شبـــاب العمـــــار
إضغط دخول وإدخل فورا
وإلا إعرف إن الفيسبوك هو اللي منعك
واحشتونا والله
شبـــاب العمـــــار
إضغط دخول وإدخل فورا
وإلا إعرف إن الفيسبوك هو اللي منعك
واحشتونا والله
شبـــاب العمـــــار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول


 

 قصة التتار - د/ راغب السرجاني

اذهب الى الأسفل 
+3
حمدى فتحى تهامى
a7med maher
محمدعبدالرحمن
7 مشترك
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالخميس 31 مارس 2011, 7:31 am

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :



بسم الله نبدأ معاً قصة التتار
يقول د/ راغب السرجاني شارحاً سبب البدء بهذه القصة بالذات في منتدانا بقوله:



قال تعالى"فاقصص القصص لعلهم يتفكرون"..

بين أيدينا الآن حدث من الأحداث الهامة جداً في تاريخ المسلمين..بل وفي تاريخ الأرض بصفة عامة..

وهو
حدث ظهور قوة جديدة رهيبة على سطح الأرض في القرن السابع الهجري
.. وقد أدى ظهور هذه القوة إلى تغييرات هائلة في الدنيا بصفة عامة.. وفي أرض الإسلام بصفة خاصة..

تلك القوة هي "دولة التتار"!!..

وقصة التتار عجيبة حقًا.. عجيبة بكل المقاييس.. ولولا أنها موثقة في كل
المصادر، وبصورة تكاد تكون متطابقة في كثير من الأحيان لقلنا إنها خيال، أو أغرب من الخيال..


القصة عجيبة لأن
التغيير فيها من ضعف إلى قوة، أو من قوة إلى ضعف لم يأخذ إلا وقتًا يسيرًا جدًا..
فما هي إلا أعوام قليلة جدًا حتى يعز الله دولة ويذل أخرى.. ثم تمر أعوام أخرى
قليلة فيذل الله عز وجل الأولى ويعز الأخرى!!


"قل اللهم مالك الملك.. تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز
من تشاء, وتذل من تشاء، بيدك الخير، إنك على كل شيء
قدير"..


والقصة عجيبة أيضًا للمبالغة الشديدة في الأحداث: المبالغة في الأرقام في كل حدث.. المبالغة في أعداد
القتلى، وفي أعداد الجيوش، وفي أعداد المدن المنهارة، وفي مساحات البلاد المحتلة، وفي أعداد الخيانات وأسلوبها..


كما أن القصة عجيبة لشدة التطابق بينها وبين واقعنا الآن..

وسبحان الله!!

وقد أراد الله عز وجل أن يوضح لنا حقيقة ثبات السنن، وتكرار التاريخ..
فجعل الأحداث التي تمر بها أمتنا في وقتنا هذا تكاد تكون متطابقة مع الأحداث التي جرت على سطح الأرض في القرن السابع الهجري
..
ولو بحثنا في التاريخ فسنجد تطابقاً مع أحداث أخرى كثيرة.. ولكن وقع اختياري على هذا الحدث بالذات لأنه يدور في نفس المنطقة التي تدور فيها الآن أحداث هامة جداً بالنسبة للعالم الإسلامي..
ومن ثم يستطيع القارئ بسهولة أن يربط بين التاريخ والواقع، ويستطيع بسهولة أيضاً أن يستقرئ سنن الله عز وجل في أرضه وفي خلقه..

وليس الغرض من هذه الصفحات هو الدخول في كل تفصيل والبحث عن كل موقف، فهذا يطول شرحه،
ولكن فقط سنمر على الأحداث في عجالة نبحث فيها عن مواطن العبرة
.. وعن أوجه الشبه بينها وبين زماننا المعاصر.. ونحلل بسرعة أسباب الهزيمة وأسباب النصر.. ومن أراد أن يستزيد فليعد إلى المراجع الكثيرة العظيمة التي تزخر بها
المكتبة الإسلامية
..



والله أسأل أن ينفعنا بكل صفحة وكل كلمة، بل وبكل حرف في هذه القصة العجيبة..




أتمنى من الجميع التفاعل والمقارنة بين أمس واليوم وإستخلاص العبر
إن شاء الله صباح كل يوم جديد جزء جديد في هذه السلسلة التي علمتني وثبتتني وأعلمتني اننا أمة منصورة وعلى قدر ما فيها من أهوال فإنها تبعث الأمل في النصر بعد الهزيمة وأننا أمة دين وروح وجهاد الله أسأل لنا جميعاً التوفيق والسداد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كاتب الموضوعرسالة
حمدى فتحى تهامى
عماري أصيل
عماري أصيل
حمدى فتحى تهامى


ذكر
عدد الرسائل : 706
العمر : 40
المكان : ابو ظبي - الامارات
الحالة : متزوج
الهواية : ماتحاولش تبقى حد تانى غير نفسك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تاريخ التسجيل : 31/10/2008
التـقــييــم : 0

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 09 أبريل 2011, 2:22 pm




سبحان الله ...مابشعهم والله ان مافعلوه ببلاد المسلمين لا يمكن ان يتصوره عقل .

ان اليهود نفسهم لن تصل بشاعتهم لهذا الحد .

متابع ومااجمل السرد للقصه والتتابع .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 09 أبريل 2011, 3:07 pm

حمدى فتحى تهامى كتب:



سبحان الله ...مابشعهم والله ان مافعلوه ببلاد المسلمين لا يمكن ان يتصوره عقل .

ان اليهود نفسهم لن تصل بشاعتهم لهذا الحد .

متابع ومااجمل السرد للقصه والتتابع .


سبقت يا استاذ حمدي

المقارنة نفسها واردة بعد إجتياح الشام ولكن ...

بين بشاعة فعل الصليبيين والتتار

وسيرد أن خطر الصليبيين أعظم (وكذلك اليهود)

لأن إجتياح الجيوش أسهل من إجتياح الشعوب

فعلى خطر التتار وكثرة ما سفكوا من دماء لم يبشرو دبين وكانوا يقتلون ويسيطرون ثم ينسحبون

لكن الصليبيين واليهود يستوطنوا أرض الأسلام ويحاربوا عقيدتهم ويسكنوا أرضهم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدى فتحى تهامى
عماري أصيل
عماري أصيل
حمدى فتحى تهامى


ذكر
عدد الرسائل : 706
العمر : 40
المكان : ابو ظبي - الامارات
الحالة : متزوج
الهواية : ماتحاولش تبقى حد تانى غير نفسك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تاريخ التسجيل : 31/10/2008
التـقــييــم : 0

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 09 أبريل 2011, 6:06 pm



اوافقك الرأى .......اعتبرنى غشتها منك هههههههههههههه

متابع للتالى .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالإثنين 11 أبريل 2011, 7:29 am



التتار يتوجهون إلى وسط وجنوب أفغانستان


بتدمير إقليمي خراسان وخوارزم يكون التتار قد سيطروا على المناطق الشمالية
ومناطق الوسط من دولة خوارزم الكبرى، ووصلوا في تقدمهم إلى الغرب إلى قريب من نهاية
هذه الدولة (على حدود العراق)، ولكنهم لم يقتربوا بعد من جنوب دولة
خوارزم
.. وجنوب دولة خوارزم كانت تحت سيطرة "جلال الدين بن محمد بن خوارزم شاه"، وهو ابن الزعيم الخوارزمي الكبير محمد بن
خوارزم، والذي فر منذ شهور قليلة أمام التتار
.. وهرب إلى جزيرة ببحر قزوين حيث مات هناك..

وجنوب
دولة خوارزم كان يشمل وسط وجنوب أفغانستان وباكستان، وكان يفصل بينه وبين الهند نهر
السند، وكان جلال الدين - زعيم الجنوب - يتخذ من مدينة
"غزنة" مقراً له (مدينة غزنة في أفغانستان الآن، وتقع على بعد حوالي مائة
وخمسين كم جنوب مدينة كابول، وهي مدينة حصينة تقع في وسط جبال باروبا ميزوس
الأفغانية)..


ولما انتهى جنكيزخان من أمر الزعيم الرئيسي
للبلاد "محمد بن خوارزم شاه" وأسقط دولته، بدأ يفكر في غزو وسط أفغانستان وجنوبها
لقتال الابن
"جلال الدين"، فوجه إلى "غزنة" جيشاً كثيفاً من
التتار
..

وبالطبع.. كان جلال الدين
قد جاءته أخبار الاجتياح التتري الرهيب لمناطق الشمال والوسط من الدولة الخوارزمية،
وبلغه ما حدث لأبيه، وكيف مات في جزيرة ببحر قزوين، وأصبح هو الآن الزعيم الشرعي
للبلاد، ومن ثم عظمت مسئوليته جدًا, فبدأ يعد العدة لقتال التتار، وجمع جيشاً
كبيراً من بلاده، وانضم إليه أحد ملوك الأتراك المسلمين اسمه
"سيف الدين بغراق", وكان شجاعاً مقداماً صاحب رأي ومكيدة في الحروب، وكان معه ثلاثون ألف
مقاتل، ثم انضم إليه أيضاً ستون ألفاً من الجنود الخوارزمية الذين فروا من المدن
المختلفة في وسط وشمال دولة خوارزم بعد سقوطها، كما انضم إليه أيضاً
"ملك خان" أمير مدينة هراة بفرقة من جيشه، وذلك بعد أن أسقط جنكيزخان
مدينته
.. وبذلك بلغ جيش جلال الدين عدداً كبيراً، ثم خرج جلال الدين بجيشه إلى
منطقة بجوار مدينة غزنة تدعى
"بلق"، وهي منطقة وعرة وسط الجبال
العظيمة
.. وانتظر جيش التتار في هذا المكان الحصين، ثم جاء جيش
التتار
!..

دارت بين قوات جلال الدين
المتحدة وقوات التتار معركة من أشرس المواقع في هذه المنطقة.. وقاتل المسلمون قتال
المستميت.. فهذه أطراف المملكة الخوارزمية، ولو حدثت هزيمة فليس بعدها أملاك لها،
وكان لحمية المسلمين وصعوبة الطبيعة الصخرية والجبلية للمنطقة، وكثرة أعداد
المسلمين، وشجاعة الفرقة التركية بقيادة سيف الدين بغراق، والقيادة الميدانية لجلال
الدين... كان لكل ذلك أثر واضح في ثبات المسلمين أمام جحافل التتار
..

واستمرت الموقعة الرهيبة ثلاثة أيام..

ثم
أنزل الله عز وجل نصره على المسلمين
.. وانهزم التتار للمرة الأولى في بلاد المسلمين!! وكثر فيهم القتل، وفر الباقون منهم إلى ملكهم جنكيزخان، والذي كان
يتمركز في "الطالقان" في شمال شرق أفغانستان
..


وارتفعت معنويات المسلمين جداً.. فقد وقر في قلوب الكثيرين قبل هذه الموقعة
أن التتار لا يهزمون، ولكن ها هو اتحاد الجيوش الإسلامية في غزنة يؤتي ثماره.. لقد
اتحدت في هذه الموقعة جيوش جلال الدين، مع بقايا جيوش أبيه محمد بن خوارزم شاه، مع
الفرقة التركية بقيادة "سيف الدين بغراق", مع "ملك خان" أمير هراة
.. واختار المسلمون مكاناً مناسباً وأخذوا بالأسباب
المتاحة
.. فكان النصر..


واطمأن جلال الدين إلى جيشه، فأرسل إلى جنكيزخان في الطالقان يدعوه إلى قتال
جديد، وشعر جنكيزخان بالقلق لأول مرة، فجهز جيشاً أكبر، وأرسله مع أحد أبنائه لقتال
المسلمين، وتجهز الجيش المسلم، والتقى الجيشان في مدينة "كابول"
الأفغانية
..

ومدينة كابول مدينة إسلامية حصينة تحاط من كل جهاتها تقريباً بالجبال؛
فشمالها جبال هندوكوش الشاهقة، وغربها جبال باروبا ميزوس، وجنوبها وشرقها جبال
سليمان
..

ودارت موقعة كابول الكبيرة.. وكان القتال عنيفاً جداً.. أشد ضراوة من موقعة غزنة.. وثبت المسلمون، وحققوا نصراً غالياً على التتار، بل وأنقذوا عشرات
الآلاف من الأسرى المسلمين من يد التتار
.

وفوق
ارتفاع المعنويات، وقتل عدد كبير من جنود التتار، وإنقاذ الأسرى المسلمين، فقد أخذ
المسلمون غنائم كثيرة نفيسة من جيش التتار، ولكن سبحان الله، بدلاً من أن تكون هذه
نعمة على جيش المسلمين، أصبحت هذه الغنائم نقمة شديدة وهلكة محققة
!!..

روى
البخارى ومسلم عن عمرو بن عوف رضي الله عنه قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"..فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط
عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما
أهلكتهم
"..

لقد
كانت قلوب المسلمين في هذه الحقبة من الزمان مريضة بمرض الدنيا العضال، إلا ما رحم
الله عز وجل.. لقد كانت حروبهم حروبًا مادية قومية.. حروب مصالح وأهواء.. ولم تكن
في سبيل الله.. لقد كان انتصارهم مرة وثانية لحب البقاء، والرغبة في الملك، والخوف
من الأسر أو القتل
.. فكانت لهم جولة أو جولتان.. لكن ظهرت خبايا النفوس عند كثرة الأموال والغنائم..

لقد وقع المسلمون في الفتنة!!..

اختلف المسلمون على تقسيم الغنيمة!!..

قام
"سيف الدين بغراق" أمير الترك، وقام أمير آخر هو "ملك خان" أمير مدينة هراة.. قام كل منهما يطلب نصيبه في الغنائم.. فحدث الاختلاف.. وارتفعت الأصوات.. ثم بعد ذلك ارتفعت السيوف!!..

نعم.. ارتفعت السيوف ليتقاتل المسلمون على تقسيم الغنيمة.. وجيوش التتار ما زالت تملأ معظم مدن المسلمين!!..

وسقط
من المسلمين قتلى على أيدي المسلمين
.. وكان ممن سقط أخ لسيف الدين بغراق، فغضب سيف الدين بغراق وقرر الانسحاب
من جيش جلال الدين ومعه الثلاثون ألف مقاتل الذين كانوا تحت
قيادته!!
وحدث ارتباك كبير في جيش المسلمين، وحاول جلال الدين أن يحل المشكلة،
وأسرع إلى سيف الدين بغراق يرجوه أن يعود إلى صف المسلمين؛ فالمسلمون في حاجة إلى
كل جندي وإلى كل طاقة وإلى كل رأي، فوق أن هذا الانسحاب سيؤثر على معنويات المجموعة
الباقية؛ لأن الفرقة التركية كانت من أمهر فرق المسلمين
.. ولكن سيف الدين بغراق أصر على الانسحاب، فاستعطفه جلال الدين بكل طريق،
وسار بنفسه إليه وذكره بالجهاد، وخوفه من الله تعالى
.. لكن سيف الدين بغراق لم يتذكر وانسحب فعلاً بجيشه!!

وانكسر
جيش المسلمين انكساراً هائلاً
.. لقد انكسر مادياً، وكذلك انكسر معنوياً!!..

ولم يفلح المسلمون في استثمار النصر الغالي الذي حققوه في غزنة
وكابول
..

روى
مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا
الدنيا واتقوا النساء
"..

لم
يدرك المسلمون في هذه الآونة حقيقة الدنيا، وأنها دار استخلاف واختبار وامتحان،
وليست دار قرار وبقاء وخلود
.. نسي المسلمون امتحان ربهم، ولم يستعدوا له..

نسي
المسلمون التحذير النبوي الخطير..
"فاتقوا الدنيا".. فسقط
المسلمون سقطة هائلة
..


وبينما هم كذلك إذ جاء جنكيزخان بنفسه على رأس جيوشه ليرى هذا المسلم الذي
انتصر عليه مرتين
.. ودب الرعب والهلع في جيش المسلمين.. فقد قلت أعدادهم وتحطمت معنوياتهم.. ورأى جلال الدين أن جيشه قد ضعف جداً.. فماذا فعل؟!

لقد أخذ جيشه وبدأ يتجه جنوباً للهروب من جيش جنكيزخان، أو على الأقل
لتجنب الحرب في هذه الظروف
..

ولكن جنكيزخان كان مصراً على اللقاء فأسرع خلف جلال
الدين
!!..

