبريل 2011, 9:49 am

من هم التتار؟

ظهرت
دولة التتار في سنة
603 هجرية
تقريباً، وكان ظهورها الأول في "منغوليا" في شمال الصين، وكان أول زعمائها هو
"جنكيزخان"..

و"جنكيزخان" كلمة تعني:
قاهر العالم، أو ملك ملوك العالم، أو القوي.. حسب الترجمات المختلفة للغة
المنغولية..
واسمه الأصلي "تيموجين".. وكان رجلاً سفاكاً للدماء.. وكان كذلك قائداً عسكرياً شديد البأس.. وكانت له القدرة على تجميع الناس حوله.. وبدأ في التوسع تدريجيًّا في المناطق المحيطة به، وسرعان ما اتسعت
مملكته حتى بلغت حدودها من كوريا شرقاً إلى حدود الدولة الخوارزمية الإسلامية
غرباً، ومن سهول سيبريا شمالاً إلى بحر الصين جنوباً (انظر الخريطة رقم
3)
..
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



أي أنها كانت تضم من دول
العالم حاليًّا: (الصين ومنغوليا وفيتنام وكوريا وتايلاند وأجزاء من سيبيريا.. إلى
جانب مملكة لاوس وميانمار ونيبال وبوتان!!)


ويطلق
اسم التتار ـ وكذلك المغول ـ على الأقوام الذين نشئوا في شمال الصين في صحراء
"جوبي"، وإن كان التتار هم أصل القبائل بهذه المنطقة..
ومن التتار جاءت قبائل أخرى مثل قبيلة
"المغول"، وقبائل "الترك" و"السلاجقة" وغيرها، وعندما سيطر "المغول" - الذين منهم جنكيزخان - على هذه المنطقة أطلق
اسم
"المغول" على هذه القبائل كلها.

وكان
للتتار ديانة عجيبة، هي خليط من أديان مختلفة
.. فقد جمع جنكيزخان بعض الشرائع من الإسلام والبعض من المسيحية، والبعض من
البوذية، وأضاف من عنده شرائع أخرى، وأخرج لهم في النهاية كتاباً جعله كالدستور
للتتار وسمى هذا الكتاب بـ
"الياسك" أو "الياسة" أو"الياسق"..



وكانت
حروب التتار تتميز بأشياء خاصة جداً مثل
:

1ـ سرعة انتشار رهيبة..

2ـ نظام محكم وترتيب عظيم..

3ـ أعداد هائلة من البشر..

4ـ تحمل ظروف قاسية..

5ـ قيادة عسكرية بارعة..

6ـ أنهم بلا قلب!!... فكانت حروبهم حروب تخريب غير طبيعية.. فكان من السهل جداً أن ترى في تاريخهم أنهم دخلوا مدينة كذا أو كذا
فدمروا كل المدينة وقتلوا سكانها جميعاً
.. لا يفرقون في ذلك بين رجل وامرأة، ولا بين رضيع وشاب، ولا بين صغير
وشيخ، ولا بين ظالم ومظلوم، ولا بين مدني ومحارب
!!.. إبادة
جماعية رهيبة، وطبائع دموية لا تصل إليها أشد الحيوانات
شراسة
..

وكما
يقول الموفق عبد اللطيف في خبر التتار: "وكأن قصدهم إفناء النوع، وإبادة العالم، لا
قصد الملك والمال
"..

7ـ رفض قبول الآخر.. والرغبة في تطبيق مبدأ "القطب الواحد!".. فليس هناك طرح للتعامل مع دول أخرى محيطة.. والغريب أنهم كانوا يتظاهرون دائماً بأنهم ما جاءوا إلا ليقيموا الدين،
ولينشروا العدل، وليخلصوا البلاد من الظالمين
!!..

8ـ أنهم لا عهد لهم.. فلا أيسر عندهم من نقض العهود وإخلاف المواثيق.. لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة.. كانت هذه صفة أصيلة لازمة لهم، لم يتخلوا عنها في أي مرحلة من مراحل
دولتهم منذ قيامها وإلى أن سقطت
..



هذه هي
السمات التي اتصف بها جيش التتار، وهي صفات تتكرر كثيراً في كل جيش لم يضع في
حسبانه قوانين السماء وشريعة الله عز وجل
.. فالذي يملك القوة ويفتقر إلى الدين لابد أن تكون هذه
صورته
.. قد يتفاوتون في الجرائم والفظائع.. لكنهم في النهاية مجرمون..

كانت حروب المرتدين قريباً من هذا.. كذلك حروب الفرس.. وكذلك كانت حروب الرومان.. وكذلك كانت حروب الصليبيين في الشام ومصر.. وكذلك كانت حروب الصليبيين في الأندلس.. ثم سار على طريقتهم بعد ذلك أتباعهم من المستعمرين الأسبان والبرتغال
والإنجليز والفرنسيين والطليان واليهود
.. ثم الأمريكان!!..

قد يختلف الشكل الخارجي.. وقد تختلف الوجوه والأجسام.. ولكن القلوب واحدة.. حقد وضغينة وشحناء وبغضاء على كل ما هو مسلم، أو كل ما هو
حضاري
..

وسبحان الله إذ يقول في حقهم جميعاً:

"أتواصَوا به؟! بل هم قوم طاغون"



إذن..
كملخص للقوى الموجودة على الساحة في أوائل القرن السابع الهجري نستطيع أن نقول: إنه
كانت هناك ثلاث قوى رئيسية
:

1ـ قوة الأمة الإسلامية: وهي قوة ذات تاريخ عظيم.. وأمجاد معروفة، لكنها تمر بفترة من فترات ضعفها.. وهذا الضعف- وإن كان
شديداً
- إلا أنه
لم يسقط هيبة الأمة تماماً
.. لأن أعداءها كانوا يعلمون أن أسباب النصر وعوامل القوة مزروعة في داخل
الأمة، وإنما تحتاج فقط إلى من يستخرجها وينميها
..

2ـ قوة الصليبيين: وهم وإن كانوا أيضاً في حالة ضعف، وفي حالة تخلف علمي وحضاري شديد
بالمقارنة بالأمة الإسلامية
.. إلا أنهم قوة لا يستهان بها.. لكثرة
أعدادهم، وشدة حقدهم، وإصرارهم على استكمال المعركة مع المسلمين إلى
النهاية
..

وصدق الله العظيم إذ يصفهم بقوله:

"ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا "..

وكانت قوة الإسلام وقوة الصليبيين تمثلان سوياً قوة العالم القديم في
ذلك الوقت
..

3ـ قوة التتار: وهي قوة همجية بشعة.. وهي قوة بلا تاريخ.. وبلا حضارة.. ظهرت فجأة.. وليس عندها مخزون ثقافي أو حضاري أو ديني يسمح لها بالتفوق على
غيرها
.. فكان لابد لها من الاعتماد على القوة الهمجية والحرب البربرية لفرض
سطوتها على من حولها
..

وكانت قوة التتار تمثل العالم الجديد في ذلك الوقت..



ومن
سنة الله عز وجل أن يحدث الصراع بين القوى المختلفة
.. والتدافع بين الفرق المتعددة.. ومن سنة الله عز وجل كذلك أن الأقوياء المفتقرين إلى الدين لا يقبلون
بوجود الضعفاء إلى جوارهم
.. ومن سنة الله عز وجل كذلك أن الباطل- مهما
تعددت صوره
- لابد أن
يجتمع لحرب الحق
.. ومن سنة الله عز وجل كذلك أن الحرب بين الحق والباطل لابد أن تستمر إلى
يوم القيامة
..

إذا
وضعنا كل هذه السنن في أذهاننا، فإننا يجب أن نتوقع تعاوناً بين التتار والصليبيين
- على اختلاف توجهاتهم وسياستهم ونظرياتهم
- لحرب
المسلمين
..

وهذا - سبحان الله- ما حدث
بالضبط
!..



أرسل الصليبيون وفداً رفيع المستوى من أوروبا
إلى منغوليا (مسافة تزيد على اثني عشر ألف كيلو متر ذهاباً فقط!!) يحفزونهم على غزو
بلاد المسلمين، وعلى إسقاط الخلافة العباسية، وعلى اقتحام
"بغداد" درة العالم الإسلامي في ذلك الوقت.. وعظموا لهم جداً من شأن الخلافة الإسلامية، وذكروا لهم أنهم - أي
الصليبيين -
سيكونون عوناً لهم في بلاد المسلمين، وعيناً لهم هناك.. وبذلك تم إغراء التتار إغراءً كاملاً..


وقد حدث ما توقعه الصليبيون.. سال لعاب التتار لأملاك الخلافة العباسية،
وقرروا فعلاً غزو هذه البلاد الواسعة الغنية بثرواتها المليئة
بالخيرات
.. هذا مع عدم توافق التتار مع الصليبيين في أمور كثيرة.. بل ستدور بينهم بعد ذلك حروب في أماكن متفرقة من العالم، ولكنهم إذا
واجهوا أمة الإسلام، فإنهم يوحّدون صفوفهم لحرب الإسلام والمسلمين.. وهذا الكلام
ليس غريبًا, بل هو من الطرق الثابتة لأهل الباطل في حربهم مع
المسلمين
..

تعاون قبل ذلك اليهود مع المشركين لحرب الرسول
صلى الله عليه وسلم مع الاختلاف الكبير في عقائد اليهود عن عقائد
المشركين
..

بل
تعاون الفرس مع الروم في حرب المسلمين مع شدة الكراهية بين الدولتين الكبيرتين فارس
والروم
.. ومع الثارات القديمة، والخلافات المستمرة والحروب
الطويلة
..


وتعاون الإنجليز مع اليهود لإسقاط الخلافة العثمانية، ولاحتلال فلسطين،
وزرْع إسرائيل في داخل هذه الأرض المباركة
.. مع شدة العداء بين اليهود والنصارى..


ويتعاون الروس مع الأمريكان الآن في القضاء على ما يسمونه الإرهاب
الإسلامي
.. فتسهل روسيا لأمريكا حروبها في أفغانستان والعراق
وفلسطين
.. على أن تسهل أمريكا لروسيا حربها في الشيشان.. والضحية في الحالين من المسلمين..

إذن.. اتحاد أهل الباطل في حربهم ضد المسلمين أمر متكرر.. وسنّة ماضية..



ولذلك.. لا يستقيم أن يتعامل المسلمون بالمبدأ
القائل: "عدو عدوي صديقي", بل لابد أن يعرف المسلمون أعداءهم، ولابد أن يعرفوا
أيضاً أن عدو عدوهم قد يكون أيضاً عدوهم
.. نعم قد تتم التحالفات بين المسلمين وبين بعض الأعداء لأجل معين ولهدف
خاص
.. ولكن ذلك يكون بلا تفريط في الدين، ولا تساهل في الحقوق، ويكون بحذر
كاف، وإلى أجل معلوم
.. لكن لا يصل الأمر أبداً إلى الولاء والصداقة ونسيان الحقائق التي ذكرها
الله عز وجل واضحة في كتابه الكريم حيث قال
:

"ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم"



والمهم
في كل ذلك أن التتار بدءوا يفكرون جدياً في غزو بلاد المسلمين
.. وبدءوا يخططون لإسقاط الخلافة العباسية، ودخول بغداد.. عاصمة الخلافة الإسلامية..





الهجمة التترية الأولى



فكر
"جنكيزخان" في أن أفضل طريقة لإسقاط الخلافة العباسية في العراق هي التمركز أولاً
في منطقة أفغانستان وأوزبكستان؛
لأن المسافة ضخمة بين الصين والعراق، ولابد من وجود قواعد إمداد ثابتة
للجيوش التترية في منطقة متوسطة بين العراق والصين
.. كما أن هذه المنطقة التي تعرف بالقوقاز غنية بثرواتها الزراعية
والاقتصادية
.. وكانت من حواضر الإسلام المشهورة، وكنوزها كثيرة.. وأموالها وفيرة.. هذا بالإضافة إلى أنه لا يستطيع تكتيكياً أن يحارب العراق وفي ظهره شعوب
مسلمة قد تحاربه أو تقطع عليه خطوط الإمداد
..

