السيد سعيد علام عماري مكسر الدنيا
عدد الرسائل : 364 العمر : 56 المكان : العمار الحالة : متزوج الهواية : قصص قصيره تاريخ التسجيل : 10/01/2009 التـقــييــم : 2
| موضوع: عمار يا مشمش...الجزء الأول الخميس 30 يوليو 2009, 9:15 pm | |
| عمار يا مشمش من قبل صياح الديكة يصحو الجميع فى هذا الشهر المبروك علينا … الكل يأمل الخير فى طرح محصوله وسعره … كل حركة فيه بركة، ولها ثمنها لأصحاب الجناين والتجار الصغار قبل الكبار أو حتى من اشترى (تمر) بضع قراريط خشية من معاناة أولاده من الحرمان من المرح وسط أشجاره والعزوف عن المشاركة فى مهرجان البلد أو عيدنا الثالث والخاص بنا وحدنا … فنهجر بيوتنا ونستعمر حدائق المشمش بكل مظاهر الحياة هناك من أكل وإقامة وربما النوم أيضاً لحراسة الثمار الجيدة من السرقة، لا يعود للبيوت إلا النساء والعجائز والأطفال بدون متاع الذى ينتظرهم حتى يأتوه صباح الغد.مع أول خيوط الفجر ارتدت أم يوسف طرحتها وحملت المشنة إلى الطابونة قبلما تزدحم بنساء القرية وبعض رجالها بدلا من تعب الخبيز وتكلفته العالية أمام الخبز المدعوم لنا ولطيورنا … أعتقها محمد بربش – بقرابته لها – من العطلة والتزاحم بين النساء والرجال أمام شباك الطابونة .. حثت ستها فهيمة على الإسراع فى تجهيز قرص العجة وكيس الطعمية وطبق الفول لإفطارنا، نقت خضار الغذاء من عند فردوس الذى أحضرته من وكالة الخضار ببنها من قبل الفجر – ساقت أم يوسف الحمار بالعربية الصاج بالإفطار، معها يوسف بعدما أوصيتها بالابتعاد عن جسر الترعة، والمغامرة بقيادة يوسف للعربية الصاج بما تحدثه من مشاكل وتجنبا للمخاطر .. سحبت بقرتى اليتيمة – روح البيت – للزريبة .. أفطرها وأجهز (عشاها) من قصبتين البرسيم .. اشتريتهم لأعتق بطنها التى جفت من التبن والقش والدريس وعلى رأى المثل : - إللى ما تشبع برسيم فى كيهك ادعوا عليها بالهلاك.تبعتهم إلى جنينة المشمش فى (ساقية الشوادلية) .. شقيت ريقى مع أشرف رغوة – أطلقوا عليه هذا اللقب لطلبه دائماً شاى معمم برغوة -على سبيل مجاراتهم رحت أشاركهم الطعام الذى ضاع طعمه ونكهته .. لقيمات قليلة من رغيف الطابونة وهاجمنى إحساس بالزهد فيه والحنين إلى رغيف الذرة المخلوط بالحلبة مخبوزاً بفرن بلدى وقوده حطب أشجار المشمش والقش وأقراص روث البهائم الجافة … يتحنى ويترحمش على راكية القوالح بدلا من خبز الطابونة القمحى أو المخبوز بفرن الغاز وبكميات كبيرة يقوموا بدفنها بكفن بلاستيك فى فريزر الثلاجة لحين الحاجة إليه … ترتد ذاكرتى ويعترينى حنيناً حميماً مستدعياً من الماضى المندثر صور شتى لرجال (آكليه).. لا يكادون يفرغون من أكلهم حتى تفرغ مشنة العيش البلدى بما تمتلئ، وربما انتهوا منها ولم يطرقوا باب الشبع بعد أما الآن فالنفس تزهد الطعام مع توافر كمياته وأنواعه.