وبدأ جلال الدين يفعل مثلما فعل أبوه من قبل..!! لقد بدأ ينتقل من مدينة
إلى مدينة متوجهاً إلى الجنوب، حتى وصل إلى حدود باكستان الآن فاخترقها، ثم تعمق
أكثر حتى اخترق كل باكستان ووصل إلى نهر السند، الذي يفصل في ذلك الوقت بين باكستان
وبين الهند
.. فأراد جلال الدين أن يعبر بجيشه نهر السند ليفر إلى الهند، مع أن
علاقاته مع ملوك الهند المسلمين لم تكن على ما يرام
.. ولكنه وجد ذلك أفضل من لقاء جنكيزخان !!..

وعند
نهر السند فوجئ جلال الدين وجيشه بعدم وجود السفن لنقلهم عبر النهر الواسع إلى
الناحية الأخرى، فطلبوا سفناً من مكان بعيد، وبينما هم ينتظرون السفن إذ طلع عليهم
جيش جنكيزخان
!!..

ولم يكن هناك بد من القتال، فنهر السند من خلفهم، وجنكيزخان من أمامهم،
ودارت موقعة رهيبة بكل معاني الكلمة
.. حتى إن المشاهدين لها قالوا: إن كل ما مضى من الحروب كان لعباً بالنسبة
إلى هذا القتال
.. واستمر اللقاء الدامي ثلاثة أيام متصلة.. واستحر القتل في الفريقين، وكان ممن قتل في صفوف المسلمين الأمير ملك
خان، والذي كان قد تصارع من قبل مع سيف الدين بغراق على الغنائم
.. وها هو لم يظفر من الدنيا بشيء، بل ها هي الدنيا قد قتلته، ولم يتجاوز
لحظة موته بدقيقة واحدة
.. ولكن شتان بين من يموت وهو ناصر للمسلمين بكل طاقته، ومن يموت وقد تسبب
بصراعه في فتنة أدت إلى هزيمةٍ مُرة
..

وفي
اليوم الرابع انفصلت الجيوش لكثرة القتل، وبدأ كل طرف يعيد حساباته، ويرتب أوراقه،
ويضمد جراحه، ويعد عدته
.. وبينما هم في هذه الهدنة المؤقتة جداً جاءت السفن إلى نهر السند، ولم
يضيع جلال الدين الوقت في تفكير طويل، بل أخذ القرار السريع الحاسم وهو:
"الهروب!!.."
وقفز الزعيم المسلم إلى السفينة، ومعه خاصته ومقربوه، وعبروا نهر السند
إلى بلاد الهند، وتركوا التتار على الناحية الغربية من نهر السند
..

ولكن.. هل ترك المسلمون التتار وحدهم في هذه الأرض؟

كلا!!.. إنما
تركوهم مع بلاد المسلمين، ومدن المسلمين، وقرى المسلمين
.. تركوهم مع المدنيين دون حماية عسكرية.. وجيوش التتار لا تفرق بين مدني وعسكري.. بالإضافة إلى الحقد الشديد في قلب جنكيزخان نتيجة كثرة القتلى في التتار
في الأيام الأخيرة
.. فانقلب جنكيزخان على بلاد المسلمين يصب عليها جام غضبه.. ويفعل بها ما اعتاد التتار أن يفعلوه وأكثر..

وكانت
أشد المدن معاناة هي مدينة غزنة، والتي انتصر عندها المسلمون منذ أيام أو شهور
عندما كانوا متحدين
.. دخل جنكيزخان المدينة الكبيرة.. عاصمة جلال الدين بن خوارزم فقتل كل رجالها بلا استثناء، وسبى كل الحريم
بلا استثناء، وأحرق كل الديار بلا استثناء
!!.. وتركها ـ كما يقول ابن الأثير ـ خاوية على عروشها، كأن لم تغن
بالأمس
!!..

ويجدر
بالذكر أن نشير إلى أنه في جملة الذين أمسك بهم جنكيزخان من أهل المدن كان أطفال
جلال الدين ابن خوارزم
.. وقد أمر جنكيزخان بذبحهم جميعاً.. وهكذا ذاق جلال الدين من نفس المرارة التي ذاقها الملايين من
شعبه
..

روى
البيهقي بسند صحيح، رواته ثقات إلا أنه من مراسيل أبي قلابة - رحمه الله - أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال
:

"كن كما شئت، كما تدين تدان"..




وبذلك حقق جنكيزخان حلماً غالياً ما كان يتوقع أن يكون بهذه السهولة، وهذا
الحلم هو احتلال
"أفغانستان"!!..

ولكن.. لماذا يكون احتلال أفغانستان بالتحديد حلماً لجنكيزخان أو لغيره
من الغزاة؟
! لماذا يكون احتلال أفغانستان بالذات خطوة مؤثرة جداً في طريق سقوط الأمة
الإسلامية؟!
ولماذا يجب أن يكون سقوط أفغانستان في يد محتل - أياً كان - نذير خطر شديد للأمة
بأسرها؟
!


الواقع أن سقوط أفغانستان يحمل بين طياته كوارث عدة
:

أولاً: الطبيعة الجبلية للدولة تجعل غزوها شبه مستحيل، وبذلك فهي تمثل حاجزاً
طبيعياً قوياً في وجه الغزاة، وهذا الحاجز يخفف الوطأة على البلاد المجاورة
لأفغانستان، فإن سقطت أفغانستان كان سقوط هذه البلاد المجاورة محتملاً جداً، وسيكون
غزو أو مساومة باكستان وإيران ثم العراق بعد ذلك أسهل جداً
..

ثانياً: الموقع الاستراتيجي الهائل لأفغانستان يعطيها أهمية قصوى، فهي في موقع
متوسط تماماً في آسيا، والذي يحتلها سيملك رؤية باتساع 360 درجة على المنطقة
بأسرها
.. فهو على بعد خطوات من دول في غاية الأهمية.. إنه لا يراقب باكستان وإيران فقط، ولكنه يراقب أيضاً دولاً خطيرة مثل
روسيا والهند، وفوق ذلك فهو قريب نسبياً من الصين
.. وبذلك تصبح السيطرة على كامل آسيا بعد احتلال أفغانستان أمراً ممكناً..

ثالثاً: الطبيعة الجبلية لأفغانستان أكسبت شعبها صلابة وقوة قد لا تتوفر في
غيرها من البلاد،
فإن سقط هؤلاء فسقوط غيرهم سيكون أسهل
..

رابعاً: يتمتع سكان هذا البلد بنزعة إسلامية عالية جداً، وبروح جهادية بارزة،
وليس من السهل أن يقبلوا الاحتلال، وظهر ذلك واضحاً في انتصارهم مرتين على التتار
بينما فشلت كل الجيوش الإسلامية في تحقيق مثل هذا النصر، ولا شك أن سقوط هؤلاء يُعد
نجاحاً هائلاً للقوى المعادية للمسلمين
..

خامساً: فوق كل ما سبق، فإن الأثر المعنوي السلبي على الأمة الإسلامية،
والإيجابي
على التتار، سوف يكون عاملاً شديد التأثير في الأحداث، فأنَّى لأمة
محبطة أن تفكر في القيام، وأنى لأمة ذاقت طعم النصر الصعب أن تفرط في الانتصارات
السهلة
!!..
هذا عادة لا يكون!!..



وبذلك يكون التتار قد وصلوا من الصين إلى كازاخستان ثم أوزبكستان ثم
التركمنستان ثم أفغانستان ثم إيران ثم أذربيجان ثم أرمينيا ثم جورجيا وقد اقتربوا
جداً من العراق (انظر الخريطة رقم 6).

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



كل هذا في سنة واحدة!!.. في سنة
617 هجرية
.. حتى إن ابن الأثير يعلق على هذا فيقول:

"وقد جرى لهؤلاء التتر ما لم يسمع بمثله من قديم الزمان وحديثه، فهذه
طائفة تخرج من حدود الصين، لا تنقضي عليهم سنة حتى يصل بعضهم إلى بلاد أرمينيا،
ويجاورون العراق من ناحية همذان، وتالله لا أشك أن من يجيء بعدنا - إذا بَعُدَ
العهد - ويرى هذه الحادثة مسطورة فإنه سينكرها ويستبعدها، والحق بيده، فمتى استبعد
ذلك فلينظر أنا سطّرنا نحن، وكل من جمع التاريخ في أزماننا هذه، في وقت كل من فيه
يعلم هذه الحادثة، فقد استوى في معرفتها العالم والجاهل لشهرتها
"..



ثم دخلت سنة 618 هجرية..


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدى فتحى تهامى
عماري أصيل
عماري أصيل
حمدى فتحى تهامى


ذكر
عدد الرسائل : 706
العمر : 40
المكان : ابو ظبي - الامارات
الحالة : متزوج
الهواية : ماتحاولش تبقى حد تانى غير نفسك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تاريخ التسجيل : 31/10/2008
التـقــييــم : 0

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالإثنين 11 أبريل 2011, 1:43 pm




سبحان الله نفس اسباب هزيمه غزوه احد والتنازع على الغنائم .

وسبحان الله اول مره اعرف ان التتار هزموا من قبل هزيمتهم فى موقعه عين جالوت .

متابع ومتشوق للجزء التالى .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالثلاثاء 12 أبريل 2011, 6:15 am



عودة التتار إلى أذربيجان

عاد التتار إلى إقليم
أذربيجان المسلم من جديد، ودخلوا مدينة
"مراغة" المسلمة.. ومن عجيب الأمور أن امرأة كانت ترأس هذه المدينة، ولا أدري لماذا أعطى
المسلمون زمامهم لامرأة، وخاصةً في هذا التوقيت الحساس؟؟ إلا إذا كانت البلاد قد
عدمت الرجال الذين يصلحون للقيادة
!!..

حاصر التتار مراغة ونصبوا حولها المجانيق، وأخذوا يضربون المدينة من كل
مكان.. فخرج أهلها للقتال، فإذا بالتتار يدفعون بالأسارى المسلمين الذين أتوا بهم
من بلاد متعددة ليقاتلوا عنهم، والتتار يحتمون بهم، ومن تأخر من الأسارى عن القتال
قُتل.. فبدأ الأسارى المسلمون يقاتلون إخوانهم المسلمين في مراغة طمعاً في قليل من
الحياة
.. وسبحان الله!.. إن كان
الموت لا محالة آتٍ؛ فلماذا تقتل إخوانك قبل أن تُقتل؟! ولو انقلب الأسارى على
التتار حمية لإخوانهم في مراغة، لكان في ذلك فرصة النجاة لبعض
المسلمين
.. ولكن ضاعت المفاهيم، وعميت الأبصار ولا حول ولا قوة إلا
بالله
..

دخل التتار مدينة مراغة المسلمة في 4 صفر سنة 618 هجرية، ووضعوا السيف
في أهلها، فقتل منهم ما يخرج عن الحد والإحصاء، ونهبوا كل ما صلح لهم وكل ما
استطاعوا حمله، أما ما كانوا يعجزون عن حمله فكانوا يحرقونه كله
.. ولقد كانوا يأتون بالحرير الثمين كأمثال التلال فيضرمون فيه
النار
!!..

ويذكر ابن الأثير - رحمه
الله - أن المرأة من التتار كانت تدخل الدار فتقتل جماعة من أهلها
!! وذكر أيضاً أنه قد سمع بنفسه من بعض أهل مراغة أن رجلاً من التتر دخل
درباً فيه مائة رجل مسلم، فما زال يقاتلهم واحداً واحداً حتى أفناهم، ولم يمد أحد
يده إليه بالسوء..!! ضربت الذلة على الناس، فلا يدفعون عن أنفسهم قليلاً ولا
كثيراً، ونعوذ بالله من الخذلان
!!..



التهديد بغزو شمال العراق..

وبدأ التتار يفكرون في غزو
مدينة
"أربيل" في شمال العراق، ودب الرعب في مدينة أربيل، وكذلك في مدينة الموصل في
غرب أربيل، وفكر بعض أهلها في الجلاء عنها للهروب من طريق التتار، وخشي الخليفة
العباسي الناصر لدين الله أن يعدل التتار عن مدينة أربيل لطبيعتها الجبلية, فيتجهون
إلى بغداد بدلاً منها، فبدأ يفيق من السبات العميق الذي أصابه في السنوات السابقة،
وبدأ يستنفر الناس لملاقاة التتار في أربيل إذا وصلوا إليها
.. وأعلنت حالة الاستنفار العام في كل المدن العراقية, وبدأ جيش الخلافة
العباسية في التجهز
..

تُرى.. كم من الرجال استطاع الخليفة أن يجمع؟

لقد جمع الخليفة العباسي "الناصر لدين الله" ثمانمائة رجل فقط !!

ولا أدري كيف سينصر الخليفة دين الله ـ كما يوحي بذلك اسمه ـ بثمانمائة
رجل؟!


أين الجيش القوي؟! وأين الحماية للخلافة؟! وأين التربية العسكرية؟! وأين الروح
الجهادية؟!


لم يكن الناصر لدين الله خليفة، وإنما كان
"صورة" خليفة.. أو "شبح" خليفة..

ولم يستطع قائد الجيش "مظفر الدين" طبعاً أن يلتقي بالتتار بهذا العدد الهزيل.. ولكن انسحب بالجيش، ومع ذلك - سبحان الله - فقد شعر التتار أن هذه خدعة، وأن هذه هي مقدمة العسكر، فليس من المعقول
أن جيش الخلافة العباسية المرهوبة لا يزيد عن ثمانمائة جندي فقط
!.. ولذلك قرروا تجنب المعركة وانسحبوا
بجيوشهم..


وانسحاب جيوش التتار يحتاج
منا إلى وقفة وتحليل.. فقد كان الرعب يملأ التتار من إمكانيات الخلافة العباسية
التي كانت ملء سمع وبصر الدنيا، وكانت تزهو على غيرها من الأمم بتاريخ طويل وأمجاد
عظيمة، ولا شك أن دولة لقيطة مثل دولة التتار ليس لها على وجه الأرض إلا بضع سنوات
ستحسب ألف حساب لدولة هائلة يمتد تاريخها إلى أكثر من خمسمائة سنة؛ ولذا فالتتار
كانوا يقدرون إمكانيات العراق بأكثر من الحقيقة بكثير، ومن ثم فقد آثروا ألا يدخلوا
مع الخلافة في صدام مباشر، واستبدلوا بذلك ما يُعرف
"بحرب الاستنزاف"، وذلك عن طريق توجيه ضربات خاطفة موجعة للعراق،
وعن طريق الحصار الطويل المستمر، وأيضاً عن طريق عقد الأحلاف والاتفاقيات مع الدول
والإمارات المجاورة لتسهيل الحرب ضد العراق في الوقت المناسب
..

لذلك فقد انسحب التتار بإرادتهم ليطول بذلك عمر العراق عدة سنوات
أخرى
..



اجتياح همذان وأردويل

وهما
من مدن إيران حالياً، وقد حاصر التتار همذان، ثم دار القتال بعد ذلك مع أهلها بعد
أن انقطع عنهم الطعام، ووقعت مقتلة عظيمة في الطرفين، لكن في النهاية انتصر التتار،
واجتاحوا البلد، وسفكوا دماء أهلها وأحرقوا ديارها، ثم تجاوزوها إلى أردويل فملكوها
وقتلوا من فيها وخربوا وأحرقوا
..



التتار على أبواب تبريز:

واتجه التتار إلى تبريز..
المدينة الإيرانية الكبيرة
.. وكان التتار قد رضوا سابقاً بالمال والثياب
والدواب من صاحبها المخمور "أوزبك بن البهلوان"، ولم يدخلوها لأنهم جاءوا إليها في
الشتاء القارس
.. أما الآن وقد تحسن الجو وصفت السماء، فلا مانع من خيانة العهود ونقض
المواثيق
..


ولكنهم - في طريقهم إلى تبريز - علموا بأمر قد جد على هذه
البلدة
.. لقد رحل عنها صاحبها المخمور أوزبك بن البهلوان، وتولى قيادة البلاد رجل
جديد هو "شمس الدين الطغرائي"، وكان رجلاً مجاهداً يفقه دينه ودنياه، فقام - رحمه
الله - يحمس الناس على الجهاد وعلى إعداد القوة
.. وقوّى قلوبهم على الامتناع، وحذرهم عاقبة التخاذل
والتواني
.. وعلمهم ما عرفوه نظرياً ولم يطبقوه عملياً في حياتهم على
الإطلاق: علمهم أن الإنسان لا يموت قبل ميعاده أبداً
.. وأن رزقه وأجله قد كتبا له قبل أن يولد، وأن المسلمين مهما تنازلوا
للتتار فلن يتركوهم, إلا إذا احتمى المسلمون وراء سيوفهم ودروعهم
.. أما بغير قوة فلن يُحمى حق على وجه الأرض..


وتحركت الحمية في قلوب أهل تبريز، وقاموا مع قائدهم البار يحصنون بلدهم،
ويصلحون الأسوار، ويوسعون في الخندق، ويجهزون السلاح، ويضعون المتاريس، ويرتبون
الصفوف
.. لقد تجهز القوم - وللمرة الأولى منذ زمن - للجهاد!!..

