تقرير: المركز
المصري وأولاد الأرض يرصدان إرهاصات الثورة وتداعياتها على العمال
مؤسسة
أولاد الأرض لحقوق الإنسان
المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
فبراير 2011
استقبلنا عام 2011 بفاجعة تفجير كنيسة
القديسين ليلة عيد الميلاد وبدى
للجميع أننا أمام عام سيكون فارق في
حياة المصريين، ولكن
بقدر ما بهذه البداية من مأساوية جاء 25 يناير ليسطر أبناء وبنات مصر بدمائهم أروع ملحمة ثورية تشهدها البشرية
دفاعا عن الكرامة
والحرية والعدالة الاجتماعية،
واستطاعوا خلال 18 يوما إسقاط رأس النظام، ومازال نضال
الجماهير المصرية مستمرا من أجل تحقيق كل مطالب الثورة.
والأسئلة التي تفرض نفسها على الشأن العمالي الآن:
أين كان العمال من هذه الثورة؟
ما هو الدور الذي لعبوه
لإنجاحها؟
لماذا لم تتوقف احتجاجات العمال حتى بعد تنحى مبارك؟
ربما تحتاج الإجابة على هذه الأسئلة إيضاح النقاط التالية:
أولا: منذ عام 2004 وحتى نهاية عام 2010
لم تتوقف الاحتجاجات العمالية
دفاعا عن حقوق ومطالب العمال وأخذت
شكلا تصاعديا في
مجتمع انحازت قوانينه لرجال الأعمال على حساب حقوق العمال في ظل تنظيم نقابي عمالي فاسد ونظام سياسي قمعي لم يتوانى
عن استخدام القوة
في مواجهة العمال واعتقال بعض
قادتهم بموجب قانون الطوارىء كما حدث مع عمال المحلة في
ابريل 2008، وتقديم البعض الآخر لمحاكمات عسكرية كما تم مع عمال الإنتاج
الحربي في 2010 ، كان كل المتابعين للشأن العمالي يعيشوا على أمل أن تتقدم
مطالب العمال الفئوية في كل مصنع على حدي لتصبح مطالب جماعية لكل الطبقة العاملة كخطوة أولى لتشمل بعد ذلك مطالب
قومية تربط وتمزج بين الاقتصادية
والاجتماعية من ناحية والمدنية والسياسية من ناحية أخرى، كان الجميع يحلم ببناء هذا الجسر خاصة أن العمال خلال هذه
الفترة قاموا بأكبر موجه احتجاجية
في تاريخهم وبدأت بشاير التقدم العمالي في الظهور، ووجدنا الطبقة العاملة المصرية تخطوا بنا إلى محطات هامة ليس
فقط في تاريخها ولكن في تاريخ هذا
الوطن:
1-حيث تمكن موظفي الضرائب العقارية من تشكيل وإعلان أول نقابة عمالية مستقلة في مصر ورغم ما
واجهته هذه النقابة ورجالها من
حروب لإجهاض الفكرة إلا أنها استطاعت الاستمرار والصمود لتفتح آفاقا جديدة للتنظيمات النقابية في مصر فتوالت إعلانات
تأسيس النقابات المستقلة وبدأت
باتحاد أصحاب المعاشات، ثم نقابة المعلمين المستقلة، ثم نقابة الفنيين الصحيين ليفرض العمال بذلك وعلى أرض
الواقع الحق في التعددية
النقابية.
2-لم يكتف العمال بالاحتجاج داخل مواقع العمل ولكن أبدعوا فكرة الاعتصام أمام دوائر اتخاذ
القرار والأجهزة
الرقابية والعمالية التي لم
تقوم بدورها في حمايتهم وخاصة أمام اتحاد العمال ومجلس
الوزراء ومجلسي الشعب والشورى، واستطاعوا خلال هذه الفترة أن يستحوذوا على
المشهدين السياسي والاجتماعي في مصر في ظل تعاطف وتأييد مجتمعي كان
منقطع النظير، خاصة أن هذه الاعتصامات استمرت دون انقطاع لمدد فاقت ال 15 يوما، وكان العمال والعاملات يصطحبن أسرهم
معهم وتمكنوا من فتح
ملفات فساد بيع شركات القطاع
العام.
