عمارة كان أسفلها مستودعات وفي أعلاها شقق سكنية
، وفي إحدى الشقق ترقد في جوف الليل امرأة غاب
عنها زوجها في تلك الليلة ، وهي تحضن بين يديها
طفلها الرضيع وقد نام بجوارها طفلتيها الصغيرتين ،
وأمـــــــها الطاعنة في السن ،،،، وفي جوف الليل
تستيقظ تلك المرأة على صياح وضوضاء ، أبصرت ..
وإذا بحريق شب في أسفل تلك العمارة وإذا برجال
الإطفاء يطلبون من الجميع إخلاء العمارة إلى السطح ،
قامت تلك المرأة وأيقظت صغيرتيها ، وصعدت
الصغيرتان إلى أعلى العمارة ، ثم بقيت تلك الأم في
موقف لا تحسد عليه ، لقد بقيت تنظر إلى صغيرها
الرضيع الذي لا يستطيع حِراكا ، والى أمها الطاعنة
في السن العاجزة عن الحركة والنيران تضطرب في
العمارة ... وقفت متحيرة ،،،، أتقدم البر ؟؟؟ أم تقدم
الأمومة ؟؟؟ وبسرعة قررت بأن تبدأ بأمها قبل كل
شيء وتترك صغيرها ، حملت أمها وصعدت بها الى
سطح العمارة وما إن سارت في درج تلك العمارة إلا
وإذ بالنيران تداهم شقتها وتدخل على صغيرها وتلتهم
تلك الشقة وما فيها .....
تفطر قلبها وسالت مدامعها وصعدت إلى سطح العمارة
لتضع أمها ، وتتجرع غصص ذلك الابن الذي داهــمته
النيران على صغره .
أصبح الصباح وأخمد الحريق وفرح الجميع إلا تلك
الأم المكلومة ، لكن مع بزوغ الفجر إذ برجال الإنقاذ
يعلنون عن طفل حي تحت الأنقاض بفضل الله .
إنه البر وإنه عاقبة البـارين ، فيا عباد الله أين نحن من بر الآباء والأمهات ؟؟؟ أين نحن من ذلك الباب من ابواب الجنة