وسمع
التتار بأمر المدينة، وبحالة العصيان المدني فيها، وبحالة النفير العام.. سمعوا
بدعوة الجهاد، والتجهز للقتال...
سمع التتار بكل ذلك، فماذا فعلوا؟

قد
يعتقد بعض القراء أن التتار قد غضبوا وأرعدوا وأزبدوا، وغلت الدماء في عروقهم، وعلت
أصواتهم، وجمعوا جيوشهم، وعزموا على استئصال المدينة المتهورة
..

أبداً - إخواني في الله - إن كل ذلك لم يحدث!!..

لقد أخذ التتار قراراً عجيباً!!..

لقد
قرروا عدم التعرض لتبريز، وعدم الدخول في قتال مع قوم قد رفعوا راية الجهاد في سبيل
الله..!!

لقد ألقى الله الرعب في قلوب التتار ـ على كثرتهم ـ من أهل تبريز - على
قلتهم -
..

لقد
نُصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرعب مسيرة شهر، وكذلك ينصر بالرعب كل من سار
على طريقه صلى الله عليه وسلم
..

لقد
فعل الجهاد فعله المتوقع
.. بل إن القوم لم يجاهدوا، ولكنهم فقط عقدوا النية الصادقة، وأعدوا
الإعداد المستطاع، فتحقق الوعد الرباني ـ الذي لا خلف له ـ وهو وقوع الرهبة في قلوب
أعداء الأمة
.. وهذا درس لا يُنسى..

"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل؛ ترهبون به عدو الله
وعدوكم، وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم، وما تنفقوا من شيء في سبيل الله
يوفَّ إليكم وأنتم لا تُظلمون
"..

فكانت هذه صورة مشرقة في وسط هذا الركام المظلم..

ورحم الله شمس الدين الطغرائي الذي جدد الدين في هذه المدينة
المسلمة
.. تبريز..



اجتياح بيلقان

وهي
من مدن إيران حالياً، وللأسف فإنها لم تفعل مثل فعل تبريز، ودخل التتار البلدة في
رمضان
618 هجرية، ووضعوا فيها السيف، فلم يبقوا على صغير ولا كبير ولا امرأة، حتى
إنهم ـ كما يقول ابن الأثير ـ كانوا يشقون بطون الحبالى ويقتلون الأجنة، وكانوا
يرتكبون الفاحشة مع النساء ثم يقتلونهن، ولما فرغوا من البشر في المدينة نهبوا
وخربوا وأحرقوا كعادتهم
.. ولا حول ولا قوة إلا بالله..



التتار يقفون على أبواب مدينة كنجة:

وسار
التتار إلى مدينة كنجة المسلمة، وفعل أهلها مثلما فعل أهل تبريز، وفعل التتار معهم
مثلما فعلوا مع أهل تبريز
..

لقد أعلن أهل كنجة الجهاد وأعدوا العدة المستطاعة، فما دخل تتري واحد
مدينتهم، بل تركوها إلى غيرها
..

وليس
من قبيل المصادفة أن البلاد التي رفعت راية الجهاد وأعدت له هي البلاد التي لم يجرؤ
التتار على غزوها
.. ليس هذا من قبيل المصادفة أبداً.. إنها سنة من سنن الله عز وجل.. ولو فعلت ذلك كل مدن المسلمين ما استطاع التتار ولا غيرهم أن يطئوا
بأقدامهم النجسة أرض المسلمين
.. لقد حافظ المسلمون على هذه البلاد سنوات وسنوات.. لا بكثرة الأعداد, ولا بالاتفاقيات والمعاهدات.. إنما حافظوا عليها بجهاد صادق، ودماء زكية، وقلوب طاهرة
مخلصة
..

وسنة الله لا خلف لها.. إنما الذين يخالفون هم العباد..

والله عز وجل لا يظلم الناس شيئاً، ولكن الناس أنفسهم
يظلمون
..



اجتياح داغستان والشيشان

وهما
تقعان في شمال أذربيجان على ساحل بحر قزوين من ناحية البحر الغربية،وهما من
البلاد المسلمة الواقعة تحت الاحتلال الروسي الآن، ونسأل الله لهما التحرير الكامل،
وقد قام التتار كعادتهم بتدمير كل شيء في هذه البلاد، وقتل معظم من وجدوه في
طريقهم، وكانت أشد المدن معاناة من التتار هي مدينة شماخي المسلمة (في داغستان
الآن)..


اجتياح الجنوب الغربي من روسيا:

استمر
التتار في صعودهم في اتجاه الشمال، وبعد الانتهاء من الشيشان وصلوا إلى حوض نهر
الفولجا الروسي، واستمروا في قتال أهل هذه المناطق، وكانوا جميعاً من النصارى،
وأثخنوا فيهم القتل، وارتكبوا معهم من الفظائع ما كانوا يرتكبونه مع
المسلمين
..



وبذلك
انتهت سنة 618 هجرية وقد وصل التتار إلى أرض الروس، وأصبحت كل البلاد ما بين شرق
الصين وجنوب غرب روسيا ملكاً لهم
..



تقييم الموقف في سنة 619 هجرية

في هذه السنة استمرت
العمليات التترية في منطقة أرض الروس، وأكد التتار سيطرتهم على المناطق الإسلامية
الشاسعة ما بين الصين والعراق، فثبتوا أقدامهم في كل بقاع الدولة الخوارزمية، وهذا
يشمل الآن أسماء الدول الآتية من الشرق إلى الغرب
:

1ـ كازاخستان..

2ـ قيرغيزستان

3ـ طاجيكستان..

4ـ أوزبكستان..

5ـ تركمنستان..

6ـ باكستان.. (باستثناء المناطق الجنوبية فيها، والمعروفة
بإقليم: كرمان).


7ـ أفغانستان..

8ـ معظم إيران (باستثناء الحدود الغربية لها مع العراق والتي يسكنها
الإسماعيلية).


9ـ أذربيجان..

10ـ أرمينيا..

11ـ جورجيا..

12ـ الجنوب الغربي لروسيا







الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالثلاثاء 12 أبريل 2011, 6:21 am

محمدعبدالرحمن كتب:


فبدأ الأسارى المسلمون يقاتلون إخوانهم المسلمين في مراغة طمعاً في قليل من
الحياة
.. وسبحان الله!.. إن كان
الموت لا محالة آتٍ؛ فلماذا تقتل إخوانك قبل أن تُقتل؟! ولو انقلب الأسارى على
التتار حمية لإخوانهم في مراغة، لكان في ذلك فرصة النجاة لبعض
المسلمين
.. ولكن ضاعت المفاهيم، وعميت الأبصار ولا حول ولا قوة إلا
بالله
..



ويذكر ابن الأثير - رحمه
الله - أن المرأة من التتار كانت تدخل الدار فتقتل جماعة من أهلها
!! وذكر أيضاً أنه قد سمع بنفسه من بعض أهل مراغة أن رجلاً من التتر دخل
درباً فيه مائة رجل مسلم، فما زال يقاتلهم واحداً واحداً حتى أفناهم، ولم يمد أحد
يده إليه بالسوء..!! ضربت الذلة على الناس، فلا يدفعون عن أنفسهم قليلاً ولا
كثيراً، ونعوذ بالله من الخذلان
!!..




لم يكن الناصر لدين الله خليفة، وإنما كان
"صورة" خليفة.. أو "شبح" خليفة..


سبحان الله ما بعد هذا الهوان من هوان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدى فتحى تهامى
عماري أصيل
عماري أصيل
حمدى فتحى تهامى


ذكر
عدد الرسائل : 706
العمر : 40
المكان : ابو ظبي - الامارات
الحالة : متزوج
الهواية : ماتحاولش تبقى حد تانى غير نفسك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تاريخ التسجيل : 31/10/2008
التـقــييــم : 0

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالأربعاء 13 أبريل 2011, 6:58 am



سبحان الله الخلافه العباسيه بعظيم قدرها لاتجمع الا 800 جندى .

نسأل الله الجهاد فى سبيله والموت فى سبيله يارب .

متابع وشاكر على مجهودك الجميل فى نقل الاحداث تباعا .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالأربعاء 13 أبريل 2011, 3:38 pm



تقييم الموقف في سنة 620 هجرية



بينما كان جنكيزخان يبسط سطوته على الدولة الخوارزمية استمرت الحملات
التترية على منطقة روسيا
..

ولي تعليق على أربع حوادث وقعت في هذه السنة، وهي توضح الحال التي كان
عليها المسلمون في هذه الفترة، وتفسر كذلك لماذا امتلك التتار هذه البلاد الشاسعة
بهذه السرعة الرهيبة, وتضع أيدينا على بعض الأمراض التي تسببت في تلك الكوارث
الشنيعة:


الحادثة الأولى:

أن التتار توغلوا في بلاد
روسيا وحققوا انتصارات عدة، ولكنهم في نهاية المطاف التقوا بطائفة من الروس تدعي
طائفة البلغار (وهي في روسيا وليست في بلغاريا), وحدثت بينهم موقعة عظيمة هُزم فيها
التتار للمرة الأولى في هذه المناطق، وقتل منهم خلق كثير، وتوقف الزحف التتري في
أرض روسيا، بل وقلت أعدادهم للدرجة التي فقدوا فيها السيطرة على كل المناطق الواقعة
في غرب بحر قزوين (روسيا وجورجيا وأرمينيا والشيشان وداغستان وأذربيجان وشمال
إيران)..
وكانت هذه فرصة للمسلمين لكي يعيدوا ترتيب صفوفهم، وتجهيز عدتهم
ليقابلوا التتار وهم في حال الاضطراب بعد الهزيمة من البلغار
..

كان هذا متوقعاً، ولكنه لم يحدث!!..

أما
الذي حدث فهو أن أحد أمراء المسلمين في هذه المنطقة - وتحديداً في منطقة أرمينيا -
قد جمع عدته وهجم على قبائل الكرج في جورجيا..
وهذا الأمير كان تحت قيادة الملك الأشرف موسى بن العادل، صاحب ديار الجزيرة
(وهو من الأكراد وكان يحكم شمال العراق)
..


والحدث عجيب؛ لأنه وإن كان بين الكرج والمسلمين حروب مستمرة إلا أنهم في شبه
هدنة غير رسمية الآن، وليس من الحكمة فتح جبهات جديدة على المسلمين في وجود العدو
الأكبر لهم وهو التتار، وبالذات أن الكرج أيضاً كانوا يكرهون التتار، ويعانون منهم
كما يعاني المسلمون.. فكان المتوقع من المسلمين في ذلك الوقت إما أن يتحالفوا بحذر
مع الكرج ضد التتار، أو على الأقل أن يحيّدوا صفهم في هذا الوقت لكي لا يستنزفوا
قوة المسلمين في حروب جانبية، خاصة وأن الكرج يعرفون خبايا هذه المناطق، ولو
استمالهم التتار في حربهم ضد المسلمين لكان هذا وبالاً على
المسلمين
..

لقد ابْتُلي المسلمون في هذه الآونة بما يمكن
أن نسميه: (الحَوَل السياسي!!), وافتقدوا الرؤية الصحيحة، والحكمة العسكرية، والهدف
الواحد، والاتحاد بين الصفوف، فكانت مثل هذه الأعمال غير المتوازنة وغير المنضبطة
وغير المدروسة!!


دارت
الحرب بين المسلمين والكرج، وفقد كل منهما عددا كبيراً من القتلى، كما فقدوا الثقة
في إمكانية التحالف ضد التتار
.. وهكذا لم يستغل المسلمون موازين القوى في هذا الوقت لصالحهم، وكان هذا
من أسباب ضعفهم
.. ثم سكنت الحرب, وأقيم الصلح من جديد، ولكن بعد فقد طاقة كبيرة جداً من
الطرفين
..



الحادثة الثانية:

نتيجة
انهزام التتار في هذه المنطقة ظهر أحد أولاد
"محمد بن خوارزم" في منطقة شمال إيران، وهو "غياث الدين بن محمد بن خوارزم شاه" وهو أخو "جلال الدين بن محمد بن خوارزم شاه" الهارب في الهند..

جمع غياث الدين الرجال،
واستغل الفراغ النسبي الذي تركه التتار في هذه المنطقة فتملكها، وسيطر على مدن الري
وأصبهان، ووصلت سيطرته إلى إقليم كرمان (في جنوب إيران)، وهي منطقة لم يكن التتار
قد وصلوا إليها
..

إذن أصبحت سيطرة غياث الدين بن خوارزم شاه على
مناطق شمال وغرب وجنوب إيران، أما المنطقة الشرقية والشمالية الشرقية من إيران (وهي
إقليم خراسان بكامله) فكانت تحت السيطرة التترية
.. وبذلك يصبح "غياث الدين" بمثابة حائط صدٍّ بين
التتار والخلافة العباسية..


وكان المتوقع من الناصر لدين الله الخليفة
العباسي في ذلك الوقت أن يساعد غياث الدين في تثبيت سيطرته على هذه المناطق، وكان
المتوقع منه أن يتناسى الخلافات القديمة بينه وبين مملكة خوارزم
.. وذلك لأنهم الآن يواجهون عدواً مشتركاً ضخماً وهو
التتار
..

كان ذلك المتوقع منه.. إن لم يكن بسبب دوافع
الدين والأخوة والنصرة للمسلمين، فليكن بسبب الأبعاد الاستراتيجية الهامة وراء
تثبيت قدم غياث الدين في هذه المنطقة
.. ذلك لأن غياث الدين هو الذي يقف مباشرة في مواجهة
التتار
.. ويُعتبر البوابة الشرقية للخلافة العباسية في بغداد.. وإن استطاع التتار أن يقهروا غياث الدين فستكون المحطة الثانية هي
الخلافة العباسية
..

لكن الخليفة العباسي الناصر لدين الله لم يكن
يدرك كل هذه الأبعاد
.. لقد كان يعاني هو الآخر من الحول السياسي.. لقد كان - كما وصفه المؤرخون - رجلاً ظالماً
مستبداً، فرض المكوس والضرائب على كل شعبه؛ في كل أزمة اقتصادية يفرض ضريبة جديدة,
ويعتمد في الخروج من الأزمة على قوت الشعب وكدِّه
وكدحه..


كما اهتم بالحفلات والملذات والصيد واللعب..
وعم الفساد في زمانه، وارتفعت الأسعار، وقلت المواد والمؤن
.. وكان رجلاً يفتقر إلى النظرة العميقة والفهم الثاقب للأحداث، فلم يكن
أبداً على مستوى الأحداث الضخمة التي حدثت في زمانه
..

ماذا فعل الخليفة الناصر لدين الله؟.. إنه لم ينس خلافاته القديمة مع المملكة الخوارزمية.. فأراد أن يقوض
أركان السلطان هناك؛ ناسيًا أنهم بينه وبين التتار.. وراسل خال غياث الدين وكان
اسمه
"إيغان طائسي"، وكان رجلاً كبيراً وصاحب رأي في الحرب يعمل
أميراً في جيش غياث الدين، وكان غياث الدين لا يقطع أمراً دون
مشورته
.. فراسله الخليفة الناصر لدين الله، ورغّبه في الانقلاب على غياث الدين،
وعظم له الاستيلاء على الملك، وبذلك يضمن الخليفة ولاء إيغان طائسي له، ويبعد غياث
الدين عن المنطقة
.. ولم يهمه تلك الفتنة التي ستدور في الأرض المجاورة له، والتي تعتبر
العمق الاستراتيجي الهام له
..

وأعجبت الفكرة إيغان طائسي، وكانت تدور في رأسه من قبل ولكن لم تكن له
طاقة، فلما راسله الخليفة ووعده بالمساعدة قويت نفسه على ذلك، فذهب إلى بعض العسكر
والقواد فاستمالهم له، ولما قويت شوكته وكثُر أتباعه، أعلن العصيان والانقلاب على
غياث الدين، وأخذ من معه، ومضى في البلاد يفسد ويقطع الطريق، وينهب ما أمكنه من
القرى وغيرها
.. والناس لا تدري من أين تأتي الهلكة؟! أتأتي من جنود التتار أم تأتي من جنود المسلمين؟!..
وانضم إلى إيغان طائسي جمع كبير من أهل الفساد والعنف
!..

كل
هذا والتتار على بُعد خطوات، والخليفة الناصر لدين الله -
في غباء شديد- سعيد بالفتنة الدائرة على مقربة منه!.. ثم قرر
إيغان طائسي أن يقاتل ابن أخته غياث الدين في معركة فاصلة
!!..