************* خلع أشرف جلبابه الصوف والقفطان والشال – وكأنه شيخ عرب – وارتدى (الزكتة والقايش) وفرد (عب الزكتة) أسرعنا نحمل (النقال والسيبية) – وسائل الصعود لأعلى الأشجار لحصد المشمش كالسلم برجل ثالثة – إلى الشجرة الحموية و(بز) إسماعيل الزقزوق- يسمى باسم صاحب شتلتها – قبلما يطير الندى من على الشجر والمشمش ويطير معه الرزق بعد شرب شاى الترمس – المعد سلفاً – دون الانتظار لشاى الركية، متعجلين لغزو (السويقة) قبلما تمتلأ بالمشامش .. حسن سوق ولا حسن بضاعة.نصب أشرف السلم على (السيبية) السبعة متر بمساعدتى أنا وبشرى .. متبرما ومتمنيا إيجاد وسيلة أخرى لجمع (شواشى) الشجر العالى بمخاطرها مثلما لحق التطور قنوات الرى التى شيدت بالطوب والأسمنت وبوابات رى الغيطان التى صارت ألواح حديديةبدلاً من الكتل الطينية والدبش، وأنارت الكهرباء (الخص) فى الغيطان بعدما هجمت المبانى الخرسانية أفقياً على الكتلة الزراعية فى (عب الليمونة والملأ والخضرة)، كما سمع عن جمع التفاح فى لبنان بالسلم الكهربائى، أو إيجاد عمل مريح بمؤهله المتوسط بعد طول انتظار بدلا من العمل كمزارع بالأجرة أو فى المواسم كالمانجة أو فى المشمش بإجهاده وبمخاطر السقوط من على السلم والسيبية أو الشجر العالى برغم ما يحصل عليه من أجرة (نص باكو) و(غدوة بظفر) وعلبة سجائر يومياً وبنت صغيرة (بربع باكو) – بشرى – تساعده وتساعدنا.************** اليوم هو أملنا فى لم الجزء الأكبر من مديونية بنك القرية التى جهزت بها إبنتى سعيدة..فستر البنت غالى ومكلف .. كان عريسها متعجلاً فى زواجها ولا يهمه من قريب أو من بعيد عاداتنا فى تصريف معظم أمورنا على المشمش وبثمن محصوله، ومنها الزواج وربما معظم طعام السنة عند بعض الناس وعلى رأى من قال : - هتلى بوتجاز .. فى المشمش، وسرير هزاز.. فى المشمش، طب لمبة جاز.. فى المشمش، شالله يا جواز على المشمشخراط البنات زار سعيدة سريعاً .. البنت الصغيرة كبرت وفكت ضفائرها، وصارت من الفتيات النواهد الجميلات.. جاءت بالسيد مسرعاً لطلب يدها عندما لمحها أمام معهد الصنايع ببنها .. أعجبه الجسد الطويل الناعم كالقطن، الوجه الأبيض كالقشدة، العيون الخضراء بلون البرسيم، الواسعة كعيون البقرة، الشعر الأصفر كسنابل القمح، وخد ولا خد مشمشة الشجرة (البدرية).. أحلى من خد التفاح.. وعندما سأل عنا وعنها وجد سيرتها وسيرتنا دون أدنى شائبة .. القرية كلها تحكى وتتحاكى بأدبها وأخلاقها، وعندما سألتها عن رأيها فى الارتباط به .. كان السكوت علامة الرضا والقبول .. أعجبتها فكرة الإقامة بمدينة بعدما تحولت معظم القرى لنصف مدن أو مسخ مدن،وتغيير التليفزيون لفكر القرويات..ٍ واتفقنا على كل شئ ما دام ابن حلال وقادر يعيشها ويسترها.رفضت عمل سلفة على المرتب فهو سندنا فى المعيشة، وما كان يكفى أمس لا يكفى اليوم، ورفض أصحاب (مواقف) المشمش اقراضى (عمولة) ولو جنية واحد فى مقابل توريدى محصول المشمش لهم .. معبأ فى أقفاص وكراتين وغيرهما من عبوات المشمش .. فالمشمش قل طرحه بعدما تكاثفت عليه الأمراض وسرحت فيه (الندوة) وهبط سعره، لم يبقى منهم إلا محمد دسوقى الجزار فتح موقف مشمش ويبيع لحمة السنة كلها على المشمش لناس معينة .. استحسنت أم يوسف رفض أصحاب المواقف اقراضى حتى لا يتحكموا فى أسعار المحصول ويبخسوا بثمنه رغم جودته ويغالوا