كل هذه
العوامل جعلت "جنكيزخان" يفكر أولاً في خوض حروب متتالية مع هذه المنطقة الشرقية من
الدولة الإسلامية، والتي تعرف في ذلك الوقت بالدولة الخوارزمية.. وكانت تضم بين
طياتها عدة أقاليم إسلامية هامة مثل: أفغانستان وأوزبكستان والتركمنستان وكازاخستان
وطاجكستان وباكستان وأجزاء من إيران
.. وكانت عاصمة هذه الدولة الشاسعة هي مدينة
"أورجندة" (في تركمنستان حاليًّا).




وكان
جنكيزخان في شبه اتفاق مع ملك خوارزم (محمد بن خوارزم شاه) على حسن الجوار، ومع ذلك
فلم يكن جنكيزخان من أولئك الذين يهتمون بعقودهم، أو يحترمون اتفاقياتهم، ولكنه عقد
هذا الاتفاق مع ملك خوارزم ليؤمّن ظهره إلى أن يستتب له الأمر في شرق آسيا، أما وقد
استقرت الأوضاع في منطقة الصين ومنغوليا، فقد حان وقت التوسع غرباً في أملاك الدولة
الإسلامية
!..

ولا
مانع - طبعاً - من نقض العهد، وتمزيق الاتفاقيات السابقة
.. وهي سنة في أهل الباطل:

"أوكلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم؟ بل أكثرهم لا
يؤمنون
"..



ولكن..
حتى تكون الحرب مقنعة لكلا الطرفين، لابد من وجود سبب يدعو إلى الحرب، وإلى الادعاء
بأن الاتفاقيات لم تعد سارية، وقد بحث "جنكيزخان" عن سبب مناسب، ولكنه لم
يجد.
..

ولكن
- سبحان الله - لقد حدث أمر مفاجئ بغير إعداد من جنكيزخان!!.. وهذا الأمر المفاجئ
يصلح أن يكون سبباً مقنعاً للحرب.. نعم، لقد جاء هذا السبب مبكراً بالنسبة لإعداد
جنكيزخان ولرغبته، ولكن لا مانع من استغلاله
.. ولا مانع أيضاً من تقديم بعض الخطوات في خطة الحرب، وتأخير بعض الخطوات
الأخرى
..



ما هي
الذريعة التي دخل بها "جنكيزخان" أرض خوارزم شاه؟
!

لقد ذهبت مجموعة من تجار المغول إلى مدينة "أوترار" الإسلامية في مملكة خوارزم شاه.. ولما رآهم حاكم المدينة المسلم، أمسك بهم وقتلهم!..

أما عن
سبب قتلهم.. فقد اختلف المؤرخون في تفسير هذه الحادثة:


فمنهم من يقول: إن هؤلاء ما كانوا إلا جواسيس أرسلهم جنكيزخان للتجسس
على الدولة الإسلامية أو لاستفزازها، ولذلك قتلهم حاكم مدينة
أوترار
..

ومنهم
من يقول: إن هذا كان عمداً كنوع من الرد على عمليات للسلب والنهب قام بها التتار في
بلاد ما وراء النهر، وهي بلاد خوارزمية مسلمة
..

ومنهم
من يقول: إن هذا كان فعلاً متعمداً بقصد استثارة التتار للحرب، ليدخل خوارزم شاه
بعد ذلك منطقة تركستان، والتي هي في ملك التتار آنذاك
.. وإن كان هذا الرأي مستبعداً؛ لأن "محمد بن خوارزم شاه" لم تكن له أطماع تذكر في أرض التتار.. وكل ما كان يريده هو العهد على بقاء كل فريق في مملكته دون تعدٍّ على
الآخر
.. وليس من المعقول أن يستثير التتار وهو يعلم أعدادهم وجيشهم، وليس من
المعقول أيضاً أنه لم يكن يدري عن قوتهم شيئاً وهم الملاصقون له تماماً، وقد ذاع
صيت زعيمهم "جنكيزخان" في كل مكان
..

ومن
المؤرخين أيضًا من يقول: إنما أرسل جنكيزخان بعضاً من رجاله إلى أرض المسلمين
ليقتلوا تجار التتار هناك حتى يكون ذلك سبباً في غزو البلاد المسلمة، وإن كان هذا
الرأي لا يقوم عليه دليل
..

ومنهم
من قال: إن خوارزم شاه طمع في أموال التجار فقتلهم لأجلها
..



كل هذه
احتمالات واردة، لكن المهم في النهاية أن التجار (أو الجواسيس) قد
قُتلوا
.. ووصل النبأ إلى جنكيزخان، فأرسل رسالة إلى "محمد بن خوارزم شاه" يطلب
منه تسليم القتلة إليه حتى يحاكمهم بنفسه، ولكن "محمد بن خوارزم شاه" اعتبر ذلك
تعدياً على سيادة البلاد المسلمة؛
فهو لا يسلم مجرماً مسلماً ليحاكم في بلدة أخرى بشريعة
أخرى
.. غير أنه
قال: إنه سيحاكمهم في بلاده
.. فإن ثبت بعد التحقيق أنهم مخطئون عاقبهم في بلاده بالقانون السائد فيها
وهو الشريعة الإسلامية
..

وهذا
الكلام وإن كان منطقياً ومقبولاً في كل بقاع الأرض إلا أنه بالطبع لم يكن مقنعاً
لجنكيزخان
.. أو قل: إن جنكيزخان لم يكن يرغب في الاقتناع؛ فليس المجال مجال حجة
أوبرهان أو دليل.. حقيقة الأمر أن جنكيزخان قد أعد لغزو بلاد المسلمين خططا
مسبقة
.. ولن يعطلها شيء.. وإنما كان يبحث فقط عن علة مناسبة، أو شبه مناسبة، وقد وجد في هذا الأمر
العلة التي كان يريدها
..



وبدأ
الإعصار التتري الرهيب على بلاد المسلمين
!!..

بدأت الهجمة التترية الأولى على دولة خوارزم شاه (انظر الخريطة رقم
4)
..


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]




وجاء جنكيزخان بجيشه الكبير لغزو خوارزم شاه، وخرج له "محمد بن خوارزم
شاه"
بجيشه أيضاً.. والتقى الفريقان في موقعة شنيعة استمرت أربعة أيام متصلة، وذلك شرق نهر
سيحون (وهو يعرف الآن بنهر
"سرداريا"، ويقع في دولة كازاخستان المسلمة)، وقتل من
الفريقين خلق كثير
.. لقد استُشهد من المسلمين في هذه الموقعة عشرون ألفاً، ومات من التتار
أضعاف ذلك
.. ثم تحاجز الفريقان، وانسحب "محمد بن خوارزم شاه" بجيشه لأنه وجد أن أعداد التتار هائلة.. وذهب ليحصن مدنه الكبرى في مملكته الواسعة (وخاصة العاصمة: أورجندة)..
كان هذا اللقاء الدامي في عام
616 هجرية..

انشغل
"محمد بن خوارزم شاه" في تحضير الجيوش من أطراف دولته، ولكن لا ننسى أنه كان
منفصلاً ـ بل معادياً ـ للخلافة العباسية في العراق، ولغيرها من الممالك الإسلامية؛
فلم يكن على وفاق مع الأتراك ولا مع السلاجقة ولا مع الغوريين في
الهند..
وهكذا كانت مملكة خوارزم شاه منعزلة عن بقية العالم
الإسلامي
.. ووقفت وحيدة في مواجهة الغزو التتري المهول..

وهذه
المملكة وإن كانت قوية وتمكنت من الثبات في أول اللقاءات، فإنها ـ ولا شك ـ لن تصمد
بمفردها أمام الضربات التترية المتوالية
..

وفي
رأيي أنه مع قوة التتار وبأسهم وأعدادهم إلا أن سبب المأساة الإسلامية بعد ذلك لن
يكون في الأساس بسبب هذه القوة، وإنما سيكون بسبب الفرقة والتشتت والتشرذم بين
ممالك المسلمين
.. وصدق الله العظيم إذ يقول:

"ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، واصبروا، إن الله مع
الصابرين
"..

فجعل الله عز وجل الفشل قريناً للتنازع.. والمسلمون كانوا في تنازع مستمر، وخلاف دائم.. وعندما
كانت تحدث بعض فترات الهدنة في الحروب مع التتار -
كما سنرى- كان المسلمون يغيرون على بعضهم, ويأسرون بعضهم, ويقتلون بعضهم...!! وقد
عُلم يقيناً أن من كانت هذه صفتهم، فلا يكتب لهم النصر أبدًا
..

روى
الإمام مسلم رحمه الله عن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال
:

"...وإني سألت ربي لأمتي أن لا يُهلكها بسَنة عامة،
وأن لا يسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد، إني
قضيت قضاءً فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن لا أسلط
عليهم عدوًا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها ـ أو قال من
بين أقطارها ـ حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا، ويسبي بعضهم بعضًا
".


فالمسلمون كانوا - في تلك الآونة - يهلك بعضهم بعضًا, ويسبي بعضهم بعضًا...
فلا عجب إن غلب عليهم جيش التتار أو غير التتار
..


وبالإضافة إلى داء الفرقة فإن هناك خطأ واضحًا في إعداد "محمد بن خوارزم"،
وهو أنه مع اهتمامه بتحصين العاصمة "أورجندة" إلا أنه ترك كل المساحات الشرقية من
دولته دون حماية كافية..!

ولكن... لماذا يقع قائد محنك خبير بالحروب في مثل هذا الخطأ
الساذج؟!



الواقع
أن الخطأ لم يكن تكتيكياً في المقام الأول، ولكنه كان خطأ قلبياً أخلاقيًّا في
الأساس.. لقد اهتم "محمد بن خوارزم" بتأمين نفسه وأسرته ومقربيه، وتهاون جداً في
تأمين شعبه، وحافظ جداً على كنوزه وكنوز آبائه، ولكنه أهمل الحفاظ على مقدرات
وأملاك شعبه
.. وعادة ما يسقط أمثال هؤلاء القواد أمام الأزمات التي تعصف
بأممهم
.. وعادة ما تسقط أيضًا الشعوب التي تقبل بهذه الأوضاع المقلوبة دون
إصلاح
.. ولننظر ماذا تحمل الأيام لمحمد بن خوارزم وشعبه!!..



ماذا فعل جنكيزخان بعد هذه المعركة الأولى؟

تعالوا نتتبع خطواته في البلاد المسلمة!!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدى فتحى تهامى
عماري أصيل
عماري أصيل
حمدى فتحى تهامى


ذكر
عدد الرسائل : 706
العمر : 40
المكان : ابو ظبي - الامارات
الحالة : متزوج
الهواية : ماتحاولش تبقى حد تانى غير نفسك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تاريخ التسجيل : 31/10/2008
التـقــييــم : 0

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالإثنين 04 أبريل 2011, 8:29 am





قصه فى منتهى التشويق للأن .