3- في مارس 2010 حصلت الطبقة العاملة المصرية على حكم من القضاء الإداري بإلزام رئيس
الجمهورية ورئيس
الوزراء ورئيس المجلس
القومي للأجور بوضع حد أدنى للأجور يتناسب مع الأسعار ويضمن للعمال حياة كريمة، لقد كان هذا الحكم صادما للنظام
السياسي الذي كان يفرق بين العمال في
الأجور عن طريق الكادرات الخاصة واستطاع أن يجهض تحركات المعلمين عن طريق منحهم هذا الكادر، وقد كان لهذا الحكم
ثلاث نتائج هامة (1) تسبب هذا
الحكم في توحيد مطالب العمال في كل المواقع بشأن زيادة الأجور ليتمسك
العمال بمطلب حد أدنى للأجور 1200 جنيه، (2) نجح في فرض حوار مجتمعي حول
فساد الأجور في مصر حيث عقدت المقارنات بين من يحصلوا على أجور تفوق المليون جنيه شهريا، ومن لم تتجاوز أجورهم ال100
جنيه شهريا، (3) رفع وعى المجتمع من
أن تحديد الأجر ليس سلطة مطلقة لصاحب العمل ولا يمكن التعامل معه باعتباره سلعة ينطبق عليها قواعد العرض
والطلب فكل الدساتير والقوانين
المحلية والاتفاقات الدولية تضع قواعد لكيفية تحديد الأجور في المجتمعات ونصت على ضرورة أن يكون أقل أجر (الحد الأدنى
للأجر) ضامنا حياه كريمة للعامل
وفقا لأسعار السلع والخدمات الأساسية داخل المجتمع بل
ويجب أن يعاد النظر في هذا الحد على الأقل كل ثلاثة
سنوات.
وبعد امتناع النظام عن تنفيذ الحكم لمدة
سبعه شهور ونجاح الطبقة العاملة
بالحصول على حكم ثان يلزم
الحكومة بتنفيذ الحكم الأول حاول النظام الالتفاف على حكم القضاء
الإداري وتفريغه من مضمونه فقد صدر
قرارا بأن يكون الحد الأدنى للأجور 400 جنيها شهريا كأجر شامل وان ينطبق على عمال القطاع الخاص فقط متجاهلا
تطبيقه على عمال قطاع الأعمال العام
والحكومي وهو ما اجبر الطبقة العاملة على الاستمرار في معركتها بشأن زيادة الأجور سواء من خلال الاحتجاج في
الموقع أو الدعاوى القضائية.
4- نجح عمال طنطا للكتان في الحصول على أول حكم قضائي يقضى بحبس رجل الأعمال عبد الإله الكحكى (مستثمر سعودي ) رئيس مجلس إدارة الشركة لارتكابه جريمة منع
العمال من مزاولة حق
العمل حيث قضت محكمة جنح
طنطا بأقصى عقوبة قررها القانون وهى حبسه لمدة عامين مستخدمة في ذلك نص المادة 375 من قانون العقوبات والتي
طالما استخدمت ضد العمال عندما
كانوا يقوموا بالإضراب عن العمل ليفتح نضال عمال طنطا أفاقا جديدة لطرق الدفاع عن حقوق العمال والتي كانت تقتصر فقط
على استخدام آليات التقاضي المدني
ليضيف إليها آليات التقاضي الجنائي أيضا.