فى خصم المشال والعمولة، أما الآن فنبيعه فى (سوايق) المشمش التى نختارها ويتجمع ثمنه فى جيبى .. وعندما تمكن منى العجز وقلة الحيلة وأعيانى البحث عمن يقرضنى قرشين (على المشمش) يستروا البنت فى جوازتها بلا جدوى، نصحتنى أم يوسف بالاقتراض من بنك القرية بالفائدة وبضمان قيراطين المشمش مع مبلغ دفتر التوفير الذى فتحناه باسم سعيدة لهذا اليوم .. وبعد مشوار طويل وأوراق كثيرة بتوقيعى وبصمتى ليضمن بها البنك فلوسه عند عجزى عن السداد من محصول المشمش أو غيره، يحجزوا على قيراطين المشمش الذى اعتمد على ثمن محصولهم فى عظائم أمورى .. ففى السنين الماضية استطعت به وبجمعية مع الزملاء تحويل بيتى الطينى إلى بيت خرسانى – كالجيران – حيث النظافة .. إلا أن جدرانه تتمتع بقسط هائل من الأمانة، ففى ليل أيام الصيف الحارة ترد لنا حرارة الشمس الحارقة التى تقترضها نهاراً.. فتصير حجراته نار صيفاً ورصاص شتاءاً، فاهرب منها يشدنى الحنين إلى التكييف الطبيعى والربانى .. صيف شتاء فى البيوت الطينية طالما لم يلمس طوب جدرانها النار.********* أحضرت لموظفى البنك كل ما طلبوه من أوراق ووقعت إمضاءات كثيرة مقترنة بالبصمة، حتى أننى وقعت على استلام المبلغ مقدماً .. وانتظرت قبض السلفة، لكن مدير البنك وموظفيه بعد مكالمة تليفونية انشغلوا عنى بجمع بضع ملايين من الدولارات بالتعاون مع الفرع الرئيسى، طلبهم بيه كبير من البهوات وهو فى قريته السياحية- وأنا فى قريتى المصرية-، وأرسل سائقه بعربية آخر موديل ليحمل المبلغ ومعه الموظف المختص إليه فى مكانه ليوقع له بالاستلام .. رغم أنه قد لا يرد المبلغ مثل البهوات الكبار الذين نقرأ عنهم بعد هروبهم بالفلوس للخارج ولا يأخذ منهم حق ولا حتى باطل، فى حين ينتزعوا قراريط الفلاح التى يقتات عليها إذا لم يجد ما يسد به قيمة القرض .. فالمرتاح مرتاح والتعبان قحطان .. من يأسى طلبت فلوس دفتر توفير سعيدة، اشترى بها حاجة من حاجات جهازها الكثيرة حتى تجهز فلوس السلفة بعدما التزم السيد وأحضر الشبكة الغالية – ككل بنات العمار – وجهز الثلاث حجرات والشقة وكل ما طلبناه بالأصول وأخذ يتعجلنا لإتمام الزواج، كل ما استطعت تأجيله لشهور بعيداً عن برد طوبة عملاً بالمثل : - طوبة تخلى العروسة جلدة والعجوزة قردة.وظللت منتظراً أحد من الفلاحين يتصرف فى قيمة دينه ليسدده بدلا من الحجز على أرضه .. فالأرض عرض .. فى السنين الضنك التى يتعرض المشمش فيها للأمراض علاوة على انخفاض أسعاره، ولا يدرى أحد على وجه اليقين سبب علله .. من يتهم رش وزارة الزراعة الإجبارى عديم الفعالية والصلاحية منذ أعوام عديدة، من يتهم التقلبات الجوية وتداخل الفصول فى بعضها البعض، من يتهم المناحل بنحلها الثقيل الذى يسقط نوار المشمش، المهندسين الزراعيين يتهموا الفلاحين فى خدمة أشجاره التى تحكمها تصرفات فردية بحتة دون اللجوء للجمعية الزراعية، آخر بذقن يقرر دائماً وأبداً أننا نستحق ما حدث لنا بعدما أغضبنا الله بالإفطار جهاراً نهاراً عمداً فى رمضان منذ عدة أعوام عندما تزامن حصاد المشمش مع حرارة صيف رمضان .. فأفطر كثير من (الجميعة) .. فهل بعدما نقارع الله بالمعاصى على الملأ نأمل فى خير يأتينا من نعمته لنا فى المشمش .. فالجزاء يجب أن يكون من جنس العمل، وقد عجل سبحانه حسابنا بنقص فى الأموال فى الدنيا رحمة بنا ليخفف عنا فى الآخرة بعد ما تناسينا أنه الرازق .. فقد تنتهى شجرة المشمش فى العمار عقابا لإفطارهم وعدم تأدية زكاة المحصول الصحيحة عليه كما يجب، فتظهر لنا فيها أمراض جديدة لا قبل لنا بها، وهناك الكثير يجزموا بأن الصهاينة قد أحدثوا ميكروبا فى الجو أو فى ماء الرى أثر عليها كما أتلفوا معظم المحاصيل فى التطبيع الزراعى .. فبعد أن كانت شجرة المشمش تكسى وتطعم الفقير وتملىء بطن الطير، لم تعد شجرته شجرة الفقير بل أصبحت شجرة القادر بعد ما أخذت مناعة من كثرة الرش الذى لم يعد يجدى، حتى أن بعض الثمار امتلأت بالدود مع بداية الموسم دون انتظار(النقطة) فى نصف بؤونة .. حيث تكثر فيه الحرارة الملعونة.************* كلما تذكرت دين البنك بفوائده المتراكمة يركبنى الهم وأسفه من نصيحة أم يوسف : - شورة المرأة لو صحت بخراب سنة … فما بالك لو لم تصح!لكن على كل حال تزوجت سعيدة وكانت ليلتها أحلى من ليلة أحسن وأغنى واحد فى البلد، وكانت كالبدر فى ليلة تمامه خاصة بعد ما جاءت من عند الكوافير بمكياجها .. ترتدى الفستان والطرحة البيض مثل شجرة المشمش المتساقطة الأوراق عندما تلبس نوارها الأبيض وتعقد عيونها الحمراء ويطلع ورقها الأخضر، وعندما أصرت سعيدة على فرقة تزفها فى البلد قبل السفر إلى بنها ورمتنى بالمثل الشعبى : - ولا بنت الناس الغلابة زى القرعة فى شهر بابه.لم تطاوعنى نفسى وحرصت أن تكتمل فرحتها، فليست أقل من أى بنت فى البلد، واتصرفت فى قرشين من أبو سويلم بعد الكيل ما طفح وأحضرت فرقة البلد – فرقة الجوع الكافر- كونها عدد من الشباب العاطلين وأحضروا طبلة وكم عدة من عدد الأفراح، صوتهم لا تكاد تتعرف عليه من بين صوت الآلات الموسيقية العالية والزيطة والزغاريد والنقوط، وكانوا أوفر من غيرهم واجتمع أهل القرية فى الدار للمباركة والفرحة والمشاركة فى فرحتنا .. تردد نساء العائلة أغاني بعصبية مفرطة - إحنا العلامية يا إحنا ولا حد قدنا. | |
|
احمد هلول عماري أصيل
عدد الرسائل : 1363 العمر : 52 المكان : المدينة المنورة ـ المملكة العربية السعودية الحالة : متزوج +2 الهواية : التواصل معكم عبر المنتدي الجميل لشباب العمار تاريخ التسجيل : 15/08/2009 التـقــييــم : 0
| موضوع: رد: عمار يا مشمش...الجزء الأول الجمعة 21 أغسطس 2009, 11:56 pm | |
| و الله دى قصة العمار كلها ، حسستنى ان احنا فى شهر يونيو وانا واقف فى وسط الغيط بشيل السيبة مع اللى بيجمع ووسطى انكسر من لم المشمش اللى بيوقعة وحسيت انه قاصد يوقع مشمش من فوق عشان يقرفنى وابعد عنه عشان كان بيحب يقعد فوق راس السيبة يدخن سجاير ويستريح من غير ما حد يشوفة ......آه ..... ( كل وقت وله ادان ) على راى ستى . والله وفكرتنى بايام كانت حلوة بارك الله فيك وادعو الله لك الا ينكسر سن قلمك رمضان كريم وكل سنة وانت طيب | |
|