متابع للجزء التالى .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سميح عزت الهيو
شــاعـر عمـاري
شــاعـر عمـاري
سميح عزت الهيو


ذكر
عدد الرسائل : 2323
العمر : 54
المكان : "عنوانى أرض الله .. فعلا ماليش عنوان "
الحالة : "إسمى بنى آدم .. وقضيتى إنسان "
الهواية : الشعر والأدب
تاريخ التسجيل : 02/10/2008
التـقــييــم : 1

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالإثنين 04 أبريل 2011, 12:58 pm


بارك الله فيك ونفعنا بك أخى محمد

أخذتنى معك فلم أشعر بالوقت

متابع معك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://sameehezzat.maktoobblog.com/
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالإثنين 04 أبريل 2011, 7:17 pm

أسعدني مروركم
وبارك الله فيكم
أ/ سميح
أ/ حمدي
إضافة كبيرة للموضوع


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالإثنين 04 أبريل 2011, 7:21 pm

اجتياح بخارى

لقد جهز جنكيزخان جيشه من
جديد، وأسرع إلى اختراق كل إقليم كازاخستان الكبير، ووصل في تقدمه إلى مدينة بخارى
المسلمة (في دولة أوزبكستان الآن)، وهي بلدة الإمام الجليل، والمحدث العظيم
"البخارى" رحمه الله، وحاصر جنكيزخان البلدة المسلمة في سنة 616 هجرية،
ثم طلب من أهلها التسليم على أن يعطيهم الأمان، وكان "محمد بن خوارزم
شاه"
بعيدًا عن بخارى في ذلك الوقت.. فاحتار أهل بخارى: ماذا يفعلون؟.. ثم ظهر
رأيان:


أما الرأي الأول فقال
أصحابه:
نقاتل التتار وندافع عن مدينتنا، وأما الرأي الثاني فقال
أصحابه
: نأخذ بالأمان ونفتح الأبواب للتتار لتجنب القتل، وما أدرك هؤلاء أن
التتار لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة
..

وهكذا
انقسم أهل البلد إلى فريقين
: فريق من المجاهدين قرر القتال، وهؤلاء اعتصموا بالقلعة الكبيرة في
المدينة، وانضم إليهم فقهاء المدينة وعلماؤها
.. وفريق آخر من المستسلمين، وهو الفريق الأعظم والأكبر، وهؤلاء قرروا فتح
أبواب المدينة، والاعتماد على أمان التتار
!..

وفتحت
المدينة المسلمة أبوابها للتتار
.. ودخل جنكيزخان إلى المدينة الكبيرة.. وأعطى أهلها الأمان فعلا في أول دخوله خديعةً لهم، وذلك حتى يتمكن من
السيطرة على المجاهدين بالقلعة
..


وفعلاً.. بدأ جنكيزخان بحصار القلعة، بل أمر أهل المدينة من المسلمين أن
يساعدوه في ردم الخنادق حول القلعة ليسهل اقتحامها، فأطاعوه وفعلوا
ذلك
!!! وحاصر القلعة عشرة أيام.. ثم فتحها قسرًا.. ولما دخل إليها قاتل من فيها حتى قتلهم جميعًا!!.. ولم يبق بمدينة بخارى مجاهدون..

وهنا بدأ جنكيزخان في خيانة
عهده، فسأل أهل المدينة عن كنوزها وأموالها وذهبها وفضتها
.. ثم اصطفى كل ذلك لنفسه.. ثم أحل المدينة المسلمة لجنده، ففعلوا بها ما لا يتخيله
عقل
!.. وأترُك ابن كثير ـ رحمه الله ـ يصور لكم هذا الموقف كما جاء في (البداية
والنهاية) فيقول:


"فقتلوا من أهلها خلقاً لا يعلمهم إلا الله عز وجل، وأسروا الذرية
والنساء، وفعلوا مع النساء الفواحش في حضرة أهليهن..!! (ارتكبوا الزنا مع البنت في
حضرة أبيها، ومع الزوجة في حضرة زوجها)، فمن المسلمين من قاتل دون حريمه حتى قتل،
ومنهم من أُسر فعذب بأنواع العذاب، وكثر البكاء والضجيج بالبلد من النساء والأطفال
والرجال، ثم أشعلت التتار النار في دور بخارى ومدارسها ومساجدها، فاحترقت المدينة
حتى صارت خاوية على عروشها.."!!!


انتهى كلام ابن كثير.. ولا حول ولا قوة إلا بالله!..

حقًا... لا حول ولا قوة إلا بالله!..

هلكت المدينة المسلمة!!..

هلك المجاهدون الصابرون فيها.. وكذلك هلك المستسلمون المتخاذلون!!..

روى
البخاري ومسلم عن أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى
الله عليه وسلم
: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم، إذا كثر
الخبث
"..

وكان
الخبث قد كثر في هذه البلاد
.. فمن الخبث ألا يرفع المسلمون سيوفهم ليدافعوا عن دينهم وأرضهم
وعرضهم
.. ومن الخبث أن يصدق المسلمون عهود الكافرين لهم.. ومن الخبث أن يُسلم المسلمون من رفعوا راية الجهاد فيهم إلى
عدوهم
.. ومن
الخبث أن يتفرق المسلمون ويتقاتلوا فيما بينهم، ومن الخبث ألا يحتكم المسلمون إلى
كتاب ربهم، وإلى سنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم
..

هذا كله من الخبث!..

وإذا كثر الخبث ، لابد أن تحدث الهلكة!.. وصدق الرسول الحكيم صلى الله عليه
وسلم..


وهكذا هلكت بخارى في سنة 616 هجرية!!..

ولكن.. هل كانت هذه آخر المآسي؟!.. هل كانت آخر الكوارث؟!.. لقد كانت
هذه أولى صفحات القصة.. كانت بداية الطوفان وبداية الإعصار.. وستكون صفحات القصة
القادمة أشد سوادًا وأكثر دماءً.. سيدخل المسلمون في سنة 617 هـ, وهي - بلا شك - من
أبشع وأسوأ وأظلم السنوات التي مرت على المسلمين عبر تاريخهم
الطويل..




ودخلت سنة 617 هجرية..

وإنا لله، وإنا إليه راجعون!..

كانت
هذه السنة من أبشع السنوات التي مرت على المسلمين منذ بعثة الرسول صلى الله عليه
وسلم، وإلى هذه اللحظة
.. لقد علا فيها نجم التتار.. واجتاحوا البلاد الإسلامية اجتياحًا لم يُسبَق، وأحدثوا فيها من المجازر
والفظائع والمنكرات ما لم يُسمع به، وما لا يُتخيل أصلاً
..



وأرى
أنه من المناسب أن نقدم لهذه الأحداث بكلام المؤرخ الإسلامي العلامة "ابن الأثير
الجزري" رحمه الله في كتابه القيم (الكامل في التاريخ)
وكلامه في غاية الأهمية.. ويعتبر به جداً في هذا المجال أكثر من كلام غيره؛ لأنه كان معاصراً لكل
هذه الأحداث، وليس من رأى كمن سمع
..

اسمعوا
ماذا يقول ابن الأثير رحمه الله وهو يقدم لشرحه لقصة التتار في بلاد
المسلمين
:

"لقد بقيت عدة سنين معرضًا عن ذكر هذه الحادثة استعظامًا لها، كارهًا
لذكرها، فأنا أقدِّم إليه رجلاً وأؤخر أخرى، فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي
الإسلام والمسلمين؟ ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك؟ فياليت أمي لم تلدني، وياليتني
متُّ قبل هذا وكنت نسيًا منسيًا، إلا أنه حثني جماعة من الأصدقاء على تسطيرها وأنا
متوقف، ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعاً، فنقول: هذا الفصل يتضمن ذكر الحادثة
العظمى، والمصيبة الكبرى التي عقمت الأيام والليالي عن مثلها.. عمّت الخلائق، وخصّت
المسلمين، فلو قال قائل: إن العالم منذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم إلى الآن لم
يُبتلوا بمثلها لكان صادقاً؛ فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما
يدانيها
.. ومن أعظم ما يذكرون من الحوادث ما فعله "بختنصر" ببني إسرائيل من القتل،
وتخريب البيت المقدس، وما البيت المقدس بالنسبة إلى ما خرب هؤلاء الملاعين من
البلاد التي كل مدينة منها أضعاف البيت المقدس؟
!! وما بنو إسرائيل إلى من قتلوا؟! فإن أهل مدينة واحدة ممن قتلوا أكثر من بني إسرائيل، ولعل الخلق لا يرون
مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم وتفنى الدنيا إلا يأجوج ومأجوج، وأما الدجال،
فإنه يبقي على من اتبعه ويهلك من خالفه، وهؤلاء لم يبقوا على أحد، بل قتلوا النساء
والرجال والأطفال، وشقوا بطون الحوامل، وقتلوا الأجنة، فإنا لله وإنا إليه راجعون،
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لهذه الحادثة التي استطار شررها، وعم
ضررها، وسارت في البلاد كالسحاب استدبرته الريح
"..

كانت
هذه مقدمة كتبها ابن الأثير رحمه الله لكلام طويل يفيض ألمًا وحزنًا وهمًا
وغمًا
..

لقد
كانت كارثة على العالم الإسلامي
.. كارثة بكل المقاييس.. كارثة بمقاييس الماضي والحاضر.. وكارثة أيضًا بمقاييس المستقبل.. فإن هذه المصيبة فعلاً تتضاءل إلى جوارها كثير من مصائب المسلمين في كل
العصور
..




ماذا حدث في سنة 617هجرية؟

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدى فتحى تهامى
عماري أصيل
عماري أصيل
حمدى فتحى تهامى


ذكر
عدد الرسائل : 706
العمر : 40
المكان : ابو ظبي - الامارات
الحالة : متزوج
الهواية : ماتحاولش تبقى حد تانى غير نفسك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تاريخ التسجيل : 31/10/2008
التـقــييــم : 0

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالثلاثاء 05 أبريل 2011, 5:23 am




مااجمل السرد متابع معك لنهاية القصه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالثلاثاء 05 أبريل 2011, 9:24 am

اجتياح سمرقند

فبعد أن دمر التتار مدينة بخارى العظيمة، وأهلكوا أهلها، وحرّقوا ديارها
ومساجدها ومدارسها، انتقلوا إلى المدينة المجاورة "سمرقند" (وهي أيضاً في دولة
أوزبكستان الحالية)، واصطحبوا في طريقهم مجموعة كبيرة من أسارى المسلمين من مدينة
بخارى، وكما يقول ابن الأثير: "فساروا بهم على أقبح صورة، فكل من أعيا وعجز عن
المشي قتل
"..

أما
لماذا كانوا يصطحبون الأسارى معهم؟ فلأسباب كثيرة:


أولاً: كانوا يعطون كل عشرة من الأسارى علمًا من أعلام التتار يرفعونه، فإذا
رآهم أحد من بعيد ظن أنهم من التتار، وبذلك تكثر الأعداد في أعين أعدائهم بشكل
رهيب، فلا يتخيلون أنهم يحاربونهم، وتبدأ الهزيمة النفسية تدب في قلوب من
يواجهونهم
..

ثانياً: كانوا يجبرون الأسارى على أن يقاتلوا معهم ضد أعدائهم.. ومن رفض القتال أو لم يظهر فيه قوة قتلوه..

ثالثاً: كانوا يتترسون بهم عند لقاء المسلمين، فيضعونهم في أول الصفوف كالدروع
لهم، ويختبئون خلفهم، ويطلقون من خلفهم السهام والرماح، وهم يحتمون
بهم
..

رابعاً: كانوا يقتلونهم على أبواب المدن لبث الرعب في قلوب أعدائهم، وإعلامهم أن
هذا هو المصير الذي ينتظرهم إذا قاوموا التتار
..

خامساً: كانوا يبادلون بهم الأسارى في حال أسر رجال من التتار في
القتال
.. وهذا قليل لقلة الهزائم في جيش التتار..