والتقى الفريقان المسلمان، ودارت مجزرة بين المسلمين، وسقطت الأعداد الغفيرة
من المسلمين قتلى بسيوف المسلمين
.. وانهزم إيغان طائسي خال غياث الدين, وقُتل من فريقه عدد ضخم، وأسر
الباقون، وفر هو ومن بقى معه مقبوحين إلى أذربيجان
.. ولا حول ولا قوة إلا بالله..

روى
مسلم والترمذي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إن الشيطان قد أيس (فَقَد الأمل) أن يعبده المصلون (وزاد في رواية مسلم:
في جزيرة العرب) ولكن في التحريش بينهم
"..



وإن
كنا نعجب من هذه الصراعات الداخلية في ذلك الزمن الذي يشهد أزمة حقيقية تمر بها
الأمة، فإننا نشاهد الآن نفس الصراعات والخلافات بين المسلمين، وذلك مع الأزمات
الطاحنة التي تمر بها الأمة، ومع ذلك فالقليل من المسلمين الذي يهتم بهذه الصراعات
أو حتى يلحظها.. وإلا فكم من المسلمين يتابع الخلافات بين مصر والسودان على حلايب؟
أو بين ليبيا وتشاد على شريط أوزو؟ أو بين المغرب والجزائر على الصحراء الغربية؟ أو بين السنغال وموريتانيا على نهر السنغال؟ أو بين السعودية واليمن على إقليم عسير؟.. أو بين الإمارات وإيران على جزيرة أبي موسى؟
أو بين سوريا وتركيا حول لواء الإسكندرونة؟... أو غير هذه الاختلافات هنا وهناك.. وبالطبع كلنا يعلم مدى خسارة الأمة في حرب العراق وإيران، ثم في حرب
العراق والكويت
.. كل هذه الخلافات والأمة منكوبة بأزمات طاحنة في معظم مناطقها
تقريباً
.. ويكفي أن تتصفح الجرائد اليومية عشوائياً في أي يوم لتسمع عن الكوارث في
فلسطين والعراق والشيشان وكشمير والسودان والجزائر ونيجيريا والصومال وغيرها
وغيرها.. وكما يقرأ الكثير منا هذه الأخبار بدم بارد، وبلا اكتراث أو ألم، فكذلك
كان المسلمون أيام التتار يتلقون أخبار الصراعات الداخلية والخارجية بدم بارد، وبلا
اكتراث أو ألم!!..
وكأن الأمر لا يعنيهم من قريب أو بعيد.. وهذه - والله - كارثة مروعة.. كارثة أن يعيش المسلم لنفسه فقط! كارثة ألا يهتم إلا بحياته وحياة أسرته القريبة فقط! كارثة ألا يتألم لحال مسلم سُفك دمه، أو هُدمت
داره، أو جُرفت أرضه، أو اغتصبت زوجته
.. كارثة بكل المقاييس.. بمقاييس الإسلام، وبمقاييس الأخوة، وحتى بمقاييس
الإنسانية
.. ولا حول ولا قوة إلا بالله!!..



الحادثة الثالثة:

هذه
الحادثة ذكرها ابن الأثير في الكامل في التاريخ وقدم لها بعبارة: "حادثة غريبة لم
يوجد مثلها!!
"..

والحادثة فعلاً غريبة، ومأسوية إلى أبعد درجة..


والحادثة تذكر أن مملكة الكُرج النصرانية بعد أن أتمت صلحها مع المسلمين،
وصل إلى قمة الحكم فيها امرأة
.. فطلب منها الوزراء والأمراء وكبار رجال الدولة أن تتزوج رجلاً يدير عنها
شئون البلاد، ويكون في الصورة أمام الأعداء وفي المفاوضات وغير ذلك
.. فأرادت أن تتزوج من بيت مُلك وشرف.. ولكنها لم تر في مملكة الكرج من يصلح لهذا الزواج، وسمع بهذا أحد ملوك
المسلمين وهو
"مغيث الدين طغرل شاه بن قلج أرسلان" وهو من ملوك السلاجقة، وكان يحكم منطقة الأناضول (تركيا الآن)، وكان له
ولد كبير، فأرسل إلى الملكة يطلبها للزواج من ابنه، فرفضت الملكة
وقالت
: لا يمكن أن يملك أمرنا مسلم..

فماذا فعل الملك مغيث الدين بن قلج أرسلان؟

لقد قال لهم: إن ابني يتنصر ويتزوجها!!..


فوافقوا على ذلك، وبالفعل تنصر الولد، وتزوج من ملكة الكرج، وانتقل إلى
مملكتهم ليكون حاكماً عليهم، وبقي على نصرانيته، ولا حول ولا قوة إلا
بالله
!!..

لقد
وصل المسلمون في هذه الآونة إلى درجة من التردي يستحيل معها النصر، فكيف تأتي فكرة
التنصر في ذهن الملك وابنه أصلاً، فضلاً عن تطبيقها، ولو كان سيحكم الأرض كلها بعد
التنصر؟!! ثم أيأتي ذلك من ملك عظيم يملك الأناضول؟!
لو أتى ذلك من ضعيف مستعبد لقلنا: لعله استُكره على ذلك، أما أن يأتي
العرض من الملوك، وهم الذين يُطلبون، فهذا ما لا يتخيله عقل
!!..

ولا
أدري من الذي أطلق على الملك لقب
"مغيث الدين"؟ ولا أدري أي إغاثة قدمها للدين؟ ولا أدري أيضاً
أي دين يغيثه؟ أهو يغيث الدين الإسلامي أم يغيث النصرانية؟
!

"فإنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في
الصدور
"..


ولاستكمال الصورة يجدر بنا أن نذكر مصيره
.. لنرى كيف يكون حال من باع دينه بدنياه..

لقد
تنصر الأمير المسلم وتزوج الملكة الكرجية، ومرت الأيام، ثم علم الأمير الزوج أن
زوجته الملكة تهوى مملوكاً لها، وكان يسمع عنها القبائح الشنيعة ولا يتكلم، فهو
وحيد في مملكة واسعة، ثم إنه دخل عليها يوماً فرآها مع مملوكها في فراشه، فأنكر
ذلك، وأراد أن يمنعها من استمرار العلاقة، فقالت له الملكة بكل
جبروت:
"إما أن ترضى بهذا وإلا فلا تبقى"..، فقال: أنا لا أرضى بهذا، فنقلته إلى بلد آخر، ووكلت به من يمنعه من الحركة،
وحجرت عليه، ثم تزوجت غيره
!!..

نعوذ بالله من الخذلان، ونسأل الله أن يجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير
أيامنا يوم أن نلقاه
..

روى
مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي
كافراً، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا
"..



الحادثة الرابعة:

حدث
في هذا العام (620 هجرية) أمر قد يعتقد البعض أنه مصادفة، وأن توقيته غريب؛
فالمصائب كانت كثيرة على الأمة في هذه السنين، والحالة الاقتصادية متردية، وكذلك
الحالة السياسية والعسكرية والأخلاقية.. وفوق كل المصائب التي ذكرناها فقد هجم
الجراد بكميات هائلة على أكثر أقاليم المسلمين، وأهلك الكثير من الغلات والخضر
بالعراق والجزيرة وديار بكر والشام وفارس وغيرها
..

أكان هذا على سبيل المصادفة؟!

أبداً والله.. إنه لفي كتاب الله عز وجل!!..

"ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض،
ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون
"..

هذه حقائق ثابتة في كتاب الله عز وجل..

إذا
ترسخت التقوى في الأمة فتحت عليها البركات من السماء والأرض
..

وإذا رفعت التقوى ـ كما رأينا من حال المسلمين في تلك الحقبة من الزمان
ـ رأينا الأزمات والشدائد والمصائب
..

بل إن
الله عز وجل ذكر الجراد بالذات كوسيلة من وسائل إثبات قدرته على من لم يتبع نهجه
وشرعه
.. قال الله عز وجل عن قوم فرعون:

"فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات،
فاستكبروا وكانوا قوماً مجرمين
"..

وسبحان الله.. كلنا رأى
الجراد الذي هجم على العالم الإسلامي منذ عام أو يزيد.. وأنا أرى أن هذا ليس
مصادفة، ولكنه لفت نظر للمسلمين.. وتذكير لهم بالتاريخ.. ودعوة لهم للعودة إلى الله
عز وجل.. وإلا فرحلة الجراد القادم لن تكون رحلة عابرة.. بل ستكون إقامة
واستيطانًا! ونعوذ بالله من غضبه.. ونسأله أن يبصرنا بسننه، وأن يرزقنا التقوى
والإخلاص والعمل
..





أحداث سنة 621 هجرية

في هذه السنة حاول غياث
الدين أن يثبت ملكه في منطقة فارس (جنوب وغرب إيران) ولكن حدثت فتنة بينه وبين أحد
الأمراء في هذه المنطقة يدعى
"سعد الدين بن دكلا"، ودار بينهما قتال طويل استغرق هذا العام حتى رضي
الطرفان أن تقسم عليهما البلاد
! ولا حول ولا قوة إلا بالله!..

وبينما
كان غياث الدين مشغولاً في جنوب إيران بالقتال مع سعد الدين هجم التتار بفرقة تترية
صغيرة لا تتجاوز ثلاثة آلاف فارس على مدينة
"الري"، ووضعوا فيهم السيف، وقتلوا كيف شاءوا، ونهبوا
البلد وخربوه، ثم ساروا إلى مدينة "ساوة" ففعلوا بها كذلك، ثم اتجهوا إلى مدينة
"قم" (جنوب طهران الآن) وإلى مدينة
"قاشان" فدمروا المدينتين، وقتلوا أهلهما وخربوا ديارهما، ثم قصدوا "همذان"
فأبادوا أهلها قتلاً وأسراً ونهباً، وخربوا البلد كما خربوا غيره، ثم عادوا بعد ذلك
سالمين إلى جنكيزخان
!!..

ثلاثة آلاف تتري فقط فعلوا ما ذكرناه منذ قليل!!..

لقد
كثر الله عز وجل التتار في عيون المسلمين، وقلل المسلمين في عيون
التتار
.. وعظمت هيبة التتار وضاعت هيبة المسلمين..

لماذا؟! لأن المسلمين قد انشغلوا بأنفسهم، وما
عادوا يدركون مَن العدو ومَن الصّديق، وبينما كان ينبغي للأزمات أن تجمع الصف
المسلم إذا بها تفرقه، وما ذلك إلا لقلة الإيمان في القلوب، ولعظم الدنيا في
العيون، ولسوء التربية أو انعدامها في فترات طويلة متراكمة
..

وكنتيجة طبيعية جداً لهذه الأدواء الأخلاقية
والأمراض القلبية حدث ما ذكره ابن الأثير في معرض كلامه عن أحداث عام
621
هجرية.. قال ابن الأثير:

"وفي هذه السنة قلت الأمطار في البلاد، ثم إنها كانت (أي الأمطار) تجيء
في الأوقات المتفرقة مجيئاً قريباً لا يحصل منه الري للزرع، فجاءت الغلات قليلة، ثم
خرج عليها الجراد، ولم يكن في الأرض من النبات ما يشتغل به عنها، وكان (أي الجراد)
كثيراً عن الحد، فغلت الأسعار في العراق والموصل وسائر ديار الجزيرة، وديار بكر
وغيرها، وقلت الأقوات
"..

ما حدث
في هذه الفترة من مصائب عن طريق الجراد والسنين ونقص الثمرات هو أمر طبيعي جداً،
وهو أمر موافق للسنن الإلهية
.. وليس من قبيل المصادفة..

وإذا
مر على المسلمين زمان شعروا فيه أن الأسعار قد ارتفعت، وأن الغلات قد قلت، وأن
الاقتصاد قد تأثر، وأن الحياة قد صعبت، فليراجعوا أنفسهم، وليقفوا مع أنفسهم وقفة
للمحاسبة، وليعرضوا أنفسهم على كتاب الله عز وجل
..

وحتماً - إن كانوا صادقين - سيجدون المرض، وسيعرفون
العلاج
..

"ما فرطنا في الكتاب من شيء"..





أحداث سنة 622 هجرية

في
هاتين السنتين خفت القبضة التترية على غرب الدولة الخوارزمية (غرب وشمال إيران)
واكتفوا ببعض الحملات المتباعدة، واهتموا بتوطيد ملكهم وتثبيت أقدامهم في شرق
الدولة الخوارزمية في مناطق نهري سيحون وجيحون، وفي شمال أفغانستان وشرق
إيران
..

ولكن
حدث أمر جديد في هاتين السنتين، إذ ظهر على مسرح الأحداث فجأة الأمير
"جلال الدين بن محمد بن خوارزم"، والذي كان قد فرّ قبل ذلك إلى الهند منذ خمس
سنوات (في سنة 617 هجرية)، وذلك أنه لم يستطع إكمال حياته في الهند، فقد كانت
العلاقات أصلاً سيئة مع ملوك الهند، ثم إنه وجد أن التتار قد تركوا منطقة فارس
نسبياً، وأن جنكيزخان قد عاد إلى بلاده لمعالجة بعض الأمور هناك وترك زعيماً غيره
على جيوش التتار، وأن أخاه غياث الدين قد سيطر على معظم أجزاء فارس بعد أن تقاتل مع
سعد الدين بن دكلا، واتفقا في النهاية على تقسيم فارس بينهما، وكان النصيب الأكبر
لغياث الدين، وتم ذلك في سنة621
هجرية
كما أشرنا من قبل
..

وجد جلال الدين أن الظروف الآن مواتية للعودة إلى مملكة خوازرم للبحث عن
الملك الضائع، ولكنه للأسف لم يدقق النظرة، ولم يشخص المرض الذي أصاب الأمة
الإسلامية في ذلك الوقت
.. ولم يدرك أنه الفرقة والتشتت والاستهانة بدماء المخالفين من المسلمين
كانت من الأسباب الرئيسية لهذه الحالة المخزية التي وصلت إليها أمة
الإسلام
..

لم
يدرك جلال الدين هذه الأمور، ومن ثم فإنه بدلاً من أن يبذل مجهوداً لتجميع الأطراف
المتناحرة والأقاليم المتصارعة، دخل إلى مملكة خوارزم وهو يجهز نفسه ليكون طرفاً
جديداً في الصراع الإسلامي - الإسلامي
!!..

ماذا فعل جلال الدين؟!

لقد
عبر نهر السند ودخل إقليم كرمان (جنوب باكستان) ثم تجاوزه إلى جنوب فارس (جنوب
إيران) ثم بدأ يجمع حوله الأنصار له، وذهب إلى
"سعد الدين بن دكلا" وتحالف معه ضد أخيه غياث الدين!!!!..

وبدأ
جلال الدين في غزو إقليم فارس من جنوبه إلى الشمال محارباً أخاه غياث الدين، حتى
وصل إلى غرب إيران، وأصبح قريباً من الخلافة العباسية، وكانت العلاقات القديمة بين
مملكة خوارزم والخلافة العباسية متوترة جداً، ووجد جلال الدين في نفسه قوة، ووجد في
الخلافة ضعفاً، فأعلن الحرب على الخلافة العباسية.. (هذا وجيوش التتار قابعة في شرق
إيران!!!) ولا عجب؛ فقد كان جل الزعماء في تلك الآونة مصابين بالحول السياسي الذي
أشرنا إليه من قبل، ودخل جلال الدين بجيشه إلى البصرة، وحاصرها لمدة شهرين، ثم
تركها واتجه شمالاً ليمر قريباً من بغداد عاصمة الخلافة العباسية، وخاف الناصر لدين
الله الخليفة العباسي على نفسه؛ فحصن المدينة وجهز الجيوش لدفع جلال الدين، ولكن لم
يكتف بذلك بل ارتكب فعلاً شنيعاً مقززاً، إذ إنه أرسل إلى التتار يستعين بهم على
حرب جلال الدين
!!!!..

سبحان الله!!!..

أيأتي
بالتتار وهو يعلم تاريخهم وحروبهم مع المسلمين ليحاربوا جلال الدين؟! حتى لو كان
الظلم كل الظلم في جانب جلال الدين، والحق كل الحق في جانب الخليفة.. أيأتي بالتتار
لنجدته؟!
أما علم أن التتار إذا قضوا على جلال الدين فإن الخطوة التالية مباشرة
هي القضاء على الخلافة العباسية؟!


ماذا أردت يا خليفة المسلمين؟!

أردت أن تطيل فترة ملكك أعواماً قليلة؟!

أردت أن تموت عبداً للتتار بدلاً من أن تكون عبداً لجلال
الدين؟
!