ثانيا: ان ثورة الخامس والعشرين من يناير
لم تكن منفصلة عما قبلها،
فإرهاصات الحراك المجتمعي هي التي تمهد
الأرض لمثل هذه
الثورات وواقع الحال يؤكد أن عمال مصر في نضالهم المستمر للمطالبة
بحقوقهم قاموا في عام 2010 بنحو 530 احتجاجا عماليا تمثلت
في 209 اعتصاما و135 إضرابا و80 تظاهرة و83 وقفة
احتجاجية و23 تجمهرا، وتجسدت
خسائر العمال في فصل وتشريد 40735
عاملا ومصرع 118 عاملا وإصابة 6544 آخرين نتيجة ظروف
العمل السيئة وغياب وسائل الأمن الصناعي والصحة المهنية، أما المأساة
الحقيقية فقد كانت في انتحار 52 عاملا بعد أن عجزوا عن توفير متطلبات أسرهم
اليومية في ظل تدنى الأجور وارتفاع أسعار السلع بشكل متزايد،
تقول صفحات عام 2010 أن الاعتصامات والتي بلغت 209
اعتصاما كان نصيب قطاع الأعمال منها 65 اعتصاما أي بنسبة 31% والقطاع الحكومي 76 اعتصاما أي بنسبة 36% والقطاع الخاص 68 اعتصاما أي
بنسبة 33% من جملة الاعتصامات،
أما الإضرابات والتي بلغت 135
إضرابا فقد كان نصيب قطاع الأعمال منها 33 إضرابا أي بنسبة 24% والقطاع الحكومي 45
إضرابا أي بنسبة 33% والقطاع
الخاص 57 إضرابا أي بنسبة 43% من
جملة الإضرابات، في
حين تمثلت التظاهرات والتي بلغت 80 تظاهرة في 18 تظاهرة لقطاع الأعمال
أي بنسبة 22.5% وكذلك 28 تظاهرة للقطاع الحكومي أي بنسبة 35% وأيضا 34
تظاهرة للقطاع الخاص أي بنسبة 42.5% من إجمالي التظاهرات، أما الوقفات الاحتجاجية والتي بلغت 83 وقفة فقد كان نصيب
قطاع الأعمال منها 14 وقفة أي بنسبة 17% والقطاع الحكومي 36 وقفة
أي بنسبة 43% والقطاع الخاص 33 وقفة أي بنسبة 40% من إجمالي الوقفات
الاحتجاجية، كما قام العمال خلال
العام الماضي بتنظيم 23 تجمهرا
كان نصيب قطاع الأعمال منها 3 تجمهرات أي بنسبة 13% والقطاع
الحكومي 14 تجمهرا أي بنسبة 61% والقطاع الخاص 6 تجمهرات أي بنسبة 36% من إجمالي التجمهر، أما خسائر العمال فى
العام الماضى فقد كانت فى فصل
وتشريد 40735 عاملا، فقد قام قطاع الأعمال بفصل 5005 عاملا أى بنسبة 12% والقطاع الحكومى قام بفصل وتشريد 10709 أى
بنسبة 26.4% أما القطاع الخاص
فقد قام بفصل وتشريد 25021 عاملا أى بنسبة 61.6% من إجمالى عدد العمال الذين تم تشريدهم ..!
الاعتصام
• شهد العام الماضي 2009 اعتصاما، فقد شهد شهر يناير 16 اعتصاما وفبراير 12 اعتصاما ومارس 23
اعتصاما وأبريل 28 اعتصاما ومايو 27 اعتصاما ويونيو 17 اعتصاما
ويوليو 14 اعتصاما وأغسطس 20 اعتصاما وسبتمبر 11 اعتصاما وأكتوبر 21
اعتصاما ونوفمبر 13 اعتصاما
وديسمبر 7 اعتصامات ..!
الإضراب
• بلغ عدد الاضرابات في العام الماضي 135 إضرابا، فقد شهد شهر يناير 9 إضرابات وفبراير 11 إضرابا
ومارس 11 إضرابا وأبريل 6
إضرابات ومايو 8 إضرابات ويونيو 10 إضرابات ويوليو 14 إضرابا وأغسطس 7 إضرابات وسبتمبر 8 إضرابات وأكتوبر 15 إضرابا
ونوفمبر 5 إضرابات وديسمبر 31
إضرابا ..!
التظاهر
• قام العمال خلال العام الماضي بـ80 تظاهرة، فقد شهد شهر يناير 8 تظاهرات وفبراير 9 تظاهرات
ومارس 10 تظاهرات وأبريل 9
تظاهرات ومايو 6 تظاهرات ويونيو 4 تظاهرات يوليو 6 تظاهرات وأغسطس 8 تظاهرات وسبتمبر 8 تظاهرات وأكتوبر 5 تظاهرات
ونوفمبر 3 تظاهرات وديسمبر 4
تظاهرات..!
وقفة
احتجاجية
• نظم العمال 83 وقفة احتجاجية في العام الماضي، فقد شهد شهر يناير 4 وقفات وفبراير 8 وقفات
ومارس 8 وقفات وأبريل 4 وقفات ومايو 7
وقفات ويونيو 9 وقفات ويوليو 13 وقفة وأغسطس 12 وقفة وسبتمبر 4 وقفات وأكتوبر 7 وقفات ونوفمبر 4 وقفات
وديسمبر 3 وقفات..!