كيف كان الوضع في "سمرقند"؟

كانت
"سمرقند" من حواضر الإسلام العظيمة، ومن أغنى مدن المسلمين في ذلك الوقت، ولها
قلاع حصينة، وأسوار عالية
.. ولقيمتها الاستراتيجية والاقتصادية فقد ترك فيها "محمد بن خوارزم شاه"
زعيم الدولة الخوارزمية خمسين ألف جندي خوارزمي لحمايتها
.. هذا فوق أهلها، وكانوا أعدادًا ضخمة تقدّر بمئات الآلاف.. أما "محمد بن خوارزم شاه" نفسه فقد استقر في عاصمة بلاده مدينة
"أورجندة"


وصل جنكيزخان إلى مدينة "سمرقند" وحاصرها من
كل الاتجاهات
.. وكان من المفروض أن يخرج له الجيش الخوارزمي
النظامي، ولكن لشدة الأسف.. لقد دب الرعب في قلوبهم، وتعلقوا بالحياة تعلقاً
مخزياً، فأبوا أن يخرجوا للدفاع عن المدينة المسلمة
!!..

فاجتمع
أهل البلد وتباحثوا في أمرهم بعد أن فشلوا في إقناع الجيش المتخاذل أن يخرج للدفاع
عنهم
.. وقرر البعض من الذين في قلوبهم حمية من عامة الناس أن يخرجوا لحرب
التتار
.. وبالفعل خرج سبعون ألفاً من شجعان البلد، ومن أهل الجَلد، ومن أهل
العلم
.. خرجوا جميعاً على أرجلهم دون خيول ولا دواب.. ولم يكن لهم من الدراية العسكرية حظ يمكنهم من القتال.. ولكنهم فعلوا ما كان يجب أن يفعله الجيش المتهاون الذي لم تستيقظ نخوته
بعد
..

وعندما رأى التتار أهل "سمرقند" يخرجون لهم
قرروا القيام بخدعة خطيرة، وهي الانسحاب المتدرج من حول أسوار المدينة، في محاولة
لسحب المجاهدين المسلمين بعيداً عن مدينتهم
.. وهكذا بدأ التتار يتراجعون بعيداً عن "سمرقند" وقد نصبوا الكمائن
خلفهم.. ونجحت خطة التتار,
وبدأ المسلمون المفتقدون لحكمة القتال يطمعون فيهم ويتقدمون
خلفهم
.. حتى إذا ابتعد رجال المسلمين عن المدينة بصورة كبيرة أحاط جيش التتار
بالمسلمين تماماً
.. وبدأت عملية تصفية بشعة لأفضل رجال
"سمرقند"..


كم من المسلمين قتل في هذا اللقاء غير المتكافئ؟!

لقد قتلوا جميعاً!!..

لقد استشهدوا عن آخرهم!!..

فقد
المسلمون في "سمرقند" سبعين ألفاً من رجالهم دفعة واحدة.. (أتذكرون كيف كانت مأساة
المسلمين يوم فقدوا سبعين رجلاً فقط في موقعة أحد؟!). والحق أن هذه لم تكن مفاجأة، بل كان أمرًا
متوقعًا؛ لقد دفع المسلمون ثمن عدم استعدادهم للقتال، وعدم اهتمامهم بالتربية
العسكرية لأبنائهم، وعدم الاكتراث بالقوى الهائلة التي تحيط
بدولتهم
..

وعاد التتار من جديد لحصار "سمرقند"..

وأخذ الجيش الخوارزمي النظامي قراراً مهيناً!!..

لقد قرروا أن يطلبوا الأمان من التتار على أن يفتحوا أبواب البلدة
لهم
.. وذلك مع أنهم يعلمون أن التتار لا يحترمون العهود، ولا يرتبطون
باتفاقيات، وما أحداث بخارى منهم ببعيد، ولكن تمسكهم بالحياة إلى آخر درجة جعلهم
يتعلقون بأهداب أمل مستحيل
.. وقال لهم عامة الناس: إن تاريخ التتار معهم واضح.. ولكنهم أصروا على التسليم.. فهم لا يتخيلون مواجهة مع التتار، وبالطبع وافق التتار على إعطاء الأمان
الوهمي للمدينة، وفتح الجيش أبواب المدينة بالفعل، ولم يقدر عليهم عامة الناس، فقد
كان الجيش الخوارزمي كالأسد على شعبه، وكالنعامة أمام جيوش الأعداء
!!..

وفتح الجنود الأبواب للتتار وخرجوا لهم مستسلمين، فقال لهم
التتار
: ادفعوا إلينا سلاحكم وأموالكم ودوابكم، ونحن نسيّركم إلى مأمنكم..
ففعلوا ذلك في خنوع، ولما أخذ التتار أسلحتهم ودوابهم فعلوا ما كان متوقعاً
منهم
.. لقد وضعوا السيف في الجنود الخوارزمية فقتلوهم عن آخرهم!!.. ودفع الجند جزاء ذلتهم.. ولا حول ولا قوة إلا بالله..

ثم دخل التتار مدينة
"سمرقند" العريقة، ففعلوا بها مثلما فعلوا سابقاً في "بخارى"
.. فقتلوا أعداداً لا تحصى من الرجال والنساء والأطفال، ونهبوا كل ثروات
البلد، وانتهكوا حرمات النساء، وعذبوا الناس بأنواع العذاب البشعة بحثاً عن
أموالهم، وسبوا أعداداً هائلة من النساء والأطفال، ومن لم يصلح للسبي لكبر سنه، أو
لضعف جسده قتلوه، وأحرقوا الجامع الكبير، وتركوا المدينة خراباً
!!..



وليت شعري!!..

كيف
سمع المسلمون في أطراف الأرض آنذاك بهذه المجازر ولم يتحركوا؟
!

كيف وصل إليهم انتهاك كل حرمة للمسلمين، ولم يتجمعوا لقتال
التتار؟
!

كيف علموا بضياع الدين، وضياع النفس، وضياع العرض، وضياع المال، ثم ما
زالوا متفرقين؟!.. لقد كان كل حاكم من حكام المسلمين يحكم قطراً صغيراً، ويرفع عليه
علماً، ويعتقد أنه في أمان ما دامت الحروب لا تدور في قطره المحدود..!! لقد كانوا
يخدعون أنفسهم بالأمان الوهمي حتى لو كانت الحرب على بعد أميال
منهم
!.. ولا
تندهش مما تقرأ الآن.. وخبرني بالله عليك: كم جيشًا مسلمًا تحرك لنجدة المسلمين في
الفلوجة أو في فلسطين؟؟!


لم
يفكر حاكم من حكام المسلمين آنذاك أن الدائرة حتماً ستدور عليه.. وأن ما حدث في
بخارى وسمرقند
ما هو إلا مقدمة لأحداث دامية أليمة سيعاني منها كل المسلمين، ولن ينجو
منها قريب ولا بعيد
.. ولا حول ولا قوة إلا بالله..






واستقر جنكيزخان - لعنه الله – بسمرقند؛ فقد أعجبته المدينة العملاقة
التي لم ير مثلها قبل ذلك، وأول ما فكر فيه هو قتل رأس هذه الدولة ليسهل عليه بعد
ذلك احتلالها دون خوف من تجميع الجيوش ضده؛ فأرسل عشرين ألفاً من فرسانه يطلبون
"محمد بن خوارزم شاه" زعيم البلاد.. وإرسال عشرين ألف جندي فقط فيه إشارة كبيرة إلى
استهزاء جنكيزخان بمحمد بن خوارزم وبأمته؛ فهذا الرقم الهزيل لا يقارن بالملايين
المسلمة التي سيتحرك هذا الجيش التتري في أعماقها.. ولنشاهد ماذا فعلت هذه الكتيبة
التترية الصغيرة..
قال لهم جنكيزخان: "اطلبوا خوارزم شاه أين كان، ولو تعلق
بالسماء..!!"



ترى ماذا فعلت الكتيبة الصغيرة التي لا يقارن عددها بأعداد جيوش الخوارزميين؟

وهل وصلت لمحمد بن خوارزم شاه ؟...


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدى فتحى تهامى
عماري أصيل
عماري أصيل
حمدى فتحى تهامى


ذكر
عدد الرسائل : 706
العمر : 40
المكان : ابو ظبي - الامارات
الحالة : متزوج
الهواية : ماتحاولش تبقى حد تانى غير نفسك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تاريخ التسجيل : 31/10/2008
التـقــييــم : 0

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالثلاثاء 05 أبريل 2011, 9:59 am



وهل وصلت لمحمد بن خوارزم شاه ؟...


متابع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالثلاثاء 05 أبريل 2011, 10:27 am


شاكر مرورك الكريم
محمد بن خوارزم شاة معانا من أول القصة
وهو حاكم الدولة الخوارزمية وذكر بالقصة في أول ما أقدم التتار على غزو بلاد الإسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدى فتحى تهامى
عماري أصيل
عماري أصيل
حمدى فتحى تهامى


ذكر
عدد الرسائل : 706
العمر : 40
المكان : ابو ظبي - الامارات
الحالة : متزوج
الهواية : ماتحاولش تبقى حد تانى غير نفسك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تاريخ التسجيل : 31/10/2008
التـقــييــم : 0

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالثلاثاء 05 أبريل 2011, 2:05 pm

حمدى فتحى تهامى كتب:


وهل وصلت لمحمد بن خوارزم شاه ؟...


متابع

اخى محمد انا متابع معك واعرف ان اللرجل موجود معنا من اول القصه .

وانا اختارتها لانها كنات نهايه سردك لقصه التتار فى هذا الجزء .

وقد بدأت ردى بها لاعلمك انى انتظار بقيه القصه بعد هذه النهايه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالثلاثاء 05 أبريل 2011, 5:26 pm

شكراً يا جميل
نكمل معاً بإذن الله

ولعلنا جميعاً نستفيد

القصة فيها من العبر مالا يحصى ومن الدروس الكثير
وتوضح كيف من الممكن لهذه الأمة ان تصل لأقصى درجات الإنحدار بعد منتهى العز في أقصر وقت إذا تخلت عن دينها وأسباب النصر

كما أنها في وقت أسرع بكثير تنتقل من قمة الإنحدار لمنتهى القوة والعز والنصر إذا عرفت طريقها من جديد

هدف القصة هدف واحد تعلمته من القصة (رغم عدم إكمالها بعد)
- أننا أمة منصورة
- أن الأمل موجود
أن المشككين مغرضين لأننا تاريخيا نستطيع ...
ونستطيع كل شئ
- ولكننا أمة تقدمها فقط واكرر فقط في التمسك بدينها بمقتضى الأدلة التاريخية
ولسنا مثل الغرب ولا الشرق في إختراع أنظمة وإتباعها
طبيعتنا مختلفة لأن هدفنا مختلف
ولا نتجمع بقلوبنا ونتوحد إلا لهذا الهدف السامي الرباني



اللهم علمنا ما ينفعنا وإنفعنا بما علمتنا وزدنا علما
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالأربعاء 06 أبريل 2011, 10:33 am

نهاية ذليلة!!

واستقر جنكيزخان - لعنه
الله – بسمرقند؛ فقد أعجبته المدينة العملاقة التي لم ير مثلها قبل ذلك، وأول ما
فكر فيه هو قتل رأس هذه الدولة ليسهل عليه بعد ذلك احتلالها دون خوف من تجميع
الجيوش ضده؛ فأرسل عشرين ألفاً من فرسانه يطلبون "محمد بن خوارزم شاه" زعيم
البلاد.. وإرسال عشرين ألف جندي فقط فيه إشارة كبيرة إلى استهزاء جنكيزخان بمحمد بن
خوارزم وبأمته؛ فهذا الرقم الهزيل لا يقارن بالملايين المسلمة التي سيتحرك هذا
الجيش التتري في أعماقها.. ولنشاهد ماذا فعلت هذه الكتيبة التترية
الصغيرة..
قال لهم جنكيزخان: "اطلبوا خوارزم شاه أين كان، ولو تعلق
بالسماء..!!"