ليس هذا - بالطبع - دفاعاً عن جلال
الدين
.. بل نلومه أشد اللوم على تفريق طاقة المسلمين وجعل بأسهم بينهم، وما
أشبهه بصدام حسين!! فكما ترك جلال الدين نيران التتار تبتلع ديار المسلمين، وانصرف
لحرب الدولة العباسية.. كذلك فعل صدّام يوم كانت أطماع الغرب والشرق تحدق بالأمة في
فلسطين وأفغانستان وفي الشيشان وكشمير... فأعرض عن كل ذلك وغزا
الكويت!!!


وبرغم
كل هذا التدني في الأخلاق وفي السياسة.. إلا أن الحل لا يكون أبدًا أن نأتي بقوة
كافرة مهولة مروعة لنزرعها داخل بلاد المسلمين تحل لهم مشاكلهم، وتعالج لهم
أمراضهم
..

لقد كان الخليفة العباسي الناصر لدين الله
كالمستجير من الرمضاء بالنار... كان كمن بغته لص صغير في بيته، فأسرع بالاستنجاد
بأكبر لصوص المنطقة، فجاء اللص الكبير وأزاح اللص الصغير، ثم سرق هو البيت، بل ولم
يكتف بذلك بل سرق البيوت المجاورة
.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!!..

ومع استعانة الخليفة بالتتار، إلا أن التتار
كانوا مشغولين ببسط سيطرتهم في المناطق الشاسعة التي احتلوها, فلم يحدث بينهم وبين
جلال الدين قتال إلا في أواخر سنة 622 هجرية.. واستثمر جلال الدين هذه الفترة في
بسط سيطرته على المناطق المحيطة ببغداد، ثم شمال العراق ثم منطقة شمال فارس، وبدأ
يدخل في أذربيجان وما حولها من أقاليم إسلامية (انظر الخريطة رقم
7).

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



وكانت حروبه هو
والخوارزمية الذين معه حروبًا شرسة مفسدة، مع أن البلاد المغنومة كلها بلاد
إسلامية..! فكان يفعل بهم الأفاعيل من قتل وسبي ونهب وتخريب
.. وكأنه تعلم من حروبه مع التتار كيف يقسو قلبه بدلاً من أن يتعلم كيف
يرحم الذين عُذبوا منذ شهور وسنوات على أيدي التتار
..

ثم بسط
جلال الدين سيطرته على مملكة الكرج النصرانية بعد أن أوقع بهم هزيمة فادحة، واصطلح
مع أخيه غياث الدين صلحاً مؤقتاً، وأدخله في جيشه، ولكن كان كل واحد منهما على حذر
من الآخر
..

وبذلك
بلغ سلطان جلال الدين من جنوب فارس إلى الشمال الغربي لبحر قزوين، وهي وإن كانت
منطقة كبيرة إلا أنها مليئة بالقلاقل والاضطرابات، بالإضافة إلى العداءات التي
أورثها جلال الدين قلوب كل الأمراء في الأقاليم المحيطة بسلطانه بما فيهم الخليفة
العباسي الناصر لدين الله.. وسياسة العداوات والمكائد والاضطرابات هي السياسة التي
ورثها جلال الدين عن أبيه محمد بن خوارزم وتحدثنا عنها من قبل.. ولم تأت إلا
بالويلات على الأمة.. وليت المسلمون يفقهون..




وفي آخر سنة 622 هجرية
توفى الخليفة الظالم الفاسد الناصر لدين الله، بعد أن حكم البلاد سبعة وأربعين
عاماً متتالية، وكان قبيح السيرة في رعيته، فقد خرب العراق، وظلم أهله، وأخذ
أموالهم وأملاكهم، وطفف لهم في المكاييل، وفرض عليهم الرسوم الجائرة، والأحكام
الظالمة
.. وفوق كل ذلك ارتكب الذنب العظيم الذي تصغر بجواره كل ذنوبه وهو مراسلة
التتار، ومحاولة التعاون معهم ضد المسلمين
..




هل للخلافة من رجل؟
هل يصلح الله من جلال الدين بن محمد بن خوارزم شاة؟
وهل للتتار من نهاية؟












الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
A7Med Reda
عماري أصيل
عماري أصيل
A7Med Reda


ذكر
عدد الرسائل : 611
العمر : 41
المكان : العمار
الحالة : عادية جدا ولكنى جئت بالزهور ونظرت لسماء واللون البنفسجى لاكى اتذكر ما فات من عمرى وسيرت تحت شمس الله فى طريق ملئتوة بالورود وسار علية الطفل الذى بداخلى وقد نام طفل واستيقظ فسار شابا جميلا وضل طريق الورود وسئما اضطراب الطرق فلعن مهو علية فلا يمكنى الهروب من القدر ومازلت اتخيل صورة الراحل على طريق الورود وتحت شمس الله
الهواية : السباحة * سماع الموسيقى الهادئة *
تاريخ التسجيل : 18/03/2010
التـقــييــم : 1

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالخميس 14 أبريل 2011, 12:37 pm

انا طول عمرى بحب التاريخ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالخميس 14 أبريل 2011, 12:54 pm

A7Med Reda كتب:
انا طول عمرى بحب التاريخ

إضافة
ويسعدنا تكون معانا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالخميس 14 أبريل 2011, 8:38 pm



أحداث سنتي 623 و624 هجرية

تولى
الظاهر بأمر الله بن الناصر لدين الله الخلافة العباسية، وكان على النقيض من أبيه
تماماً؛ فقد كان رجلاً صالحاً تقياً أظهر من العدل والإحسان ما لم يُسبق إلا عند
القليل، لدرجة أن ابن الأثير قال: "إنه لو قيل: إنه لم يل الخلافة بعد عمر بن عبد
العزيز مثله لكان القائل صادقاً
"، فرفع الضرائب الباهظة، وأعاد للناس حقوقهم،
وأخرج المظلومين من السجون، وتصدق على الفقراء، حتى قيل في حقه: إنه كان غريباً في
هذا الزمان الفاسد
..

ولقد
قال فيه ابن الأثير
- وكان
معاصراً له
- كلمة
عجيبة، لقد قال: "إني أخاف أن تقصر مدة خلافته؛ لأن زماننا وأهله لا يستحقون
خلافته
!!".. إلى هذا الحد كان المجتمع
فاسدًا؟؟!


وسبحان
الله.. لقد صدق حدس ابن الأثير، وتوفي الخليفة الظاهر بأمر الله سريعاً! ولم يحكم
المسلمين إلا تسعة شهور وبضعة أيام فقط، ومع ذلك فكما يذكر الرواة: رخصت الأسعار
جداً في فترة حكمه, وتحسن الاقتصاد في العراق.. وهي إشارات لا تخفى على
عاقل..
والحمد لله الذي وضع في الأرض سنناً لا تتبدل ولا
تتغير...
فهل من مدّكر؟!!

وتولى
الحكم بعد الظاهر بأمر الله المستنصر بالله, والذي ظل في كرسي الحكم حتى (سنة 640
هـ) أي حوالي: سبعة عشر عامًا


وفي هذه الأثناء كان جلال الدين يستمر في حروبه
في هذه المنطقة ليس مع التتار, ولكن مع المسلمين!! واستولى على بعض المدن
والأقاليم، وكان من أبشع ما فعل هو حصاره لأهل
"خلاط" أو "أخلاط" وهي مدينة مسلمة (في شرق تركيا الآن)؛ فقد قتل منهم خلقاً كثيراً،
وامتدت أيدي الجنود الخوارزميين إلى كل شيء في البلد بالسلب والنهب حتى سبوا الحريم
المسلمات
!!!..

والحق
أني لا أجد تفسيراً منطقياً لهذا التردي في الأخلاق، والتردي في الفهم، والتردي في
السياسة، والتردي في الحكمة...
ولولا أن هذا مسجل في أكثر من مرجع ما قبله عقل، ولا حول ولا قوة إلا
بالله العلي العظيم
!!..

ثم حدث
أمر هام جداً ومحوريٌّ في سنة 624 هجرية وهو وفاة القائد التتري المجرم السفاح
جنكيزخان، عن عمر يناهز اثنتين وسبعين سنة ملأها بالقتل والذبح وسفك الدماء والسلب
والنهب، وبنى خلال فترة حكمه مملكة واسعة من كوريا في الشرق إلى فارس في الغرب..
بُنيت هذه المملكة على جماجم البشر، وعلى أشلائهم ودمائهم.. (ومعظمهم من المسلمين!)
ولكن اللوم كل اللوم على من وصل إلى حالة من الضعف مكنت مثل هذا الفاسد من أن يفعل
في بلاد المسلمين ما يشاء
..

وبموت
جنكيزخان هدأت الأمور نسبياً في هذه المنطقة، واحتفظ التتار بما ملكوه من بلاد
المسلمين إلى وسط إيران تقريباً، بينما كان جلال الدين يبسط سيطرته على المناطق
الغربية من إيران والمناطق الغربية من بحر قزوين..
وكأن كل طرف قد رضي بما يملك، وآثر الاحتفاظ بما يعتقد أنه حق
له
..



الفترة من 624 هجرية إلى 627 هجرية :ـ

هذه هي فترة الهدوء النسبي الذي أعقب وفاة جنكيزخان..

أين كان المسلمون في هذه الفترة؟!

لقد كانوا على عهدهم من الخلاف والشقاق
والنفاق وسوء الأخلاق.. لم يستغل المسلمون مصيبة التتار في زعيمهم الكبير جنكيزخان
ليجمعوا صفهم ويحرروا بلادهم، بل شغلوا أنفسهم بحرب بعضهم لبعض، وبظلم بعضهم
لبعض
...

فقد
تجددت الخلافات بين جلال الدين وأخيه غياث الدين وتفاقمت، حتى تعاون غياث الدين مع
أعداء جلال الدين في حروبه
..

ليس هذا فقط, بل كانت المنطقة بأسرها تموج
بالاضطرابات والفتن، ليس في منطقة العراق وفارس فقط، بل في كل ديار المسلمين؛
فالحروب بين أمراء المسلمين في الشام ومصر كانت مستمرة، ولم تتحد كلمتهم أبداً، مع
أن معظمهم من نفس العائلة الأيوبية، بل وأحياناً من الإخوة الأشقاء، ونتج عن ذلك
أمر مريع في سنة 626 هجرية, وهو تسليم بيت المقدس (الذي حرره صلاح الدين الأيوبي
قبل ذلك) إلى الصليبيين صلحاً!!!.. أي أن المسلمين في الشام اتفقوا على إعطاء بيت
المقدس للصليبيين في مقابل أن يترك الصليبيون بعض الإمارات في الشام
للمسلمين
!!..

ونعوذ بالله من الضعف بعد القوة، ومن الذلة بعد العزة، ومن الخذلان بعد
النصر
..

ثم إن جلال الدين استمر في حروبه البشعة في
المنطقة، وكان مما فعل أن حاصر مدينة "خلاط" مرة ثانية بعد أن تمردت عليه، وأطال
عليها الحصار حتى اضطر أهل البلد إلى أكل لحوم الخيل والحمير، ثم أكلوا الكلاب
والقطط.. بل والفئران!!.. ثم سقطت المدينة في يد جلال الدين، فخربها وأكثر فيها
القتل وسبي الحريم، واسترق الأولاد ثم باع الجميع
!!.. وكما
يقول ابن الأثير: "إن هذا ما لم يسمع بمثله، لا جرم أن الله عز وجل لن
يمهله
!!"..


وعند رؤية مثل هذه الأحداث في كل
بلاد المسلمين، ندرك لماذا فعل التتار ذلك بهذه البلاد مع ضخامتها وأعدادها
وثرواتها.. ولا جرم أن هذه سنة مطردة في الكون.. فإنه من كانت هذه حاله فلابد أن
يُسلط عليه طواغيت الأرض؛ فالله عز وجل لا ينصر إلا من ينصره
..

"إن ينصركم الله فلا غالب لكم, وإن يخذلكم فمن ذا
الذي ينصركم من بعده؟!"





الاجتياح التتري الثاني



أتت
سنة 628
هجرية تحمل هجمة تترية بشعة جديدة على الأمة الإسلامية.. وقد تضافرت عوامل شتى جعلت هذا الاجتياح الجديد على نفس مستوى الاجتياح
الأول الذي حدث سنة 617هجرية إلى سنة620
هجرية،
أو لعله أبشع وأسرع
..

من هذه العوامل:

1ـ استقرار ملك التتار في منغوليا بعد وفاة جنكيزخان؛ فقد تولى قيادة
التتار الزعيم الجديد
"أوكيتاي"، وأخذ ينظم أمور مملكته في معقلها بمنغوليا
والصين، وذلك سنة 624 إلى سنة 627هجرية
..

وبعد أن تم له ذلك بدأ يفكر
من جديد في اجتياح العالم الإسلامي، واستكمال الحروب بعد ذلك في منطقة روسيا - التي
هُزمت فيها قبل ذلك الجيوش التترية -، ومحاولة استكمال الفتوح في داخل
أوروبا
.. ويبدو أن اجتياح الخلافة العباسية ذاتها وإسقاط بغداد لم يكن من أهداف
هذه الحملة؛ لأنها تجاوزتها إلى أوروبا دون الوقوف أمامها كثيراً، وذلك إما لشدة
حصانتها وكثافة سكانها، وإما لتجنب إثارة كل المسلمين في العراق والشام ومصر إذا
أسقطت الخلافة العباسية، والتي كانت تمثل رمزاً هاماً للمسلمين على
ضعفها
.. فأراد التتار أن يجعلوها الخطوة الأخيرة في فتوحاتهم.. وهذا هو عين الذكاء..

كلف
الخاقان الكبير
" أوكيتاي" أحد أبرز قادته بالقيام بمهمة الاجتياح التتري الثاني، وهو القائد
"شورماجان" والذي جمع جيشاً هائلاً من التتر وتقدم صوب العالم الإسلامي من
جديد
..

2ـ شهد هذا العام أيضًا (628 هـ) استمرار حالة الفرقة البشعة التي كانت
في الأمة الإسلامية، واهتمام كل زعيم بحدود مملكته وإن صغرت، حتى إن بعض الممالك
الإسلامية لم تكن إلا مدينة واحدة وما حولها من القرى، ولم يكتف الزعماء المسلمون
بالفرقة بل كانوا يتصارعون فيما بينهم، ويكيد بعضهم لبعض، ولم يكن أحدهم يأمن أخاه
مطلقاً
.. ولم تكن فكرة الوحدة مطروحة
أصلاً.


3ـ حملت هذه السنة - أيضًا - النهاية المأساوية الفاضحة لجلال الدين بن
خوارزم شاه
!..

فإنه لما جاءت جيوش
التتار بقيادة شورماجان اجتاحت البلاد الإسلامية اجتياحاً بشعاً، وقد وصل إلى علمها
أن جلال الدين قد ضعف جداً في هذه السنة لحدوث هزيمتين له من الأشرف بن العادل حاكم
ديار الجزيرة في شمال العراق وجنوب تركيا، وكانت طائفة الإسماعيلية - وهي من طوائف
الشيعة في غرب إقليم فارس - قد راسلت
التتار وأخبرتهم بضعف جلال الدين؛ وذلك لأنه كانت بينهم وبين جلال الدين حروب،
فأرادوا الانتقام منه بإخبار التتار بوقت ضعفه
..

وجاءت
جحافل التتار ودمرت في طريقها كل ما يمكن تدميره، وأكلت الأخضر واليابس، وكان لها
هدف رئيسي هو الإمساك بجلال الدين بن خوارزم.. والتقى بهم جلال الدين في موقعة
انهزم فيها شر هزيمة، وأسرع بالفرار من أمام التتار وقد تمزق جيشه، وإذا به يلقى
نفس المصير الذي لقيه أبوه منذ أحد عشر عاماً.. فهو يفر من قطر إلى قطر، ومن مدينة
إلى مدينة، والتتار خلفه يقتلون ويسبون وينهبون، حتى وصل جلال الدين إلى أرض
الجزيرة بشمال العراق حيث تفرق عنه جنوده أجمعون، وبقى وحيداً شريداً طريداً كما
حدث مع أبيه تماماً, وأخذ يتنقل بمفرده بين القرى فراراً من التتار، واختفى ذكره من
البلاد شهوراً متصلة؛ فلا يعرف أحد إن كان قُتل أو اختفى أو هرب إلى بلد آخر.. ثم
وصل إلى إحدى القرى حيث استقبله فلاح من الأكراد وسأله من أنت؟ وقد تعجب الفلاح من
كثرة الجواهر والذهب الذي عليه، فقال له جلال الدين:
أنا ملك الخوارزمية..! يقول ذلك ليلقي الرهبة في قلب الفلاح،
ولكن
- سبحان
الله - كان ذلك الإعلان ليقضي الله أمراً كان مفعولاً؛ فقد كانت جنود
الخوارزمية قتلت أخاً لهذا الفلاح!! فلما
علم الفلاح بأن هذا هو جلال الدين استقبله وأكرمه وقدم له الطعام، ثم اطمأن له جلال
الدين فنام، وهنا قام الفلاح وقتل جلال الدين بالفأس، وأخذ ما عليه من الجواهر
وسلمها إلى شهاب الدين غازي صاحب هذه المنطقة، والذي طالما ذاق من ويلات جلال
الدين
..

