محلل احبه الكثير واقتنع بتحليله وكلامه انه عمرو حمزاوي واليوم اقدم لكم مقاله عن الاحزاب والمقال موضع نقاش وتبادل الاراء . اليكم المقال :
لدى قناعة بأن الأحزاب السياسية هى الكيانات التنظيمية الأقدر على تمثيل مصالح قطاعات واسعة من المواطنين وعلى إدارة تحديات الانتقال الديمقراطى وبناء دولة ومجتمع ديموقراطى. أسلم أيضا مبدئيا بحق أية مجموعة من المواطنين تتوافق فى أفكارها ورؤاها للمجتمع والسياسة فى مصر فى تكوين حزب يعبر عنها، وأدرك حقيقة أننا حرمنا طويلا من تكوين الأحزاب فى ظل استبداد مبارك وأن من الجيد أن نفعل حرية التنظيم المتاحة الآن بالإقبال على تكوينها. إلا أن القناعات هذه لا تلغى أن تفتيت طاقات المواطنين الراغبين فى الإسهام بفاعلية فى بناء مصر الديمقراطية من خلال الإسراف فى تكوين أحزاب تحمل نفس اليافطات وتتبنى نفس البرامج السياسية هو أمر خطير له الكثير من التداعيات السلبية.
فمن جهة والإشارة هنا إلى انتخابات المجالس التشريعية، تتنافس الأحزاب ذات البرامج المتشابهة (ليبرالية ويسارية وغيرهما) على اجتذاب نفس الناخبين لتأييد مرشحيها وهو ما يقلل من حظوظها جميعا فى الحصول على كتل تصويتية متماسكة تترجم إلى عدد معتبر من المقاعد فى المجالس التشريعية.
من جهة ثانية، يستدعى الانتقال الديمقراطى وجود أحزاب كبيرة وفعالة لها حضور شعبى وتشريعى حقيقى تستطيع من خلاله أن تؤثر فى الاختيارات والقرارات المصيرية التى تتضمنها مراحل الانتقال. والأمثلة واضحة فى حالة مصر ونحن ننظر إلى الأشهر المقبلة بما ستشهده من انتخابات تشريعية وتشكيل لجمعية تأسيسية لصياغة الدستور الجديد.
من جهة ثالثة، هناك خصائص محددة للبيئة السياسية فى مصر تخبرنا بأن قوتين كبيرتين ذات تنظيم جيد وتمرس طويل على المشاركة فى الانتخابات، هما ودون المساواة بينهما جماعة الإخوان وبقايا الحزب الوطنى، سينافسان فى انتخابات سبتمبر 2011. وهو ما يضع، فى رأيى، القوى والكيانات الأخرى أمام تحدى بناء أحزاب كبيرة تجمع أكثر مما تفرق إن هى أرادت المنافسة الجادة فى الانتخابات القادمة.
من جهة رابعة، تعانى المجتمعات الخارجة من عقود استبداد وسلطوية وتلك حالة مصر من ضعف قيمة الجماعية فى العمل السياسى وتفضيل الكثير من النشطاء والشخصيات العامة الراغبين فى لعب أدوار سياسية للتكوين الفردى لأحزاب تعبر فقط عن رؤاهم وبرامجهم وتعيش على القبول الجماهيرى لهم. وقناعتى، أن مراحل الانتقال الديمقراطى تحتاج أكثر من أى شىء آخر إلى تغليب لثقافة العمل الجماعى والبحث عن توافقات فى الرؤى والبرامج، تشجع فى البداية على بناء كيانات حزبية كبيرة يمكن فيما بعد ومع استقرار البناء الديمقراطى أن يخرج من تحت مظلتها أكثر من حزب.
كل هذه أسباب تدعو إلى الحذر من تفتيت طاقات المواطنين بالإسراف فى تكوين الأحزاب الصغيرة المتشابهة وإلى إعطاء أولوية واضحة للصيغ التجميعية بعيدا عن الحساسيات السياسية والشخصية، على الأقل إلى حين الانتهاء من الانتخابات البرلمانية القادمة أو إلى أن تثبت محدودية فاعلية التجميع.