فانطلق الفرسان التتار إلى
مدينة
"أورجندة" حيث يستقر "محمد بن خوارزم شاه"، وهي مدينة تقع على الشاطئ
الغربي من نهر جيحون (نهر أموداريا)، وجاء الجنود التتار من الجانب الشرقي للنهر،
وهكذا فصل النهر بين الفريقين، وتماسك المسلمون، ولكن هذا التماسك لم يكن إلا
لعلمهم أن النهر يفصل بينهم وبين التتار، وليس مع التتار سفن
!!..

فماذا فعل التتار؟!

لقد
أخذوا في إعداد أحواض خشبية كبيرة ثم ألبسوها جلود البقر حتى لا يدخل فيها الماء،
ثم وضعوا في هذه الأحواض سلاحهم وعتادهم ومتعلقاتهم، ثم أنزلوا الخيول في الماء،
والخيول تجيد السباحة، ثم أمسكوا بأذناب الخيول، وأخذت الخيول تسبح والجنود
خلفها.. يسحبون خلفهم الأحواض الخشبية بما
فيها من سلاح وغيره
..

وبهذه
الطريقة عبر جيش التتار نهر جيحون، ولا أدري أين كانت عيون الجيش الخوارزمي المصاحب
لمحمد بن خوارزم شاه
!.. وفوجئ
المسلمون بجيش التتار إلى جوارهم، ومع أن أعداد المسلمين كانت كبيرة إلا أنهم كانوا
قد مُلئوا من التتار رعباً وخوفاً، وما كانوا يتماسكون إلا لاعتقادهم أن النهر
الكبير يفصل بينهم وبين وحوش التتار
.. أما الآن وقد أصبح التتار على مقربة منهم فلم يصبح أمامهم إلا طريق
واحد
.. أتراه طريق القتال؟!

لا.. بل طريق الفرار!!..

وكما
يقول ابن الأثير رحمه الله: "ورحل خوارزم شاه لا يلوي على شيء في نفر من خاصته"
واتجه إلى نيسابور (في إيران حالياً)، أما الجند فقد تفرق كل منهم في
جهة
.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.. وأما التتار فكانت لهم مهمة محددة وهي البحث عن "محمد بن خوارزم شاه"،
ولذلك فقد تركوا أورجنده، وانطلقوا في اتجاه نيسابور مخترقين الأراضي الإسلامية في
عمقها
.. وهم لا يزيدون عن عشرين ألفاً!! وجنكيزخان ما زال مستقراً في "سمرقند"،
وكان من الممكن أن تُحاصَر هذه المقدمة التترية في أي بقعة من بقاع البلاد
الإسلامية التي يتجولون فيها.. لكن الرعب كان قد استولى على قلوب المسلمين؛ فكانوا
يفرون منهم في كل مكان، وقد أخذوا طريق الفرار اقتداءً بزعيمهم الذي ظل يفر من بلد
إلى آخر كما نرى
..

ولم
يكن التتار في هذه المطاردة الشرسة يتعرضون لسكان البلاد بالسلب أو النهب أو القتل؛
لأن لهم هدفاً واضحاً، فهم لا يريدون أن يضيعوا وقتاً في القتل وجمع الغنائم، إنما
يريدون فقط اللحاق بالزعيم المسلم، ومن جانب آخر فإن الناس لم يتعرضوا لهم لئلا
يثيروا حفيظتهم؛ فيصيبهم من أذاهم!..


وهكذا
وصل التتار إلى مسافة قريبة من مدينة نيسابور العظيمة في فترة وجيزة، ولم يتمكن
"محمد بن خوارزم شاه" من جمع الأنصار والجنود، فالوقت ضيق، والتتار في أثره، فلما
علم بقربهم من نيسابور، ترك المدينة واتجه إلى مدينة "مازندران" (من مدن إيران)،
فلما علم التتار بذلك لم يدخلوا نيسابور بل اتجهوا خلفه مباشرة، فترك مازندران إلى
مدينة "الري", ثم إلى مدينة "همذان" (وهما من المدن الإيرانية أيضًا)، والتتار في
أثره، ثم عاد إلى مدينة "مازندران" في فرار مخزٍ فاضح
.. ثم اتجه إلى إقليم "طبرستان" (الإيراني) على ساحل بحر الخزر (بحر قزوين)
حيث وجد سفينة فركبها وسارت به إلى عمق البحر، وجاء التتار ووقفوا على ساحل البحر،
ولم يجدوا ما يركبونه خلفه
..

لقد نجحت خطة الزعيم الخوارزمي المسلم..!! نجحت خطة
الفرار
!!


وصل الزعيم محمد بن خوارزم في فراره إلى جزيرة في وسط بحر قزوين (انظر
الخريطة رقم 5)


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

وهناك رضي بالبقاء فيها في
قلعة كانت هناك، في فقر شديد وحياة صعبة
.. وهو الملك الذي ملك بلاداً شاسعة، وأموالاً لا تُعدّ.. ولكن رضي بذلك لكي يفر من الموت!..


وسبحان الله
.. فإن الموت لا يفر منه أحد.. فما هي إلا أيام، حتى مات
"محمد بن خوارزم شاه" في هذه الجزيرة في داخل القلعة وحيداً طريداً شريداً فقيرًا؛
حتى إنهم لم يجدوا ما يكفنوه به، فكفنوه في فراش كان ينام عليه
!!..

" أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة "..



أيهما أشرف يا إخواني؟؟.. أن يموت الزعيم المسلم
ذليلاً في هذه الجزيرة في عمق البحر أم يموت رافع الرأس ثابت الجأش مطمئن القلب في
ميدان الجهاد؟؟!..


أيهما أشرف.. أن يموت مقبلاً أم أن يموت
مدبرًا؟؟!..


أيهما أشرف.. أن يموت هاربًا أم أن يموت
شهيدًا؟؟!..




إن الإنسان لا يختار
ميعاد موته، ولكنه يستطيع أن يختار طريقة موته.. الشجاعة لا تقصر
الأعمار..
كما أن الفرار والهرب والجبن لا تطيلها أبداً.. والذي يعيش مجاهداً في
سبيل الله يموت مجاهداً في سبيل الله، وإن مات على فراشه
..

روى الإمام مسلم عن سهل بن
حنيف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
:

"من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على
فراشه"




ونعود
إلى ابن الأثير رحمه الله وهو يحكي لنا عن سيرة "محمد بن خوارزم شاه" الذاتية، لنجد
فيها أموراً عجيبة
.. فعندما تقرأ صفته تجد أنك أمام عظيم من عظماء المسلمين، فإذا راجعت حياة
الرجل الأخيرة وخاتمته وفراره وهزيمته تبدى لك غير ذلك
.. فما السر في حياة هذا الرجل؟!

يقول ابن الأثير رحمه الله في ذكر سيرته:

"وكانت مدة ملكه إحدى وعشرين سنة وشهوراً تقريباً، واتسع ملكه وعظم محله
وأطاعه العالم بأسره، وملك من حد العراق إلى تركستان، وملك بلاد غزنة (في أفغانستان)
وبعض الهند، وملك سجستان وكرمان (باكستان) وطبرستان وجرجان وبلاد الجبال وخراسان
وبعض فارس (وكلها مناطق في إيران).."


إذن من
هذه الفقرة يتضح أنه كان عظيماً في مُلكه
.. استقر له الوضع في بلاد واسعة لفترة طويلة.. ومن هنا يظهر حسن إدارته لبلاده، حتى إن ابن الأثير يقول في فقرة
أخرى
:

"
وكان صبوراً على التعب وإدمان السَير، غير متنعم ولا مقبل على اللذات، إنما
همه في الملك وتدبيره، وحفظه وحفظ رعاياه
"..

وعندما تحدث عن حياته الشخصية العلمية
قال
:

"وكان فاضلاً عالماً، وكان مُكرماً للعلماء محباً لهم محسناً إليهم، يكثر
مجالستهم ومناظرتهم بين يديه، وكان معظماً لأهل الدين، مقبلاً عليهم، متبركاً
بهم
"..

هذا الوصف لمحمد بن خوارزم شاه يمثل لغزاً كبيراً للقارئ.. فكيف يكون
على هذه الصفة النبيلة، ثم تحدث له هذه الهزائم المنكرة؟! وكيف لا يجد جيشاً من كل
أطراف مملكته الواسعة يصبر على حرب التتار
.. حتى ينتهي هذه النهاية المؤسفة؟!..


وكنت في حيرة من أمري وأنا أحلل موقفه
.. لولا أني وجدت نصاً في مكان آخر في ابن الأثير أيضاً يفسر كثيراً من
الألغاز في حياة هذا الرجل..
وفي تفسير هذه الحقبة من حياة الأمة الإسلامية..

يقول ابن الأثير رحمه الله:

"وكان "محمد بن خوارزم شاه" قد استولى على البلاد، وقتل ملوكها، وأفناهم،
وبقي هو وحده سلطان البلاد جميعها، فلما انهزم من التتار لم يبق في البلاد من
يمنعهم ولا من يحميها
"..

في
هذا النص تفسير واضح جلي لمدى المأساة التي كان يعيشها المسلمون في ذلك الوقت.. لقد
كان "محمد بن خوارزم شاه" جيداً في ذاته وفي إدارته، لكنه قطع كل العلاقات بينه
وبين من حوله من الأقطار الإسلامية
.. لم يتعاون معها أبداً، بل على العكس قاتلها الواحدة تلو الأخرى.. وكان
يقتل ملوك هذه الأقطار ويضمها إلى مملكته، ولا شك أن هذا خلف أحقاداً كبيرة في قلوب
سكان هذه البلاد، وهذا ليس من الحكمة في شيء.. انظروا إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم عندما كان يفتح البلاد، كان يولي زعماء هذه البلاد عليها ويحفظ لهم مكانتهم
ويبقى لهم ملكهم فيضمن بذلك ولاءهم وحب الناس له.. فأبقى على حكم البحرين ملكها
المندر بن ساوى، وأبقى على حكم عمان ملكَيْها: جيفر وعباد.. بل وأبقى على اليمن
واليها باذان بن سامان الفارسي عندما أسلم، وهكذا...


هذه سياسة وحكمة في آنٍ معًا.. هذا مزج جميل بين الحزم وبين الحب.. هذا
أسلوب راقٍ في الإدارة..


أما هنا في قصتنا.. فقد افتقد الزعيم محمد بن خوارزم هذا الجمع الحكيم
بين الحب والحزم.. وأصبح حاكماً بقوّته لا بحب الناس له، فلما احتاج إلى الناس لم
يجدهم، ولما احتاج إلى الأعوان افتقر إليهم.. فلم تكن الصراعات بين الخلافة
العباسية والدولة الخوارزمية فقط، بل قامت الدولة الخوارزمية نفسها على صراعات
داخلية وخارجية، ومكائد كثيرة، ومؤامرات عديدة.. فلم تتوحد القلوب في هذه البلاد،
ومن ثم لم تتوحد الصفوف ولم يحدث النصر
.. وما كان للنصر أن يتحقق والأمة على هذا
النحو..


" إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان
مرصوص
"

كان
هذا هو سر اللغز في حياة قائد عالم فقيه اتسع ملكه وكثرت جيوشه
.. ثم مات طريداً شريداً وحيداً في جزيرة نائية في عمق
البحر
..

وصدق
الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إذ يقول فيما رواه النسائي وأحمد عن أبي الدرداء
رضي الله عنه
:

" عليكم بالجماعة؛ فإنما يأكل الذئب القاصية" أي يأكل
الغنم القاصية
..