هكذا
كانت نهاية الظالمين
.. ونهاية المفرِّطين.. ونهاية الذين تملكوا رقاب العباد فما رعوا لله حقاً، وما رعوا للرعية
حقاً، وما رعوا للرحم حقاً، وعاشوا لأنفسهم فقط، وصدق القائل: "ما استحق أن يولد من
عاش لنفسه فقط".


روى
البخارى ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال
:

"إن الله ليملي للظالم.. حتى إذا أخذه لم يفلته.. ثم قرأ: (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة، إن أخذه أليم
شديد)
"..

4ـ نتيجة العوامل السابقة، ونتيجة سوء التربية، وغياب الفهم الصحيح
للإسلام، والتمسك بالدنيا إلى أقصى درجة، وعدم وضوح الرؤية عند الناس.. فلا يعلمون العدو من الصديق، ونتيجة الحروب التترية السابقة،
والتاريخ الأسود في كل مدينة وقرية مر عليها التتار
.. نتيجة كل هذه العوامل فقد دبت الهزيمة النفسية الرهيبة في داخل قلوب
المسلمين، فما استطاعوا أن يحملوا سيفاً، ولا أن يركبوا خيلاً، بل ذهب عن أذهانهم
أصلاً التفكير في المقاومة
.. وهذا ولا شك سهّل جداً من مهمة التتار الذين وجدوا أبواباً مفتوحة،
ورقاباً جاهزة للقطع
!!..

يروي
ابن الأثير في الكامل في أحداث السنة الثامنة والعشرين بعد الستمائة بعض الصور التي
استمع إليها بإذنه من بعض الذين كُتبت لهم نجاة أثناء حملات التتار على المدن
الإسلامية فيقول
:


*كان التتري يدخل القرية بمفرده، وبها الجمع الكثير من الناس فيبدأ
بقتلهم واحداً تلو الآخر، ولا يتجاسر أحد المسلمين أن يرفع يده نحو الفارس بهجوم أو
بدفاع
!!..


*أخذ تتري رجلاً من المسلمين، ولم يكن مع التتري ما يقتله به، فقال له:
ضع رأسك على الأرض ولا تبرح، فوضع رأسه على الأرض، ومضى التتري فأحضر سيفاً ثم
قتله
!!..

*ويحكي رجل من المسلمين لابن الأثير فيقول: كنت أنا ومعي سبعة عشر رجلاً في طريق، فجاءنا فارس واحد من التتر،
وأمرنا أن يقيد بعضنا بعضاً، فشرع أصحابي يفعلون ما أمرهم، فقلت
لهم
: هذا واحد فلم لا نقتله ونهرب؟!! فقالوا: نخاف، فقلت: هذا يريد قتلكم الساعة فنحن نقتله، فلعل الله يخلصنا، فوالله ما جسر أحد
أن يفعل ذلك، فأخذت سكيناً وقتلته، وهربنا فنجونا، وأمثال هذا كثير
!!..


*دخل التتار بلدة اسمها "بدليس" (في جنوب تركيا الآن) وهي بلدة حصينة
جداً ليس لها إلا طريق ضيق جداً بين الجبال
.. يقول أحد سكانها: لو كان
عندنا خمسمائة فارس ما سلم من جيش التتار واحد؛ لأن الطريق ضيق، والقليل يستطيع أن
يهزم الكثير
.. ولكن - سبحان
الله
- هرب
أهلها إلى الجبال وتركوا المدينة للتتار فقاموا بحرقها
!!..


*كان كل مسلم قبل أن يقتل يستحلف التتري بالله ألا يقتله.. يقول له: "لا بالله لا تقتلني"، فمن كثرة ما سمعها التتار، أخذوا يتغنون
بكلمة
"لا بالله".. يقول رجل
من المسلمين اختبأ في دار مهجورة ولم يظفر به التتار
: إني كنت أرى التتر من نافذة البيت بعد أن يقتلوا الرجال ويسبوا النساء،
يركبون على خيولهم وهم يلعبون ويضحكون يغنون قائلين:
"لا بالله.. لا بالله"، وهذه - كما يقول ابن كثير -: "طامة عظمى وداهية
كبرى فإنا لله وإنا إليه راجعون
.."

كان
هذا هو وضع المسلمين في ذلك الوقت
.. هزيمة نفسية مرة.. واجتياح تتري رهيب..



ماذا فعل شورماجان بعد موت جلال الدين؟


لقد ضم "شورماجان" شمال إقليم فارس (شمال إيران حالياً) إلى الإمبراطورية
التترية، وذلك في سنة 629
هجرية،
ثم زحف بعد ذلك على إقليم أذربيجان فضمه إلى أملاكه.. (انظر الخريطة رقم Cool.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



وبتلك الانتصارات التترية - إلى جانب موت
جلال الدين على النحو الذي مرّ بنا – اكتمل سقوط إقليم فارس كله في يد التتار
باستثناء الشريط الغربي الضيق الذي تسيطر عليه طائفة الإسماعيلية الشيعية. (انظر
الخريطة رقم 9).

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



ثم بدا لشورماجان أن
يستقر في هذه المناطق ولا يكمل زحفه إلا بعد ترسيخ قدمه، وتثبيت جيشه، ودراسة
المناطق المحيطة... وما إلى ذلك من أمور تدعم السلطان التتري في هذه
المنطقة
..

ظل "شورماجان" يرسخ
حكم التتر في هذه المناطق لمدة خمس سنوات كاملة.. من سنة
629 هجرية إلى سنة 634 هجرية، وأثناء هذه السنوات الخمس لم تخرج عليه
ثورة مسلمة!! ولم يتحرك لقتاله جيش مسلم!! مع أن جيوش المسلمين تملأ المناطق
المجاورة لفارس وأذربيجان، وذلك في العراق والموصل ومصر والحجاز وغيرها.. لكن الكل
كان يشعر أن هذا أمر يهم أهل فارس وأهل أذربيجان، وليس مصيبة عامة على عموم
المسلمين..!! لم يشعر المسلمون في الأقطار التي لم تُصَب بعد بِوَيْلات التتار أن
عليهم واجباً تجاه هذه البلاد المنكوبة.. وفي ذات الوقت لم يشعروا أن الدائرة حتماً
ستدور عليهم في يوم من الأيام
.. أضف إلى ذلك أن المسلمين في مناطق العراق والشام ومصر والحجاز كان
غالبيتهم من العرب، بينما كان غالب المسلمين في إقليم فارس وأذربيجان وشرق الدولة
الخوارزمية من غير العرب
.. ومع غياب الفهم الإسلامي الصحيح.. وغياب الاستيعاب الكامل للأسس الحقيقية التي يُبنى عليها هذا الدين، ما
عاد العربي يشعر بأخيه غير العربي، ولا العكس... كأنهم غرباء بعضهم عن بعض.. بينما هم في الحقيقة..
إخوة!


"إنما المؤمنون إخوة"..

أمر شنيع حقاً ألا يشعر المسلم العربي بأخيه المسلم التركي أو الأفغاني
أو الشيشاني أو الهندي أو الفارسي
... هذا أمر شنيع.. وقاصمة لظهر الأمة الإسلامية؛ لأن الإسلام دين لا يرتبط بعرق ولا عنصر
ولا لون ولا جنس
.. إنما الرابط الوحيد هو الإيمان بالله ورسوله وبهذا
الدين
.. رباط العقيدة.. ولا شيء غير العقيدة..

روى الإمام أحمد بسند مرسل عن أبي نضرة - رحمه الله - قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم
:

"يأيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على
أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا
بالتقوى
"..

هكذا جاءت القاعدة واضحة.. لا مكان لعرق أو لون في الإسلام.. إنما
المكانة والاعتبار للتقوى
..

بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم قسم المسلمين إلى طائفتين رئيسيتين لا
ثالث لهما.. واعتمد في تقسيمه هذا على مسألة التقوى.. جاء ذلك في الحديث الذي رواه
الترمذي وأبو داود وأحمد، وكذلك ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، وكذلك رواه ابن
مردويه في تفسيره بسندٍ رجاله ثقات
.. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" أما بعد، يأيها الناس، فإن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها، يا
أيها الناس، الناس رجلان
: مؤمن تقي كريم على الله، وفاجر شقي هين على الله، ثم تلا: (يا أيها
الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى..).. والعبية هي الكبر والفخر
..

فالمسلم الصادق هو الذي يتحمس لمن اشترك معه في عقيدة واحدة ولو اختلف
أصله أو لونه أو نسبه
..

وهكذا فالاعتبار الوحيد المقبول في الإسلام هو اعتبار العقيدة
والتقوى
..



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدى فتحى تهامى
عماري أصيل
عماري أصيل
حمدى فتحى تهامى


ذكر
عدد الرسائل : 706
العمر : 40
المكان : ابو ظبي - الامارات
الحالة : متزوج
الهواية : ماتحاولش تبقى حد تانى غير نفسك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تاريخ التسجيل : 31/10/2008
التـقــييــم : 0

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالخميس 14 أبريل 2011, 10:20 pm



متابع ومتابع ومتابع .........
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدى فتحى تهامى
عماري أصيل
عماري أصيل
حمدى فتحى تهامى


ذكر
عدد الرسائل : 706
العمر : 40
المكان : ابو ظبي - الامارات
الحالة : متزوج
الهواية : ماتحاولش تبقى حد تانى غير نفسك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تاريخ التسجيل : 31/10/2008
التـقــييــم : 0

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة 15 أبريل 2011, 10:29 am

محمدعبدالرحمن كتب:


كان التتري يدخل القرية بمفرده، وبها الجمع الكثير من الناس فيبدأ
بقتلهم واحداً تلو الآخر، ولا يتجاسر أحد المسلمين أن يرفع يده نحو الفارس بهجوم أو
بدفاع
!!..


*أخذ تتري رجلاً من المسلمين، ولم يكن مع التتري ما يقتله به، فقال له:
ضع رأسك على الأرض ولا تبرح، فوضع رأسه على الأرض، ومضى التتري فأحضر سيفاً ثم
قتله
!!..

*ويحكي رجل من المسلمين لابن الأثير فيقول: كنت أنا ومعي سبعة عشر رجلاً في طريق، فجاءنا فارس واحد من التتر،
وأمرنا أن يقيد بعضنا بعضاً، فشرع أصحابي يفعلون ما أمرهم، فقلت
لهم
: هذا واحد فلم لا نقتله ونهرب؟!! فقالوا: نخاف، فقلت: هذا يريد قتلكم الساعة فنحن نقتله، فلعل الله يخلصنا، فوالله ما جسر أحد
أن يفعل ذلك، فأخذت سكيناً وقتلته، وهربنا فنجونا، وأمثال هذا كثير
!!..


*دخل التتار بلدة اسمها "بدليس" (في جنوب تركيا الآن) وهي بلدة حصينة
جداً ليس لها إلا طريق ضيق جداً بين الجبال
.. يقول أحد سكانها: لو كان
عندنا خمسمائة فارس ما سلم من جيش التتار واحد؛ لأن الطريق ضيق، والقليل يستطيع أن
يهزم الكثير
.. ولكن - سبحان
الله
- هرب
أهلها إلى الجبال وتركوا المدينة للتتار فقاموا بحرقها
!!..


*كان كل مسلم قبل أن يقتل يستحلف التتري بالله ألا يقتله.. يقول له: "لا بالله لا تقتلني"، فمن كثرة ما سمعها التتار، أخذوا يتغنون
بكلمة
"لا بالله".. يقول رجل
من المسلمين اختبأ في دار مهجورة ولم يظفر به التتار
: إني كنت أرى التتر من نافذة البيت بعد أن يقتلوا الرجال ويسبوا النساء،
يركبون على خيولهم وهم يلعبون ويضحكون يغنون قائلين:
"لا بالله.. لا بالله"، وهذه - كما يقول ابن كثير -: "طامة عظمى وداهية
كبرى فإنا لله وإنا إليه راجعون
.."

كان
هذا هو وضع المسلمين في ذلك الوقت
.. هزيمة نفسية مرة.. واجتياح تتري رهيب..



[b][color=blue]


سبحان الله على ضعف المسلمين ..

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك الامم ان تداعى عليكم كما تداعى الاكلة الى قصعتها" فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: "بل انتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن" فقال قائل: يارسول الله، وما الوهن؟ قال: "حب الدنيا وكراهية الموت.

متابع وشاكرلك السرد الممتع .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة 15 أبريل 2011, 12:29 pm



الاجتياح التتري في الفترة من سنة 634 هجرية
إلى سنة
649 هجرية

بعد هذه السنوات الخمس في
إقليمي فارس وأذربيجان بدأ
"شورماجان" في سنة 634 هجرية في
الالتفاف حول بحر قزوين من ناحية الغرب لينطلق شمالاً لاستكمال
فتوحاته
.. وبسرعة استطاع أن يسيطر على أقاليم أرمينيا وجورجيا (مملكة الكرج
النصرانية) والشيشان وداغستان
..

ثم بدأ جيش آخر من جيوش التتار بزعامة "باتو بن جاجي" في قيادة الحملات التترية شمال بحر قزوين، وذلك في نفس السنة
(
634 هجرية)،
و أخذ في قمع القبائل التركية النازلة في حوض نهر الفولجا، ثم زحف بعد ذلك على
البلاد الروسية الواسعة، وذلك في سنة
635 هجرية..

وبدأ هذا الجيش التتري الرهيب يقوم بالمذابح الشنيعة في روسيا
النصرانية
.. فاستولى على العديد من المدن الروسية، وذلك في سنتي 635 و636 هجرية.. سقطت تحت أقدام هذا الجيش مدن "ريدان"، ثم "كولومونا" بعدها بأيام، ثم سقطت مدينة "فلاديمير" الكبيرة بعد صمود ستة أيام فقط، واقترن سقوطها بمذبحة بشعة،
ثم سقطت
"سوذال", ثم توجهت الجيوش التترية إلى أعظم مدن روسيا "موسكو" فتم اجتياحها وتدميرها، ثم سقطت بعد ذلك مدن "يورييف" و"جاليش" و"بريسلاف" و"روستوف" و"ياروسلاف"، ثم سقطت مدينة "تورزوك" وبذلك احتل التتار دولة روسيا بكاملها!!.. (ومع أن مساحة روسيا سبعة عشر مليون كيلومتر
مربع.. إلى جانب أعداد سكانها الهائلة وأحوالها المناخية القاسية إلا أن التتار
احتلوها بالكامل في عامين فقط!!)


وفي سنة 638 هجرية
تحركت جيوش التتار غرباً بقيادة
"باتو بن جاجي" فاحتلوا دولة أوكرانيا بكاملها (ومساحتها ستمائة ألف كيلومتر مربع),
واجتاحوا العاصمة
"كييف", ودمروا كنوزها العظيمة، ولقى أكثر سكانها مصرعهم..

وفي سنة 639 هجرية
زحفت فرقة من قوات التتار بقيادة
"بايدر" إلى الشمال الغربي من دولة أوكرانيا فدخلت مملكة بولندا، ودمرت
الكثير من المدن البولندية، فلم يجد الملك البولندي إلا أن يستعين بالفرسان الألمان
القريبين منه (ألمانيا تقع في غرب بولندا مباشرة) فجاء الأمير هنري دوق
"سيليزيا الألمانية" واشترك
مع ملك بولندا في تكوين جيش واحد لملاقاة التتار، غير أن هذا الجيش لقي هزيمة ساحقة
على أيدي الجيوش التترية بقيادة
"بايدر".. وبذلك سقطت بولندا أيضاً تحت حكم التتار!..

وفي هذه الأثناء وفي نفس السنة - سنة639 هجرية -
ترك
"باتو" قائد التتار المتمركز في أوكرانيا فرقة تترية في هذه المنطقة، واتجه
بجيشه الرئيسي غرباً إلى مملكة المجر حيث التقى مع ملك المجر في موقعة رهيبة دمر
على أثرها الجيش المجري بكامله، وبذلك احتُلت المجر أيضاً
!

ثم نزل "بايدر" من بولندا في اتجاه الجنوب لمقابلة جيوش التتار بقيادة باتو في المجر،
وفي طريقه للنزول اجتاح دولة
"سلوفاكيا" وضمها بكاملها إلى دولة التتار!!..

ثم تدفقت الجيوش التترية إلى دولة "كرواتيا" فاجتاحتها!!