التجمهر
• خلال العام الماضي قام العمال بتنظيم 23 تجمهرا،
فقد شهد يناير تجمهرين وفبراير تجمهرين ومايو تجمهرين ويونيو 4 تجمهرات ويوليو 3 تجمهرات وأغسطس تجمهرا واحد وسبتمبر 4
تجمهرات وأكتوبر 3 تجمهرات
ونوفمبر تجمهرا واحدا وديسمبر تجمهرا واحد ..!
الفصل
والتشريد
• كما شهدت صفحات عام 2010 وقائع فصل وتشريد 40612 عاملا، فقد تم فصل وتشريد 13230 عاملا في
شهر يناير، و1821 عاملا في
فبراير، و1124 عاملا في مارس، و1466 عاملا في أبريل، 784 عاملا في مايو، و4617 عاملا في يونيو، و4886 عاملا في يوليو، و878
عاملا في أغسطس، و5506 عاملا في سبتمبر، و1000 عاملا
في أكتوبر، و3500 عاملا في
نوفمبر و1800 عاملا في ديسمبر..!
الانتحار
• بلغ عدد العمال الذين قاموا بالانتحار فى عام 2010 بعد أن وصل بهم اليأس إلى مداه وسدت فى
وجوههم كل أبواب الأمل 52 عاملا، فقد
شهد شهر يناير انتحار 3 عمال وفبراير انتحار 5 عمال ومارس انتحار 3 عمال وأبريل انتحار 3 عمال ومايو انتحار عامل
واحد ويونيو انتحار 10 عمال ويوليو
انتحار 7 عمال وأغسطس انتحار عاملين وسبتمبر انتحار 8 عمال ونوفمبر انتحار 6 عمال وديسمبر انتحار 4 عمال ..!
دفتر
أحوال
• شهد عام 2010 مصرع 118 عاملا وإصابة 6544 عاملا آخرين نتيجة ظروف العمل السيئة وغياب الحد الأدنى
من وسائل الأمن والسلامة
والصحة المهنية، فقد شهد شهر يناير مصرع 10 عمال وإصابة 20 آخرين وفبراير مصرع عامل واحد وإصابة 93 آخرين ومارس
مصرع 6 عمال وإصابة 55 آخرين
وأبريل مصرع عاملين وإصابة 6047 عاملا منهم 6 آلاف عامل بشركات الحديد والصلب أصيبوا بأمراض مزمنة، كما شهد مايو مصرع 8
عمال وإصابة 33 آخرين، ويوليو
مصرع 16 عاملا وإصابة 5 آخرين وأغسطس مصرع عامل واحد وإصابة 62 آخرين وسبتمبر مصرع 30 عاملا وإصابة 28 آخرين وأكتوبر
مصرع 6 عمال وإصابة 13
آخرين ونوفمبر مصرع 3 عمال وديسمبر مصرع 14 عاملا وإصابة 103 آخرين ..!
احتجاز
العمال
• شهد عام 2010 وتحديدا فى شهر يونيو احتجاز أكثر من 1000 عامل مصري فى المعسكرات والسجون
الليبية والغريب
أن وزارتي
الخارجية والقوى العاملة لم تحركا حتى الآن ساكنا ..!
حرب
الشوارع
• كما شهد عام 2010 ظهور حرب الشوارع للمرة الأولى فى مصر وتحديدا فى شهر يونيو بمدينة
الاسكندرية حيث
نشبت معركة طاحنة
بين الباعة الجائلين والشرطة بما ينذر أن المواجهات بين العمال والقوى
المناوئة لهم ستشهد صورا أخرى من صور الاحتجاج الأشد عنفا وضراوة..!
ثالثا: لا يمكن لمنصف أن ينكر
دور شباب وشابات مصر في
ثورة 25 يناير فقد جاءت ضربة البداية بدعوة من مجموعات شبابية (صفحة
كلنا خالد سعيد- شباب 6 ابريل- الشباب الذي يؤيد البر ادعى- شباب حركة حشد
– حركة عدالة حرية)، كما لا يمكن إنكار فضل الثورة التونسية التي منحت
الثقة لكل الشعوب العربية في شأن قدرتها على إحداث التغيير، لقد كانت البداية في 25 يناير بشعارات ضد البطالة وشعار (كرامة..