ماذا فعل التتار بعد أن هرب منهم "محمد بن خوارزم
شاه"؟


ماذا فعلت الفرقة التي تبلغ عشرين ألف فارس فقط.. وقد توغلت في أعماق
الدولة الإسلامية؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدى فتحى تهامى
عماري أصيل
عماري أصيل
حمدى فتحى تهامى


ذكر
عدد الرسائل : 706
العمر : 40
المكان : ابو ظبي - الامارات
الحالة : متزوج
الهواية : ماتحاولش تبقى حد تانى غير نفسك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تاريخ التسجيل : 31/10/2008
التـقــييــم : 0

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالأربعاء 06 أبريل 2011, 5:19 pm




وانتهت قصه محمد بن خوازم شاه .

وياترى من هو التالى ....................... متابع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سميح عزت الهيو
شــاعـر عمـاري
شــاعـر عمـاري
سميح عزت الهيو


ذكر
عدد الرسائل : 2323
العمر : 54
المكان : "عنوانى أرض الله .. فعلا ماليش عنوان "
الحالة : "إسمى بنى آدم .. وقضيتى إنسان "
الهواية : الشعر والأدب
تاريخ التسجيل : 02/10/2008
التـقــييــم : 1

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالخميس 07 أبريل 2011, 7:31 am



بارك الله فيك أخى محمد عبدالرحمن

الكثير من العبر والتحليلات التى يجب علينا كأمة إسلامية
حكاما وشعوباً الوقوف عليها والنظر لها بعين فاحصة
وحقيقة فإنه كما قالوا .. التاريخ أحداث متكررة يمكن توقعها
ومن الربط الآنى بما كان سالفاً من أحداث يمكن العمل تغذية التاريخ المعاصر بأحداث مغايرة من خلال العودة إلى تاعليم ديننا الحنيف فنتحد .
ومتابع وأنتظر الجديد لديك إن شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://sameehezzat.maktoobblog.com/
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالخميس 07 أبريل 2011, 9:44 am

سميح عزت الهيو كتب:


بارك الله فيك أخى محمد عبدالرحمن

الكثير من العبر والتحليلات التى يجب علينا كأمة إسلامية
حكاما وشعوباً الوقوف عليها والنظر لها بعين فاحصة
وحقيقة فإنه كما قالوا .. التاريخ أحداث متكررة يمكن توقعها
ومن الربط الآنى بما كان سالفاً من أحداث يمكن العمل تغذية التاريخ المعاصر بأحداث مغايرة من خلال العودة إلى تاعليم ديننا الحنيف فنتحد .
ومتابع وأنتظر الجديد لديك إن شاء الله

وبارك الله فيكم يا استاذنا
ما قلته هو الهدف من السلسلة التي عندما قرأتها أحسست أنني كنت جاهلاً وناقماً
مع عدم وضوح رؤية وعمق للتقييم صحيح للأمور
ووجدت ضالتي في التاريخ وبدأت في التتار
وسأكمل إن شاء الله معكم بتاريخ الحروب الصليبية والدولة العثمانية
وكل تاريخ الأمة وخاصة تاريخ المماليك العظيم والمجهلين فيه
لأنني أحسسست رغبة شديدة وإحتياج للإستزادة من هذا البحر الغائب والأصل الأصيل
لأن لا أحد يمكن يدعي الثقافة وهو لا يعرف أصله وأصل أمته
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالخميس 07 أبريل 2011, 10:06 am

اجتياح فارس

كانت المسافة بين الفرقة التترية الصغيرة وبين القوة الرئيسية لجنكيزخان
في "سمرقند" تزيد على ستمائة وخمسين كيلومترًا
.. هذا في الطرق السوية والمستقيمة، فإذا أخذت في الاعتبار الطبيعة الجبلية
لهذه المنطقة، وإذا أخذت في الاعتبار أيضاً الأنهار التي تفصل بين "سمرقند" ومنطقة
بحر قزوين والتي كانت تعتبر من العوائق الطبيعية الصعبة،
بالإضافة إلى أن التتار ليسوا من سكان هذه المناطق ولا يعرفون مسالكها
ودروبها وطرقها الفرعية، كل ذلك إلى جانب العداء الشديد الذي يكنه أهل هذه المناطق
المنكوبة للتتار
.. إذا أخذت كل ما سبق في الاعتبار فإنك تعلم أن جيش التتار أصبح مقطوعاً
عن مدده في "سمرقند" بصورة كبيرة
.. وأصبح في موقف حرج لا يحسد عليه بالمرة.. وهو ليس بالكبير العدد.. إنما هو عشرون ألفاً فقط.. فإذا أضفت إلى كل الاعتبارات السابقة الكثافة السكانية الإسلامية
الهائلة في تلك المناطق أدركت أن فرقة التتار ستهلك لا محالة؛
فلو خرج عليها أهل البلاد - وقد تجاوزوا الملايين بلا مبالغة - فإن التتار لا يقدرون عليهم بأي حال من الأحوال..

كان هذا هو تحليل الورقة والقلم..

فماذا حدث على أرض الواقع؟!

لقد شاهدنا أمراً عجيباً مخزياً مشيناً!!..

لقد دبت الهزيمة النفسية في قلوب المسلمين.. وتعلقوا بدنياهم الذليلة تعلقاً لا يُفهم.. ورضوا أن يبقوا في قراهم ومدنهم ينتظرون الموت على أيدي الفرقة التترية
الصغيرة
..

روى
أبو داود عن ثوبان قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما
تداعى الأكلة إلى قصعتها" فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: "بل أنتم يومئذ كثير,
ولكنكم غثاء كغثاء السيل.. ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم, وليقذفن الله
في قلوبكم الوهن", فقال قائل: يارسول الله, وما الوهن؟ قال: "حب الدنيا وكراهية
الموت".


لقد سيطر حب الدنيا على القلوب، وكره المسلمون
الموت في سبيل الله؛ فأصبحوا كالغثاء الذي يحمله السيل
.. إذا توجه السيل شرقاً شرَّقوا معه، وإذا توجه السيل غرباً غرَّبوا معه،
لا رأي ولا هدف ولا طموح، ونزع الله عز وجل مهابة المسلمين من قلوب التتار؛ فما
عادوا يكترثون بالأعداد الغفيرة، وألقى في قلوب المسلمين الوهن والضعف والخور حتى
كانت أقدام المائة من المسلمين لا تقوى على حملهم إذا واجهوا تترياً
واحداً!!..
ولا حول ولا قوة إلا بالله..

ماذا فعلت الفرقة التترية الخاصة؟

لقد
عادوا من شاطئ بحر (قزوين)
إلى بلاد "مازندران" (في إيران) فملكوها في أسرع وقت، مع حصانتها وصعوبة الدخول
إليها وامتناع قلاعها، وكانت من أشد بلاد المسلمين قوة
.. حتى إن المسلمين لما ملكوا بلاد الأكاسرة جميعها من العراق إلى أقاصي
خراسان أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يستطيعوا أن يدخلوا مازندران، ولم تُدخل
إلا في زمان سليمان بن عبد الملك -رحمه الله - الخليفة الأموي
المعروف
.. ولكن التتار دخلوها بسرعة عجيبة، لا لقوتهم ولكن لضعف نفسيات أهلها في
ذلك الوقت، ولما دخلوها فعلوا بها ما فعلوه في غيرها، فقتلوا وعذبوا وسبوا ونهبوا
وأحرقوا البلاد
..

ثم
اتجهوا من مازندران إلى الري (مدينة إيرانية كبيرة)، وسبحان الله
!! وكأن الله عز وجل قد أراد أن يتم الذلة لمحمد بن خوارزم شاه حتى بعد
وفاته؛ فإن التتار وهم في طريقهم من مازندران إلى الري وجدوا في طريقهم والدته
ونساءه ومعهم الأموال الغزيرة والذخائر النفيسة التي لم يسمع بمثلها، فأخذوا كل ذلك
سبياً وغنيمة، وأرسلوه من فورهم إلى جنكيزخان المتمركز في "سمرقند"
آنذاك
..

ثم
وصل التتار إلى الري فملكوها ونهبوها وسبوا الحريم واسترَقوا الأطفال، وفعلوا
الأفعال التي لم يُسمع بمثلها، ثم فعلوا مثل ذلك في المدن والقرى المحيطة حتى دخلوا
مدينة قزوين (من المدن الإيرانية أيضًا) واقتتلوا مع أهلها في داخل البلد، وقتلوا
من أهل قزوين المسلمين ما يزيد عن أربعين ألفًا
!!.. ولا حول ولا قوة إلا بالله!!..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالخميس 07 أبريل 2011, 11:11 am

محمدعبدالرحمن كتب:
وسبحان الله!! وكأن الله عز وجل قد أراد أن يتم الذلة لمحمد بن خوارزم شاه حتى بعد
وفاته؛ فإن التتار وهم في طريقهم من مازندران إلى الري وجدوا في طريقهم والدته
ونساءه ومعهم الأموال الغزيرة والذخائر النفيسة التي لم يسمع بمثلها، فأخذوا كل ذلك
سبياً وغنيمة، وأرسلوه من فورهم إلى جنكيزخان المتمركز في "سمرقند"
آنذاك
..

سبحان الله

اللهم إنا نعوذ بك من الذل بعد العز

لو وحد بلاده لمات مجاهداً ومنتصراً

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدى فتحى تهامى
عماري أصيل
عماري أصيل
حمدى فتحى تهامى


ذكر
عدد الرسائل : 706
العمر : 40
المكان : ابو ظبي - الامارات
الحالة : متزوج
الهواية : ماتحاولش تبقى حد تانى غير نفسك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تاريخ التسجيل : 31/10/2008
التـقــييــم : 0

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالجمعة 08 أبريل 2011, 10:55 am




سبحان المعز المذل .

له فى خلقه شئون ... وعلى ماظن انه نفس مايحدث الان للطغاه والجبابره .

موفق ومتابع معك .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالجمعة 08 أبريل 2011, 12:44 pm

اجتياح أذربيجان..

اتجه التتار إلى غرب بحر
قزوين حيث إقليم أذربيجان المسلم
..

مر التتار في طريقهم على مدينة تبريز (كانت مدينة أذربيجانية في ذلك
الوقت بينما هي الآن من مدن شمال إيران)، فقرر زعيم أذربيجان "أوزبك بن البهلوان" -
وكان يستقر في مدينة تبريز - أن يصالح التتار على الأموال والثياب والدواب، ولم
يفكر مطلقاً في حربهم؛ لأنه كان لا يفيق من شرب الخمر ليلاً أو
نهاراً
!! ورضي
التتار منه بذلك، ولم يدخلوا تبريز لأن الشتاء القارس كان قد حل، وتبريز في منطقة
باردة جداً، فاتجه التتار إلى الساحل الغربي لبحر قزوين، وبدءوا في اجتياح الناحية
الشرقية لأذربيجان متجهين ناحية الشمال
..





اجتياح أرمينيا وجورجيا..

هذان الإقليمان يقعان في
غرب وشمال أذربيجان، وقد اتجهوا إليهما قبل الانتهاء من مدن أذربيجان؛ لأنهم سمعوا
بتجمع قبائل
"الكرج" لهم، وقبائل الكرج هي قبائل وثنية ونصرانية تقطن في منطقة جورجيا
الروسية، وكان بينهم وبين المسلمين قتال دائم، وقد علموا أن الخطر يقترب منهم
فتجمعوا في مدينة تفليس (في جورجيا الآن) وحدث هناك قتال طويل بينهم وبين التتار
انتهى بانتصار التتار وامتلاك أرمينيا وجورجيا، وقُتل من الكرج ما لا يحصى في هذه
الموقعة
..