وبذلك وصلت الجيوش التترية إلى سواحل البحر الأدرياتي (وهو البحر الفاصل
بين كرواتيا وإيطاليا)، وبذلك يكون التتار قد ضموا إلى أملاكهم نصف أوروبا
تقريباً
!!.. (انظر الخريطة رقم 10)
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



وكان من الممكن أن تستمر الفتوحات التترية في أوروبا - وقد وصلت حدود دولة التتار إلى دول ألمانيا والنمسا
وإيطاليا
- لولا أن
الخاقان الكبير ملك التتار
"أوكيتاي" مات في
هذا العام (
639 هجرية) فاضطر الأمير "باتو بن جاجي" أن يوقف
الحملات، ويستخلف أحد قواده على المناطق المفتوحة، ويعود إلى
"قراقورم" عاصمة التتار في منغوليا للمشاركة في اختيار الخاقان التتري
الجديد
..



وقفة لتحليل الموقف الجديد وتقييم الأوضاع عالميًّا في
سنة
639 هجرية
وما بعدها:ـ


ـ أولاً: وصلت حدود دولة التتار في هذه السنة من كوريا شرقاً إلى بولندا
غرباً، ومن سيبيريا شمالاً إلى بحر الصين جنوباً
.. وهو اتساع رهيب في وقت محدود.. وأصبحت قوة التتار في ذلك الوقت هي القوة الأولى في العالم بلا
منازع
.. (انظر الخريطة رقم 11)
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



ـ ثانياً: تولى قيادة التتار بعد" أوكيتاي" ابنه "كيوك بن أوكيتاي"، وقد كان لهذا الخاقان الجديد الرأي في تثبيت
الأقدام في البلاد المفتوحة بدلاً من إضافة بلاد جديدة قد لا يقوى التتار على حفظ
النظام فيها، والسيطرة على شعوبها وجيوشها، ومن ثم فقد توقفت الفتوحات التترية في
عهد هذا الخاقان، وإن ظل التتار يحافظون على أملاكهم الواسعة
..

ـ ثالثاً: ابتلع التتار في فتوحاتهم السابقة النصف الشرقي للأمة
الإسلامية، وضموا معظم الأقاليم الإسلامية في آسيا إلى دولتهم، وقضوا على كل مظاهر
الحضارة في هذه المناطق، كما قضوا تماماً على أي نوع من المقاومة في هذه المناطق
الواسعة، وظل الوضع كذلك لسنوات كثيرة لاحقة
..

ـ رابعاً: ظل القسم الأوسط من العالم الإسلامي - والذي يبدأ من العراق
إلى مصر- مفرقاً مشتتاً، لا يكتفي فقط
بمشاهدة الجيوش التترية وهي تسقط معظم ممالك العالم في وقتهم، وإنما انشغل أهله
بالصراعات الداخلية فيما بينهم، وازداد تفككهم بصورة كبيرة
..

كذلك كان القسم الغربي من
العالم الإسلامي الذي يضم ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وغرب افريقيا.. كان هذا
القسم مفككًا تمامًا بعد سقوط دولة الموحدين..




ـ خامساً: ذاق الأوربيون النصارى من ويلات التتار كما ذاق المسلمون من
قبل، وذبح منهم مئات الآلاف أو الملايين، ودمرت كنائسهم، وأحرقت مدنهم، بل هُددوا تهديداً حقيقياً أن يصل التتار إلى
عقر دار الكاثولكية النصرانية في روما
..

ـ سادساً: ومع أن النصارى رأوا أفعال التتار إلا أن ملوك النصارى في
أوربا الغربية (فرنسا وإنجلترا وإيطاليا وألمانيا) كانوا يرون أن هذه مرحلة مؤقتة
سوف تقف عند فترة من الفترات، أما حروب النصارى الصليبيين ضد المسلمين فهي حروب
دائمة لا تنتهي
.. ومن ثم فقد كان ملوك الصليبيين على استعداد كامل للتعاون مع التتار رغم
كل الأعداد الهائلة التي قتلت منهم بدلاً من التعاون مع المسلمين!!
..

أما لماذا يعتقد الصليبيون أن حرب المسلمين دائمة وحرب التتار مؤقتة،
فإن ذلك يرجع إلى أن حروب الصليبيين مع المسلمين هي حروب عقيدة، والعداء بين
المسلمين والصليبيين يقوم على أساس ديني، والصراع بينهما أبدي
.. والنصارى لن ينهوا القتال إلا بدخول إحدى الطائفتين في دين الأخرى، كما
يقول الله عز وجل في كتابه
:

" ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم "..

أما حروب التتار مع الصليبيين فلم تكن حروب عقيدة؛ فعقيدة التتار كانت عقيدة مشوهة باهتة.. مجموعة من أديان شتى.. لم يسع قائد تتري واحد لنشر هذه العقيدة في
البلاد المغنومة، إنما كان هدف التتار فقط هو الإبادة والتشريد، وجمع المال وسبي
النساء والأطفال
.. ومن كانت هذه صفته فلا يُتوقع له الاستمرار..

لذلك فإنه على الرغم من الصدمات التي تلقتها أوروبا على يد التتار، إلا
أن أوروبا استمرت في تجهيز حملاتها لغزو بلاد المسلمين من ناحية مصر والشام بدلاً
من تكثيف الجهود لصد التتار، وفي ذات الوقت فإن حكام أوروبا الغربية الصليبيين ما
يئسوا من إمكانية التعاون مع خاقان التتار لسحق الأمة الإسلامية
..

ـ سابعاً: أخذت عقائد الجيش التتري في التغيّر بعد الحملات التي وجهوها
إلى أوروبا
.. فقد تزوج عدد كبير من قادة المغول من فتيات نصرانيات، وبذلك بدأت
الديانة النصرانية تتغلغل نسبياً في البلاط المغولي، وهذا ساعد أكثر على إمكانية
التعاون بين التتار والصليبيين
..

ـ ثامناً: استمرت الحروب الصليبية الأوروبية على المسلمين في مصر
والشام، وكانت مصر والشام في ذلك الوقت تحت حكم الأيوبيين، ولكن كانت هذه هي آخر
أيام الأيوبيين، وقد دار الصراع بينهم وبين بعضهم، وأصبح المسلمون بين شقي الرحى:
بين التتار من ناحية، والصليبيين من ناحية أخرى
..

ـ تاسعاً: في سنة 640 هجرية
توفي المستنصر بالله الخليفة العباسي، وتولى الخلافة ابنه
"المستعصم بالله"، وكان يبلغ من العمر آنذاك ثلاثين عاماً، وهو وإن
كان قد اشتهر بكثرة تلاوة القرآن، وبالنظر في التفسير والفقه، وكثرة أعمال الخير،
إلا أنه لم يكن يفقه كثيراً -
ولا قليلا!!ً - في السياسة ، ولم يكن له علم بالرجال؛ فاتخذ بطانة
فاسدة، وازداد ضعف الخلافة عما كانت عليه
... وسنأتي إلى ذكره بعد ذلك؛ فهو آخر الخلفاء العباسيين، وهو الذي ستسقط
بغداد في عهده بعد ذلك
..

ـ عاشراً: لم يبق فاصل بين التتار والخلافة العباسية في العراق إلا شريط
ضيق في غرب إقليم فارس، (غرب إيران الآن)
.. وهو على قدر من الأهمية- وإن كان
ضيقاً -
؛ إذ كانت تعيش فيه طائفة الإسماعيلية الخطرة،
وكانوا أهل حرب وقتال، ولهم قلاع وحصون، فضلاً عن طبيعة المكان
الجبلية
.. وكانوا على خلاف دائم مع الخلافة العباسية.. وكراهية شديدة للمذهب السني، وكانوا يتعاونون مع أعداء الإسلام
كثيراً
.. فمرة يراسلون التتار، ومرة يراسلون الصليبيين.. وكان التتار يدركون وجودهم، ومع ذلك فهم لا يطمئنون لهم؛ فالتتار ما
كانوا يرغبون في بقاء قوة ذات قيمة في أي مكان على ظهر الأرض
..



وخلاصة القول بعد هذا التحليل فإن "كيوك بن أوكيتاي" خاقان التتار الجديد استلم مملكة واسعة تعد هي القوة الأولى في العالم،
وأن الصليبيين بالرغم مما ذاقوه من التتار فإنهم ما زالوا يطمعون في التعاون معهم
ضد المسلمين، أما المسلمون فكانوا في خلافات مستمرة، وتحت ضغوط تترية من ناحية،
وصليبية من ناحية أخرى، وليس لأي قائد مسلم في ذلك الوقت أي طموح - كبير أو
صغير
- في تحرير
البلاد واستنقاذ العباد، إنما كانت رغبتهم فقط في تثبيت السلطان على البقعة التي
يعيشون عليها مهما صغرت أو ضعفت، ولا حول ولا قوة إلا بالله
..


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدى فتحى تهامى
عماري أصيل
عماري أصيل
حمدى فتحى تهامى


ذكر
عدد الرسائل : 706
العمر : 40
المكان : ابو ظبي - الامارات
الحالة : متزوج
الهواية : ماتحاولش تبقى حد تانى غير نفسك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تاريخ التسجيل : 31/10/2008
التـقــييــم : 0

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 16 أبريل 2011, 4:06 pm

محمدعبدالرحمن كتب:


الاجتياح التتري في الفترة من سنة 634 هجرية
إلى سنة
649 هجرية

بعد هذه السنوات الخمس في
إقليمي فارس وأذربيجان بدأ
"شورماجان" في سنة 634 هجرية في
الالتفاف حول بحر قزوين من ناحية الغرب لينطلق شمالاً لاستكمال
فتوحاته
.. وبسرعة استطاع أن يسيطر على أقاليم أرمينيا وجورجيا (مملكة الكرج
النصرانية) والشيشان وداغستان
..

ثم بدأ جيش آخر من جيوش التتار بزعامة "باتو بن جاجي" في قيادة الحملات التترية شمال بحر قزوين، وذلك في نفس السنة
(
634 هجرية)،
و أخذ في قمع القبائل التركية النازلة في حوض نهر الفولجا، ثم زحف بعد ذلك على
البلاد الروسية الواسعة، وذلك في سنة
635 هجرية..

وبدأ هذا الجيش التتري الرهيب يقوم بالمذابح الشنيعة في روسيا
النصرانية
.. فاستولى على العديد من المدن الروسية، وذلك في سنتي 635 و636 هجرية.. سقطت تحت أقدام هذا الجيش مدن "ريدان"، ثم "كولومونا" بعدها بأيام، ثم سقطت مدينة "فلاديمير" الكبيرة بعد صمود ستة أيام فقط، واقترن سقوطها بمذبحة بشعة،
ثم سقطت
"سوذال", ثم توجهت الجيوش التترية إلى أعظم مدن روسيا "موسكو" فتم اجتياحها وتدميرها، ثم سقطت بعد ذلك مدن "يورييف" و"جاليش" و"بريسلاف" و"روستوف" و"ياروسلاف"، ثم سقطت مدينة "تورزوك" وبذلك احتل التتار دولة روسيا بكاملها!!.. (ومع أن مساحة روسيا سبعة عشر مليون كيلومتر
مربع.. إلى جانب أعداد سكانها الهائلة وأحوالها المناخية القاسية إلا أن التتار
احتلوها بالكامل في عامين فقط!!)


وفي سنة 638 هجرية
تحركت جيوش التتار غرباً بقيادة
"باتو بن جاجي" فاحتلوا دولة أوكرانيا بكاملها (ومساحتها ستمائة ألف كيلومتر مربع),
واجتاحوا العاصمة
"كييف", ودمروا كنوزها العظيمة، ولقى أكثر سكانها مصرعهم..

وفي سنة 639 هجرية
زحفت فرقة من قوات التتار بقيادة
"بايدر" إلى الشمال الغربي من دولة أوكرانيا فدخلت مملكة بولندا، ودمرت
الكثير من المدن البولندية، فلم يجد الملك البولندي إلا أن يستعين بالفرسان الألمان
القريبين منه (ألمانيا تقع في غرب بولندا مباشرة) فجاء الأمير هنري دوق
"سيليزيا الألمانية" واشترك
مع ملك بولندا في تكوين جيش واحد لملاقاة التتار، غير أن هذا الجيش لقي هزيمة ساحقة
على أيدي الجيوش التترية بقيادة
"بايدر".. وبذلك سقطت بولندا أيضاً تحت حكم التتار!..

وفي هذه الأثناء وفي نفس السنة - سنة639 هجرية -
ترك
"باتو" قائد التتار المتمركز في أوكرانيا فرقة تترية في هذه المنطقة، واتجه
بجيشه الرئيسي غرباً إلى مملكة المجر حيث التقى مع ملك المجر في موقعة رهيبة دمر
على أثرها الجيش المجري بكامله، وبذلك احتُلت المجر أيضاً
!

ثم نزل "بايدر" من بولندا في اتجاه الجنوب لمقابلة جيوش التتار بقيادة باتو في المجر،
وفي طريقه للنزول اجتاح دولة
"سلوفاكيا" وضمها بكاملها إلى دولة التتار!!..

ثم تدفقت الجيوش التترية إلى دولة "كرواتيا" فاجتاحتها!!

وبذلك وصلت الجيوش التترية إلى سواحل البحر الأدرياتي (وهو البحر الفاصل
بين كرواتيا وإيطاليا)، وبذلك يكون التتار قد ضموا إلى أملاكهم نصف أوروبا
تقريباً
!!.. (انظر الخريطة رقم 10)
[img][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

سبحان الله على قوه التتار . دول غيروا شكل خريطه العالم تماما وكان فاضل لهم بس امريكا الاتينيه والشماليه وااستراليا وتبقى القوه الوحيده على وجه الارض .

فى انتظار الجزء التالى .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد 17 أبريل 2011, 10:26 am

حمدى فتحى تهامى كتب:


سبحان الله على قوه التتار . دول غيروا شكل خريطه العالم تماما وكان فاضل لهم بس امريكا الاتينيه والشماليه وااستراليا وتبقى القوه الوحيده على وجه الارض .

فى انتظار الجزء التالى .



جميل متابعتك يا استاذ حمدي
ومحمساني متابعتك للإكمال والله


بالنسبة لأمر القوة مش قوة التتار يا استاذ حمدي أو أي العدو هي المحرك
ضعف المسلمين أو قوتهم المحرك الرئيسي

التاريخ شاهد على إنتصارات المسلمين وهم الأقل عدداً وعدة إن كانوا على العقيدة والمنهج

في غزوة مؤتة وقف المسلمون ب 3000 مقاتل (ثلاثة آلاف مقاتل)
في مقابل 200000 مقاتل رومي (مئتي ألف)
ونصر الله المسلمون على يد سيدنا خالد بن الوليد في معركة حققت هدفها
وإنسحب الجيش في خطة تدرس حتى الآن في كل المدارس العسكرية في العالم

وغيرها مئات المعارك التي نصر الله فيها المؤمنون المتجردون لله رغم قلتهم عدداً وعدة

وسيأتي في نهاية القصة مثال حي ذلك


قال تعالى : { يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين }
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد 17 أبريل 2011, 11:08 am



أحداث الفترة من 639 هجرية إلى 649 هجرية

بعد تولية "كيوك بن أوكيتاي" خاقان
التتار الجديد قرر أن يوقف الحملات التوسعية، ويتفرغ لتثبيت الأقدام في أجزاء
مملكته المختلفة
.. وقد ظل "كيوك" يحكم من سنة 639 هجرية
إلى سنة
646 هجرية
وفي هذه السنوات السبع لم يدخل التتار بلاداً جديدة إلا فيما
ندر
.. وكانت
فترة هدوء نسبي في المناطق المجاورة لمملكة التتار، وإن كانت المناطق المنكوبة
بالتتار ما زالت تعاني من ظلم وبشاعة الاحتلال التتري
..

وعندما رأى الصليبيون في غرب أوروبا النهج غير التوسعي عند
"كيوك" تجددت آمالهم في التعاون مع التتار ضد المسلمين، فأرسل البابا
"إنوسنت الرابع" سفارة إلى منغوليا في سنة 643 هجرية،
وكان غرض السفارة هو التوحد مع التتار لحرب المسلمين في مصر والشام، (لم يكن همّها
- مثلاً - أن ترفع الاحتلال والظلم عن نصارى أوروبا وروسيا), واستقبل "كيوك"
السفارة الصليبية بحفاوة لكثرة النصارى في البلاط المغولي، ولكن عندما قرأ كيوك
رسالة البابا وجده - بالإضافة إلى طلبه توحيد العمل العسكري ضد المسلمين - فإنه
يدعوه إلى اعتناق النصرانية، واعتبر خاقان التتار أن هذا تعدياً من البابا؛ إذ كيف
يطلب من خاقان التتار أن يغير من ديانته؟!
فأعاد الخاقان "كيوك" السفارة الصليبية بعد أن حملها برسالة إلى البابا يطلب منه أن يجمع
أمراء الغرب الأوروبي جميعاً ليأتوا إلى منغوليا لتقديم فروض الولاء والطاعة
للخاقان التتري، وبعد ذلك يبدأ التعاون
.. وبالطبع رفض ملوك أوروبا الغربية هذا الطلب، وبذلك فشلت السفارة
الصليبية في تحقيق أهدافها
..