حرية.. عدالة اجتماعية) وما
لبس أن استحوذ شعار ( الشعب يريد إسقاط النظام) على المشهد الاحتجاجي فقد كانت أخبار إطلاق الرصاص الحي على
المتظاهرين بالسويس ووفاة ثلاثة مواطنين
صادمة واستمرت التظاهرات بالقاهرة وبعض المدن وخاصة السويس ولا يمكن إنكار أن قوام هذه التظاهرات لم يكن من الشباب
فقط بل جموع الشعب المصري والتي
لا يمكن تصنيفها وكان التأكيد يوم الجمعة 28 يناير حيث خرجت الملايين لتطالب بإسقاط النظام في ملحمة شعبية توجت
بهزيمة الشرطة واحتلال المتظاهرين
لميدان التحرير بقلب العاصمة لم يكن من
الصعوبة تمييز مجموعات العمال التي تمترست بالميدان (دون ضجيج- ودون ادعاء البطولة- ودون التزاحم للدخول كطرف في
المفاوضات التي جرت- دون الخروج
على ما اتفق عليه من شعارات)، لقد خاض البعض حوارات مع العمال في الميدان حول ضرورة رفع شعارات المواقع التي
كانوا يطالبوا بها إلا أنهم رفضوا
وأكدوا تمسكهم بما تم الاتفاق عليه وهو التركيز على إسقاط النظام دون رفع شعارات فئوية.
ربما يكون من الغريب أننا قبل الثورة
وجهنا سهام النقد للطبقة
العاملة المصرية لان مطالبها كانت فئوية، وعندما قامت الثورة وكان العمال في الشوارع والميادين جزء منها
وتمسكوا بشعار (الشعب يريد
إسقاط النظام) نوجه لها سهام النقد أيضا تحت زعم أنها لم ترفع شعاراتها الفئوية، أو أنها لم تحتج في المواقع تضامنا مع
الثورة متجاهلين أن الحياة في
مصر أصابها الشلل منذ يوم 28 يناير ومنذ نزول الجيش وإصدار قرار بحظر التجوال وان الدعم الحقيقي للثورة في هذا
التوقيت كان يرتكز على الاحتفاظ
بميدان التحرير لحين إسقاط النظام.
رابعا: بعد نجاح الجماهير
المصرية يوم 28 يناير واستمرارها في الاحتفاظ بميدان
التحرير تعرضت الثورة المصرية
لمحاولتين لإجهاضها:
كانت المحاولة الأولى: هي الأكثر غباءا
من النظام حيث حاول عبر بعض
البلطجية ورجال الشرطة السرية استخدام
العنف والقوة لفض
الميدان حيث معركة الخيول والبغال في الصباح، والقنابل المسيلة للدموع و زجاجات الملوتوف عصر، واستخدام الرصاص الحي،
والطوب وزجاجات الملوتوف ليلا،
ولكن صمود الميدان كان أكبر من كل التوقعات رغم سقوط 11 شهيد ومئات المصابين بسبب أحداث هذه الليلة.
وكانت المحاولة الثانية: هي الأكثر ذكاءا
من النظام وكانت تقوم على عزل
المتظاهرين في ميدان التحرير
سياسيا عبر إطلاق شائعات حول المتظاهرين في الميدان من انهم يتلقون
دعما من جهات خارجية ولصالح
أجندات خارجية، وإصدار قرار بعودة العمل في المواقع والإعلان عن
تثبيت العمالة المؤقتة وزيادة المرتبات والمعاشات بنسبة 15%، وكان تصور النظام أن هذه المحاولة ستجعل الميدان قاصرا
على الحركات السياسية فقط مما سيقلل من أعداد المتظاهرين
ويسهل عليه حصارهم ولكن كان
للطبقة العاملة المصرية رأيا
آخر حيث اندلعت تظاهرات العمال واحتجاجاتها في العديد من
المواقع لدرجه كانت تقترب من العصيان المدني فجاءت النتائج عكس توقعات النظام وأصبح هناك عشرات المواقع التي لا تقل
أهمية وحيوية عن
ميدان التحرير، مما
جعلنا أمام تمدد أفقي للاحتجاجات من ناحية، وأضافت مطالب العمال للثورة المصرية قلبا اجتماعيا.
خامسا: مع سقوط النظام وتنحى مبارك يوم 11 فبراير 2011 وتولى المجلس العسكري لكافة
الأمور في البلاد
قامت غالبية القوى بفض اعتصامها بميدان التحرير ولم تبقى إلا فصائل
قليلة من المعتصمين،
وبدى أن القوى السياسية ارتضت بما تحقق من نتائج، ويبدوا أن بعضها وصل إلى
اتفاقات سياسية، وربما تكون القوى العاملة قد اعتادت على تخلى السياسيين
عنها فور تحقيق جزء من مطالبها لذا لم تتوقف تحركات العمال بعد رحيل مبارك
بل زادت وأضافت مطالب محاسبة رؤساء الشركات الفاسدين، وعزلهم من
مناصبهم، وتثبيت العمالة المؤقتة وإلغاء الجزاءات التعسفية، وزيادة الأجور،
كما انضمت فئات جديدة تطالب باحترام حقوق العمل مثل أفراد وضباط الشرطة
الذين طالبوا بزيادة الأجور، وتحديد ساعات العمل، وأيام للراحات،
وقواعد جديدة للترقيات، وكذلك العاملين بقطاع البنوك مما أجبر البنك المركزي على منح البنوك إجازة يوم الاثنين 14
فبراير والثلاثاء 15
فبراير إجازة المولد النبوي
الشريف،كما استمر إضراب عمال النقل العام بالقاهرة
الكبرى لمدة أربع أيام متصلة مما دفع محافظ القاهرة لمناشدتهم بالعودة للعمل.
لقد تراوحت الاحتجاجات في الفترة من 12
حتى 14 فبراير2011 من 40 احتجاج
إلى 60 احتجاجا يوميا في كافة
المواقع (الإنتاجية- والصناعية-
والخدمية) وشملت مناطق جغرافية متنوعة بطول البلاد وعرضها لدرجه دفعت المجلس العسكري في 14 فبراير 2011
لإصدار بيانه الخامس الذي طالب فيه
بوقف الاحتجاجات ومنح الحكومة فرصة للعمل، ورغم تفهمنا لنداء القوات المسلحة ودواعي إصدار البيان ومبرراته،
ولكن لم نتفهم لماذا جاءت طريقة
ولهجة إلقاء البيان تحمل تهديدا ووعيدا عكس كل بيانات المجلس العسكري السابقة، ولماذا اقتصر البيان على مطالبة العمل
بالعودة للعمل ودوران عجلة
الإنتاج دون أن يرتبط ذلك بإعلان التزام المجلس العسكري بضمان الحقوق العمالية وضمان إقرار العدالة الاجتماعية.
وغنى عن الإيضاح أن مجرد إصدار بيان أمرا
غير كافي بذاته لإيقاف احتجاجات
العمال، وفى نفس الوقت نعلم تمام
العلم أن الاستجابة
الآنية لكل مطالب العمال أمرا مستحيل، لذا نطالب بالإعلان فورا عن مجموعه من الخطوات التي قد تساهم في إنصاف
العمال، ودفعها
للاستجابة للنداء، ومنحها جرعة
من الثقة في الاستجابة لمطالبها مستقبلا، لذا نطالب:
1-حل مجلس اداراة الاتحاد العام لنقابات عمال مصر ومجالس إدارات النقابات العامة العمالية
التابعة له وكذلك
مجالس إدارات اللجان
النقابية حيث جرت انتخاباتها بالمخالفة للقانون وعلى جثة أحكام القضاء الادارى والإدارية العليا التي أكدت فساد
إجراءات الانتخابات، فضلا عن دور الاتحاد الذي كان
مجرد ظلا للحزب الوطني
الديمقراطي في كل سياساته
وعرابا لكل قرارات الخصخصة وتصفية القطاع العام وسيطرة الدولة
على أموال التأمينات الاجتماعية فقد كان مجلس إدارة الاتحاد بمثابة أمانة
العمال في الحزب الوطني.
2- إصدار قرار بالحد الأدنى للأجور يتناسب مع الأسعار نفاذا للحكم القضائي 21606 لسنة 64قضائية.
ومن الجدير بالذكر أن
الطبقة العاملة كانت تطالب ب 1200 جنيه إلا أن رجال الأعمال وممثلي الحكومة في المجلس القومي للأجور استصدروا قرار
باعتبار مبلغ ال400 جنيه حدا للأجر
الشامل، ويطبق فقط على عمال القطاع الخاص، مع العلم أن اللجنة العملية التي شكلها المجلس القومي للأجور كانت
تضم الدكتور سمير رضوان وزير
المالية الحالي، وأوصت بغير ذلك ولكن تم الالتفات عنها، كما نؤكد على أن آخر ورقة بحثية للدكتور سمير رضوان قدمت في
هذا الشأن وقبل
توليه الوزارة أكدت على اعتبار
مبلغ 600 جنيه شهريا حد أدنى للأجر أمرا مناسبا وغير
مغالى فيه، بل إن تصريحاته الصحفية ومداخلاته العلمية كانت تؤكد أن الحد
الأدنى للأجر مدخل ضروري للإصلاح الاقتصادي وتحقيق التنمية.
وفى هذا الإطار – ورغم أن خط الفقر
القومي مقدر 656 جنيها في الشهر
طبقا لأسعار 2008، وطبقا لتقديرات
وزارة التنمية
الاقتصادية- وتقديرا للظروف التي تمر بها البلاد نطالب باستصدار قرار – كخطوة أولى- لوضع حد أدنى للأجور 600 جنيه شهريا
كأجر أساسي ويطبق على كافة
القطاعات(حكومي – خاص- أعمال) مع النظر في زيادة هذا الحد سنويا ووفقا لنسب التضخم.
3- الإسراع في الخطوات التنفيذية لتنفيذ قرار
تثبيت العمالة المؤقتة الذي أصدره وزير المالية.
4- إلغاء اللوائح الجديدة للمستشفيات الحكومية والتعليمية التي أصدرها حاتم الجبلي وعبد
السلام المحجوب قبل الإطاحة بهما
والتي كانت تتعامل مع الحق في الصحة باعتباره سلعه تتوافر للقادر على دفع تكلفتها.
5- إصدار مرسوم بقانون بإلغاء وحل جميع شركات العمالة الوسيطة التي أعادت أحد أشكال العمل
بالسخرة إلى مصر
حيث تعمد الشركات
والهيئات الكبرى عند رغبتها في استقدام عمال أن تطلب من شركات العمالة
توريد العمال وهو ما يتيح للشركات والهيئات الكبرى التحلل من هذه العمالة
والتخلص منها في أي وقت دون ان تتحمل أي أعباء لان عقود العمل في الحقيقة تكون بين شركات العمالة وبين العمال ولا تدخل
الشركات والهيئات الكبرى طرفا في
هذه العلاقة وتصبح علاقة العمل بلا أي ضمانات حقيقية سواء كانت اجتماعية أو صحية، وفى هذا الإطار نؤكد على أن مثل
هذه الشركات واستمرارها
يمثل جريمة أخلاقية في حق عمال مصر مما يستوجب إلغائها واعتبار كل علاقات العمل علاقات ترتب كافة الآثار القانونية بين
العمال والشركات والهيئات
الكبرى خاصة الأجر والتأمين الصحي والاجتماعي طوال مدة العمل.
6- طالما عانى عمال مصر من سيطرة رجال الأعمال على عمليات صياغة التشريعات مما أهدر استقرار
قواعد الأمان الوظيفي وأهدر الطابع الاجتماعي لعلاقات
العمل، فقواعد القانون الحالية
تتيح لصاحب العمل إصدار قرارات
فصل العمال تعسفيا وحتى إذا لجأ أحد العامل للمحكمة وحصل
على حكم قضائي يقضى بإلغاء قرار الفصل والعودة للعمل يستطيع صاحب العمل أن
يمتنع عن تنفيذ الحكم مقابل حصول العامل على تعويض بحد أدنى شهرين عن كل
سنة طبقا لما تقضى به المحكمة، وفى هذا الإطار نطالب باستصدار مرسوم بقانون يعدل من قواعد قانون العمل الحالية فإذا
قضت المحكمة ببطلان قرار الفصل
واعتبرته قرارا تعسفيا يكون للعامل الاختيار بين العودة
للعمل وصرف جميع مستحقاته التي تعطل صرفها بسبب
قرار الفصل أو يحصل العامل على تعويض عن هذا
الفصل التعسفي ولا يعود للعمل طبقا
لاختياره.
7- الإعلان عن صندوق البطالة لصرف إعانة للمتعطلين
عن العمل، وإعلان قواعد وإجراءات وجهات الصرف.