تحضرنى حكاية بمناسبة المتباكين على رحيل مبارك، وهى عن عمنا «حمّاد» ذلك الرجل الكبير فى الرأى والمكانة عند أهل قرية.. استخف قومه فأطاعوه، بل كادوا يعبدونه من دون الله!! فكان يختال عليهم رغم جهله وعدم إدراكه للأمور.. ذات يوم أراد «جمل» أن يشرب من «الزير»، لكن رأس الجمل انحشر فى الزير فاحتار أهل القرية وتعبوا فى حل الإشكالية!! فلا هم يريدون ذبح الجمل، ولا يرضون بكسر الزير!!.. فانبرى شقى القوم فيهم وقال إذن لنلجأ إلى عمنا «حمّاد»، فذهبوا إليه يولولون ويستصرخونه طلباً منه للنجدة والرأى والمشورة، فقام معهم فى استعلاء رافضاً الكلام حتى يرى المشكلة والمعضلة، فركب ناقته وكان لا ينزل من عليها عند وصوله لمكان المشكلة، حتى يقضى فى الأمر، وتكون منه الحجة البالغة والقول السديد فى تفسير وتبرير وحل كل المشكلات!!
وعندما وصل إلى الدار المقصودة عمدت بطانة السوء من رفاقه مع أهل القرية البسطاء إلى هدم سقف الدار مع جوانب الباب، ليوسعوا له ولناقته، وحتى لا يعفر التراب نعل جزمته، فعبس وفكر ثم نظر وأقبل واستكبر وقال أحضروا سكيناً واذبحوا الجمل، ثم أحضروا معولاً واكسروا الزير لتخرجوا منه رأس الجمل المذبوح، ثم استعلى وافتخر وقال «يا ويلكم من بعد أبيكم حمّاد يا ولاد!!».. والغريب أن خرج من بين الحضور وممن كانوا قبل فتواه لا يرضون بهذا الحل ويعارضونه من المؤيدين قبل المعارضين من يفاخر ويباهى!! حتى المعارضون الآخرون ظلوا مقتنعين بأنه حقاً «يا ويلنا من بعد الرجل»!!
حكم الرجل بذبح الجمل وكسر الزير وهدم الدار، ومازال بحكمته يختال عليهم، وبطانة السوء تزين له ومنه كل قبيح!! وحتى بعد تنحيه ورحيله، وثبوت ضلوعه فى جرائم كثيرة هو ونجليه وزوجته وكل من له علاقة به.. نجد للأسف من يقول: «ياويلنا من بعده»!!.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم!!
د. محمد عبدالغنى حسن حجر
بسيون - غربية
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]