ماذا فعل جنكيزخان في سنة 617 هجرية بعد مطاردة "محمد بن خوارزم شاه"؟

بعد
أن اطمأن جنكيزخان إلى هروب "محمد بن خوارزم شاه" زعيم البلاد في اتجاه الغرب،
وانتقاله من مدينة إلى أخرى هرباً من الفرقة التترية المطاردة له، بدأ جنكيزخان
يبسط سيطرته على المناطق المحيطة بسمرقند، وعلى الأقاليم الإسلامية الضخمة الواقعة
في جنوب "سمرقند" وشمالها
..

وجد
جنكيزخان أن أعظم الأقاليم وأقواها في هذه المناطق: إقليم خوارزم وإقليم
خراسان
..

أما
إقليم خراسان فإقليم شاسع به مدن عظيمة كثيرة مثل بلخ ومرو ونيسابور وهراة وغزنة
وغيرها (وهو الآن في شرق إيران وشمال أفغانستان)..


وأما إقليم خوارزم فهو
الإقليم الذي كان نواة للدولة الخوارزمية، واشتهر بالقلاع الحصينة والثروة العددية
والمهارة القتالية، وهو يقع إلى الشمال الغربي من "سمرقند"، ويمر به نهر جيحون (وهو
الآن في دولتي أوزبكستان وتركمنستان).. ولكن جنكيزخان أراد القيام بحرب معنوية تؤثر
في نفسيات المسلمين قبل اجتياح هذه الأقاليم العملاقة، فقرر البدء بعمليات إبادة
وتدمير تبث الرعب في قلوب المسلمين في الإقليمين الكبيرين خوارزم وخراسان، فأخرج
جنكيزخان من جيشه ثلاث فرق
:

فرقة
لتدمير إقليم "فرغانة" (في أوزبكستان الآن) وهو على بعد حوالي خمسمائة كيلومتر إلى
الشرق من "سمرقند"..


فرقة لتدمير مدينة "ترمذ"
(في تركمنستان الآن)
وهي مدينة الإمام "الترمذي" صاحب السنن رحمه الله، على بعد حوالي مائة كيلومتر جنوب
"سمرقند"..


فرقة لتدمير قلعة
"كلابة" وهي من أحصن قلاع المسلمين على نهر جيحون..

وقد قامت الفرق الثلاث بدورها التدميري كما أراد جنكيزخان، فاستولت على
كل هذه المناطق، وأعملت فيها القتل والأسر والسبي والنهب والتخريب والحرق، مثلما
اعتاد التتار أن يفعلوا في الأماكن الأخرى، ووصلت الرسالة التترية إلى كل الشعوب
المحيطة:
إن التتار لا يرتوون إلا بالدماء، ولا يسعدون إلا بالخراب والتدمير،
وأنهم لا يُهزمون، فعمت الرهبة منهم أرجاء المعمورة، ولا حول ولا قوة إلا
بالله
..

ولما عادت هذه الجيوش من مهمتها القبيحة بدأ جنكيزخان يعد للمهمة
الأقبح
.. بدأ يعد لاجتياح إقليمي خراسان وخوارزم..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدى فتحى تهامى
عماري أصيل
عماري أصيل
حمدى فتحى تهامى


ذكر
عدد الرسائل : 706
العمر : 40
المكان : ابو ظبي - الامارات
الحالة : متزوج
الهواية : ماتحاولش تبقى حد تانى غير نفسك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تاريخ التسجيل : 31/10/2008
التـقــييــم : 0

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالجمعة 08 أبريل 2011, 1:09 pm



فى انتظار المهمه الاقبح لجنكيز خان .

متابع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالسبت 09 أبريل 2011, 1:40 pm

اجتياح خراسان

1ـ مدينة بلخ وما حولها (شمال أفغانستان
الآن):


هذه المدينة تقع جنوب مدينة
ترمذ التي دمرها التتار منذ أيام قلائل، ولا شك أن أخبار مدينة ترمذ قد وصلت
إليهم
.. وكان في قلوب أهل هذه البلدة رعب شديد من التتار، فلما وصلت جيوش التتار
إليهم طلبوا منهم الأمان، وعلى غير عادة التتار فقد قبلوا أن يعطوهم الأمان، ولم
يتعرضوا لهم بالسلب أو النهب، وقد تعجبتُ من فعل التتار مع أهل بلخ
! وتعجبتُ لماذا لم يقتلوهم كما هي عادتهم؟! ولكن زال العجب عندما مرت الأيام ووجدت أن جنكيزخان قد عاد إلى بلخ وأمر
أهلها أن يأتوا معه ليعاونوه في فتح مدينة مسلمة أخرى هي "مرو" كما سيأتي، والغريب
أن أهلها جاءوا معه بالفعل لمحاربة أهل مرو
!!.. والجميع من المسلمين.. ولكن الهزيمة النفسية الرهيبة التي كان يعاني منها أهل بلخ نتيجة
الأعمال البشعة التي تمت في مدينة ترمذ المجاورة لهم جعلتهم ينصاعون لأوامر
جنكيزخان، حتى وإن كانوا سيقتلون إخوانهم
!!.. وبذلك يكون جنكيزخان قد وفّر قواته لمعارك أخرى، وضرب المسلمين بعضهم
ببعض
..

وإن
كنا نذكر ذلك على سبيل العجب الآن، فقد رأيناه في بقاع كثيرة من العالم الإسلامي،
وما زلنا نراه، فقد استخدم الأمريكان أهل الشمال في أفغانستان (نفس منطقة بلخ) لحرب
المسلمين في كابل سنة
2002 ميلادية، واستخدم الأمريكان أيضاً أكراد الشمال
العراقي في حرب بقية العراق ولا حول ولا قوة إلا بالله
..



2ـ اجتياح الطالقان:

اتجهت فرقة من التتار من
"سمرقند" إلى منطقة الطالقان (شمال شرق أفغانستان بالقرب من طاجكستان) وقد صعب
عليهم فتحها لمناعة حصونها، فأرسلوا إلى جنكيزخان فجاء إليها وحاصرها شهوراً حتى تم
فتحها، وقتلوا رجالها، وسبوا نساءها وأطفالها، ونهبوا أموالها ومتاعها كما كانت
عادتهم
..



3ـ مأساة مرو:

ومرو مدينة كبيرة جداً في
ذلك الوقت، وتقع الآن في دولة تركمنستان المسلمة، على بعد أربعمائة وخمسين
كيلومترًا تقريباً غرب مدينة بلخ الأفغانية، وقد ذهب إليها جيش كبير من التتار على
رأسه بعض أولاد جنكيزخان، واستعانوا في هذه الموقعة بأهل بلخ المسلمين كما ذكرنا من
قليل
.. وتحرك الجيش التتري الرهيب الذي لم تذكر الروايات عدده، ولكنه كان جيشاً
هائلاً يقدر بمئات الألوف
.. هذا غير المسلمين من شمال أفغانستان، وعلى أبواب مرو وجد التتار أن
المسلمين في مرو قد جمعوا لهم خارج المدينة جيشاً يزيد على مائتي ألف رجل، وهو جيش
كبير جداً بقياسات ذلك الزمان، وكانت موقعة رهيبة بين الطرفين على أبواب
مرو
.. وحدثت المأساة العظيمة، ودارت الدائرة على المسلمين، وانطلق التتار
يذبحون في الجيش المسلم حتى قتلوا معظمهم، وأسروا الباقي، ولم يسلم إلا قليل
القليل، ونهبت الأموال والأسلحة والدواب من الجيش
.. ويعلق ابن الأثير في أسى وإحباط على هذه الموقعة فيقول:
"فلما وصل التتر إليهم التقوا واقتتلوا، فصبر المسلمون، وأما التتر فلا
يعرفون الهزيمة
"..

وتخيل
جنداً يقاتلون عدوهم وهم يعتقدون أن هذا العدو لا يُهزم.. كيف تكون نفسياتهم؟ وكيف
تكون معنوياتهم؟


وقعت
الهزيمة المرة بالجيش المسلم، وفتح الطريق لمدينة مرو ذات الأسوار
العظيمة
.. وكان بها من السكان ما يزيد عن سبعمائة ألف مسلم من الرجال والنساء
والأطفال
..

وحاصر
التتار المدينة الكبيرة، وقد دب الرعب في قلوب أهلها بعد أن فني جيشهم أمام عيونهم،
ولم يفتحوا الأبواب للتتار مدة أربعة أيام، وفي اليوم الخامس أرسل قائد جيش التتار
(ابن جنكيزخان) رسالة إلى قائد مدينة مرو يقول فيها: "لا تهلك نفسك وأهل البلد،
واخرج إلينا نجعلك أمير هذه البلدة، ونرحل عنك
"..

فصدق
أمير البلاد ما قاله زعيم التتر، أو أوهم نفسه بالتصديق، وخرج إلى قائد التتار،
فاستقبله قائد التتار استقبالاً حافلاً، واحترمه وقرّبه، ثم قال له في خبث: "أخرج
لي أصحابك ومقربيك ورؤساء القوم حتى ننظر من يصلح لخدمتنا، فنعطيه العطايا، ونقطع
له الإقطاعات، ويكون معنا
"، فأرسل الأمير المخدوع إلى معاونيه وكبار وزرائه
وجنده لحضور الاجتماع الهام مع ابن جنكيزخان شخصياً
.. وخرج الوفد الكبير إلى التتار، ولما تمكن منهم التتار قبضوا عليهم
جميعاً وقيدوهم بالحبال
!..

ثم طلبوا منهم أن يكتبوا قائمتين طويلتين:

ـ أما القائمة الأولى: فتضم أسماء كبار التجار وأصحاب الأموال في مدينة
مرو
..

ـ وأما القائمة الثانية: فتضم أسماء أصحاب الحرف والصناع
المهرة
.. ثم أمر
ابن جنكيزخان أن يأتي التتار بأهل البلد أجمعين، فخرجوا جميعاً من البلد حتى لم يبق
فيها واحد، ثم جاءوا بكرسي من ذهب قعد عليه ابن جنكيزخان ثم أصدر الأوامر
الآتية
:

الأمر الأول: أن يأتوا بأمير البلاد وبكبار القادة والرؤساء فيقتلوا جميعاً أمام عامة
أهل البلد
!! وبالفعل جاءوا بالوفد الكبير وبدءوا في قتله واحداً واحداً بالسيف،
والناس ينظرون ويبكون
..

الأمر الثاني: إخراج أصحاب الحرف والصناع المهرة، وإرسالهم إلى منغوليا للاستفادة من
خبراتهم الصناعية هناك
..

الأمر الثالث: إخراج أصحاب الأموال وتعذيبهم حتى يخبروا عن كل مالهم، ففعلوا ذلك ومنهم
من كان يموت من شدة الضرب ولا يجد ما يكفي لافتداء نفسه
..

الأمر الرابع: دخول المدينة وتفتيش البيوت بحثاً عن المال والمتاع النفيس، حتى إنهم
نبشوا قبر السلطان
"سنجر" أملاً في وجود أموال أو ذهب معه في قبره..

واستمر هذا البحث ثلاثة أيام..

ثم الأمر الخامس الرهيب:

أمر ابن جنكيزخان - لعنه الله ولعن أباه - أن يُقتل أهل البلاد
أجمعون
!!!!..

وبدأ التتار يقتلون كل سكان مرو.. يقتلون الرجال.. والنساء.. والأطفال!!..

قالوا: إن المدينة عصت علينا وقاومت، ومن قاوم فهذا مصيره..

يقول ابن الأثير رحمه الله: "وأمر ابن جنكيزخان بعد أن قتلوا جميعاً أن
يقوم التتار بإحصاء القتلى، فكانوا نحو سبعمائة ألف قتيل، فإنا لله وإنا إليه
راجعون
!!"..