لكن البابا الكاثوليكي "إنوسنت الرابع" لم ييئس من فشل هذه السفارة، بل أرسل سفارة صليبية أخرى،
ولكنه هذه المرة أرسلها إلى قائد القواد التترية في مدينة
"تبريز" بمنطقة فارس الملاصقة للخلافة الإسلامية، وكان اسمه "بيجو" وذلك في سنة 645 هجرية، وقد لمس فيه البابا حباً للعدوان والهجوم، وعلم أنه من أنصار
التوسع من جديد في أراضي المسلمين، وقد لاقت السفارة ترحيباً كبيراً من
"بيجو" الذي توقع أن هجوم الصليبيين على مصر والشام سوف يشغل المسلمين في هذه
الأقاليم عن الدفاع عن الخلافة العباسية في العراق، وبذلك تسهل مهمته في
اقتحامها
.. ولكن لا يخفى على أحد أن صلاحيات "بيجو" لم تكن تؤهله لاتخاذ مثل هذا القرار الاستراتيجي الخطير بالتعاون مع
الصليبيين، وكان
"كيوك" ما زال على رأيه في عدم التوسع، وعدم التعاون مع الصليبيين إلا بعد
خضوعهم له، ومن ثم فشلت أيضاً هذه السفارة الثانية
..

في هذه الأوقات كان "لويس التاسع" ملك فرنسا يجهز لحملته الصليبية على مصر، والتي عرفت في التاريخ بالحملة
الصليبية السابعة، وكان يجمع جيوشه في جزيرة قبرص، وذلك في سنة
646 هجرية،
وقد رأى
"لويس التاسع" أن الأمل لم ينقطع في إمكانية التحالف مع التتار ضد المسلمين، فأرسل
سفارة صليبية ثالثة من قبرص إلى منغوليا لطلب التعاون من
"كيوك" في هذه الحملة، وزود السفارة بالهدايا الثمينة، والذخائر
النفيسة..
لكن عندما وصلت هذه السفارة إلى "قراقورم" العاصمة التترية في منغوليا فوجئت بوفاة خاقان التتار "كيوك" ولم يكن "كيوك" قد ترك إلا أولاداً ثلاثة صغاراً لا يصلحون للحكم في هذه السن الصغيرة
فتولت أرملة
"كيوك", وكانت تدعى "أوغول قيميش" الوصاية عليهم، ومن ثم تولت حكم التتار وذلك ابتداءً من سنة
646 هجرية, ولمدة ثلاث سنوات..

توجهت إلى ملكة التتار الجديدة سفارة لويس التاسع فاستقبلتها بحفاوة،
لكنها اعتذرت عن إمكانية المساعدة في الحملة الصليبية الآن لأنها مشغولة بالمشاكل
الضخمة التي طرأت في مملكة التتار نتيجة موت
"كيوك"، بالإضافة إلى أن عامة قواد التتار لم يكونوا
موافقين ببساطة على حكم امرأة لدولة التتار العظيمة، والتي تعتمد في الأساس الأول
على البطش والإجرام والقوة، فكانت الأوضاع غير مستقرة تماماً في
منغوليا
..

لكن لويس التاسع أصر على القيام بحملته حتى مع عدم اشتراك التتار، فتوجه
فعلاً من قبرص إلى مصر، ونزل بدمياط في سنة
647 هجرية،
واحتل دمياط, ثم تجاوزها إلى داخل مصر
-
عبر نهر النيل - في اتجاه القاهرة، ولكن الجيش المصري قابله في المنصورة، وكان معه سلطان
مصر
"الصالح أيوب" الذي مات
بعد ثلاثة أيام من بداية المعركة في المنصورة، وتولت أمر مصر السلطانة
"شجرة الدر" زوجة الصالح أيوب التي أخفت خبر وفاة زوجها، وراسلت توران شاه ابن الملك
الصالح نجم الدين أيوب، وكان يحكم إحدى المناطق في تركيا، وقامت شجرة الدر
-
بالاشتراك مع قواد الجيش فارس الدين أقطاي وركن الدين بيبرس
-
بإدارة موقعة المنصورة المشهورة ضد الصليبيين، وانتصر المسلمون في هذه
الموقعة، ثم وصل توران شاه ابن الملك الصالح نجم الدين أيوب إلى مصر، وتولى حكم
البلاد، وانتصر مرة أخرى على الصليبيين في موقعة فارسكور، وأسر لويس التاسع وذلك في
سنة
648 هجرية، ثم حدثت بعض الفتن في مصر، وقتل توران شاه، وتولت شجرة الدر ملك
مصر علانية، ولكن الجو العام في مصر لم يكن يقبل بولاية امرأة, فتزوجت من أحد قادة
المماليك وهو
"عز الدين أيبك"، ثم أصبح سلطاناً على مصر، وبذلك وصل المماليك
إلى حكم مصر خلفاً للأيوبيين، وسيأتي تفصيل عن نشأة المماليك وطبيعتهم بعد
ذلك
.

لكن المهم في تلك الأحداث أن نشير إلى ظهور قوة المماليك، وفشل الحملة
الصليبية السابعة، وهذا ولا شك قد زاد من حقد الصليبيين، وأكد على ضرورة التعاون مع
التتار لحرب المسلمين
..

أما الوضع في منغوليا فلم يكن مستقراً؛ فالتتار لم يستطيعوا قبول أرملة
"كيوك" كملكة عليهم، ومن ثم اجتمع المجلس الوطني للتتار والمسمى
"بالقوريلتاي"، وذلك في سنة 649 هجرية، وقرروا اختيار خاقان جديد للتتار، وبالفعل اختاروا
"منكوخان" ليكون زعيماً جديداً للتتار..

وكان اختيار "منكوخان" زعيماً لمملكة التتار بداية تحول كبير في سياسة التتار، وبداية
تغيير جذري في المناطق المحيطة بالتتار، فقد كانت لديه سياسة توسعية شبيهة بسياسة
جنكيزخان المؤسس الأول لدولة التتار، وشبيهة أيضًا بسياسة أوكيتاي الذي فُتحت
أوروبا في عهده... ومن ثم بدأ "منكوخان" يفكر من جديد في إسقاط الخلافة العباسية،
وما بعدها من بلاد المسلمين
..

وللأسف الشديد فإن أمراء المسلمين وقت تولية "منكوخان" لم يكونوا على مستوى الحدث الكبير، والمسلمون - وإن كانوا قد انتصروا في موقعة المنصورة في مصر سنة 648 هجرية - كانوا
مشغولين جداً بأنفسهم، ففضلاً عن الفتن الداخلية في كل إمارة، والتصارع على الحكم،
فقد كانت تقوم حروب مريرة بين الإمارات الإسلامية، والضحايا جميعاً من
المسلمين
..

ومن ذلك الحرب الكبيرة التي دارت بين الجيش المصري بقيادة عز الدين أيبك
والجيش الشامي الذي أرسله الناصر يوسف أمير حلب ودمشق، ودارت رحاها في منطقة تسمى
"العباسية" (
18 كيلومتر شرق مدينة الزقازيق المصرية حالياً)
وانتصر فيها الجيش المصري، ولا أدري كيف كانت تطيب نفوسهم بهذه الحروب، والحملات
الصليبية لا تتوقف، والتتار يقفون على أبواب الخلافة العباسية
!..

والغريب جداً في هذه الفترة أن الحكام والشعوب - بل والعلماء - كانوا قد نسوا تماماً أن نصف الأمة الإسلامية يقع تحت الاحتلال التتري،
ونسوا أن التتار أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من الخلافة العباسية، ومن الحجاز ومصر
والشام، لدرجة أن المؤرخين الذين يؤرخون لهذه الفترة لا يذكرون البتة أي شيء عن
التتار
!!..

فعلى سبيل المثال تجد ذكر التتار يختفي في كتاب (البداية والنهاية) لابن
كثير - رحمه الله - عند تأريخه للفترة من سنة
639 هجرية إلى 649 هجرية (فترة حكم "كيوك" ثم أرملته) والتي لم يحدث فيها توسع تتري، وكأن القضية التترية قد حلت،
وما ترك ابن كثير - رحمه الله - الكلام عن التتار إلا لقلة المصادر التي تتحدث عن
هذه الفترة، ولقلة الأخبار التي كان أهل العراق والشام ومصر يتناقلونها عن جيوش
التتار أو عن المسلمين الذين يعيشون تحت الظلم التتري المستمر
..

بل وتجد ابن كثير - رحمه الله - عند وصفه للحياة في العراق والشام ومصر
في هذه السنوات العشر يصف حياة طبيعية جداً، فالخليفة يعالج بعض المشاكل
الاقتصادية، ويتصدق على بعض الفقراء، وقد يحدث وباء فيعالج، أو غلاء فيشق ذلك على
الناس إلى أن يمنح الخليفة بعضاً من المال لمقاومة الغلاء، وهذا يفتح مدرسة، وذاك
يفتح داراً للضيافة، وغيره يفتح داراً للطب، ومن أحوال هذه السنوات أن مات فلان من
الشعراء وفلان من الأدباء وفلان من الكرماء وفلان من الوزراء
!.. لكن أين
العلماء الذي يخطبون على المنابر وفي حلقات العلم يشرحون للناس خطر التتار، ومصيبة
المسلمين في البلاد المنكوبة بالتتار؟ وأين الحكام الذين يجهزون شعوبهم ليوم لا
محالة هو آت؟ لم يكن هذا مشتهراً في ذلك الوقت
.. ومن ثم اختفى ذكره من كتب التاريخ!..

وهكذا فأحداث ذلك الزمان كانت تشير جميعاً إلى أن اجتياحاً تترياً
جديداً سوف يحدث قريباً، وذلك على غرار الاجتياح التتري الأول الذي حدث في زمان
جنكيزخان، أو على غرار الاجتياح التتري الثاني الذي حدث في زمان
أوكيتاي
.. ولعله يكون أشد وأنكى؛ لأنه كلما ازداد خنوع المسلمين ازداد طمع التتار
وغيرهم فيهم، وكلما فرط المسلمون في شيء طمع أعداء الأمة في الشيء الذي يليه، وهذه
سنة ثابتة لأهل الباطل، وراجعوا التاريخ والواقع
!!








الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدى فتحى تهامى
عماري أصيل
عماري أصيل
حمدى فتحى تهامى


ذكر
عدد الرسائل : 706
العمر : 40
المكان : ابو ظبي - الامارات
الحالة : متزوج
الهواية : ماتحاولش تبقى حد تانى غير نفسك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تاريخ التسجيل : 31/10/2008
التـقــييــم : 0

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد 17 أبريل 2011, 4:25 pm

محمدعبدالرحمن كتب:
حمدى فتحى تهامى كتب:


سبحان الله على قوه التتار . دول غيروا شكل خريطه العالم تماما وكان فاضل لهم بس امريكا الاتينيه والشماليه وااستراليا وتبقى القوه الوحيده على وجه الارض .

فى انتظار الجزء التالى .



جميل متابعتك يا استاذ حمدي
ومحمساني متابعتك للإكمال والله


[/font][/b]
[/font]

والله الموضوع جميل جدا وفعلا الواحد بيحب يقرأ فى التاريخ .

واقتراح برده لما تخلص الموضوع ده ممكن تقدم قصص للانبياء بصوره مبسطه وسهله زى مابيقدمها الشيخ طارق السويدان .

او ممكن تبدأ فى سلسله خلق الانسانيه - تاريخ القدس من ايام الكنعانيين - الخلاف بين السنه والشيعه من ايام سيدنا على - وكده القصص اللى هيا تثرى ثقافه الانسان ويحب ان يعرفها وبالتوفيق لك .

ليا رجوع مره اخرى بعد الانتهاء من قرأه الجزء الحالى من القصه .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدى فتحى تهامى
عماري أصيل
عماري أصيل
حمدى فتحى تهامى


ذكر
عدد الرسائل : 706
العمر : 40
المكان : ابو ظبي - الامارات
الحالة : متزوج
الهواية : ماتحاولش تبقى حد تانى غير نفسك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تاريخ التسجيل : 31/10/2008
التـقــييــم : 0

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد 17 أبريل 2011, 4:40 pm




وصل بنا قطار التتار الى مصر .

فى انتظار الجزء التالى من القصه .

دمت بخير وشاكر لحماسك على تكمله الموضوع .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالإثنين 18 أبريل 2011, 9:45 am

حمدى فتحى تهامى كتب:


والله الموضوع جميل جدا وفعلا الواحد بيحب يقرأ فى التاريخ .

واقتراح برده لما تخلص الموضوع ده ممكن تقدم قصص للانبياء بصوره مبسطه وسهله زى مابيقدمها الشيخ طارق السويدان .

او ممكن تبدأ فى سلسله خلق الانسانيه - تاريخ القدس من ايام الكنعانيين - الخلاف بين السنه والشيعه من ايام سيدنا على - وكده القصص اللى هيا تثرى ثقافه الانسان ويحب ان يعرفها وبالتوفيق لك .

ليا رجوع مره اخرى بعد الانتهاء من قرأه الجزء الحالى من القصه .


يا أ/ حمدي يا ريت تدخل معانا بموضوع قصص الأنبياء
وهنستفيد من جهدك
إيد لوحدها متسقفش [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى فتـ7ـى
عماري أصيل
عماري أصيل
مصطفى فتـ7ـى


ذكر
عدد الرسائل : 2890
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 09/12/2009
التـقــييــم : 15

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالإثنين 18 أبريل 2011, 2:20 pm

عذرا تم حذف المشاركتين بسبب خلل من الشركة نفسها ليس بيدنا والله ،،
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدى فتحى تهامى
عماري أصيل
عماري أصيل
حمدى فتحى تهامى


ذكر
عدد الرسائل : 706
العمر : 40
المكان : ابو ظبي - الامارات
الحالة : متزوج
الهواية : ماتحاولش تبقى حد تانى غير نفسك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تاريخ التسجيل : 31/10/2008
التـقــييــم : 0

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالإثنين 18 أبريل 2011, 2:41 pm

مصطفى فتـ7ـى كتب:
عذرا تم حذف المشاركتين بسبب خلل من الشركة نفسها ليس بيدنا والله ،،


بسيطه ياهندسه ولا يهمك مبسوط مبسوط
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمدعبدالرحمن
مشرف المنتدى الاسلامي
مشرف المنتدى الاسلامي
محمدعبدالرحمن


ذكر
عدد الرسائل : 1645
العمر : 44
المكان : مكان ما يكونوا
الحالة : متزوج + 2
الهواية : أحلم ببكرة
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
التـقــييــم : 18

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالإثنين 18 أبريل 2011, 7:38 pm

يا استاذ حمدي رديت في المشاركتين المحذوفتين
بأنو يسعدني نتعاون وحدد الكتاب ووقت البداية وأنا معاك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدى فتحى تهامى
عماري أصيل
عماري أصيل
حمدى فتحى تهامى


ذكر
عدد الرسائل : 706
العمر : 40
المكان : ابو ظبي - الامارات
الحالة : متزوج
الهواية : ماتحاولش تبقى حد تانى غير نفسك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تاريخ التسجيل : 31/10/2008
التـقــييــم : 0

قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة التتار - د/ راغب السرجاني   قصة التتار - د/ راغب السرجاني - صفحة 2 I_icon_minitimeالثلاثاء 19 أبريل 2011, 6:19 am




نخلص قصه التتار وبعد كده ننسق سوا لموضوع قصص الانبياء . واللى هنحتاج الاداره معانا تروج لها لانه هيبقى موضوع طويل وعايز متابعه واهتمام من الاعضاء علشان نقدر نكمله خصوصا ان كل قصه لنبي ممكن تتعرض على يومين او ثلاثه فالمشروع ده راح ياخد حوالى 50 يوم ومحتاجين دعم نفسي من الاعضاء فيه حتى لانمل وتجف اقلامنا .

قى انتظار الجزء التالى .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة التتار - د/ راغب السرجاني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 6انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» بيان الدكتور راغب السرجاني حول الأحداث في مصر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبـــاب العمـــــار :: واحــة الإســـلام :: التاريخ الإسلامي-
انتقل الى: