تاجر

يجلس متحفزاً فتغيب "الطقطوقة" بما عليها من أكواب في ثنايا كرشه المتهدل... يحدثني بحماس كبير عن حرية المرأة وحقوقها المهدرة في بلادنا. هل هذا حماس؟! أم استعراض؟!. لماذا يبدو صوته زاعقاً؛ وكأنه يخطب في جمع من الناس؛ بينما لا يفصلني عنه إلا سنتيمترات؟! حتى أن دخان "الشيشة" المنبعث من فتحتي أنفه الكبيرتين يكاد يخفي ملامحي.
تداعت الأسئلة عندما شاهدت مرتادي المقهى – الذي واعدني أن أقابله عليها – وهم ينظرون إليه متغامزين... تصدر عنهم ابتسامات يتحول بعضها إلى ضحكات فجة!!
تعمدت أن أشاركه الحماس وأن أبدو مهتماً بما يقول متفقاً معه فيما يحلم به من حرية ومساواة بين الرجل والمرأة. ولما لا؟ أليس اضطهاد المرأة - لأنها امرأة - كاضطهاد العمال - لأنهم عمال -؟! ..... فإذا كنت قد لجأت إليه – وهو الحقوقي الشهير – لأعرض عليه بالمستندات والوثائق ما ضاع من حقوق زملائي في شركة النسيج الأهلية... فما الذي يتعارض في ذلك مع دعمي له في موقفه من حرية المرأة وحقوقها المهدرة...
كلما رأى على وجهي علامات استملاح ما يقول زاد صوته زعيقاً ولوح بيديه المرتعشتين في الهواء وكأنه يحارب عدواً لا أراه أو يحاول الإمساك بالحقوق والحريات التي تجسدت أمامه من يد المجتمع الغاصب!!
وجد في الفتاة التي انضمت لجلستنا على المقهى نموذجاً للمرأة التي ظلمها المجتمع وأهدر كرامتها وكبل حريتها؛ فمضى يحكي لي قصة تحولها إلى فتاة ليل....
كنت منشغلاً بردود فعل الفتاة على كلامه عنها. كان كلامه فجاً وموجعاً. وكلما استرقت النظر إلى وجهها - الذي حرمه مكياجها الفاقع من بقية براءة إنسانية – وجدتها ترسم ابتسامة باردة على شفتيها وتنظر مباشرة في عين الرجل نظرة اشتهاء وإغواء!!
حاسبت على الطلبات وهممنا بالانصراف... بعد خطوات من المقهى عرض علي – على مسمع من الفتاة – أن نقضي معاً ليلة حمراء في أحضانها. وأردف عرضه بالقول: "بس أنت اللي ها تدفع لها".