قتل من مدينة مرو سبعمائة ألف مسلم ومسلمة، وهذا ما لا يتخيل، وحقاً
فإنه لم تمر على البشرية منذ خلق آدم ما يشبه هذه الأفعال من قريب ولا بعيد، ولا
حول ولا قوة إلا بالله
..

وفنيت
مدينة مرو، واختفى ذكرها من التاريخ
!!!..



4ـ اجتياح نيسابور:

وهي مدينة كبيرة أخرى من مدن إقليم خراسان، (وهي تقع الآن في الشمال
الشرقي لدولة إيران)، واتجه إليها التتار بعد أن تركوا خلفهم مدينة مرو وقد خربت
تماماً، وهناك حاصروا مدينة نيسابور لمدة خمسة أيام، ومع أنه كان بالمدينة جمع لا
بأس به من الجنود المسلمين، إلا أن أخبار مرو كانت قد وصلت إلى نيسابور، فدب الرعب
والهلع في أوصال المسلمين، وما استطاعوا أن يقاوموا التتار، ودخل التتار المدينة،
وأخرجوا كل أهلها إلى الصحراء، وجاء من أخبر ابن جنكيزخان أن بعضاً من سكان مدينة
مرو قد سلم من القتل، وذلك أنهم ضربوا بالسيف ضربات غير قاتلة، وظنهم التتار قد
ماتوا فتركوهم، ولذا فقد أمر ابن جنكيزخان في مدينة نيسابور أن يقتل كل رجال البلد
بلا استثناء، وأن تقطع رؤوسهم لكي يتأكدوا من قتلهم، ثم قام اللعين بسبي كل نساء
المسلمين في مدينة نيسابور، وأقاموا في المدينة خمسة عشر يوماً يفتشون الديار عن
الأموال والنفائس
.. ثم تركوا نيسابور بعد ذلك أثراً بعد عين، ولا حول ولا قوة إلا
بالله
..



5ـ اجتياح هراة:

وهي من أحصن البلاد
الإسلامية، وكانت مدينة كبيرة جداً كذلك، وتقع في الشمال الغربي لأفغانستان، وتوجه
إليها ابن جنكيزخان بقواته البشعة، ولم تسلم المدينة من المصير الذي قابلته مدينتا
مرو ونيسابور، فقتل فيها كل الرجال، وسبيت كل النساء، وخربت المدينة كلها
وأحرقت
.. وإن كان أميرها - وكان يُدعى: "ملك خان" - قد
استطاع الهروب بفرقة من جيشه في اتجاه غزنة في جنوب أفغانستان!! وهكذا كان الملوك
والرؤساء في ذلك الزمن يُوَفَّقُون إلى الهروب، بينما تسقط شعوبهم في براثن
التتار!!!..







وبسقوط هراة يكون إقليم خراسان قد سقط بكامله في أيدي التتار، ولم يبقوا فيه
على مدينة واحدة، وتمت كل هذه الأحداث في عام واحد هو العام السابع عشر بعد ستمائةٍ
من الهجرة
.. وهذا من أعجب الأمور التي مرت بالأرض على الإطلاق!!!..





اجتياح خوارزم


وخوارزم هي مركز عائلة خوارزم شاه، وبها تجمع ضخم جداً من المسلمين، وحصونها
من أشد حصون المسلمين بأساً وقوة، وهي تقع الآن على الحدود بين أوزبكستان
وتركمنستان، وتقع مباشرة على نهر جيحون، وكانت تمثل للمسلمين قيمة اقتصادية
واستراتيجية وسياسية كبيرة
..


ولأهمية هذه البلدة فقد وجه إليها جنكيزخان أعظم جيوشه وأكبرها، وقد قام هذا
الجيش بحصار المدينة لمدة خمسة أشهر كاملة دون أن يستطيع فتحها، فطلبوا المدد من
جنكيزخان، فأمدهم بخلق كثير، وزحفوا على البلد زحفاً متتابعاً، وضغطوا عليه من أكثر
من موضع حتى استطاعوا أن يحدثوا ثغرة في الأسوار، ثم دخلوا إلى المدينة، ودار قتال
رهيب بين التتار والمسلمين، وفني من الفريقين عدد كبير جداً، إلا أن السيطرة
الميدانية كانت للتتار، ثم تدفقت جموع جديدة من التتار على المدينة، وحلت الهزيمة
الساحقة بالمسلمين، ودار القتل على أشده فيهم، وبدأ المسلمون في الهروب والاختفاء
في السراديب والخنادق والديار، فقام التتار بعمل بشع إذ قاموا بهدم سد ضخم كان
مبنياً على نهر جيحون، وكان يمنع الماء عن المدينة، وبذلك أطلقوا الماء الغزير على
خوارزم، فأغرق المدينة بكاملها
.. ودخل الماء في كل السراديب والخنادق والديار، وتهدمت ديار المدينة بفعل
الطوفان الهائل، ولم يسلم من المدينة أحد البتة
!! فمن نجا من القتل قتل تحت الهدم أو أغرق بالماء، وأصبحت المدينة العظيمة
خراباً، وتركها التتار وقد اختفت من على وجه الأرض وأصبح مكانها ماء نهر جيحون، ومن
مر على المدينة الضخمة بعد ذلك لا يستطيع أن يرى أثراً لحياة سابقة
.. وهذا لم يسمع بمثله في قديم الزمان وحديثه، اللهم ما حدث مع قوم نوح،
ونعوذ بالله من الخذلان بعد النصر، ولا حول ولا قوة إلا بالله
..





وكانت هذه الأحداث الدامية أيضاً في عام 617 من الهجرة !!..


ماذا ينتظر بلاد الأسلام من بعد وهل للأمة من مغيث ؟؟




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني I_icon_minitimeالسبت 09 أبريل 2011, 1:52 pm

محمدعبدالرحمن كتب:
اجتياح خراسان

في مأساة مرو:

..

فصدق
أمير البلاد ما قاله زعيم التتر، أو أوهم نفسه بالتصديق، وخرج إلى قائد التتار،
فاستقبله قائد التتار استقبالاً حافلاً، واحترمه وقرّبه، ثم قال له في خبث: "أخرج
لي أصحابك ومقربيك ورؤساء القوم حتى ننظر من يصلح لخدمتنا، فنعطيه العطايا، ونقطع
له الإقطاعات، ويكون معنا"، فأرسل الأمير المخدوع إلى معاونيه وكبار وزرائه
وجنده لحضور الاجتماع الهام مع ابن جنكيزخان شخصياً.. وخرج الوفد الكبير إلى التتار، ولما تمكن منهم التتار قبضوا عليهم
جميعاً وقيدوهم بالحبال!..

ثم طلبوا منهم أن يكتبوا قائمتين طويلتين:

ـ أما القائمة الأولى: فتضم أسماء كبار التجار وأصحاب الأموال في مدينة
مرو..

ـ وأما القائمة الثانية: فتضم أسماء أصحاب الحرف والصناع
المهرة.. ثم أمر
ابن جنكيزخان أن يأتي التتار بأهل البلد أجمعين، فخرجوا جميعاً من البلد حتى لم يبق
فيها واحد، ثم جاءوا بكرسي من ذهب قعد عليه ابن جنكيزخان ثم أصدر الأوامر
الآتية:

الأمر الأول: أن يأتوا بأمير البلاد وبكبار القادة والرؤساء فيقتلوا جميعاً أمام عامة
أهل البلد!! وبالفعل جاءوا بالوفد الكبير وبدءوا في قتله واحداً واحداً بالسيف،
والناس ينظرون ويبكون..

الأمر الثاني: إخراج أصحاب الحرف والصناع المهرة، وإرسالهم إلى منغوليا للاستفادة من
خبراتهم الصناعية هناك..

الأمر الثالث: إخراج أصحاب الأموال وتعذيبهم حتى يخبروا عن كل مالهم، ففعلوا ذلك ومنهم
من كان يموت من شدة الضرب ولا يجد ما يكفي لافتداء نفسه..

الأمر الرابع: دخول المدينة وتفتيش البيوت بحثاً عن المال والمتاع النفيس، حتى إنهم
نبشوا قبر السلطان "سنجر" أملاً في وجود أموال أو ذهب معه في قبره..

واستمر هذا البحث ثلاثة أيام..

ثم الأمر الخامس الرهيب:

أمر ابن جنكيزخان - لعنه الله ولعن أباه - أن يُقتل أهل البلاد
أجمعون!!!!..

وبدأ التتار يقتلون كل سكان مرو.. يقتلون الرجال.. والنساء.. والأطفال!!..

قالوا: إن المدينة عصت علينا وقاومت، ومن قاوم فهذا مصيره..

يقول ابن الأثير رحمه الله: "وأمر ابن جنكيزخان بعد أن قتلوا جميعاً أن
يقوم التتار بإحصاء القتلى، فكانوا نحو سبعمائة ألف قتيل، فإنا لله وإنا إليه
راجعون!!"..

قتل من مدينة مرو سبعمائة ألف مسلم ومسلمة، وهذا ما لا يتخيل، وحقاً
فإنه لم تمر على البشرية منذ خلق آدم ما يشبه هذه الأفعال من قريب ولا بعيد، ولا
حول ولا قوة إلا بالله..

وفنيت
مدينة مرو، واختفى ذكرها من التاريخ!!!..



اجتياح خوارزم


وجه إليها جنكيزخان أعظم جيوشه وأكبرها،

وقد قام هذا الجيش بحصار المدينة لمدة خمسة أشهر كاملة دون أن يستطيع فتحها،

فطلبوا المدد من جنكيزخان، فأمدهم بخلق كثير، وزحفوا على البلد زحفاً متتابعاً، وضغطوا عليه من أكثر
من موضع حتى استطاعوا أن يحدثوا ثغرة في الأسوار،

ثم دخلوا إلى المدينة، ودار قتال رهيب بين التتار والمسلمين، وفني من الفريقين عدد كبير جداً، إلا أن السيطرة
الميدانية كانت للتتار،

ثم تدفقت جموع جديدة من التتار على المدينة، وحلت الهزيمة الساحقة بالمسلمين، ودار القتل على أشده فيهم، وبدأ المسلمون في الهروب والاختفاء في السراديب والخنادق والديار،

فقام التتار بعمل بشع إذ قاموا بهدم سد ضخم كان مبنياً على نهر جيحون، وكان يمنع الماء عن المدينة، وبذلك أطلقوا الماء الغزير على خوارزم، فأغرق المدينة بكاملها.. ودخل الماء في كل السراديب والخنادق والديار، وتهدمت ديار المدينة بفعل الطوفان الهائل، ولم يسلم من المدينة أحد البتة!! فمن نجا من القتل قتل تحت الهدم أو أغرق بالماء، وأصبحت المدينة العظيمة خراباً، وتركها التتار وقد اختفت من على وجه الأرض وأصبح مكانها ماء نهر جيحون، ومن
مر على المدينة الضخمة بعد ذلك لا يستطيع أن يرى أثراً لحياة سابقة.. وهذا لم يسمع بمثله في قديم الزمان وحديثه، اللهم ما حدث مع قوم نوح،
ونعوذ بالله من الخذلان بعد النصر، ولا حول ولا قوة إلا بالله..


وكانت هذه الأحداث الدامية أيضاً في عام 617 من الهجرة !!..



سبحان المعز المذل مدينتين من أكبر مدن العالم في ذلك الوقت لو إتحدو لنصروا وظفروا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة التتار - د/ راغب السرجاني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 6انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3, 4, 5, 6  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» بيان الدكتور راغب السرجاني حول الأحداث في مصر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبـــاب العمـــــار :: واحــة الإســـلام :: التاريخ الإسلامي-
انتقل الى: